عرض مشاركة واحدة
قديم 11-15-2006, 07:04 PM   #14
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.
نتواصل مع الشاعرة الحضرمية الشريفه خديجة بنت علي الحبشي ..

وفي جنح الظلام سجع المغني من بيت الجيران بصوت من أصوات الدان ( ياقمر شارقه من فوق الأصبار )
فوصل تراجيع صوته إلى إذني الشريفة خديجة فاهتزت جوانحها له وتململت على فراشها فجفا جفونها
الكرى، فلم تهدأ من وجدها الصوفي إلا بعد أن باحت بما في قلبها حين قالت:

إيش ذا الصوت لي زعّل منامي ........... شل به شخص سالي عند ذا الجار
من بغا الملتقى ينصت لـــزامي ........... يوم تضــرب كأنهـا حنــــة الطــار
من شرب في المحبه من مدامي .......... ما يفنـّد شراب الحلو امن القــــار
ما على المحبـــــه شي ملامــي ....... يالله اســـتر عليهم لا تكشــف بار

إنها لحظة من لحظات السكر الصوفي ذلك السكر الذي تخوضه الشريفة خديجة هو تجربة حياة
في سبيل اقتناص لحظة من لحظة الأنس والصفاء، فلا مكان للزمان عند السكران حين يقتنص
العبور من الصمت إلى الغناء، ومن الحزن إلى الفرح ، ليس كلُّ من شرب من دنان الخمر الصوفية
سكران، وليس كلُّ من سكر بها غنم من لذّتها وليس كلُّ من عرف لذّتها؛ أشرقت فيه أنوار التجلِّي.
فهي معذورة لأنها بليت بحب عظيم حب تغلغل وسط الأحشاء حملها ما لا تطيق من معاناة فلا نلومها
حتى ولو خافت على ذهاب عقلها قالت:

اعـــذروني فاني في المحبـــــه معذب
اعذروني فانتم تعلمون وصف من حـب
من بلي بالمحبه ما عاد له قــوت يطلب
أو أذاكـــر ومحبيـــه يبكي وينحــب
فان جا الدجــا دمعي على الخد يسكـب
واذكر ايام شو ماهي من العمر تحسب
يومني بينكــم نهــذف ونوكل ونشـرب
فيش مني وحر الشوق في القلب يلهب
قل صبري عسى ايام التلاقي تقــــرّب
لا تلومـــوني خايف على العقــل يذهب

ومن ذا يلوم محبا على حبه إذا كان المحب يسمو مع سمو الحب ؟

وتختلط الأشواق عند الشريفة خديجة وتعيش مع وجدها ومواجيدها لهفة الشوق والحنين وتبث أشواقها
وتبوح بما تعانيه لأخيها الذي ذهب عنها وسكن المكلا فوجهة إليه رسالة تحمل في طياتها أبيات رقيقة
تعبر فيها صدق مشاعرها الأخوية نحوه وتصف فيها معاناتها لعله يشاطرها هذا الإحساس فقالت:


هاك يالمعتني خطـــي إلى مّا المكلا
بلغـــه للذي ذكـــره به القلــب يحـــلا
مرحبـــا به مائــة آلاف حيّـــا وسهـلا
قــرة العيـــن لي دايم بذكــــره تسـلا
قل له انا قتلت الشوق ياخــوي قتـلا
إلى متى يامنى قلبي بك الدار يمــلا
فان قلبي من الأشواق في وسط مقلا

انه حتمية القضاء والقدر الذي تؤمن ونؤمن مع الشريفة خديجة به وهذا الأمر الذي تعانيه قد قضى به
من شاء أن يقضيه في اللوح المحفوظ وهي تقبل ما كان نصيبها قد اختط لها في اللوح المحفوظ
فقالت على صوت ( حــن يانـــوب ):

ذا عليــنــا مــن الله علينـــــا مكتــــــــوب
يانسيم الصـبا هبي على قلب متــعــــوب
ردي الوقت لي فيه الصفـا والشــرح دوب
بانزيد المسامر لي صفــا كل مشــــروب
يجمـــع الله تلاقينــا مع خير محــبــــوب
بعدها با تقع فرحه وذا قده محســــــوب
عشـــدليّــه على معيــان يسقونهــــا دوب
والسعف طارحه والخيل في النحر مكثوب
كل شمـــراخ يلقي منهـــا زيـــر مربــوب
ريت لي صيم بادواي به القلب مرعـــــوب

ولكن من تكون التي كنـّتها الشريفة خديجة ب ( العشدليه ) ؟ ذلك سر والسر في قلب أهل الحقيقة
مصيون وكشفه محفوف بالمخاطر...!!!
وحين داع صوت ( يادابسين النـُّـوب ) بين الناس لعذوبة ورقة لحنه تناولته الشعراء في حضرموت
بكل فئاتهم ... فالعاشق الولهان صاغ كلماته على هذا اللحن يبث فيه شعوره بالحب تجاه من يحب
ويشكو الصد والفراق من حبيب يمعن في صده وهجرانه ، اما العلماء والفقهاء من الصوفية فقد سحر
لبهم صوت ( يادابسين النوب ) فحرك أشجانهم ومواجيدهم الصوفية فقالوا على هذا الصوت الكثير من
الأقوال فقد مر عليكم من قبل ما قاله السيد حامد السري في كلماته التي داعت باسم ( بالغواني ) منها :

بالغواني .................. قلبي مولّع هايم وفاني
.............. حاير يدير الفكر
كم يعاني ........... في حب خرعوب سوس مباني
......... في القلب له دور وحصون

قد سباني ........... سلطان للغيد له خصر ضاني
............. شبيه خيط الوتر
للحساني ........... فايق وله صدر حلو المجان
......... ما حلا ثمر فيه مصيون

وهذه الشريفة خديجة بنت علي الحبشي توجه جوابها الى اخيها علوي فقالت:

لا تبالي ............... يااهل الحسد ياعديم المثالي
.......... من حب حد ماصبر
في الجبالي ........ يشبون حتى العقاب الطوالي
........... وبالتعب مايعابون

يامشوق ............ شف من بلي بالهوى مايصدق
............ الا ان بعينه نظر
والموفق ............. مولاك بالعبد يلطف ويشفق
......... لكل شي حد مرهون

ياحبايب........... مسكين جاكم على الباب تايــب
............ حطوا عليه النظر
شوه واجب ........ من حب حد مايشوف المصاعب
.......... ومنكم الخير مسهون

كنت سالي ........ واليوم من شاف حالي رثالي
............ تعبان والأثم قر
يارجالي .......... عينوا معي في سهر ذا الليالي
......... شونا مقيد ومرصون

يامودّي ..................... تأتي الما الطويله بعلوي
............... يكفيه من ذا السفر
طال بعدي ............... والقلب مشطون والعين تبكي
.............. من كثرة مفتون

ضاق حالي ............... من شافنا الا يحزر خيالي
........... وحس في الجوف حر
لي جرا لي ............. ضربوا اهل الهوى مثالي
............ من شافنا قال مجنون

يامغني ........... بين بيوتك الى من تكني
............ لا بحر وإلاّ بر
مين تعني ......... ياريتها باتقع بالتمني
......... بالقيك في العين والنون

وإلى من تكني الشريفة خديجة في شعرها الذي ضمها ديوانها ( المخطوط ) والقابع في ارفف ديار
( آل حبشي ) نسيا منسيا ؟؟ ذلك الديوان الذي ضم بين دفتيه تراثا من المفردات والصور في الشعر
الشعبي كما رسمته امرأة حضرمية قبل سبعين عاما ...!!!


.
التوقيع :
  رد مع اقتباس