[أبوعوض الشبامي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد التميمي [ مشاهدة المشاركة ]

بحث توثيقي قيم ومفيد متابع مايخط قلمك في هذا الموضوع من درر ولؤل ومرجان وياقوت قاري ومنصت بصمت ودون ضجيج كل عام وأنت طيب

شكرا على المرور والتعقيب ...!!

البحث عن علوم الملاحة البحرية عند الحضارمة بحث شيق ومفيد ، إذ أن الحضارمة كما قد برعو في معرفة الأحوال الجوية ودراسة الأنواء في البر لمعرفة مواسم الأمطار والزراعة والحصاد ..الخ ، فإنهم أيضا تفوقوا في دراسة الأحوال الجوية وتقلبات الظروف الطبيعية في البحار وأحتفظو لنفسهم طيلة اقرون بسر مواسم الرياح التي كانت تقودهم الى موانئ الهند وبلدان الشرق الأقصى .

مواسم الرياح والأسفار عند الحضارمة

أعتمد الحضارمة في الماضي القريب على الملاحة الشراعية والتي بدورها تخضع لطبيعة الأحوال الجوية وتقلبات الطقس ، ومثل هذه الظروف الطبيعية المتقلبة تحتم على الملاح أن يكون ملاحا على دراية واسعة وعلم كبير وخبرة طويلة وتجارب كثيرة بالملاحة وشؤونها ، بحيث يستطيع أن يتنبأ بالتقلبات الجوية فيبحر بمركبه ويجنبه أهوال البحر ومخاطره الجمة ، ويرسي به في بر الأمان والسلامة .

والأسفار كانت مرتبطة بمواسم الرياح قال عنها الملاح سليمان باعوين المهري :

(( اعلم أن الأرياح الأصلية شمال ، وجنوب ، وقبول ، ودبور ، وماضرب ما بين هؤلاء الأربعة يسمى ريح النكباء عند العرب . وأما عند معالمة البحر فيسمونه باسم الكوكب الذي يصدر منه ، مطلعاً كان أو مغيبا ، ولهذه الأرياح في البحر المعمور المسلوك ، حدود في أوائلها وأواخرها وأواسطها تسمى مواسم ، وهي معلومة عند سفار البحر..)) (1).

وريح الدبور ، هي المعروفة عند البحارة باسم (( الكوس )) وعادة ما تبدأ تهب من 11 مايو حتى 28 اكتوبر ، وأول ما تهب ريح الكوس يتداول البحارة مصطلح (( غلق الموسم )) أي انتهاء موسم رياح السفر فالسفر يتوقف فيها ، وربما تدرك بعض المراكب فترة هبوب هذه الرياح وهي خارجة عن مراسيها فيضطر البحارة الى ( تصوين ) سفنهم في مرافئ محتمية من تلك الرياح ، وفي نهاية ريح الكوس يتداول البحارة مصطلح (( مفتاح البحر )) او أول الموسم أي موسم السفر.

و وينصح الملاح سليمان باعوين المهري البحارة بالحذر من موسم الطوفانات الخطرة التي تحدث في سنين دون سنين (( تضرب سنين دون سنين )) (2) ويقول :

(( الطوفانات البحرية الخطرة في بحر الهند خمسة :

الأول : طوفان الداماني (( الديماني )) يضرب في أرض الهند في ثلاثة مائة النيروز ، وهو يبدأ في أول مطر (( الفيل )) .

الثاني : طوفان الأحيمر ، يضرب في أرض الأحقاف من نواحي مدركة(3) الى الشحر . وقد يتعدى بعض السنين إلى عدن ، يضرب في ثلاثمائة وأربعين في النيروز، وقد يتأخر بعض السنين ، ويتقدم في بعض السنين ، يأتي من مطلع العقرب .

الثالث : طوفان الأربعين ، يضرب في بحر هرموز في أربعينية النيروز.

الرابع طوفان البنات ، وهو المعروف بريح الشتاء ، يأتي من مغيب بنات نعش ، وهو يضرب من مصيرة الى قرب عدن .
الخامس طوفان التسعين ، يضرب في ارض الهند ووسط البحر وقد يتقدم في بعض السنين فيضرب في السبعين والثمانين النيروز وقد يضرب في ارض الاحقاف ايضا (4)

ويستدل ربابنة البحر الماهرين بقرب حدوث تلك العواصف الشديدة والاعاصير الخطيرة بمقدمات تبدو لهم ومن خلال تجربتهم ودقة ملاحظاتهم يتنبهوا لها وقبل حدوثها منها على سبيل المثال كثافة الغبار على البر والبحر والبرق والغيوم الركامية التي تشبه جلود البقر (( منها كثرة الغبار في البر والبحر ، والبروق والغيوم ، المطبقة على وجه السماء وهو ان يقع على السماء سحاب كجلد البقر وفوق ذلك الجلد سحاب متراكم ))(5) .

ومن العلامات ايضا شدة الحرارة ، وقد تبدو ايضا علامات في الشمس والقمر على شكل هالة قاتمة تحيط بالشمس او القمر وهي تأتي كأنعكاس لأشعة الشمس او القمر على السحب الشفافة البيضاء العالية وهي ايضا من علامات المطر .

--------------------------------------------------------------------
(1) المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر لسليمان المهري صفحة 101
(2) المصدر السابق ص 103.
(3) راس مدركة بالقرب من جزيرة صيرة العمانية .
(4) المنهاج الفاخر ص102و103
(5) المصدر السابق 105.