عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2010, 01:40 AM   #59
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


حضرموت" الأستاذ عمر باباسط يفتح قلبه في حديث الذكريات الحضرمية

الأستاذ عمر باباسط يفتح قلبه في حديث الذكريات لـ( المكلا اليوم)
تربينا تحت ظلال المدرسة الوسطى التي تلاشت فيها الفوارق الاجتماعية والكل يعمل قدر استطاعته و يرفع شعار خادم القوم سيدهم


2010/3/22 المكلا اليوم / فهيم باخريبة

بكلمات نابعة من القلب، مشعة من فكر نير، وذاكرة وقادة، أسهب الأستاذ عمر باباسط، في حديثه لـ( المكلا اليوم) عن نشأته، ومنعرجات حياته، والمواقف التي ظل يختزلها في وجدانه، مسترسلاً في أجابته على أسئلتنا قائلاً:

إنه لشيء جميل وبديع جداً أن يطلب من شخص ما أن يعود القهقرى إلى الخلف بعدة عقود من الزمن ربما تعود إلى نصف قرن أو يزيد, فهل يا ترى نسر ونسعد بهذه العودة؟ أو أن نبش التراب عن ذكريات ولت وطواها الزمن وأصبحت في ذمة التاريخ وحبيسة صدور أهلها, ومنها الجميل والمفرح والمسر ومنها والمفجع والغير سار بصورة عامة يتمنى الإنسان دفنها أطال الزمن أو قصر فيظل في حيره دائمة من أمره أي منها يبديها وأي منها يحجبها وذكرى كان يجب أن ينساها, ولله في خلقه شؤون.
لذلك لم أجد مندوحه من أن أحزم الأمر وأبدا في رحلة الذكريات متمنياً أن ترضى الكثير وأن أمتعض منها البعض, فأجد نفسي في موقف لا أحسد عليه البتة.



جانب من دورة تربوية منعقدة في ثانوية المكلا عام 1976 والأخوة من اليمين إلى اليسار: سالم بن سلم, عمر باباسط, ثم عقيل واكد,ليس واضح , عمر بارجاء مدير التربية يومها, عبد الله باعويظان, أحمد بو سبعة



رفاهية يحسد عليها

أستاذ عبد الباسط بعد هذه المقدمة الأكثر من رائعة لغة وسبكا للحروف والكلمات، حدثنا عن نشأتك وتاريخ ميلادك؟

لقد ولدت في مدينة المكلا عن أبوين حضرميين مولداً ومنشأ في يوم من أيام شتاء 1943م ولي في المكلا ذكريات لا تنسى فقد كانت يومها عروس البحر العربي فهي عاصمة السلطنة القعيطية والتي عاش على ترابها وفي ظلها الوارف جدي وأبي من قبلي في أمن وأمان واستقرار ورفاهية يحسدهم عليها كل مواطنين الجزيرة العربية, فقد كان عهد السلطنة القعيطية من أزهى العصور التي شهدت نشر التعليم في كل أنحاء حضرموت من الوديان إلى الصحاري.

مدرسة الجيل الصاعد

كيف جاء انضمامك للمدرسة؟ والأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم؟

جاء دوري للانضمام إلى المدرسة, فقد كانت موجودة في يومها مدرستين حكوميتين وعدة كتاتيب أهلية, فالمدرسة الابتدائية الغربية فكانت ملاصقة للمستشفى من جهة الشرق والمدرسة الابتدائية الشرقية تقع قرب جمرك المكلا وسميت لاحقاً مدرسة الجيل الصاعد والتحقت في الصف الأول في هذه المدرسة عام 1950م ولازلت أذكر من علمني في المدرسة الابتدائية وعلى رأسهم الأستاذ / محمد عبيدالله بن طاهر مدير المدرسة ومعلم لغة عربية لأولى, كما أنني ما أزال أذكر بعض من علمني وهم:

سعيد عبدالله باضاوي, الأستاذ هادي حسيب, محمد سعيد بن جوهر, سالم عبداللاه الحبشي, فرج أحمد عبدالغفار, محمد أحمد عتعوت, عبدالله أحمد العماري, عوض عمر حريص, سالم المرشدي اطال عمر الأحياء منهم وغفر للاموات.

