الموضوع: قصيدة المذبحة
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2002, 08:42 AM   #1
عمر خريص
مشرف سقيفة التراث
 
الصورة الرمزية عمر خريص

افتراضي قصيدة المذبحة

قـصــيدة الـمــذبـحـــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للشعر الشعبي في حضرموت دور ايجابي لعبه في بعض ادوار التاريخ الحضرمي ، سجل به وقائع واحداثا مهمة ، ولعل تدوين الشاعر الشعبي اصدق واقرب الى الحقيقة التاريخية ، وادق وصفا لـمجريات الاحداث ، ذلك اذا اخذنا بعين الاعتبار بأن الشاعر الشعبي اذا لم يكن مشاركا في صنع الاحداث فهو الرقيب المتوج من قبل شعبه وأمته، يراقب ويرى ويعبر عما يـختمر في وجدان الامة بل ويتفاعل مع تفاعلاتهم ويصيغ هذه التفاعلات في قوالب شعرية بديعة تعمق وترسخ مفاهيم عامة متعارف عليها خلفتها الظروف المصاحبة لتلك الحادثة أو الواقعة ، مثال ذلك مانطالعه في قصيدة الشاعر سالم سعيد باسباع الملقب (قريشن ) الذي عاصر احداث الصراع الدموي الذي جرى بين السلطنة القعيطية والحموم ، وشهد المذبحة الشهيرة لمقادمة قبيلة الحموم على يد نائب السلطان وحاكم الشحر ناصر احمد بوبك في صباح 27 ربيع الاخر سنة 1337هـ الموافق 29 يناير 1919م (وهذا هو التاريخ الصحيح للحادثة وليس ماذكره الاستاذ عبدالرحمن الملاحي والاستاذ علي حسن في دراستهما الموسومة ب(( تاريخ الصراع الحمومي القعيطي ودوافعه 1867ـ 1967م )) حيث قالا في صفحة 24 (وفي صبيحة احد ايام ربيع الاول من عام 1337هـ وفد الى الشحر عدد من الفصائل الحمومية ، يترأسهم زعيم التحالف (سالم بن حبريش ) استجابة لوساطة ال العيدروس لأبرام معاهدة جديدة ، فساد المدينة شعور بالتفاؤل والامل بتحقيق صلح شامل ينهي حالة الاضطراب والخوف الذي دام طويلا ولكن حاكم المدينة كان يضمر في نفسه خدعة تقتل الامل المشع من عيون سكان المدينة ، قأصدر في ضحى اليوم نفسه أوامره الى جنوده بأغلاق المدينة ، والقاء القبض على الزعماء الحموميين وأتباعهم المنتشرين في الاسواق )) الى ان قالا (( علم سكان المدينة الذين شملهم القلق وران عليهم الجمود والخوف مماسيحدث علموا ظهر ذلك اليوم من منادي الدولة انه قد تم القبض على اربعمائة من افراد الحموم ، وانه سيتم عصر هذا اليوم اعدام سبعة وعشرين من زعمائهم ))
ونحن اذ نثبت هنا تاريخ المذبحة الصحيح والمحدد انما نعتمد على ماكتبه المرحوم عبدالخالق البطاطي أحد نواب السلطنة القعيطية على الشحر وهو معاصر للاحداث وطرف معني في الصراع بحكم انتمائه القبلي للأسرة الحاكمة ، قال في كتابه (اثبات ماليس مثبوت من تاريخ يافع في حضرموت) ص 47 مايلي :ـ ((قام النائب ناصر احمد بأتصالاته بالسادة المناصب ال محمد بن شيخ ال الشيخ بوبكر والسادة ال العيدروس والدلل وطلب التفاهم والتفاوض مع الحموم بواسطتهم كما هي العادة وجرى التفاهم والتفاوض مع الحموم طول شهر ربيع أول سنة 1337هـ ونصف من شهر ربيع الاخر ولا شي تم فالحموم رفضوا تسليم الجناة وعودة المنهوبات وتعويض ماخربوه وطلبوا العفو والسماح فيما مضى وقدموا شروطا جديدة أقسى وأمر من ذي قبل )) الى ان قال (( فتقرر القاء القبض على الحموم اولا وزجهم في السجن قبل كل شي ونفذت الخطة في عشية يوم 26ربيع آخر سنة 1337هـ وطوقوا المحط بالجنود من الحامي وشحير وتبالة والمعيان من الخارج وجنود الشحر والحاشية من داخل المدينة واستسلم البدو كلهم وتقرر في الليلة نفسها مصادرة سلاحهم وجمالهم كلها مقابل المنهوبات واعدام سبعة وعشرين نفر منهم بما فيهم مقادمتهم ، وتحديد العدد سبعة وعشرين مبنى على مقدار المقاتيل الذين قتلوا على يد الحموم في الفتنة وتم اعدامهم في صباح يوم 27 ربيع اخر نفسه)) هذا مانقلناه من كتاب البطاطي ، اما القصيدة التي اوردناها للشاعر قريشن فقد كانت الاولى التي عبرت عن هذا الحدث وقد رد عليها شاعر الحموم (معلاق) بقصيدة تخالفها في الوزن والقافية وقد احدثت قصيدته ايضا ضجة بين اوساط الناس بما تحمله من تهديد ووعيد على الاخذ بالثأر .
وقبل ان نخوض في لجة الدم المنداحة من الوردة الحموميين علينا ان نعرف بشاعر القصيدة فهو الشاعر الذائع الصيت سالم سعيد باسباع الملقب بقريشن من اهالي الشحر ولد بها وهو من شعراء القصيد واشعار رقصة البادية المعروفة بالهبيش وشعره يثير ضجة في محيطة لمايتمتع به من سلاسة واسلوب متين وقوة حجة رغم انه كان اميا لا يقراء ولا يكتب على الاطلاق وكان يعمل بالكيلة التي تصرفها الحكومة على عبيدها من ذرة او قمح وكان ايضا يعمل دلالا ، وهو على دراية تامة بقضايا مجتمعه ومحيطه وهو خبير في شئون البادية وأعرافها وكان صديقا لكثير من اعيان البلد واقطابها وأدبائها وتوفي بالشحر في نهاية الاربعينات من هذا القرن ، اما قصيدته هذه فهي من روائع شعره وفرائد نظمه يقول فيها:ـ
ذا فصل والثاني ضوانا هاجسي يلقي زعـــــــل
والليل عبرته ونا فكر وعادور الفكـــــــــور
وفكرت في امر القبائل ياجماعــة والـــــــدول
ولحقت للدولة مقاطب(1) لي تقشــب بالشعــــور
كلمة من الدولة وخلت كل واحـــد يرتقـــــل
واليوم يرجع شهر في الغربة وايام الـمخـــــــور(2)
دار الفلك قال السباعي عاخبيثــن العمـــــــل
واستكبروا ةلعاد حسبوا الوقـــت عاده بايــــدور
خسف بهم ربك وخلى الفال لي فـــــــيهم يذل
وتعكت البسطاة(3) في الموجح(4) وقطبوها نـــزور (5)
القرش ضيعهم وخلاهم يكســــــــبون الزلل
والصلح يشتل والذي يـحنق من العطفة (6) يغـــور
من بعد يــدعونه ويسقونه من اجبوح العســــل
يعطونه العدي ويعطــونه الصحايح والمهـــــور
حبريش (7) لي قد تاه وتكبر وحيمـــد والــحول
ماراموا العزة ولا صانوا خــــوتهم والزقـــور
والبحسني هو والسعيدي لي عقر كمين جـــــمل
وغلاقهم مرضوع لي قد قال انا صقـر الصقــــور
بين الكشاريات (8) قد قمنا الوعيدة والقــــبل
من له طلب يـحضر يلقى طعن في وسط النـحــور
حضروا بني مالك ولقوا ضرب في الداسي (9) هـول
والحاشية حضروا وشلوا اللف كله والكســــور
سبعة وعشرين الذي سقطوا وشلوهم وصـــــل
والمحبسة تطبل وعاد الطســت باقي عايفــــور
اين الذي كانوا كساهم من حطيطات الـــذبل (10)
اين الذي كانوا جبارى (11) مايمـدون العشــور
اين الذي كانوا يفعلــون المناكـــر والحـــيل
في قبر واحــد رصهم والقبر زائد ع القـــبور
وقعت دقوقة في المناحـــيز الكبيرة للجــــفل(12)
لما ترج الحصــن محكوم البناقل والقصــــور
هذا جزاء من خان شايمنا (13) ومن فينا قــــتل
قل له قرب ولعاد باتنفــعك قولة بو عمــــور
ربك نظر ع الشحــروشفاها من جميع العلــــل
والشحر والحلان لي في الشحــر باتوا في ســـرور
واليوم باجاوش (14) ولا باخاف من طـرشه وبــل (15)
والفلك كورته من المجحـــب (16) وباخــوض البحور

