[حد من الوادي]

لما كل هذا التعالي على حضرموت ؟!


4/25/2013 المكلا اليوم / كتب: صالح علي السباعي


ما أن ظهرت خارطة دولة الأقاليم اليمنية.. علي الصحف والمواقع الالكترونية.. حتى ارتفعت الأصوات في بعض مناطق حضرموت الشرقية والغربية مهدده بالويل والثبور وعظائم الأمور فيما لو تم ضم مناطقهم إلي إقليم حضرموت..


كما ظهر في الخريطة، ونخص بالذكر بعض أخواننا في شبوة والمهرة، معللين رفضهم ذلك بأنهم ليسوا حضارم وان ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم تختلف عن حضرموت، وهي حجج واهية تتناقض مع العقل والمنطق والتاريخ، وحسب ما نعرف ويعرف الآخرون أن الحضارم عرب مسلمين لا توجد تلك الفوارق بينهم وبين الآخرين من العرب في الإقليم وخارج الإقليم، وإنما هناك فوارق بينهم وبين بعض التجمعات السكانية من أصول غير عربية "أعجمية" حتى وأن سكنت اليمن، فاليمن وحضرموت كما يعرف الجميع تعرض لغزوات عديدة من الأحباش والفرس والأتراك وغيرهم، وكل هؤلاء بقيت لهم بعض التجمعات البشرية الضعيفة في اليمن وبعض مناطق حضرموت، وهم اليوم يعتبرون مواطنين مثل بقية المواطنين، لكن البعض منهم يرى الفرصة مناسبة ليظهر نفسه، لذلك هم يصرون علي وجود فوارق ثقافية وعرقية بينهم وبين حضرموت.

ونحن لا ننكر تلك الفوارق الناجمة عن انغلاقهم علي أنفسهم وتقوقعهم وعدم قدرتهم علي الانصهار مع المجتمعات المحلية من حولهم، ومثل هؤلاء لا يحق لهم الادعاء عن ثقافة وحضارة لأنها أصلا لا وجود لها، وان وجدت لن تضاهي حضارة المدن الايطالية ولا حتى الهنود الحمر، وحتى نكون منصفين نحن جميعا سكان حضرموت وما جاورها نتحدث كثيرا عن الحضارة والتحضر لكننا على ارض الواقع لا نرى إلا القليل، ربما هي موجودة في مكان ما أو مدفونة تحت رمال الربع الخالي أو غير موجودة ذلك علمه عند الله، لذلك لا نرى داعي أن يدعي البعض مثل هذه الادعاءات الخرافية التي لم نستطع أثباتها حتى اليوم، لأننا سنتحول في نظر الآخرون إلى مجرد أضحوكة ندعي بأشياء ليست موجودة، الثقافة والحضارة والشجاعة موجودة في المدن الايطالية والألمانية والفرنسية والروسية ولا أعتقد أن في مناطقكم "ستيلنغراد، والبندقية" وأعتقد أن الكثير منا يعرف مناطقكم التي لا يوجد في بعضها إلي اليوم حتى مطعم نظيف للسائح أو حمام يقضي فيه حاجته،

فلا تزايدوا علينا بالثقافة والحضارة، لقد عشنا معا طيلة الفترات السابقة لم نكن نعرف أنكم تحملون هذا الكم من الحقد والكراهية الذي تجاهرون به اليوم، وحتى اليوم لازلنا نعتبر أن ما يجمعنا بكم أكثر مما يفرقنا ولسنا نحن من يظلمكم ويضطهدكم وينهب ثرواتكم بل ربما نحن مظلومين أكثر منكم، وفي حضرموت هناك من يتساءل اليوم لما هذا الحقد والكراهية في صدوركم ؟ ألستم مسلمين ؟ والمسلم أخو المسلم ! لما قبل مثل هؤلاء العيش معنا طيلة هذه العقود الطويلة واليوم يتأففون ويتعالون علينا ؟ لما يريدوننا أن نكون ضمن جمهوريتهم "القادمة" ونحن مختلفون عنهم في الثقافة والتقاليد كما يقولون؟ أليس ذلك هو التناقض بعينه ؟

هم اليوم لا يريدون مع حضرموت لمجرد مقترح لم يظهر بعد على الوجود، وليست حضرموت هي من صاغته وفرضته عليهم، ومع ذلك بعضهم يهدد الحضارم بحرب لا تبقي ولا تذر، وهؤلاء هم الضالون.. لأنهم يفرون من مواجهة الجاني ويصبون جام غضبهم علي الضحية، وحضرموت هنا هي الضحية، ومع ذلك من حقهم أن يطالبوا بأن لا يكونوا مع حضرموت فوجودهم وعدم وجودهم لا يغير في الأمر شيئاً، ولا أعتقد أن هناك من سيعترض علي رحيلهم، ونحن كحضارم نتمنى كل الخير لأخواتنا في الشرق والغرب، ونتمنى لهم فوق ذلك أن تصبح "شبوة" هي المنافسة الأولي لأمارة "دبي" بل وتتفوق عليها.. كما نتمنى للمهرة بأن تتفوق على "سنقبور" الأسيوية، هذه أمنيات حقيقية نتمناها لهم، وإذا كانت حضرموت ستكون هي العائق بينهم وبين التطور لا أعتقد أن لدى الحضارم من سيمانع أن يبني هؤلاء سياجا عازلا بيننا وبينهم، ففي النهاية الحضارم رزقهم على الله وليس على مناطق الجوار، وإذا كان الجيران مثل هؤلاء لا أعتقد أن هناك من يا سف عليهم.

لقد ظننت كما ظن غيري أن هذا الخطاب المتعالي تجاه حضرموت من هؤلاء الأخوة ربما تكون له مبرراته وأن حضرموت هي من احتلت شبوة والمهرة في حرب 94م، وعملت علي اضطهادهم وحرمانهم من ثرواتهم، وأن القبائل الحضرمية هي من مارست أعمال النهب والسلب بقوة السلاح مع طلائع دخول قوات الشمال إلي حضرموت والجنوب، لكنني وجدت نفسي قد دخلت في غفوة، ما أن صحوت منها حتى أعاد دورته شريط الذكريات لتلك الحرب القذرة التي عشناها جميعا ولإنزال نتذكرها، وأعتقد أن من نسي قد يتذكر هذه اللحظات وأن من قاموا بهذه الأعمال المشينة فعلا ليسوا من حضرموت حتى وأن سكن بعضهم في بعض مناطقها، ومع ذلك نحن لا نعمم هناك شرفاء في كل زمان ومكان، لكن ذاكرة الكثيرين ستظل مليئة بصور تلك القيادات العسكرية من تلك المناطق التي ساعدت الشمال علي اجتياح حضرموت والجنوب، بعضهم أبو عمامة وبعضهم بلا عمامة وبعضهم أصلع، منهم من لازال يحاور في مؤتمر الحوار اليمني ومنهم من انسحب، وكلهم يعملون كما يقولون لاستعادة الجنوب الذي شاركوا في إسقاطه وإذلال أهلة واليوم يتباكون علية.

أنه أمرا غريب ومضحك.. وشر البلية ما يضحك كما يقولون.. أن يطالب هؤلاء بان تكون حضرموت ضمن "دولتهم القادمة" ولا يريدون هم أن يكونوا مع حضرموت في إقليم، وكأن حضرموت بها وباء فتاك يخافون أن يمسك بهم، ألا تخشون يا هؤلاء أنكم بخطابكم هذا تدفعون حضرموت للبحث عن مسارات أخرى قد تؤثر عليكم وعلي مشاريعكم ؟ ألا تخشون أن الحضارم يردون عليكم بنفس خطابكم.. وأن تقول حضرموت نحن أيضا لا نريد معكم في جمهوريتكم القادمة "جمهورية أفلاطون" وهذا من حق الحضارم أن يقولوه إذا استمر خطابكم استفزازي متعالي علي حضرموت.. ما الذي يجبر الحضارم للبقاء معكم ؟ وما هي الفوائد التي ستجنيها منكم حضرموت ؟ لا أعتقد أن لديكم شيئا تقدموه لحضرموت، ثقافتكم التي تتحدثون عنها أنتم أنفسكم تجهلونها ولم يشاهدها العالم بعد..

ونحن نتساءل أين تخفونها أيها المبدعون ؟ حضرموت أيها السادة لا تدعي أنها الأفضل.. لكننا لو حسبنا الأمر بحساب الربح والخسارة سنجد أن حضرموت مكسب لمن يشاركها وليست خسارة.. وأعتقد أن للحضارم بصمات وأفضال على هؤلاء الذين يتنكرون لها اليوم منذ اليوم الأول لاستقلال الجنوب سنجد أن حضرموت دوما تعطي دون أن تأخذ شيئا منكم.. قدمت حضرموت في المجال العسكري ما لم تقدمة أي منطقة أخرى..عندما تقدم جيش البادية الحضرمي لتثبيت الأمن والاستقرار في شبوة وأبين والمهرة.. حيث لم يكن هناك جيش لدى الجبهة القومية في هذه المناطق يقوم بهذه المهام.. فتم الزج بجيش حضرموت.. وقد دفعت الثمن غاليا.. ربما يجهل ذلك بعضكم لكن كباركم من العسكريين الموجودين بالتأكيد لا يزالون يذكرون، كذلك انخرط الحضارم في سلك الصحة والتعليم وهم من أسس معظم المدارس والعيادات الطبية في مناطقكم.. لم يأتي أحد منكم ليقدم خدمة لحضرموت.. لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون.. حتى الذين تولوا الإدارة في مناطقكم من حضرموت كانوا أكثر أمانة من بعضكم وكانوا يتفانون في مهامهم.. وكلنا يذكر كيف كانت شبوة والمهرة آمنتين قبل التسعين.. أيامها لم يكن فيهما من يحمل بندقية جهارا نهارا ولا تسمع فيها حتى صوت الطماش، بعد الوحدة دخل الشيطان إلي شبوه بعد ما عين المخلوع أحد أبناءها وكلفة بالبحث في مقابر الموتى عن الثارات، قال لهم المخلوع يا أهل شبوة انتم قبائل عودوا إلي أسلحتكم وخناجركم، خذوها واجهوا بها بعضكم ونحن سنمدكم وندعمكم أيها القبائل لتعودوا إلي زمن قابيل وهابيل، فصدقوه ومجدوه وحاربوا معه في حرب صيف 94م، والي اليوم وهم غارقون.. ندعو الله أن يهديهم إلي الصراط المستقيم.

لقد سكتت حضرموت علي تجاوزات الآخرين لها لعلهم يدركون أخطاءهم نحوها ويحترموا حقوقها كما تحترمهم.. لكنها لم تجد جدوى من سكوتها عنهم.. بل وجدت الكثيرين يتطاولون على أبناءها ورموزها.. وكلنا يتذكر كيف تقاعس الجيش الجنوبي عن الدفاع عن وطنه في حرب 94م بسبب أن النظام أطلق "إشاعة" بأن الحضارم سينفصلون عن الجنوب يومها ذهب معظم القادة إلي بيوتهم، وأكمل الباقي الرئيس منصور ورفاقه من المتباكون اليوم علي الجنوب، اليوم هناك حملة في الصحف والمواقع الالكترونية علي الرمز الحضرمي "العطاس" يشككون في وطنية الرجل الذي قدم حياته ولا يزال يقدم للجنوب، يهاجمونه بسبب قولة انه حضرمي وكأنه قد كفر بالقرآن والتوراة والإنجيل، بينما هم يتمترسون خلف قراهم الصغيرة وقبائلهم المتناحرة، ويستكثرون علي العطاس أن يقول أنا من حضرموت، ونقول لكل هؤلاء حضرموت قادرة على التألق وحدها وبدونكم كما تألقت في أصعب المراحل والظروف، فقد تألقت في كل مشاركاتها الإقليمية والعالمية وحصد الكثير من أبناءها الجوائز الدولية وتولي بعض أبناءها في اليمن الوزارة الأولي أكثر من كل المناطق، وفي المهجر ارفع المناصب السيادية في مها جرهم ونذكر منهم "