دموعي تنهمر على خدي

هل لك أن تقص على مسامعنا شيئاً من ذكرياتك أثناء مرحلة الدراسة؟

وأذكر فيما أذكر كيف دخلت الصف وأنا أرتدي ثوباً وهو ليس الزي المدرسي فالزي كان صاروم أبيض وقميص ( شميز ) أبيض وكوفيه بيضاء ومن لا يرتدي الزي المدرسي ففرحته منقوصة وأنا منهم, فوصلت إلى بيتنا ودموعي تنهمر من عيني فقصصت القصة على أمي وكان والدي يومها مسافراً في الكويت طلباً للرزق, فلما سمع جدي لأمي القصة قال معلقاً ( تدعي الحكومة أنها ستعلم أبناءنا ولا تكسيهم إنه لظلم عظيم ) إنه توقع رحمه الله يومها أن الذي يفتح المدارس يجب أن يمنح الملابس المدرسية للفقراء ولم يدر بخلده أنه سيأتي علينا زمن عصيب لا يستطيع المواطن أن يرسل أبنه إلى المدرسة لأنه يجب عليه الحصول على ثمن المتطلبات المدرسية والرسوم وغيره, وسيكون الجهل السمة البارزة في المجتمع وكل فاسد ومرتشي سيبارك ذلك.

رحم الله عهدا مضى

وفي اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة بعد أن وعدت أنهم سيشتروا لي ملابس وفي الطابور الصباحي سيق من لا يرتدي الزي المدرسي باعتبارهم فقراء إلى مكتب مدير المدرسة لنجد ثلاثة من الخياطين في انتظارنا ليفصلوا لنا البدلات المدرسية.. وأخبرنا أنه بنهاية هذا الأسبوع سنحصل على ملابسنا من الخيرية, فكانت فرحتنا عظيمة وفوق الوصف عندما ارتدينا الملابس الجديدة وأخذنا نتبختر ونزهوا أمام أقراننا من التلاميذ فقد أصبحنا أحسن من كثير منهم, فرحم الله عهداً يفرح الصغار قبل الكبار وخاصة ونحن نرى الكراسات والكتب والأقلام الرصاص والمساحات توزع علينا, ورغم ذلك فقد يشعر عدد من التلاميذ غير قليل لصعوبة المواد وخاصة من يحب اللعب ولا توجد في البيت من تراجع له دروسه.

رغم أن المعلمين يبذلوا جهداً كبيراً لمساعدتهم لاستيعاب المواد ولكن صعوبة تأقلم التلميذ مع المدرسة وبعده عن حياة الشارع.




صورة تذكارية لمجموعة من الذين حضروا دورة في معهد الأنروا ( بيروت ) 1975م من اليمين إلى اليسار محمد شائف م/لحج, علي مقرع م/ أبين, عمر باباسط مساعد مدير التدريب بالوزارة, علي الجابري م/ شبوة.

استقرار وأمن وحب

ما لذي كان يميز المجتمع الحضرمي آنذاك؟

لقد كانت سنين الطفولة والدراسة في المرحلة الابتدائية جميلة ومرت كحلم جميل في مجتمع صغير متماسك يشع الحب بين جنباته, وينعم باستقرار وأمن وحب بين أفراده.

لقد مكثت في المدرسة الشرقية الابتدائية خمس سنوات حيث عدت للصف الرابع فقضيت فيها سنتين. وذلك نظراً للحصول على فرصه الالتحاق بالمدرسة الوسطى بالغيل لأنهم يعطوا فرصة لأربعين طالب الأوائل من ضمن كل من يجلس للامتحان من كل مدارس حضرموت فغالبية الذين انضموا إلى المدرسة الوسطى يكون قد عادوا سنتين في الصف الرابع الابتدائي وأثناء فترة تتلمذي بالمدرسة الابتدائية فقد عاصرت خمسة مدراء ولا زلت أذكرهم جيداً وهم:

محمد بن طاهر باوزير, أحمد عبدالله بن طاهر باوزير, صالح عبدالله اليماني, علوي صالح المفلحي.

حادثة القصر

بعيداً عن أسوار المدرسة ما هي الحادثة التي هزت كيان المجتمع الحضرمي؟

لا أذكر حادثة هزت المجتمع عدا حادثة القصر المشؤمة فقد حدثت وأنا أدرس في الصف الأول الابتدائي وأجد الغدر للحكومة على ما قامت به ولو أن الاضطرابات لم تحسم يومها لأختل الأمن والاستقرار في البلد وعدنا إلى مجتمع العبيد والعسكر يافع حيث يشتبكون باستمرار حيث كانت المكلا ستشهد انفلات أمني بشكل مستمر إذا لم تحسم.

المدرسة الوسطى

وبتاريخ 1/7/1955 انتقلت إلى المدرسة الوسطى بالغيل في عيد تأسيسها الخامس عشر حيث أنشئت عام 1940م و كانت دول الجوار تغط في جهل مطبق, حيث كانت المدرسة الوحيدة في حضرموت بشطريه.

