عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2012, 12:16 PM   #13
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الشحر في عام 1931م رائحة الأسماك المجففة أقوى من رائحة المجارى.

لم يكن الشحر إلا وادي من الوديان الجافة التي كان يجري فيها في غابر الأزمان مياه السيول التي تنحدر نحو البحر، ثم جاءت الكلمة (الشحر ) لتطلق على المنطقة الساحلية الواقعة ما بين عمان و أبين في تاريخ مملكة حضرموت ، وفي مراحل تاريخية أخرى قبل الإسلام ايضا قيل لها( السوق) لكونها منفذا تجاريا لصادرات اللبان التي كانت تأتى به القوافل من ظفار إلى شبام ثم إلى (السوق) حيث يصدر منها إلى الخارج , وهي ايضاً كما في تاريخ (العرب قبل الإسلام ) أحد أسواق العرب القديمة في الجزيرة العربية يعرف يسوق الشحر , كما كانت واسطة للتبادل التجاري ما بين الهند و الخليج العربي و مصر و شرق أفريقيا من جهة وبين حضرموت من جهة أخرى0
مجد وأرث حضاري وتاريخي لمدينة الشحر التي تعاقبت عليها عصور وأحداث جسام لسنا بصدد الحديث عنها ،بقى أن نقول أن الشحر إذا ذكر أسمها ، تذكر معها الملحمة البطولية التي سطرها مواطنيها الأبطالوعلماءها الأجلاء ؛ ففي عام929هـ حين هاجم البرتغاليون المدينة و تصدى لهم المواطنون، و دار قتال شديد في الشوارع , وأنتصر وا وأستشهد الشهداء السبعة على ترابها 0
و منذ منتصف القرن الثاني عشر الهجري أصبحت حضرموت في يد عشائر يافع الذين كونوا لهم سلطنات وإمارات متعددة في مدن و قرى حضرموت حين أنكسر موج آل كثير أمامهم , وكانت الشحر من نصيب أل بريك الذين عقدوا تحالفات مع قبيلة الحموم و غيرها من القبائل التي تعيش في المنطقة المحيطة بالشحر . إلا أن أل كثير استعادوا السيطرة على مدن تريم وسيئون وشبام من أيدي اليافعيين ، ثم هاجموا الشحر سنة 1282 هـ و احتلوها و طردوا منها أل بريك . ثم قام السلطان عوض بن عمر القعيطي الذي قدم لتوه من الهند في العام نفسه بطرد أل كثير من الشحر و استولى عليها وجعلها نقطة انطلاق لاحتلال أراضي أخرى .
وحين وصل أليها ( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) في صيف عام 1931م فإنه بدأ زيارته للمدينة من القاء نظره على ساحلها ،وسورها الذي قيل أنه شيد في عهد آل بن بريك ليحمى المدينة من الهجمات المباغتة من قبل آل كثير والقبائل المتحالفة معهم ،وحين نظر لسوقها وشوارعها بدأ وكأنه ممتعضا بعض الشيء ولعله من سوء الحال الذي بدأ عليه مظهر وحال المدينة التي سبقت سمعتها أليه في اوربا فهو يقول نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة تقع الشحر على ساحل مسطح متدرج الانحدار, حتى أن السفن لا تجد لها مرفأ إلا بعيدا في البحر. ورأينا في تلك اللحظة عددا من السنابيك والبحارة الذين يمارسون تجارتهم إلى ما بعد الغسق بوقت بعيد. يجري الممر من الساحل عبر رمال كثيفة إلى البوابة, التي تفتقد الآن أي ذوق معماري. أما السور فهو أيضا جديد وجانبه الداخلي مقوى بأعمدة من الطوب المصنوع من الطين. ويبدو أن السور أكبر من حجم المدينة, لذلك نصفها ميت وآخذ في التداعى خلف الجدران، العديد من المنازل غير مأهولة, وتهدم بعضها. عبرنا ساحة شاسعة في طريقنا من شرق المدينة إلى غربها. الشوارع قذرة, حتى المنازل المأهولة يبدو عليها الإهمال. )
