عرض مشاركة واحدة
قديم 05-16-2009, 01:03 AM   #7
عاشق القبه الخضراء
حال نشيط

افتراضي

اقتباس :
استثناء حق :

ويستثنى من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال ////////////////////ا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلىالله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث : " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . (34) .

حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة،
وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-،
وهذا يدل علي أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم
فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.

والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي الله عنه-
وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة،
وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين،
وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي
-صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟
فإن الأنصار يعجبهم اللهو".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله فقال:
"أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني ؟" قالت: لا.
فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيهم غزل،
فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟!

وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال:
دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين.
فقلت: أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا:
اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.

. واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم-
أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.

قال النبي -صلي الله عليه وسلم- لحنظلة -
حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-:
"يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.

وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة،
فإن القلوب إذا أكرهت عميت.

وقال رضي الله عنه إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.

وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق.


وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله:
(هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب ... و المزح الذي لا فحش فيه حلال،
نقل ذلك عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
وأي لهو يزيد علي لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته.
علي أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر،
والقلوب إذا أكرهت عميت، وترويحها إعانة لها علي الجد،
فالمواظب علي التفكر مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة؛
لأن عطلة يوم تساعد علي النشاط في سائر الأيام، والمواظب علي نوافل الصلوات
في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات،
ولأجله كرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة علي العمل،
اللهو معين علي الجد ولا يصبر علي الجد المحض، والحق المر،
إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء،
فينبغي أن يكون مباحًا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء.
فإذًا اللهو علي هذه النية يصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع
من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها، بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة،
فينبغي أن يستحب له ذلك، ليتوصل به إلي المقصود الذي ذكرناه.
نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروة الكمال، فإن الكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق،
ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب،
ووجوه التلطف بها، وسياقتها إلي الحق، علم قطعًا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غني عنه)
انتهي كلام الغزالي (الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153)،
وهو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحقة.
وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد
وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح
ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.
وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية) .
انتهي كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (جـ 8/264-266) .

قيود وشروط لابد من مراعاتها:

ولا ننسي أن نضيف إلي هذه الفتوي قيودًا لابد من مراعاتها في سماع الغناء.
فقد أشرنا في أول البحث إلي أنه ليس كل غناء مباحًا،
فلابد أن يكون موضوعه متفقًا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام
الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس"
عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل
والتدخين أيضًا آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.

والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه:
(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم … وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)
(النور: 30، 31).
ويقول –صلي الله عليه وسلم- يا علي :
"لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي وليست لك الآخرة".

ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه،
ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول،
وتعمد الإثارة، والقصد إلي إيقاظ الغرائز الهاجعة،
وإغراء القلوب المريضة- ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلي دائرة الحرمة
أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع علي الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات
من الأغاني التي تلح علي جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام،
وإشعالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصًا لدي الشباب والشابات.

إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول:
(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) .
فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير ؟!
ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم،
كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء،
بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم.
وهي الصورة المائلة في الأذهان عند ما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.


جزاك الله خير على هذا الطرح الجميل
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس