عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-2010, 11:32 AM   #2
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

اختلفت الآراء والبحوث والدراسات التي تناولت هجرة الحضارم الى جزر الملايو حول تحديد بداية الهجرة الحضرمية الى شرق آسيا وخصوصا الى اندونيسيا ، ومن المسلم به ان بداية اية هجرة قديمة يصعب تحديد تاريخ لها باعتبارها انها تأتي نتيجة حراك ديمغرافي لأقوام قررت ان تترك وطنها الاصلي الى اماكن اخرى للعيش فيها او الفرار نحوها نتيجة اضطهاد طبقي او سياسي او ظروف مناخية سيئة او مجاعات حصدتهم حصدا .

لهذا لم يستطع الباحثون الذين رصدوا الهجرة الحضرمية تحديد ملامح هذه الهجرة بشكل توثيقي الا في القرن الثامن عشر الميلادي . ذلك ان الحضارمة كانوا ولازالوا أبعد الناس عن توثيق تاريخ هجراتهم الى الشرق الاسيوي او الى الشرق الافريقي .

قرأت كتابا عنوانه (( أولياء الشرق البعيد اساطير مجهولة في آفاق المعمورة )) للدكتور بشار الجعفري سفير سوريا الدائم في الأمم المتحدة ، والكتاب عباره عن رواية تاريخية حول كيفية انتشار الإسلام في أرخبيل الملايو وذكر الكاتب بان الإسلام انتشر في أرخبيل جزر الملايو عام 838 ميلادي عام 218 هجري . وذلك في عهد الخليفة العباسي (( المقتدر بالله )) .
(( في العام 218هـ/838م قرر الإمام أحمد بن عيسى الملقب بالمهاجر مغادرة البصرة في عهد المقتدر بالله العباسي، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في المدينة بفعل ثورة القرامطة، وأحمد هو ابن عيسى الرومي ابن محمد النقيب ابن علي العريضي ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي زين العابدين ابن الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد توجه أحمد بن عيسى إلى حضرموت عن طريق الشام واستقر هناك في قرية صغيرة تدعى الهجرين، ويشاء القدر أن يهاجر احد أحفاد أحمد بن عيسى ويدعى عبد الملك بن علوي من حضرموت إلى كوجرات بالهند، حيث استطاع أن يقيم علاقة قوية مع سلطان حيدر أباد، ناصر الدين الذي قرب عبد الملك منه وجعله من خلصائه بعدما عرف بنسبه الشريف المتصل بأهل البيت، وخلع عليه لقب الأمير، وخلف الأمير عبد الله أباه عبد الملك بعد وفاته في نقابة الطالبيين في الهند، كما تزوج من ابنة سلطان مدينة «نصر أباد» عظمت خان وصار لقبه منذ ذلك الوقت الإمام عبد الله آل عظمت خان، وبعد وفاة عبد الله تسلم ابنه احمد رئاسة النقابة وتغير في عهده لقب رئيس الطالبيين من الأمام إلى السيد.
ويكرر القدر مشيئته بأن يهاجر الابن الأصغر للسيد أحمد وهو جمال الدين الحسيني من الهند إلى جزيرة جاوا الإندونيسية مروًرا بجمقا (كمبوديا) والفلبين، حيث استقر فيها مع أولاده إبراهيم أسمارا وعلي نور العلم وبركات، وانخرطوا في الحياة الفكرية والسياسية لهذه الجزيرة البعيدة التي تحكمها إمبراطورية هندوسية مرهوبة الجانب تدعى بإمبراطورية «ماجافاهيت».
ويبدو أن إقامة جمال الدين الحسيني وأولاده في كمبوديا قد ساعدتهم على الاستقرار في جاوا من حيث لا يحتسبون، إذ شاءت الأقدار أن يتزوج إبراهيم أسمارا، عندما كان في كمبوديا، من أميرة اسمها جندا وولان من عائلة الإمبراطور الكمبودي الهندوسي جايا فارمان السابع ورزق منها بولدين هما علي واسحق، والأميرة جندا وولان هي شقيقة زوجة كيرتا ناغارا إمبراطور البلاد الجاوية الجديدة التي تدين بالهندوسية أيضا، وساهمت صلة القرابة هذه في فتح الأبواب أمام القادمين العرب الجدد الذين شرعوا بحرية كاملة في الدعوة إلى الإسلام في جزيرة جاوا ))

لقد كان في افتتاح قناة السويس سنة 1869م تأثيرا واضحا على النشاط التجاري البحري في البحر الاحمر والمحيط الهندي وصولا الى ارخبيل جزر الهند الشرقية (( جاوه )) وهذا النشاط الملاحي ساهم في انتعاش التجارة بين الموانئ الواقعة على البحر الاحمر والمحيط الهندي وجزر ارخبيل الملايو ، مما اسهم بشكل ملحوظ في توسع الحراك المهجري للحضارمة بين تلك الموانئ فوصلت الهجرة الحضرمية الى ارخبيل الملايو ذروتها وزاد عدد المهاجرين بشكل ملحوظ خاصة بعد ظهور سلطنات العشائر الحضرمية المتناحرة على الحكم واضطراب الامن في حضرموت ومواجهة حضرموت لموجات الجفاف والمجاعات التي كانت تضرب حضرموت حين بعد حين .

(( ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ازدادت الهجرة من حضرموت الى الهند واندونيسيا وماليزيا وشرق افريقيا حتى اصبحت الهجرة وكأنها صناعة وطنية لأنها تجعل 35% من سكان حضرموت اما مهاجرا او عائدا من الهجرة ))(1).

وحتى نضع قارئ سقيفة الشبامي في الصورة حول معرفة الطرق التي كان يسلكها الحضارمة في هجرتهم من نقطة الانطلاق حتى الوصول الى جزر الهند الشرقية (( الملايو )) نستعرض وصفا كتبه الباحث الهولندي (( فان دن برخ )) وجاء ضمن تقرير كتبه عن الحضارمة عام 1886م ورفعه للحاكم الهولندي بجاوه يقول ضمن تقريره (( السفر من حضرموت الى اندزنيسيا يحتاج الى عدة شهور وكانت رحلتهم (( الحضار )) تبدأ من المكلا أو الشحر ثم الى بومباي ومن بومباي الى سيلان ومن ثم الى أتشيه او سنغفروه وكل ذلك بواسطة النقل البحري وهذه طريق الاغلبية اما الاثرياء فيركبون السفن البخارية من عدن الى سنغفورة مباشرة على السفن الاوربية ومنها سفن شركة مساجيرز ماريتيمز وهؤلاء الاغنياء يتحدثون عن سفرهم الذي يستمتعون فيه بشكل كبير وهم يسافرون على الدرجة الاولى او الثانية )) (2) .


أسر وسلاطين


الحديث عن الهجرة الحضرمية نحو الارخبيل الإندونوسي حديث ذو شجون وفي سقيفة الشبامي ننثر ما سجلته في أوراق مبعثرة عن هذه الهجرة ، والحديث في هذه الحلقة عن اقدم الاسر الحضرمية التي هاجرت الى اندونيسيا وتركت بصمة على الحياة السياسية في بعض تلك الجزر ، تلك هي اسرة آل قدري ، ويعود نسب هذه الاسرة الى عقيل قدري بن عبدالله بن محمد المغروم بن سالم بن احمد بن عبدالرحمن بن علي بن محمد جمل الليل ويعود نسبهم الى الفقيه المقدم محمد بن علي الباعلوي . من مدينة تريم هاجر حسين قدري جد هذه الاسرة بعد ان بلغ الثامنة عشر من العمر وكان ضمن مجموعة اشخاص وكان مقصدهم نحو بلدة (( كولندي مالابار )) بالهند وفي هذه المدينة واصل تعليمه مدة اربع سنوات وفي هذه المدرسة الدينية اتفق مع ثلاثة من اصحابه وهم ابوبكر العيدروس وعثمان باحسن السقاف ومحمد العيدروس على السفر الى الشرق الاقصى وبالتحديد جزر جاوة وبقية جزر الملايو لغرض نشر الدعوة الاسلامية (3).

كانت لرابطة الصهارة والتزواج مع ابناء تلك الجزر تأثيرا واضحا ، إذ مكن عائلات علوية حضرمية من ان ترث حكم سلطنات في جزر جاوة .

وقد تولت هذه الاسرة الأمر في (( بونتياماك )) وكان منهم سلطان بجزيرة (( سوقيا )) في شرق اندونيسيا وذريته هناك معروفين ومن هذه الاسرة العلوية الكريمة السيد عبدالرحمن بن ابي بكر القدري كان في (( واينغافو )) وقد نفته السلطة الهولندية الى (( كوفانغ )) بعد ان اتهمته بأنه يدعو الى الثورة ضدها (4) .

-------------------------------------------------------------------------------------------------
(1اوائل المغتربين وحكايات العبور الى الوطن ص37 سعيد الجناحي.
(2) Berg L . W .C . Van DEN . OP .Cit P80
(3 الجامع للاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف ص304
(4) شمس الظهيرة ص502 للسيد عبدالرحمن بن حسين المشهور.



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 06-07-2010 الساعة 06:11 PM
  رد مع اقتباس