1ـ مقاطب : مصائب كبيرة
2ـ المخور : ايام الريح هادية وتكون احسن حالات السفر للسفن .
3ـ البسطاة: مد الخيوط على النوال (المغزل) .
4ـ الموجح : النوال.
5ـ نزور : خيوط الغزل الصغيرة.
6ـ العطفة : موقع تنهب فيه القبائل البضائع .
7ـ حبريش : مقدم بيت علي وهو الاب العموم على قبائل الحموم ، واما حيمد والحول فهم ايضا من مقادمة الحموم .
8ـ الكشاريات : ثكنات الجنود وهي لفظة هندية .
9ـ الداسي : هو الجمل المنسوب لقبيلة دوس وهي مشهورة .
10ـ الدبل : اطراف الفوطة حيث تعقد مجموعة من الخيوط .
11ـ جبارى : معفيين من الضرائب .
12ـ الجفل : البن
13ـ شايم ولايم : من الشوم واللؤم وهي من اعراف القبيلة وهي العار.
14ـ جاوش : السفر والعودة عبر البحر .
15ـ طرشه وبل : رش ماء البحر وبلل البضائع .
16ـ المجحب : هو الموقع الذي توضع فيه السفـن والقوارب على الشاطى.
التوقيع :
وماتوفيقي الا بالله

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة عمر خريص ; 09-25-2002 الساعة 08:44 AM
  رد مع اقتباس