عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2011, 05:14 PM   #5
مسرور
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية مسرور

Thumbs down

الإسرائيليات في كتب الحديث والتفسير والسيرة :

الإسرائيليات جمع مفردة إسرائيلية وهي القصص التي لها علاقة بأخبار بني إسرائيل وهم ابناء يعقوب او إسرائيل بن اسحاق بن ابراهيم كما تسميه التوارة ، والإسرائيليات إصطلاح أطلقه المدققون من علماء الإسلام على القصص والأخبار اليهودية والنصرانية التي تسرّبت إلى المجتمع الإسلامي بعد دخول جمع من اليهود جمع من اليهود والنصارى إلى الإسلام وتظاهرت بالدخول فيه .



كيف دخلت الإسرائيليات في تراثنا العربي ؟


عندما نزل القرآن الكريم أقبل الناس متشوقين لمعرفة المزيد عما ورد فيه من قصص وموضوعات ووجدوا البيئة الإسلامية تزخر بأهل الكتاب أو من اطلع على الكتب القديمة فأقبلوا عليهم يتساءلون عن أمور كثيرة يحدوهم في ذلك التشوق والتطلّع وحب المعرفة ثم الميل الفطري في النفس الإنسانية لمعرفة خفايا الأمور فلم يشف غليلهم حتى يعرفوا تلك الموضوعات وما اكتنفها من حوادث وأمور وملابسات ، ووجدوا في الرواة اليمنيين مايشفي هذا الغليل فكان وهب بن منبه وكعب الأحبار وشعيب الحائي وهو يماني يروي عن أساطير أهل الكتاب فقال ابن حجر في ترجمته اخباري متروك ثم ذكر شيئا مما لا يقبله العقل من كلامه ، وكان للرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والخلفاء من بعده موقف من ترويج الإسرائيليات ، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم وقولا آمنا بالله وما أنزل إلينا ، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى كعب الأحبار عن الحديث وأوعده بالنفي إلى بلاده اليمن ، وأوضح أن تصرّفهم ذلك كان نابعا من خوفهم من دخول ما يخالف الشريعة الإسلامية ، فقد خشي عمر على عامة الناس عندما يسمعون أحاديث كعب فلا يميزون بين الحق والباطل منها فتشوّش عليهم عقائدهم ، ويروى أن مدرسة القرآن والحديث أهم من هذه الإسرائيليات التي يرويها كعب ، ويروون للرسول قوله : بلغوا عني ولو آية وحدثّوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار ، وروى الحافظ الذهبي في ترجمة ابي هريرة عنه أنه لقى كعبا فجعل يحدثه ويسأله فقال كعب : ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من ابي هريرة ، وقد تسرّبت ثقافة اليهود إلى العرب قبل الإسلام وبعده ، فقد كان العرب قبل الإسلام يتصلون بجيرانهم اليهود وينقلون عنهم بعض الأحداث التي كان لهم علم سابق بها وكان هذا أمرا طبيعيا ، فقد كانت العرب أمة أميّة على حين كان أهل الكتاب ولا سيما اليهود منهم يقرؤون ويكتبون وبأيديهم كتب وأسفار دينية كثيرة ، ويروون عن وهب بن منبه أنه كان يقول : لقد رأيت اثنين وتسعين كتابا كلها من السماء ، اثنان وسبعون منها في الكنائس وفي أيدي الناس وعشرون لا يعلمها إلا قليل ، ولما جاء الإسلام دخلت فيه طائفة من أحبار اليهود مثل عبد الله بن سلام وكعب والأحبار ووهب بن منبه وغيرهم ، وكان بعض المسلمين يسألهم عن جزئيات الأحداث والقصص والشخصيات والأعلام القرآنية ومن ذلك مثلا ما رواه المفسرون في سياق تفسيرهم لآيات ذي القرنين في سورة الكهف عن خلاف وقع بين ابن عباس ومعاوية في قراءة جملة عين حمئة حيث كان معاوية يقرؤها عين حامية بمعنى نبع ماء حار وكان ابن عباس يقرؤها عين حمئة بمعنى كينة سوداء فأتفقا على تحكيم كعب الأحبار فسألاه كيف تجد الشمس في التوراة فقال : في طينة سوداء فوافق جوابه كلام ابن عبّاس وعن طريق هذه الأجوبة تسرب الكثير من الإسرائيليات إلى المسلمين ... وكان دخول الإسرائيليات أيضا بواسطة من عرف بروايتها من الصحابة ومثّل ابن عبّاس وابي هريرة وعبد لله بن عمر بن العاص وعبد الله بن سلام ابن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري وكان حليفا للأنصار وسمي في الجاهلية الحصين فلما اسلم سماه رسول الله عبد الله وتوفى في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين للهجرة وهو أحد الأحبار أسلم إذ قدم النبي إلى المدينة ، وقد عرف عبد الله بن سلام بين الصحابة بالعلم وبلغ فيه مكانة عالية بعد ان اجتمع لديه علم التوراة وعلم القرآن وبعد ان امتزجت فيه الثقافتان اليهودية الإسلامية ، ونجد ابن جرير الطبري ينسب إليه في تاريخه كثيرا من الأقوال في المسائل التاريخية الدينية كما يتجمع حول اسمه كثير من المسائل الإسرائيلية ، وكان منهم تميم بن أوس الداري من نصارى اليمن أسلم سنة تسع من الهجرة ، روى عن النبي وقال قتادة كان من علماء أهل الكتابين وهو أول من قص في المسجد وذلك في عهد عمر ، وروت كتب الصحاح أن تميما ذكر للنبي قصة الجسّاسة فحدّث النبي عنه بذلك وعد ذلك من مناقبه ، وقد طعن بعض المؤلفين المحدثين في حديث الجسّاسة فزعم أن الحديث من مفتريات تميم الداري الذي حاول أن يلوّث الدين الإسلامي بإدخال المسيحيات فيه مع العلم بأنه أدخل من الإسرائيليات الصحيحة المقبولة التي ينبغي تصديقها لموافقته ما جاء في الشرع الإسلامي ، أما في عهد التابعين فقد كثر من دخل من أهل الكتاب في الإسلام ومالت النفوس لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحاديث يهودية أو نصرانية فنشط القصاص والرواة أمثال قتادة ومسروق وكعب ووهب وعكرمة وعطاء وطاووس وغيرهم ونسبت إليهم قصص فيها كثير من الإغراب والمبالغة والخيال .


الإسرائيليات في كتب الحديث :


وإذا تتبعنا كتب السنّة وجدنا فيها كثيرا من أخبار بني إسرائيل مرويا عن رسول الله بأسانيد صحيحة منها ما يكون تفسيرا لما ورد في القرآن الكريم ومنها ما خرج مخرج القصص والأمثال والمواعظ بقصد الترغيب والترهيب ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه ... ووجدنا في الحديث أخبارا إسرائيلية منسوبة إلى رسول الله فكثيرا ما رفعوا ما هو موقوف على الصحابة مما أخذوه عن أهل الكتاب ، ويقول بشر بن سعيد : اتقوا الله وتحفظوا في الحديث فوالله لقد رأيتنا نجالس أباهريرة فيحدّث عن رسول الله ويحدثنا عن كعب الأحبار ثم يقوم ، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب وحديث كعب عن رسول الله فأتقوا الله وتحفظوا في الحديث ... ويقل دخول الإسرائيليات في كتب الحديث ومع ذلك وجدت طريقها إليها ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده حديثا عن عبد الله بن عمر قال : نظر رسول الله إلى الشمس حين غابت فقال : في في نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض ، وجاء عن ابي ذر قوله : أن النبي قال له حين غربت الشمس إنها تذهب حيث تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ، وتوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها ، يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى : والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ، وحدثوا عن ابي هريرة قوله قال رسول الله ( ص ) فقدت أمة من بني إسرائيل لا يدري ما فعلت وال أرى لها إلا الفار ، الا ترونها إذا وضع لها البان الإبل لم تشربه ، وإذا وضع لها البان الشاه شربته ؟ وعندما حدّث كعبا قال : أسمعت هذا من رسول الله ؟ قال أفأنزلت على التوراة ؟ وتوسعت كتب الحديث في حديث الدجال وخروجه ومثله حديث الجساسة الذي رواه عامر بن شراحيل الشعبي الهمداني وأراها أسطورة لا تختلف عن المرويات التي أعتاد الرواة اليمنيون ترديدها ، وما أوردته ليس إلا أمثلة مما تزخر به كتب الحديث والسنّة وإذا قارناها بكتب التفسير والتاريخ نجدها اقل تقبلا لدخول تلك الإسرائيليات وأكثر حرصا عن غيرها .


الإسرائيليات في كتب التفسير :

لا يخلو كتاب من كتب التفسير من إسرائيليات إلا أن هذه الكتب تتفاوت في القلّة والكثرة ، وهناك مفسرون وقفوا من هذه الروايات موقف الناقد المفكّر فنبهوا على بطلان ماروي من الإسرائيليات في كتب التفسير كابن كثير والفخر الروازي والشيخ محمد عبده ، ولعل من أهم العوامل التي ساعدت على تأثير التفسير بقصص التوراة والإنجيل أن القرآن الكريم يتفّق والتوراة والإنجيل في إيراد بعض المائل ولا سيما قصص الأنبياء ، ولكن للقرآن الكريم منحى يخالف منحى التوراة فهو يقتصر على مواضع العظة دون تفصيل لجزئيات المسائل .... أما ابن خلدون فيرى السبب في ذلك : أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأميّة ، وإذا تشوّقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في اسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب ويستفيدون منهم وهم أهل التوراة الذين بين العرب يمئذ وهم بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير ، فلما اسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لاتعلّق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك ، وهؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم ، فأمتلأت التفاسير من المنقولات عندهم في أمثال هذه الأغراض وتساهل المفسرون في ذلك وملأوا كتب التفسير بهذه المنقولات وقد ظهرت جماعة بعد ذلك من القصّاص الذين عرفوا بتفسير القرآن ، فأرادوا أن يشرحوا ما أبهم في القرآن الكريم مما لا فائدة في العلم به مما يعلن عن اتصالهم باليهود والمصارى وأكملوا من ابتداع خيالهم ما وجدوه من نقص فيما تعلّق ، ووضعوا ذلك كلّه تفسيرا للقرآن الكريم ، وقد تحدّث النظام المعتزلي عن هؤلاء المفسرين الذين لا يتورّعون عن تفسير القرآن بمثل هذه الخيالات والأوهام ، وكلما كان المفسّر أغرب عندهم كان أحب إليهم



كان ذلك شيئا مما حواه كتاب المرويات اليمنية في الأدب العربي حتى نهاية القرن الثاني الهجري لــ فاطمه علوان الصافي وهو معزز بالمراجع التي استعانت بها الكاتبة ولم نوردها لعدم الحاجة لها .


سلام .
التوقيع :
من ذكر الله ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء
وحفظ الله تعالى عليه كل شيء
وكان له عوضا عن كل شيء
( ذو النون المصري )


****************


سلام بني الأحقاف يامن علوتمو
على ساكني سهل الجزيرة أو نجد

( الشيخ القدّال باشا )
  رد مع اقتباس