عرض مشاركة واحدة
قديم 02-17-2010, 02:11 AM   #41
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


المهاجرون الحضارم وعلاقتهم بالوطن الاصلي.. (2-4)

2010/2/14 صالح مبارك بازياد


مثل استيلاء جبهة التحرير وبعدها الجبهة القومية على الحكم في جنوب اليمن بعد خروج القوات البريطانيه منه وتبني النظام الاشتراكي نقطة تحول فارقة ومفصلية في تاريخ الجنوب اليمني وحضرموت بشكل خاص حيث فقد الحضارمه ما يتمتعون به من واستقلال نسبي في ذلك الوقت حيث لم تكن حضرموت تحت الاحتلال البريطاني المباشر بل كانت في ذلك الوقت مقسمة بين دولتين, القعيطي وعاصمتها المكلا وتمتد على نطاق واسع من الساحل الحضرمي واجزاء من الوادي والقسم الاخر كان ضمن نفوذ الدولة الكثيرية وتحت سيطرتها السيادية التي كانت تبسط نفوذها على وادي حضرموت وكانت عاصمتها مدينة سيؤون التاريخيه التي لايزال رمز حكمها موجود الى اليوم ويعتبر من معالم حضرموت الشهيرة وهو قصر الكثيري في وسط مدينة سيؤون.

كانت الدولتين القعيطية والكثيرية في حضرموت مدنيتين الى حد كبير, اقاما حكما مؤسسيا فاعلا يتمتع بقدر كبير من الشفافية وتطبيق القانون وانفاذه في مختلف مناحي الحياة كما اقاما نظاما قضائيا مستقلا عادلا اداره بجدارة عالية اعلام حضرموت وعلمائها من امثال الشيخين الجليلين عبدالله بكير وعبدالله محفوظ الحداد رحمهما الله.
ولكن بعد خروج الاحتلال الانجليزي وعدم استقبال السلاطين العائدين من سويسرا في ذلك الوقت ونفيهم البحري من ميناء المكلا مثل بداية تاريخ جديد في علاقة الحضارمة المهاجرين بوطنهم الاصلي في حضرموت, حيث كان النظام الماركسي المطبق في دولة الجنوب الناشئة في ذلك الوقت (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وما رافقه من تجاوزات قاسية وتعدي على الحقوق الخاصة للمواطنين ومصادرة الحريات العامة ومضايقة الناس في ارزاقهم (التاميم) كما ان العامل الديني لم يبقى بعيدا عن تلك الممارسات حيث اخذ نصيبه من التضييق كما جرت العديد من المحاولات لتحييد العامل الديني والعقائدي وتهميشه في الحياة العامة.

لم يكن موقع الحضارم وحضرموت في ظل النظام الجديد الحاكم في جنوب الوطن العربي متميزا باية حال حيث كان وجودهم في الجانب المدني من النظام فقط برغم استلام احد رموزهم وزارة الدفاع لفترة وجيزة الا انهم خضعوا لتوازن القوى ومراكز النفوذ داخل النظام حيث هيمن القيادات والعناصر المنحدرين من لحج وابين والضالع على المراكز ذات النفوذ داخل الدولة وتقلدوا جميع المناصب العسكرية والتي كانت مركز النفوذ الحقيقي داخل السلطة كما دخل قادة الحزب الاشتراكي في صراعات محمومة على السلطة ادت لتدخلات مباشرة من الاتحاد السوفيتي انذاك لفض بعض النزاعات بين اقطاب السلطة الا انها لم تلبث حتى انفجرت في العام 1986 والتي راح ضحيتها الالاف الا ان الحضارم حيدوا في تلك الازمه ولم يتكبدوا فيها الخسائر الكبيرة حيث كان اقطاب تلك الازمة الطاحنة ابناء المحافظات الاربع الاخرى (ابين,شبوة,لحج,الضالع).

في مثل هذه الظروف الاستثنائيه هاجر الكثير من الحضارمة فرادى وجماعات خارج الوطن منهم من غادر طلبا للرزق ومساعدة اسرهم في الداخل ومنهم من فر ناجيا بجلدة من ان تناله ايادي ذلك النظام وخسرت حضرموت الكثير بهجرة بعض ابنائها المخلصين خصوصا ان معظم المهاجرين في الحقبة الاشتراكية كان من رموز ووجاهات المجتمع وعلمائة ومفكرية حيث كان نظام الحزب الواحد والايدلوجيا الواحده هي السائدة ولاتسمح بتعدد الاراء والافكار وضربة بيد من حديد كل من ينتقد النظام او يبدي معارضة سلمية له.

لم تكن وجهة المغادرين الجدد هذه المرة سواحل افريقا او جنوب شرق اسيا مثل هجرات الحضارم السابقة (وهذا لا يعني عدم اتجاه مجموعات قليلة لتلك الدول) حيث ولى الغالبية العظمى وجهتهم نحو الدول المجاورة ووفد الكثير على ارض الحرمين الشريفين حيث كانت تعيش ازهى عصورها على الاطلاق مع اكتشاف النفط في سبعينيات القرن الماضي, وباشر المهاجرون الجدد فور وصولهم ديارهم الجديده اعمالهم وانشطتهم التجارية يساعدهم في ذلك شبكاتهم الاجتماعية القوية الممدودة في مختلف الدول والقارات كما ان اخلاقهم وطيب تعاملاتهم اكسبهم حب مظيفيهم ومودتهم وسهل عليهم الكثير من عناء الاستقرار والعمل ومشقتة. ومع كون النظام الحاكم في الجنوب اشتراكيا فان ذلك اكسبه عداء الدول الماجورة واصبح شاذا نشازا في المنطقة العربية باسرها حيث انقطعت معظم علاقاته الدبلوماسية مع تلك الدول كما ان علاقاتة المتينة والاستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي وتبعيتة الكاملة له ادخله في صراح المحاور ضمن الحرب الباردة محسوبا على المعسكر الاشتراكي وراس حربته في منطقة الشرق الاوسط ضد الولايات المتحدة وحلفائها وعلى راسهم دول الخليج والمملكة العربية السعودية بشكل اخص مما عمق مشاعر العداء بين النظام الجنوبي وانظمة دول المنطقة.

كل تلك الحيثيات وغيرها ساهمت في تعقيد علاقة المهاجرين الحضارم بوطنهم الام واصبح تواصلهم مع الداخل الحضرمي محدودا للغاية حيث اصبحت السلطة القائمة في حضرموت عائقا امام التواصل البيني لابناء حضرموت وترتب على ذلك توقف الاموال التي تاتي لحضرموت من ابنائها المهاجرين وضعف التواصل الاجتماعي مما احدث شبه القطيعة بين المهاجرين في مختلف انحاء العالم وموطنهم الام حتى تغيرت الاحوال والمعطيات السياسية التي كانت قائمة بدخول النظامين الجنوبي والشمالي في محادثات تحقيق الوحدة اليمنيه وادماج النظامين في دولة واحدة في الثاني والعشرين من مايو في بدايات العقد الاخير من القرن الماضي, عندها بداءت تعود الامور الى مجراها في ظل الدولة الجديدة وعادت العلاقة بين توأمي المجتمع الحضرمي الخارجي والداخلي الا انها اتخذت اشكال واساليب اخرى لا يتسع المقال لذكرها هنا.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح