عرض مشاركة واحدة
قديم 04-27-2011, 06:10 PM   #8
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

قد تؤدي كثافة السكان في الحافة الواحدة الى توسع الحافة ، وتبدأ الانقسامات فيها ، وتنقسم الحافة الواحدة الى حافتين ، وتبدأ مع هذا الانقسام إقامة حدود جديدة ، ومقدم جديد ... وتحاول كل حافة من الحافات أن تحتضن من بين سكانها شاعرا كبيرا ليكون المتحدث بإسم الحافة في المساجلات يرفع من شأن الحافة ومقدمها وشبانها ، ونموذج لذلك الانقسام في الحارة ، انقسام حافة ( البلاد ) بالمكلا حيث شهدت انقساما ، و ظهرت (حافة العبيد ) كحافة جديدة ، و( حافة العبيد ) أغلب سكانها من العبيد الموالين للسلطان ومن الصوماليين .

وحين تشتد الصراعات بين الحافات يجد شاعر الحافة نفسه جزء من الصراع ( الحويفي ) الدائر بين حافته وبقية الحافات ، فهذا الشاعر سعيد فرج باحريز عاش ذروة هذا الصراع الحويفي ، بل كان من المشاركين فيه طوعا وكرها ، فكان شاعر حافة ( الحارة ) والمتحدث الرسمي لها ومن أشد المتعصبين لحافته ( الحارة ) المحادة لحافة العبيد من جهة الغرب ، وحين توسعت حافة العبيد وانقسمت بعد التوسع الذي شهدته المكلا وقامت حافة ( الحارة ) قال الشاعر بحريز :

وينها ام المشاخص على القبيلي روحـت =لي سقلها باقبيس روحت منه بعيـد
عادها تحت الوسادة عادهـا ماتحركـت =عندها الرجال قاعد يدرج الصوت الجديد
والصغيرة لا ترّبت وأكبـرت وتعظمـت =باتخلي الارض ترقل والسماء ترعد رعيد
كبر في وسط القزازة سـودت وتبهذلـت =والسبب قل النظافة قـل لعبـدالله سويـد
القلوب الا شياشـي لجتفـت وتكسـرت =لا طب ينفع قال بوسالم ولا دختر يفيـد
ما بكم الا السفاهة قول خل من بت بـت =نفظوا الشالات وقفوا اهل برغش بوسعيد


ولأهمية ( حافة العبيد ) بالمكلا كأحدى الحارات المكلاوية القديمة لا بد لنا من الأحاطة بالتسمية وبالطبقة التي تنسب إليها الحافة ( العبيد ) فمنهن العبيد؟؟

اختفت تجارة الرقيق في أغلب الدول ، إلا أن حضرموت ظلت ضمن المناطق القليلة التي ظل العبيد يشكلون جزءاً من النظام المراتبي الاجتماعي فيها حتى العقد الرابع من القرن العشرين.
وكان لذلك الوضع أسبابه الموضوعية، فإن الصراع القبلي والتنافس على السلطة دفع الحكام إلى الاعتماد على فئة يكون إخلاصها وخضوعها التام لهم، يحمونهم من أي منافس في المنطقة، أو من المنافسين من داخل القبيلة التي ينتمون إليها. لذلك نجد أن أغلب العبيد يعملون جنوداً في جيوش السلاطين، وجزء منهم كانوا يعملون في الخدمة المنزلية. فهم لا يشكلون جزءاً من القوى الإنتاجية، فعملهم خدماتي، كما أنهم ليسوا أدنى فئات المجتمع، فهم أعلى درجة من الصبيان الذين يحتلون قاع الهرم الاجتماعي. ولقد كان شرق إفريقيا المصدر الرئيس للرقيق حيث تحملهم السفن الشراعية إلى ميناءي الشحر والمكلا، وقد وصف أحمد الملاحي هذه العملية بقوله:

(( وبيع الرقيق في عهدهم كان له رواج نشيط وكانت السفن تأتي من قارة إفريقيا مشحونة بالعبيد، رجالا ونساء وصبيانا وعذارى وأطفالا، وأكثرهم عرايا إلا السوأتين، وتنزلهم السفن في جمرك خاص بهم هناك في شرقي المكلا فوق قارة من الكثيب الأبيض. ولهم سوق خاص، يقال له : ( حافة العبيد ) يأتي التجار والدلالون يسوقون العبيد زمرا زمرا كالغنم صباح مساء كل يوم ثم يعودون إلى الكثيب. ولكن العبيد إذا انقلبوا إلى بيوت أسيادهم الجدد، يتناسون كثيرا من الأتعاب والآلام عندما يشعرون بحسن المعاملة وحسن أخلاق أسيادهم الحضارم. لان الحضارم لهم اخلاق فاضلة حسنة مع عبيدهم ويسمونهم بأسماء حسنة ولا يكلفونهم بما لا يطيقون بل يولونهم المسئوليات المحترمة. ولا يهينونهم ابدا. ويعاونهم، بل قد يخدمونهم، وبالخصوص إذ اطعن احدهم في السن أو اعتراه مرض، فترى سيده يدهن بجسده الدهن ويغسل ثيابه، ويكنس غرفته. ويكبس رجليه وبيع الرقيق مشهور في مدينة الشحر، والشحر هي سوق حضرموت، وسوقها اكبر الأسواق، وتجارها اكبر التجار، واكبر عددا، فمن الضروري ان يكون بيع الرقيق فيها أشهر وأكثر من المكلا، وكان في الشحر بنايات خاصة للعبيد الذين يردون من وراء البحر الرجال لأنفسهم والنساء لأنفسهن )) .

وقد كان العبيد يعاملون معاملة متميزة في حضرموت. فقد ذكر أحد المستشرقين عند زيارته لحضرموت أن العبيد يعاملون معاملة حسنة ، فكتب يقول : (( في غرفة الاستقبال المحشوة يجلس العبيد والخدم والأطفال وصاحب الدار، يشربون من نفس الإناء ويعبون لأنفسهم القهوة من فناجين الآخرين ". وذكر هارولد يعقوب: أن " للعبد مكانة، ولطبقة العبيد حق الدخول إلى المجتمعات الراقية لان شجاعتهم الحربية تتطلب ذلك ))...

أما إنجرامز فقد ذكر في تقريره الأول بعد زيارته الأولى لحضرموت عام1934م، أن ليس هناك فروق كبيرة بين العبيد وباقي طبقات المجتمع سوى سحنتهم الإفريقية. وأشار (( أن العبيد في الشرق قد اعتلوا أعلى المراكز في الدولة ووصل بعضهم إلى درجة الحكام. وأن السلطان قد اعتمد في قوته على جنوده العبيد، وقد وصل بعض هؤلاء العبيد إلى درجة حكام في بعض المناطق، فحكام منطقتي شبام والهجرين هم من العبيد، وأصبح حاكم الصلح في المكلا من العبيد. وذكر أن السلطان القعيطي يعامل عبيده معاملة حسنة فهو يفضلهم على أغلب جنوده، وأطفالهم يدربون تدريبا خاصا في مجموعات عسكرية، وتتم العناية بهم جيدا )) .


.
التوقيع :
  رد مع اقتباس