ويبدأ العام الدراسي يومها بتاريخ 2/7 وينتهي بتاريخ 31/3من العام الذي يليه, تعتبر هذه المدرسة نقله في حياة التلميذ الذي ينضم إليها, فينتقل من حياة أسرته الصغيرة الذي هو طفل مدلل فيها إلى حياة أسرة كبيرة تتكون من 250 تلميذا أو أكثر يعيشون حياة أسرة واحدة في قسم داخلي حيث يعيش الفرد استقلاليه تامة معتمداً على نفسه فتلميذ الصف الخامس يغسل ملابسه وينظم حياته بنفسه وقد تعلمنا الكثير في هذه المدرسة وفيها ألغيت كل الامتيازات لنعيش حياة المساواة في أبرز صورها. فأبن الأمير يعيش مع أبن الغفير وأبناء السادة يعيشون مع من يطلق عليهم أبناء العبيد فالكل يعيشون حياة سويه دون تأفف واستعلاء.

فالكل ينظف غرفة النوم والدراسة والكل يعمل في البستان ويعبد الملاعب ويشكلون فريق متعاون ومتحاب فهناك تذوب الفوارق الاجتماعية والكل يعمل قدر استطاعته في ظل مجتمع يرفع شعار خادم القوم سيدهم.

طفرة مراهقة

ما لذي أضفته المدرسة الوسطى لشخصية الأستاذ عمر باباسط؟

أن سنوات المدرسة الوسطى كانت غنية بالتجربة والعلم والعرفان وكانت لها تأثير على حياة الطلاب اللاحقة.

وعندما اقتربت نهاية العام الدراسي 75/85م وأنا بالصف الثالث رأينا أن اتجاه الفكر السياسي تطل برأسها علينا لتفسد الجو المدرسي المستقر, وبعد احتفال عيد المدرسة وأثنائها بدأت الكلمات السياسية الحماسية تطفو على السطح وبدأت الفوضى فأغلقت المدرسة أبوابها ورحل الطلبة إلى أهاليهم قبل الامتحان أنها طفرة مراهقة ولم تحقق أي خير للبلد ولا للطلبة وفوق ذلك منحنا للأستاذ سالم يعقوب رحمه الله وساماً جمعنا ثمنه من تبرع الطلاب وأسميناه وسام الفخر والتضحية, وحصل ذلك بإيعاز من بعض المعلمين وخسرنا بنقل المدرسين الجيدين والمدير إلى مدارس أخرى, وعدنا ثانية لاستئناف الدراسة ولنمتحن, وضاعت سمعه المدرسة الوسطى وموقعها ومكانتها الاجتماعية.



جانب المؤتمر التربوي الأول المنعقد في المسرح الوطني بالتواهي في أول شهر سبتمبر 1975م.





مكافأة ابن سهيلان بالسجن

ما لذي مازلت تختزنه في وجدانك عن المدرسة الوسطى بالذات؟

من ذكريات المدرسة الوسطى الحادثة المؤسفة الأليمة لأنشط وأكفا وأخلص أستاذ رأيته وهو الأستاذ عمر محمد بن سهيلان حيث شهدنا حادثة احتراقه بالمدرسة, حين كان يحرق الأوراق الزائدة بعد طباعة امتحانات صفنا الرابع خشية أن يتسرب الامتحان وكان في يديه بقايا من الأسبرت فاشتعلت يديه بعد أن أشعل عود ثقاب وكان من الواجب تكريمه أطال الله عمره أو يمنح وسام شرف ولكنه بدلاً من ذلك كوفئ بالاعتقال لاتهامه أنه من الأخوان المسلمين شيء يضحك ورب السماء ولكن من حكمونا كانوا بأجسام بغال وعقول عصافير فقد ذهبوا ولا نملك إلا أن نذكر محاسن موتانا إن كانت لهم محاسن.

وفاة أول سلطان يدفن في مقبرة يعقوب

ومن ذكريات تلك الفترة التي لا تنسى أنه عام 1956م توفي عظمة السلطان صالح بن غالب القعيطي باني السلطنة القعيطية الحديثة.

وذكرت حادثه وفاة ذلك الرجل لأنه أول سلطان قعيطي يدفن في مقبرة يعقوب ودون أن تكون له مقبرة خاصة ألم يكن سلطان؟ وتبعه أبنه عوض عليهم رحمة الله.

للشلن قيمة شرائية عالية

أين كانت محطتك التالية بعد التخرج من المدرسة؟

أنهيت الدراسة في المدرسة الوسطى بالغيل في شهر فبراير 1959م وبشهر سبتمبر من العام نفسه 1959م أبتعثت للدراسة في كلية عدن والمبعوث من قبل السلطنة القعيطية إلى الخارج يكون يومها محظوظاً لما يجده من امتيازات والتي لا يحلم بها الفقير مثلي ومنها تذاكر سفر مع 300 شلن سنوياً مقابل ملابس إضافة إلى 100 شلن تدفع شهرياً أثناء الإجازة الصيفية إضافة إلى 6 شلن أسبوعياً أثناء الدراسة وفي قسم داخلي تضمن فيه حتى تغسيل الملابس والكاوي وقالب صابون بدن أسبوعيا, وللشلن قيمة شرائية عالية يومها, فراتب المراسل بين 75- 100شلن شهرياً وراتب الموظف 150 شلن.

