عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2019, 02:03 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

Thumbs down حضرموت ودولة ألأتحا د" من دكتاتوريات الأحزاب إلى دكتاتوريات السلطات



من دكتاتوريات الأحزاب إلى دكتاتوريات السلطات



الأربعاء, 13 / فبراير / 2019 - الساعة 1:30 ص | (69 مشاهدة)
منصور الصبيحي

حين تغدو المبادئ والأهداف مجرد دغدغة لمشاعر البسطاء والمندفعين، وأفكارا مضللة يتسلل بواسطتها من يطمح ويطمع ليجمع جيف الانفراد والاستقوى بالسلطة، راميا بكل الشعارات عرض الحائط، وهو من بواسطتها وصل لموقع القرار، متناسيا ما كان يسوقهُ لشعبهِ قبل ذلك، بالمقابل تكون النتيجة حرية مغيبة وشعوبا مقهورة وأفقا مسدودا وإخفاقا سياسيا واقتصاديا واحتقانا اجتماعيا، فهذا واقع ملموس ومتأصل في نفس كثير من الشعوب التي خرجت من عبودية المستعمر لتدخل في عبودية المستعمر الجديد ذي القربى شريك الدم والتراب والهوية ابن الأرض وصاحب الشعارات الرنانة والكلام المعسول.


سلطة وأحزاب، وأحزاب وسلطة.. سلطة تمخضت من رحم الشعوب، وأحزاب صنعتها تجمّل قبح أفعالها.. يلتقي الاثنان عند آخر الطريق ويعملان على تتويه المواطن الغلبان على أمره، فما نلمسهُ من ممارسات لما يسمى بجمهوريات تورث السلطة للابن من باب شل الجمل بما حمل، وأحزاب معارضة هي مجرد أبواق تنادي بإصلاح وضع البلد وتحرير الشعب من ديكتاتورية الطغاة وخلق حياة كريمة يسودها العدل والمساواة للجميع، شراكة في صنع القرار وفق آلية دستورية قانونية وغيرها ما يُساق من كلام لا تقبلهُ هي نفسها، وما يثير الضحك والسخرية أن تلك الأحزاب لم تتحرر هي على صعيد نفسها من هيمنة الفرد وتسلطه، فمعظمها تطالها دكتاتورية حزبية وخلل في صعيد منظومة بنائها الفكري، فلا نكاد نرى إلا صقرا واحدا وحوله صقور مقلّمة المناقير ومقصوصة المخالب، وجه لا يتبدل لصاحب سلطة السلطة للحزب نفسه، وإن مات مالكهُ يؤتى من أهل بيته؛ ابنه أو ابنته أو زوجته من هو أهل للحفاظ على المسار حتى غدا هذا الحزب أو ذاك ينعت بحزب فلان أو حزب أهل فلان من قبل العامة، كظل يحاكي هيمنة وتملك السلطة نفسها لديكتاتورية متبادلة بين معارضة وسلطة مؤلفها واحد ومنتجها واحد ومخرجها واحد ومستهلكها الشعوب المغلوبة على أمرها.

فمن قال بعد ذلك إن المستعمر قد رحل فقد كذب، رحل أي نعم رحل، ولكنه عاد يرقص من جديد متقمصا دورا آخر، دورا أكثر ضراوة من ذي قبل، عاد يرقص عن طريق أتباعه ومن أوجدهم وغرسهم في أوطاننا التي زعمنا يوما تحريرها، وفوق ذلك يعمل على تهنيئتنا بيوم الخلاص منهُ واليوم الوطني لنا، عاد عن طريق الهيمنة الرأسمالية على مقدرات بلادنا العربية وبلدان أخرى اقتصاديا، عاد عن طريق ما يغذيه لمنظومة استخباراتية عالية الجودة تزيح كل من لا تراهُ طائعا بشتى الطرق والوسائل، وإن تطلب الأمر استخدام القوة كما فُعل مع كثير من الحكام غير المنقادين ومن لديهم الوطنية وفيهم ما يولد روح المقاومة، عاد تارة ليبث الخلافات فيما بيننا وتارة مصلحا حكيما وحابا للخير والسلام حتى وصل الأمر ببعضنا إلى أن يتباكى على أيامهِ، وهكذا يغدو شعار الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية عملا دعائيا له لا أكثر، أي للمستعمر القديم ومجسمه الجديد وراعية وحلم بعيد المنال والتحقيق لنا وإن لمسناهُ يوما لمسنا الحياة ولمسنا الكرامة وحققنا الاستقلال وصار النشيد نشيدا، والعلم علما، والهوية هوية، وما دون ذلك فكل المبادئ مبادئ واهية، وكل الأهداف التي نزعم تحقيقها كاذبة، والمستعمر لم يرحل ما زال يتمدد كل يوم تحت جلودنا ومن أمام أعيننا، ونحن ننكمش ونعود إلى عمق الزجاجة أحزاب وسلطة وشعوب مغلولة، نخطو خطوتين إلى الأمام فنعود اثنتين إلى الخلف، نعيش على هامش السراب الخادع.

ألأيام

التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس