عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-2012, 05:48 PM   #10
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الوقفة السادسة :
بداية الرحلة من المكلا نحو الداخل والهاجس الأمني في الطريق
أنه لايمكن أن يكون الوزير الأول للسلطان القعيطي السيد" حسين أبو بكر المحضار"قد حذر وأوصى ضيوفه( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) أن لايتجاوزوا مدينة شبام شرقاً اتجاه الأراضي الخاضعة للسلطنة الكثيرية التي تبدأ من قرية الحزم حتى أجزاء من مدينة تريم ،مروراً بحوطة أحمد بن زين (خلع راشد )والغرفة بما فيها عاصمة السلطنة الكثيرية سيئون،ثم أننا لانستطيع أن نربط بين هذا التحذير من الوزير المحضار وذلك الزمان الذي مضى عليه أكثر من ثمانين عاماً إلا بظروف انعدام الأمن و الاستقرار في المنطقة التي تخضع للسلطان ألكثيري بصورة اخص وحضرموت بصورة أعم ، ولهذا قال الوزير لضيوفه الأجانب كما جاء على لسانهم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة000ثم أكد علينا ألا نتعدى مدينة شبام نسبة للمخاطر التي تهدد منطقة ألكثيري. وألا نحاول تحت أي ظرف العودة إلى الشحر عن طريق تريم. فالسيد أبو بكر الكاف في تريم هو بلا شك ثري وصاحب نفوذ, لكن لست له سلطة فيها ويحظى بخدمات البدو مقابل المال, ولا يمكنه تقديم حماية مسلحة ضدهم. أما سلطة القعيطي فهي قوية وجنوده من العبيد راية تحتمي بها.)
أما الوضع السياسي والإجتماعي في حضرموت في تلك الفترة (عام 1931م )أبان حكم سلاطين القعيطي وآل كثير قبيل الحرب العالمية الثانية بسنوات قليلة فقط ، كان يتمثل بشكل رئيسي في فقدان الأمن والاستقرار ،وانتشار الجهل و الثأر و الفقر والرق، والمرض والمجاعة التي مات فيها الكثيرين من السكان في وادي حضرموت ،وتشردوا من ديارهم وقراهم وأنتقل البعض منهم إلى المدن الساحلية ، كمانقله بشكل متواترأحفادهم ممن عاصر تلك الفترة وكان شاهداً عليها ، ولاحظه هولاء الزوار لحضرموت ودونوه في كتبهم ،وكانت هذه أيضا هي الفترة التي شهدت اقتتال قبيلة الحموم مع السلطات القعيطية في حروب طويلة في جزء من المنطقة الساحلية التي تقع تحت نفوذ السلطان القعيطي ويقطنها الحموم ؛ ولقد كانوا أي- الحموم - من القبائل الحضرمية الكبيرة ومن أشدها معارضة لنظام القعيطي في تلك الفترة0
ويتابع المؤلف وصف رحلته من مدينة المكلا في ظل هذه الأجواء، بعد أن بدأ ينفذ مارسمه له الوزير المحضار فهو يقول : ( أرسل لنا الوزير في اليوم التالي حافلة بسائقين وأربعة جنود. كان علينا أن نسافر في ذلك اليوم إلى شحير فقط. (وشحير تصغير شحر) وبعد الظهر سارت بنا العربة عبر بوابة المدينة – يقصد هنا مدينة المكلا كانت لها سدة أو بوابة - المنيعة التحصين وعليها الحراس ) ويتابع وصفه للطريق الشاقة وقوافل من الجمال تسلكها في طريقها إلى الوديان والداخل وكذا محطات الجمال والبدو الذين يسوقون هذه الجمال ويعلفونها ويسجل كل ماوقعت عليه عينيه وهو في طريقه للوادي عبر شحير ويقول نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة000. وهناك بعض الحمير التي ينام بينها البدو وهم يتغطون بفوطهم أو يجلسون حول موقد للنار يأكلون من أوان خشبية ثريدا من الخبز المفتت مع قليل من الدهن. والبعض الآخر منهمك في مهمة تحميل الجمال وهي مهمة شاقة.) وقد لاحظ الرجل كيف أن الأطفال يقومون بجمع روث الجمال في زنابيل, وعرف من هذا أن له قيمة كبرى إذ يستعمل في الوقود. ويتضح انه خالطهمٍٍٍِ[ أي البدو ] في هذه المحطات قال (000 وتموج الأرض بقمل الجمال, وهو في الواقع نوع من القراد، وتنتشر رائحة بول الجمال النفاذة مع العرق فوق هذا الانتشار الواسع )
وظل الهاجس الأمني للزائرين أكثر اهتماما لهما قال: (وعلى الطريق قلعتان محصنتان بالجنود. وبعد البقيرين بمسافة قصيرة تنتصب صخرة طلاؤها أبيض. ووضعت على الجدار الصخري على جانبي الطريق علامتان توضحان, حتى في تلك المنطقة الجبلية, متى تكون البلاد في حالة سلم وحالة حرب. ولا يسمح بأخذ الثأر أو تسوية ضغائن قديمة في المدينة أو حولها.وعلى بعد مسافة قريبة من حدود تلك العلامات, أقام عشرون بدويا معسكرا مؤقتا تحت صخرة معلقة. وعلى قمة الصخرة في الجانب الآخر من الطريق يقف الحراس باحثين عن أي قافلة تمر على الطريق العام. وقد عادت إحدى القوافل سالمة إلى المكلا بعد أن أدت مهمة تتعلق بالأخذ بالثأر. وأدركنا لاحقاً أن وجودنا لابد أن يكون السبب في إطلاق سراحها.)
وحتى الآن لم يبتعدوا كثيراً عن مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية ، بل ما هما إلا في تخومها فقط وتلك كانت جزءمن هذه الظروف التي كان قد عاشها الحضارم في طريقهم لبناء مجتمع حضري متقدم عما جاوره من مناطق اليمن والخليج المجاورين ،ولاشك أننا قد قطعنا شوطاً كبيراً في بناء مجتمع مدني متحضر يسوده الإستقرار والسكينة فتباً لمن عكر صفو مجتمعنا في حضرموت وأراد شده لمثل هذه الظروف 000 و لم يكن السير نحو التنوير والتعليم والثقافة والعمل أليه بالأمر اليسير، حديثنا ووقفاتنا لم تكتمل بعد 0
  رد مع اقتباس