الوالد كان معارض سفري لعدن

كما أن المبعوث يضمن وظيفة بعد التخرج مباشرة ورغم كل هذه الامتيازات للمبعوثين إلا أن الوالد يرحمه الله كان معارض ذهابي إلى عدن لأنه يسمع أن عدن بها من الموبقات الكثير وأقلها انتشار الخمور, لكونه كان حريصا على أبنه ويحبه حباً شديداً لكونه وحيده الذي طلع به من الدنيا ويخشى عليه أن ينحرف ويخيب الأمل وينقطع الرجاء في أبن صالح يسعد به. ومن يحاول أقناع والده بخطأ رأيه كالذي يحرث في البحر, فالابن في نظر والده طفل صغير ومهما كبر فلا أمل في أقناعة. وخضت حرباً ضروساً مع الوالد دون باروت ولا رصاص ولا بندقية, فأرسلت للوالد من أعرف ومن لا أعرف ليقنعه بالموافقة على إرسالي في البعثة وبعد جهد جهيد أقتنع فشكرت الله, ولحسن حظي كنت في إجازة طويلة من فبراير إلى نهاية أغسطس فكان وقتاً طويلاً استفدت منه, فعندنا رأيت عدن المدينة المترامية الأطراف ويمكن أن ينحرف الشاب فقدرت والدي يومها وخوفه على أبنه الوحيد من الانحراف.

كيف خضت مغامرة السفر لعدن؟

كم كانت تغمرني فرحه عظيمة وأنا أصعد طائرة لأول مره في حياتي, فقد كانت طائرة صغيره ذات محركين تابعة لخطوط عدن الجوية وكان وكيلها يومها غلام على إسماعيل, وصلنا عدن وعددنا 8 طلاب جدد إضافة إلى السابقين والجدد 3 من الغيل و2 من الحامي 2 من شبام وواحد من المكلا والذي هو أنا, وامتدت الرحلة لمدة ساعتين من المكلا إلى عدن فوجدنا ناظر المعارف الأسبق الشيخ /عمر محمد باحشوان رحمه الله في انتظارنا في مطار عدن نقلنا إلى فندق صغير بكريتر هو فندق أحسان, مكثنا فيه أسبوعين وكل يوم نستقل حافلة إلى الكلية في الشيخ عثمان, فبهرتني بمن فيها وبما فيها فكانت مدينة جميلة كبيرة وشوارعها مرصوفه ونظيفة جداً أنها مدينة منسقة ومن طراز حديث تعجب وتفخر.

خرجت بريطانيا من الباب ليدخل الإتحاد السوفيتي من الشباك

رأيت المعلا والتواهي وشوارعها ومحلاتها التجارية والكهرباء بها مضيئة إلى درجة أنك لا تعرف ليلها من نهارها, والحركة في الميناء الحره نرى كثيراً من السياح يتسكعون فيه وكأنك في حلم لرؤية الكثير من جنسيات مختلفة, ونمكث هناك ساعات طوال نتمتع برؤية الحشد من البشر وخاصة مساء السبت لأن الأجازة عندنا يوم الأحد إلى أن ضاعت حركتها ومكانتها الدولية تحت ضجيج الشعارات وهتافات الجهلة وأشباه المتعلمين ولتخرج بريطانيا العظمى من الباب ليدخل الإتحاد السوفيتي من الشباك وهي حاملة فكرها الإيديولوجي.



لقطة من تمثيلية شهداء الحرية مثلها نادي الأحرار الرياضي عام 1964م على خشبة المسرح في ساحة القصر السلطاني بالمكلا من اليمين إلى اليسار, عمر باباسط, عمر بن ثعلب , صالح عرم , محمد باصالح.



