عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-2006, 08:16 PM   #4
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

كانت الشريفه خديجة بنت علي الحبشي تشهد قدوم الوفود الى بيت والدها العامر بسيئون
والذي كان مقصدا لطلبة العلم وكانت تقام جلسات المولد النبوي وحلقات الذكر ومن بين جنبات
الدار كانت هناك الفرق الخاصة التي تضرب الدفوف وتشجي بالحان الرائعة تؤدي اشعار السيد علي
الحبشي وغيره من شعراء الزهد والتصوف بحضرموت .
وفي ثنيا كلمات هذه القصائد المواعظ المؤثرة والابتهالات الالهية والتوسلات والدعوة
الى محبة الله والشوق للقاء النبي وزيارته والحث باقتداء السلف الصالح ووسط هذه الاجواء العلمية
والروحية نشأت الشريفه خديجة بنت علي الحبشي متأثرة بمحيطها الاجتماعي وكانت لشخصية
ابيها اعظم الأثر عليها وعلى تكوينها النفسي والروحي وهذه التربية جعلت منها سيدة مرموقة
في مجتمعها السيئوني تحظى بالاحترام من الجميع . و بدأت تقتفي اثر ابيها في نظم الشعر العامي
واستطاعت ان تعبر باسلوب بسيط وجميل كوامن لوعتها وحبها واشواقها وكانت عقب كل درس
لبنات مجتمعها تأمر المنشدات بالغناء للترفية عن النفس و من خلال قصائد الأغاني الشعبية تخاطب
بنات مجتمعها بمواعظها المؤثرة وتشكو احوالها ومواجيدها الخاصة ولواعج اشواقها بعيدا
عن التعصب والتزمت والجمود الاجتماعي بحيث اعطت لنفسها مساحة بريئة من الانبساط والأنس
الذي تنشده النفس البشرية .
حظيت الشريفة خديجة بالايثار والمحبة من لدن ابيها السيد علي بن محمد الحبشي وقبل
وفاته خصها بوصية جاءت على النحو التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

لما كانت العروة الوثقى التي يستمسك بها العبد في الإقبال على ربه التزام تقوى الله التي هي أوضح
المسالك في الإقبال على الله و الوصول إليه و هي من اجل المنح التي أكرم بها خاصة عباده دعتني
الشفقة و المحبة و الحنانة إلى إرشاد بنتي و قرة عيني و سلوة خاطري، بعثني الحب لها إلى تدوين
وصيه جامعه بالتقوى التي هي راس مال العبد المقبل على مولاه و هي وصيه أوصي بها المولى سبحانه
و تعالى جميع عباده المؤمنين بمقتضى ما أعربت عنه آية (( و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
و إياكم أن اتقوا الله )).

أوصي ابنتي بالتزام التقوى قولا و عملا ونية و عليها أعول في التزام لوازمها بما أمكن، والتقوى عبارة
عن امتثال ما أمر الله به و اجتناب ما نهى عنه فالتزمي يا ابنتي العمل بمقتضاها و امتثلي ما أمرك به
و انتهي عما نهاك عنه و احذري أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك و قومي بحق المولى بما استطعت
و ارغبي فيما رغب فيه أسلافك المكرمون و اهلك العارفون.
فقد سبقك إلى التزام هذا العمل أئمة أعلام ممن صدقوا في حب الله و صرفوا في مرضاته الليالي و الأيام
و كوني على عزم صادق و همة دائمة في اقتفاء تلك الآثار، ومواصلة السرى في إتباع أولئك القوم الأخيار
و لك بجدتك فاطمة الزهراء و أمها السيدة خديجة، الفخر الاتم و المسلك المستقيم فابحثي على آثار أولئك
الجدات و من بعدهن من النساء الصالحات اللاتي سلكن أقوم طريق في اللحوق بهم.

والله الله يا بنتي في الزهد في الدنيا و عدم الالتفات إلى زخارفها و شهواتها و كوني على حذر من
الانقطاع بأشغالها و التمتع بلذاتها و احذري إن تغتري بأفعال المنهمكين في اللذات و الشهوات اجعلي
نظرك كله إلى فعل الباقيات الصالحات و المراتب العلويات التي وصلها كرام السادات من خير الأمهات
و البنات.
و هذه طريق أن وفق الله العبد لسلوكها حضر مواكب ملوكها فارغبي الرغبة التامة في صحبة أربابها
و لا بد إن تدخلي إن شاء الله من بابها و تشاركي صالح أربابها.
و اسأل الله أن يوفقك للعمل بذلك و ملازمته و يوفقك على أسراره و ثمراته و هذه دلاله و إرشاد و إذا
التزمتيها بلغت كل مراد و اسأل الله أن يوفر حظك من التقوى و اليقين، و يمنحك قوة في العمل و همة
الإقبال على الله عز و جل و أساله فضله و إحسانه.



لقد كانت الشريفة خديجة عند حسن ظن ابيها بها فتمسكت بالعمل بوصيته حتى توفت في السادس
من ربيع الثاني عام 1359هــ عن عمر يناهز 68عاما فكان يوم رحيلها يوما مؤثرا ذرفت
فيه عيون الحضرميات دموع الحزن وانحنت هامات الرجال في سيئون اجلالا واكبارا على رحيل
هذه السيدة الفاضلة الصالحة التي سعت في حياتها الى غرس معاني جديدة للشوق الروحي
ومفهوم الحب والمحبة السامية في انفس وقلوب بنات وابناء مجتمعها..!!!


للموضوع بقية تأتي



.

.
التوقيع :
  رد مع اقتباس