وحاول الزائر أن يتوغل في أزقة وشوارع المدينة لكن رائحة السمك المجفف الذي يغطي سواحلها ولا يجد وسيلة حديثة لحفظه أو الأنتفاع به ،تجعل رائحته تضائق الزائرين ضيوف الحكومة القعيطية قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوتحلق فوق المدينة رائحة الأسماك المجففة المتعفنة, إنها رائحة أقوى حتى من رائحة المجارى.)ويبدو أن النظافة لم تكن من أوليات سلطات المدينة التي تقع المباني الحكومية لها في الجزء الغربي من المدينة.وأما القلعة التي تواجه أي غزو من جهة البحر تسمى حصن القعيطي وقد بناها في مكان حصن بن عياش على لطراز الهندي فهي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةتقف بجانب البحر على تل رملي شاخ, تمت حديثا صيانة المبنى, وتعطي خطوطه البسيطة القوية انطباعا جميلاً. وفي طابقه الأرضي مدرسة مؤقتة تضم بين 300 إلى 400 طالبا000 )وحين وصل الزائر مبنى الحكومة,الذي تقف أمامه ساحة نصبت عليها مدافع ضخمة عتيقة وبجانبها سارية تقف وحيدة أخذ يصفه ويقول : (000 مبنى ضخم مستطيل جيد البناء, وشيدت على السطوح شرفات لتناسب طقس الشحر الحار الرطب.) لكن حاكم المدينة لم يكن بالمنزل في ذلك الوقت ولعله كان في نزهة على ساحل البحر قال (000 فقد التقينا به على الساحل في عربته الأمريكية الجميلة. ملامحه هندية, ويبدو أنه متمدن لحد كبير بالنسبة لمدينته شبه المعزولة عن العالم الخارجي التي ما زالت تحلم بأمجادها الغابرة. كانت الشحر بحق في وقت من الأوقات أكبر من المكلا, بل كانت مركزا تجاريا هاما حتى قبل ظهور المكلا)0
وفي الوقت الذي كان الزائر يتجول في المدينة قد لاحظ خارج السور المقابر والقباب المشيدة على بعضها ، لفت نظره مبنى جميل قد شيده الثري السيد أبو بكر الكاف كداراً للضيافة قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة 000 ويمتلك بالقرب منها [أي المقابر ]السيد أبو بكر الكاف, رجل تريم, قطعة أرض أقام عليها قصر ضيافة فخم لأقاربه وأصدقائه القادمين من جاوا إلى تريم أو عائدين منها عن طريق الشحر.)
وخلال هذه الزيارة أيضا كاد مشروع السيد أبو بكر الكاف لربط مدينة تريم بالشحر أن يكتمل ما عدا مسافة قصيرة من الساحل عبارة عن مسيرة ثلاثة أيام بالجمال لولا الفوضى القبلية التي تعترض طريق تقدم النقل والمواصلات في حضرموت كما أفادنا بذلك الزائر قال : ( فإذا اكتمل هذا الطريق, بالرغم من معارضة قبيلة الحموم المقاتلة التي يمر الطريق بأغلب منطقتها, فربما استطاعت الشحر أن تنمو وتملأ الجدران التي تحيطها.)وتحت ضغوط قبلية توقف هذا الطريق أكثر من مرة ، وكان قد بدأ العمل فيه من جهة تريم عام 1927م . ولأن حضرموت تجتاحها الفوضى وعدم الأستقرار ،وضعف حكومات السلطنتين الكثيرية والقعيطية ،فلم يستطيعا إقامة طرق معبدة ولاهما قادرتين على تأمين الطريق حتى أن السيد أبو بكر بن شيخ الكاف عقد مجموعة اتفاقات مع القبائل المار الطريق في أراضيهما، وأخذ منها عهودا بأن لا تتعرض للسيارات المارة في حدودها القبلية المعروفة ،وفي المقابل تعهد أبو بكر الكاف بتعويضهم بمبالغ مالية0
وكان آخر عهد الضيوف بالمدينة قبل مغادرتها أن قاموا بزيارة أخرى للمدينة ،وأخرى لنائب الحاكم بتسنيق من موظف هندي يعمل بالمدينةقال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة000ساعدنا في تلك الزيارة مفتش الضرائب وهو هندي على قدر رفيع من التعليم. كان استقبال نائب الحاكم حارا ووديا. فسرنا عبر مجموعة من الحراس الأشداء إلى مجلس على الطريقة العريقة, حيث النوافذ والشبابيك والأعمدة الخشبية مزينة بنقوش, والسقف مطلي بالأبيض والأحمر والأسود. وشاركنا بلذة في شرب الشاي مع كميات متنوعة من الحلوى والفواكه الطازجة والمعلبة.)ثم غادروها وهم يعتقدون أن سكانها هو لا يتعدى 6000 نسمة ،خلافاً للتقارير الرسمية التي تقول أن سكانها هم 9000 نسمة قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وبما أن الغربيين لا يدركون مدى ازدحام المنازل العربية الكبيرة بالسكان, فيبقى تقديرنا غير مؤكد، وبالمدينة 36 مسجدا.)

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 02-18-2012 الساعة 05:23 PM
  رد مع اقتباس