كم سنوات قضيتها في عدن؟

لقد قضيت في عدن أربع سنوات أدرس في كليتها في جو جاد ودراسة جيدة ومعلمين من الانجليز والهنود وعدد من العرب قليل واستفدنا منهم كثيراً لأنهم كانوا معلمين مدرسيين نوعيين, وطلت علينا السياسة بوجهها القبيح وأنخرط البعض منا في حركة القوميين العرب وكانوا يمهدوا لظهور الجبهة القومية, وحمانا الله من حمى ومن لوثه السياسة. وعدنا إلى المكلا في 1/7/1963م لنجد أنه تم تعييننا معلمين في المرحلة الإعدادية بتاريخ 13/7/63م وكان تعييني بالمدرسة الوسطى بالديس الشرقية والتي فتحت في ذلك العام وهكذا أستمريت معلم وعملت مديراً في المدارس الإعدادية وعملت في عدة مدارس في الساحل والداخل, وبشهر ديسمبر عام 1973م انتقلت إلى الوزارة بعدن وعملت مساعد لمدير التدريب وتطوير الكادر وذلك بعد عشر سنوات عملت في حقل التدريس والعمل في عدن مفيد والالتحاق بالوزارة أجمل وخاصة أن أقامتي ضمنت لي مجاناً فقد منحت غرفة في فندق التلال الممنوح لوزارة التربية إلا أن بعض المنغصات وخاصة إذا عملت مرؤساً لشخصية تتحكم فيها عقدة العظمة ونرجسية الشخصية, ووفقت لحضور دورة في معهد الأنرو ببيروت لمدة 6 أسابيع مع عناصر من كادر التدريب في الوزارة والمحافظات وقد درست من قبلها سنة أكاديمية في كلية المعلمين الوسطى بالمكلا, وقد أستمرت هذه الكلية لمدة سنتين وتوقفت.

الانتقال من عدن إلى المكلا

وبمنتصف عام 1976م طلبت من الأستاذ أحمد محمد بن نعم وكيل وزارة التربية أن أنتقل إلى مكتب وزارة التربية بالمحافظة الخامسة لأعمل مشرف لتدريب القوى التربوية بالمحافظة وكم كانت أسرتي والتي كانت يومها مكونه من 3 أولاد وبنتين ووالد ووالده, وقد زدت بعد ذلك ولدين وأبنه, وكنا يومها نتهيأ للانتقال للسلم التعليمي الجديد المستوحاة من التجربة الألمانية 8-3 أي المدرسة الموحده والثانوية الموسعة فعندما بدأت أحضر لدورة معلمي 1-4 وجدت أن حوالي 70% معهم شهادة الإعدادية مطلقاً, فهذا شيء خطير فاقترحت على نقابة المهن التعليمية فتح صفوف مسائية للمعلمين والمعلمات لدراسة مناهج ثالثة أعدادي والجلوس للامتحان كمنتسبين وأعددت لهم تصورا متكاملا لهذه الصفوف وفتحت هذه الصفوف في أول أكتوبر عام 1976م وقد عملت يومها مديراً لها وأنشأنا المدرسة لنقابية المسائية من هذه الصفوف, واستمرت المدرسة النقابية منذ عام 1976م إلى حال تاريخه وظللت لها مديراً إلى الآن.

مترجم ومدير علاقات عامة

ماذا عن أعمالك ومشاريعك الأخرى؟

في عام 1979 حظيت بفرصة عمل في مشروع ميناء خلف فعملت مع شركة بلجيكية لتنفيذ المشروع مترجم ومدير علاقات عامة وانتهى المشروع بعام 1986م عدت أدراجي ثانية إلى التربية والتعليم وعملت رئيس للتوجيه التربوي للصفوف ( 1-9 ) إلى أن أحلت إلى التقاعد في عام 2000م غادرت التربية وفي قلبي حسرة وفي عيني دمعه فبعد خدمة 38 سنة لم أجد من يكرمني أو يثني على بكلمة شكر تنسيني عناء السنين التي مضت.

وذهبت قيادة تربوية وجاءت بعدها قيادة, وفي ظل قيادة الدكتور / عوض حسين البكري كرمت فشكرته عبر مقاله كتبتها في صحيفة المسيلة. فهل الكنود ونسيان الجميل سمه من سمات إنسان العصر المادي, فحدثني أستاذ أنه مرض وأبتعد عن الناس أكثر من سنتين فأثناء احتجابه عن الناس لم يجد من يسأل عنه أو يزوره إلا أعدادا قليلة من الأصدقاء ( إن الإنسان لربه لكنود ) فإذا كان الإنسان لربه كنود فلا شك إنه لأخيه أكثر جحوداً وكنوداً.

