عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-2006, 01:07 PM   #1
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي شــاعرة من سيـــئــون ...!!!

.

ذكرت السيدة فريا ستارك التي زارت سيئون عام 1935م:
"وصلتني رسالة من أرملة متعلمة من سيئون تطلب مني فيها أن أزورها وقد قادتني إليها خادمة
تجرجر خلفها ذيل ثوبها الأخضر وسط النخيل ثم صعدنا سلماً مطلياً بالنورة الجير الأبيض" قادنا
إلى غرفة واسعة ذات أعمدة ومفروشة بسجاد وتحلقت نحو عشرين امرأة يلبسن فساتين قطنية
مزهرة وأثلقن أيديهن بالأساور العنبرية حول زعيمتهن الروحية لقد ذكرنني بمتحذ لقات "موليير"
أما الأرملة نفسها فقد كانت شابة ومستديرة وكانت عيناها تلمعان وقد تدلت ضفيرتان على
جانبي وجهها وعندما رأتني أدخل شرعت في القراءة في نسخة من صحيح البخاري كان
موضوعاً فوق خشبة صغيرة أمامها وبينما انهمكت هي في القراءة بصوت له رنين غير معبر
كانت النساء حولها يتململن بحرارة وقد انقسمن بين الرغبة في الاستماع للقارئة كما هي
العادة والرغبة الجامحة في رؤيتي.
ثم تقدمت وسط النساء واقتربت من ربة البيت وبعد أن سلمت عليها رحبت بي بخطاب مؤثر كانت
تلقيه وكأنه ينساب من حنفية وفي الوقت نفسه ظلت تراقبني وتمسكني بإحدى يديها وتشير
بالأخرى لجذب انتباه قطيعها وكانت تنقط جملها بأصابعها القصيرة والجميلة المنقوشة بالحناء
ولم تنسَ أن تضّمن حديثها بعض الآيات القرآنية وبعض الأحاديث النوبية واقتبست كذلك من أقوال
الشعراء إذ أنها نفسها كانت شاعرة وشاركت في مساجلات شعرية شعبية وتحصلت في إحدى
المرات على طقم أواني للشاي كجائزة وأخبرتني أن النساء يجتمعن عندها يومياً ليستمعن إلى القرآن
أو صحيح البخاري أو صحيح مسلم، أو أحد كتابين تقليديين نسيت اسميهما وقد صادف أنني أعرف
شيئاً عن صحيح البخاري وعندما استطعت أن استذكر نصف جملة من أقواله شرعت المرأة دون
أن تترد ثانية في الحديث عن الفلسفة والقيمة العليا للدين وسألتني لماذا لا تسكني هنا؟
سيكون باستطاعتنا أن نجتمع ونتناقش كل يوم".

إن هذه السيدة التي كانت تعنيها السيدة ستارك هي الشريفة خديجة بنت علي بن محمد الحبشي.
والسيد علي الحبشي صاحب الضريح والمقام المشهور بمدينة سيئون وابنته الشريفه خديجه أو
كما يطلق عليها في سيئون ( الحبابه خديجه ) سيدة حضرمية فاضلة من مواليد ( 1293هـ ) بمدينة
سيئون نشأت في بيت علم وفضل وحظيت بالرعاية من والدها وتلقت عنه العلوم الشرعية
وقرأت على والدها العديد من الكتب الدينية والادبية واستطاعت أن تنظم الشعر الشعبي وفاقت
على أخوانها السيد محمد بن علي وإخوانه علوي وعبدالله وأحمد آل الحبشي .
وللشريفة خديجه قصائد نظمتها على اصوات الالحان الحضرمية الشائعة في زمانها وفي هذه
القصائد بثت في مقطوعاتها الروحية العميقة حبها الالهي وشوقها للقاء الرسول العظيم ( ص)
فغنت وناجت بحبهم لأن الله كان مؤنس روحها ومنبه لقلبها وأمل لحبها الصادق والدائم.
ولعل الظلم الاجتماعي الذي كان يحيق بالمرأة في المجتمع الحضرمي قادها ان تنفتح على
ذاتها لتجد ان في محبة الله عالم سعيد يؤنسها في وحدتها وفي خلوتها ويلهما القيم النبيلة
والقيم الروحية فإذا كانت الشاعرة الصوفية رابعة العدوية عبرت في قصائدها عن الحب الالهي
فإن الشاعرة الفاضلة الشريفة ( الحبابه ) خديجة بنت علي بن محمد الحبشي قد جمعت في
شعرها الشعبي بين سلوك رابعة العدوية في حبها الالهي ومزجت بين الحب الحقيقي والحب
المجازي مزدوج الدلالات ولم تخفي شدة تعلقها بشيوخ التصوف في حضرموت ومع هذا
غلب عليها مع حبها للعلم حبها الغناء الصوفي البريء وحرك فيها الصفات المحمودة وضاعف
فيها لواعج الشوق فعبرت عنه بقصائد رقيقة نظمتها على اصوات المغاني وسبكتها ضمن
قوالب نغمات الدان الحضرمي الشائعة في المجتمع السيئوني الذي عاشت فيه.



للحديث بقية تأتي...!!


.
التوقيع :
  رد مع اقتباس