أدم مالك" وزير خارجية اندونيسيا الذي أصبح فيما بعد رئيس عصبة الأمم المتحدة، ومن بعده العطاس وعبدالله باضوي وبن شهاب وآخرون والسيد عمر السقاف وزير خارجية المملكة العربية السعودية أبن سيئون، وهناك سلسلة طويلة من كبار الساسة والمثقفين المؤثرين في الاقتصاد والتجارة الحضارة الإنسانية ليس أخرهم الرجل العصامي "علي احمد باكثير" الذي اثبت وجودة بين عمالقة مصرفي زمن طه حسين، شوقي، والعقاد ونجيب محفوظ، وكان ندا قويا لهم في عقر دارهم، رغم ظروفه الصعبة في غربته، وتفوقت حضرموت علي كل مناطق الجنوب في زمن القومية والاشتراكي رغم ما كان يمارس علي أبناءها من ممارسات خاطئة بقصد ربما إحباطهم، لكنهم كانوا مبدعين في كل مؤسسات الدولة الجنوبية وهم من أدار الموسوسات الاقتصادية والمالية لتلك الدولة بعد إقصاءهم من المؤسسة العسكرية والأمنية، تألق أيضاً أبناء حضرموت في المجالات الرياضية في المشاركات التي أتيحت لهم في الداخل والخارج وهناك الكثير منهم مشاركين في الصفوف الأولى في دول الخليج والسعودية "عمر العمودي" ليس أخر الأمثلة، أما تفوق حضرموت في المجال الفني فلن أتحدث عنه أنتم تعرفون من هم القادرون على تمثيل المنطقة بأكملها أمام الآخرون، الإقليم والمحيط العربي لا يعرف شيئاً عن الأغنية اليمنية شمالية أم جنوبية ولا أعتقد انه يعرف عن الأغنية الشبوانية أو المهربة ولكنه بالتأكيد يعرف الأغنية الحضرمية.

لذلك نحن نقول حضرموت تمد يدها للجميع في الشرق والغرب في الجنوب والشمال، لا نحمل حقدا على احد ولا ضغينة وليس من طبع الحضارم الانتقام نحن شعب أولا وقبل كل شي نخاف الله وقد كان أهلنا السباقون لدخول الأمم في دين الله ليس بالبندقية التي تتفاخرون بها على ظهوركم اليوم ولكن بالمعاملة الطيبة والموعظة الحسنى، ليس لنا سجل في القتل والأجرام ولا يشرفنا أن نكون قتلة حتى وان قلتم عنا جبنا، لأننا نؤمن بأن الغدر والسلب والنهب وقتل النفس حرمه الله، وليس من الشجاعة في شيء، ولدينا من الشجعان ما يفوقكم ويتخطاكم من الذين واجهوا الجبروت بصدور عارية في شوارع المكلا وحضرموت منذ 97م، في زمن انكسر فيه الجنوب وسار الغالبية مع القافلة الصالحية، الحضارم هم من قال "لا" قالها باعوم والبيض والعطاس قبله وقالها أيضاً فرج بن غانم رحمه الله،

ونحن لا نبالغ عندما نقول أن الحضارم هم من يقود اليوم الثورة الجنوبية رغم تعدد الآباء، وهم لا يزالون حريصون علي بقاء العلاقة الطيبة مع الجميع، وفي الختام عليكم أن تدركوا أن حضرموت ليست في جيب احد وليست بذلك الضعف الذي قد تتصورونه؛ وهي الوحيدة القادرة علي خلط الأوراق لتعدد الخيارات أمامها، وهذه احد نعم الله عليها، وبالتالي هي قادرة علي صنع التغيير بغض النظر عما يحمل هذا التغيير سلبا أم إيجابا لا يهم، وهي تختلف عن بقية المناطق بسلميتها، ويعيش علي أرضها معظم ألوان الطيف البشري وهو دليل على مدنيتها، كذلك مثلها مثل غيرها فيها الكثير من التيارات السياسية هناك من ينادي بالوحدة كما يفعل المشترك في الكثير من المناطق الجنوبية وهناك من يدعوا إلي أقاليم الفيدرالية في مؤتمر صنعاء لكن حضرموت الغالبية لا تزال مع الجنوب.. واستعادة الدولة الجنوبية.. لكننا نخشى عليها من خطابكم وتعاليكم عليها.. وإنكار دورها كما نكره البعض في الثورات السابقة.. وإذا حصل التجاهل والتعالي عليها.. لا نستبعد أن يطفح الكيل بها وتبحث عن مسارات أخرى... وحينها اذهبوا وحدكم مع ثقافتكم وقبائلكم لاستعادة الجنوب.. الذي لن تجدوه إلا بوجود حضرموت وبدونها لن يكون هناك جنوب.

صورة الخريطة على الرابط التالي" http://98.130.43.69/pages/Details.as...&C=NewsDetails