ذكريات لم يأن لها أن تنسى

استيقظت صباحاً على أصوات تنبعث من على قمة المآذن ففي يوم 17/9/67م تعلن أن ثوار الجبهة القومية المغاوير قد أسقطوا نظام السلطنة القعيطية وذيلوا بالبيان بالآية الكريمة ( جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقا ) حقاً لقد ذهلت من المفاجأة إن السقوط لم يدر بخلدي كيف أنها ستسقط بهذه السهولة ودون سماع طلقة رصاص واحدة ولا حتى صوت ( طماش ) وهي تملك قوة عسكرية مكونة من جيشين حضرمي وبدوي وشرطة ونظام حكومة داخلي متماسك صحيح أنا كنا نسمع تفجيرات ذات نطاق ضيق, وأخرها انفجار في الحمامات الخارجية لبيت سكرتير الدولة وكنا نضحك منها ونسخر. فثوار حرب التحرير يخوضون غمار معارك ( دنكشوتيه ) على كل أسقطوا النظام دون أن تسيل قطرة دم واحدة معجزة, فأصبحت الأعلام الثورية تملأ الشوارع أن بريطانيا لعبت دور في سقوط الدولة القعيطية هذا ما كان يردده حتى الأميين في البلاد ووزعوا الثوار المناصب فيما بينهم حتى بدو المناطق النائية هاجموا بعض دور الحكومة وقالوا أنهم يريدون حصتهم من تركة المرحوم القعيطي.

ثمن التخبط في العملية التعليمية

الثانية: منصب مدير التربية بالمحافظة كان من نصيب المرحوم بأذن الله عباس العيدروس مدرس في ثانوية المكلا وحل موقع الأستاذ الدكتور / محمد عبدالقادر بافقيه أستاذ عباس في المدرسة الوسطى عام 1958م, وأول وزير للتربية عام 1967م والذي حضر اجتماع وزراء التربية العرب في بغداد عام 1968م حيث أتخذ قرار توحيد السلم التعليمي والمناهج وبعد شرحه الممل لما أحضره في جعبته فتح باب النقاش للحاضرين, فطلب الكلمة مدير مدرسة الشهيد الإعدادية الأستاذ هلال بشير حسب ما أذكر فقال نحن في السودان لم نستطيع تغيير سلمنا التعليمي ولا مناهجنا منذ الاستقلال عام 1956م رغم إمكانياتنا ودور التعليم فضل سلمنا ( 4-4-4) , وإذا أردنا أن نجري تغيير في مناهجنا فأننا نبدل باب بآخر ونظل متمسكين بالمنهج وأنتم رغم إمكانياتكم الشحيحة ومعلميكم قليل العدد والأعداد وفي فترة قصيرة ستغيروا مناهجكم وسلمكم فأنتم عباقرة وأتمنى لكم التوفيق من كل قلبي.

فصمت من في القاعة وأستمر النقاش باهتا ودون حرارة وعدم القناعة لدى الحاضرين بما يطرح ودفع أبنائنا الثمن للتخبط الذي جرى في العملية التربوية وأوقف العمل بالمناهج السوداني وجمدت الكتب المدرسية المتكاملة عند زيارة أي مدرسة يجد كشكولا من الكتب المدرسية من كل الأقطار العربية حتى كتاب الطفل الحضرمي نجد كتاب أقرأ الجزائري حل محله ومن عاش رجب رأى العجب.

لقطة من تمثيلية شهداء الحرية مثلها نادي الاحرار عام 1964م ونرى المشانق معلقة الأخوة من اليمين إلى اليسار: صالح عرم, عمر باباسط, محمد باصالح, عبيد الرباكي, محمد يحيى( جندي ), عبدالله بن دحمان ( ضابط )

رقص وغناء وزامل في مؤتمر تربوي

الثالثة : في 1975م وخاصة في هذا العام بدأت المناهج والسلم التعليمي والكتب المنهجية المحلية تكون متواجدة في كل المدارس ومستقره مره أخرى حيث عقد المؤتمر التربوي الأول وأتخذ قرار تبني التجربة التعليمية الألمانية بتغيير السلم التعليمي إلى ( 8-4 ) المدرسة الموحدة والثانوية الموسعة وأدخلنا مادة البوليتكنيك الزراعي والصناعي وعشنا تخبط تعليمي رهيبا وجاء نظام الاختلاط فإذا بدء النقاش يسخن حول التغييرات في البنية التعليمية وفشل المتحمسون في الرد ومواجهة الانتقادات يختتم الحديث بأن هذا قرار سياسي ملزم الجميع به, وفي النهاية كان أبنائنا هم ضحايا هذا التخبط ويصل إلى الصف السادس وهو لا يستطيع القراءة أو الكتابة لأننا دخلنا المؤتمر التربوي ونحن نرقص ونغني ونزمل وكأننا في شرح شعبي، التربويون أختلت عقولهم فإذا بهم يرقصون في المؤتمر التربوي المهيب ليتحول التربوي الرزين إلى بهلواني معتوه فحدث ولا حرج.

في الختام..لنا كلمة

الحديث مع الشخصية التربوية الأستاذ / باباسط حدوث له شجون لأن الرجل يحمل في ذاكرته ذكريات لا تنسى كون أن الأستاذ / عمر أبو فؤاد أطال الله في عمره عاش حياة بسيطة وهو من الرجال المخضرمين في مجتمعنا, والحقيقية أنني حاولت فرض أسلوبي الصحفي على الأستاذ عمر لكنه أراد أن يتخذ له طريقه في عرض سيره حياته عبر موقعنا ( المكلا اليوم ) فتركت له الحرية الكاملة في عرض ذكريات حياته.

له منا كل الشكر والتقدير, كما وأحب أن أتوجه بالشكر الجزيل لنجله الأكبر فؤاد على تذليل الصعاب وتحقيق ما كنا نصبو إليه من خلال عرض سيرة حياة والده الأستاذ عمر. هنا خلصت حكاية العم عمر حتى الملتقى لكم مني تحية وسلام والسلام ختام.

[email protected]


اجمالي التعليقات 12

1)- عبدالله (..... ) 23-03-2010 الله يطول في عمرك ويعطيك الصحة والعافية ياجدي الغالي,,, و شكرا للاخ فهيم , لك مني كل التحية والتقدير ومنتظرين حكاية جديدة من حكاياتك الرائعة والشيقة....

2)- ابو طارق (دارين السعوديه ) 23-03-2010 فهيم هنا نكهة المكلا تزداد فواحا وتعم المكان والزمان .. من هنا نهض الحضرمي عموما وابن المكلا خصوصا في عهد السماح والمحبه والعداله الاجتماعيه .. ابن السلطان يدرس مع ابناء الشعب في مدرسه واحده وفي صف واحد الى جانب ابن السكرتير وابناء كبار مجلس الدوله آنذاك وابناء العمال والشاطر يرتقي سلم المجد .. سيدة الغناء العربي قالت : قل للزمان ارجع يازمان .. والعزيز با باسط عاش الحقبه بكل اطيافها وتدرج في سلم المجد .. شكرا فهيم على تحفة غاليه من تحف المكلا الثمينه ..

3)- عمر فؤاد باباسط (المكلا ) 23-03-2010 أطال الله عمرك ياجدي أنت فخرنا وكنزنا ... الموضوع رائع جدا وشيق نتمنى لكم دوام الصحة والعافية . شكرا للمكلا اليوم على نشر هذا الموضوع .

4)- أبــــــــــــــــان (المكلا ) 23-03-2010 موضوع أكثر من جميل ويستحق العم باباسط الشكر والتقدير والاحترام وأيضاً الشكر الجزيل موصول لباخريبة.

5)- عدنان جروان (السعودية) 23-03-2010 موضوع جميل ولدي اضافة وتعقيب على موضوع المدرسة الوسطى : كانت البدايات الأولى للمدرسة الوســطى عام 1934م ، عندما كانت مدرسة إنجـليزية افتتحـها الـســلطـان عمر القعيطي في بيت المحاضير في وسط المكلا، ثم تحولت إلى متوسطة في العام 1940م، وقد التحق بها من الغيل وضواحيها مجموعة من طلاب العلم مثل سعيد يسلم بافطيم ومحسن بن همام وأحمد عامر باشطح ومن القـارة عوض كرامة مسينون ومن شحير فرج دعكيك.

ثم تحولت المدرسة الوسطى من المكلا إلى غيل باوزير في عام 1944م، .. وليس عام 1955 م و..يعد هذا الانتقال نجاحاً لخطة أو تقرير المستر (قريفس) عميد بخت الرضا التي بدأها عام 1938م لتنظيم وتحديث التعليم في حضرموت و جاءت المدرسة الوسطى إلى الغيل بعد أن انتشرت المدارس الابتدائية لتعد بداية توسيع المنطقة التعليمية. وشكراً لموق كانت البدايات الأولى للمدرسة الوســطى عام 1934م ، عندما كانت مدرسة إنجـليزية افتتحـها الـســلطـان عمر القعيطي في بيت المحاضير في وسط المكلا، ثم تحولت إلى متوسطة في العام 1940م، وقد التحق بها من الغيل وضواحيها مجموعة من طلاب العلم مثل سعيد يسلم بافطيم ومحسن بن همام وأحمد عامر باشطح ومن القـارة عوض كرامة مسينون ومن شحير فرج دعكيك. ثم تحولت المدرسة الوسطى من المكلا إلى غيل باوزير في عام 1944م، ويعد هذا الانتقال نجاحاً لخطة أو تقرير المستر (قريفس) عميد بخت الرضا التي بدأها عام 1938م لتنظيم وتحديث التعليم في حضرموت . و جاءت المدرسة الوسطى إلى الغيل بعد أن انتشرت المدارس الابتدائية لتعد بداية توسيع المنطقة التعليمية . والشكر الجزيل لبابسط والمتميز باخريبة ..

6)- حضرمي (مغترب) 23-03-2010 ابكيتني يا عم عمر ذكرتني بالمكلا والحبايب والخلان الله يرحم داك الزمن وربنا يطول في عمرك.

7)- ابن حضرموت (الوادى) 23-03-2010 صراحه حديث شيق و سرد للذكريات بلا تكلف ان الاستاذ عمر باباسط استاذى و له منى السلام و الحقيقه ما رواه عن زمن الدوله القعيطيه انها كانت دوله بمعنى الكلمه فيها المساواه و حول مجانية التعليم انا اتذكر انى عندما التحقت بالمدرسه الابتدائيه كان هناك توزيع اقلام رصاص و ممسحه و اثنين دفاتر لكل تلميذ و لم اكن اعلم ان ذوى الظروف الخاصه تعطى لهم ملابس و منذ عام 1950 و كذلك اطلعت على كشف لطلبه من ابناء البدو يدرسون فى مدارس بالوادى و ترسل لهم اعانات شهريه بحكم انهم يعتبرون مسجلين تبع مدرسة ابناء الباديه . الحقيقه الاستاد عمر اطال الله فى عمره من موقع المعايش و الممارس

فى الجانب التعليمى بين البون الشاسع بين عهدين للسلبيات التربويه التى صارت بعد الاستقلال على حساب جيل كامل ضحى به السياسيينو من المسئول انها جريمه و رب الكعبه. المؤسف ان هناك من حول و يحاول اخفاء الحقايق حول التعليم فكثير يقول كان عندنا مجانية التعليم و كان التعليم لم يكن حق للجميع قبل 1967 و الحمد لله الحقيقه قد تختفى و لكن لا تموت و كما اخبرنى السيد عبدالله علوى الصافى و هو كبير فى السن عن العلاج المجانى منذ الخمسينات و ما قبل فى المكلا و اتمنى من الصحفى اجراء لقاء مع المذكور لانه من المؤسسين لمشاريع استثماريه مساهمه لجميع ابناء حضرموت مع غيره من رجال المكلا كالشركه الزراعيه الحضرميه و النظمه الوطنيه للخدمات العموميه و مشاريع المياه و الكهرباء و الجمعيات الزراعيه و التى و صل راسمالها يوم مصادرتها بما يعادل اكثر من خمسه مليار ريال بحساب اليوم و صدرت القطن الى بريطانيا و هذا تاريخ اباءنا لا يجب ان ننساه بل يجب ان نسير على خطاهم لخير حضرموت و كما قال الاستاذ عمر باباسط نعمل على مبدأ (خادم القوم سيدهم) و شكرا على هذه المقابلات المفيده ..

8)- جمهورية حضرموت (ارض الله) 23-03-2010 السيل مايبطى الا من كبرة اختفيت يافهيم فترة ولكن احضر ت ضيف من العيار الثقيل الاستاذ عمر اطال الله عمره الله يرحم ايام زمان ذلك الزمن الجميل الكل قاعد يتحسر عليه ارجوكم فكروا فى الموضوع حضرموت لحاله احسن حيث توجد مقومات دولة بشرية ومساحة وميناء وثروة .

9)- محمد سعيد باحاج [email protected] (جده - السعودية) 22-03-2010 بعد انتظار طويل يعود الزميل فهيم باخريبة بلقاءاته والتي تعتبر بصمة مميزة لموقع المكلا اليوم .. لأن موقع المكلا اليوم بدون هذه اللقاءات مثل الطعام بدون ملح. الأخ/ عمر محمد باباسط زميل الدراسة في المدرسة الوسطى وكلية عدن وكان من الطلبة المحبوبين في تلك الفترة الجميلة من عمرنا .. فهو شغوف بالتمثيل منذ صغره ولطيف في جلساته .. اشكر الأخ / فهيم على هذا اللقاء الرائع لتعود عقارب الساعة الى الزمن الجميل .. ومزيدا من هذه اللقاءات. .

10)- متابع (ماليزيا) 22-03-2010 مقابلة جميلة، وأظن أن الشعار ينبغي أن يكون "سيد القوم خادمهم" وليس "خادم القوم سيدهم" وشتان بين الاثنين..

11)- الهاشمي (المكلا) 22-03-2010 بصراحة إبداع والاخ فهيم توفق في اختياره للأستاذ عمر ونتمنى أن يوفق في اختياراته للشخصيات كما نرجو ان لاتطول غيبته عنا فمواضيعه شيقة.

مشتاق لأحاديث الذكريات (حي السلام) 22-03-2010 لقاء جميل مع شخصية تربوية فذه ، ونقول للأخ فهيم افتقدنا لقاءتك مع مثل هؤلاء الرجال العضام ، لك مني كل التحية والتقدير ومنتظرين حكاية جديدة ...

شاهدوالصورالحضرمية

المكلا اليوم | تفاصيل الخبر
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح