عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-2013, 08:33 PM   #1
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي دولة السلطان بدر بن عبد الله الكثيري "بوطويرق )

دولة السلطان بدر بن عبد الله الكثيري "بوطويرق )

ـ ومن الحوادث الهامة في تاريخ حضرموت والتي غيرت مجرى كثير من الأحداث ، واظهرت حضرموت كلها موحدة جغرافيا مع ظفار ،وهو ظهور السلطان بدر بن عبد الله الكثيري الذي يقول المؤرخ محمد عبد القادر بامطرف في ترجمته له : (هو بدر بن عبد الله بن علي بن عمر الكثيري، وكنيته المحلية «بوطويرق». وهو أشهر سلاطين آل كثير على الإطلاق. ولد سنة 905هـ (1496م) أي بعد أن احتل جده جعفر الشحر بعام واحد. وكان أخوه محمد (هو جد الأمراء آل عبد الودود حلاّن الريدة الشرقية التي كانت تُسمى ريدة آل عبد الودود بالمِشقاص) قد تولى السلطنة بعد أبيه عبد الله سنة 910 هـ (1504 م). لكن طموح أخيه بدر لم يترك له مجالًا للتحرك. فما أن وافت سنة 927 هـ (1520 م) حتى كان بوطويرق الحكم الفعلي لحضرموت، وبقي أخوه محمد حاكمًا على ظفار. لكن أبا طويرق انتزع ظفار من أخيه سنة 947 هـ (1540 م) واستقل بأمر الدولة الكثيرية كلها بعد أن جعل أخاه محمدًا حاكمًا على مدينة الشحر.)
وكانت لأبي طويرق علاقات ودية مع الدولة التركية وإمام اليمن فأتجه إلى الإستعانة بهما فذكر الأستاذ محمد بن هاشم في( تاريخ الدولة الكثيرية ص55 ) قال رحمه الله : (رأى بدر في أول أمره أن القوى التي لديه غير كافية لمكافحة المشاكل السياسية المحيطة به وأن الثقة المتبادلة بينه وبين عسكره من الحضارم غير وطيدة والروح العسكرية بين جنده خامدة هامدة يشم منها ذفر العصيان وزهومة التكاسل فصمم على أن يخلط بهم رجالاً جبابرة ألفوا الحروب وألفتهم ومارسوا الأهوال ومارستهم.
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم ... طاروا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... للنائبات على ما قال برهانا
فكاتب السلطان بدر ضباطاً من الأتراك الذين هم جبابرة ذلك العصر ورجال الحول والطول في العلم حينذاك واتفق معهم على تجنيد جيش منهم له يخضع به حضرموت ويلقح بهمته وشجاعته أرواح رجاله فوردت إليه الجنود التركية وهو بالشحر تحت قيادة ضابط كبير يسمى رجب التركي في شهر جمادى الآخرة سنة 926هـ وفي شهر رجب أقبل بهم السلطان إلى حضرموت وقد سبقته الأخبار وبالغ فيها المبالغون ولم يبق للناس حديث إلا رجب التركي صاحب الشوارب الطويلة ورجاله (شاربين المسكرة) وعم الرعب أهالي حضرموت .....)
وبالمناسبة أرتبطت هذه الأحداث بظهور (البندق )او السلاح الناري لأول مرة في تاريخ حضرموت فقد اضاف بن هاشم في كتابه السالف الذكر قال : (والذي زاد في رعب أهل حضرموت هو ما يحمله جيش الأتراك مع بدر بأيديهم وعلى أكتافهم من الاختراع الغريب في ذلك العهد وما يسمعه الناس من الصوت المزعج الذي يصم الأذان خارجاً من فم تلك الآلة القاتلة وهو اختراع جهنمي ليس لحضرموت عهد بمثله قبل قدوم جند الأتراك به وذلك هو بندق (أبو فتيلة))
وذكر باحنان في كتابه (جواهر تاريخ الأحقاف ) فقال ( ....فتوجه الي اليمن في شهر ذي الحجة سنة 925 هـ وطلب من الإمام أن يمده بجيش وبعد الأخذ والرد وقع الاختيار على انتخاب خمسة آلاف من يافع فتوجه بهم الي حضرموت واحتلوا شبام سنة 926 هـ وتريم 927 هـ وكان بها محمد بن أحمد بن سلطان بن دويس الكندي وآل يماني الكنديون . وحاصرهم ثم احتلها ولم تزل الحرب سجالاً بين أبي طويرق وبين كندة وبينه وبين العمودي..)
وأخضع السلطان بدر تمردات قبائل أخرى كانت تناهض حكمه بعد كندة والعمودي في دوعن ،وقد ذكرت حروبه مفصلة في كتاب (تاريخ الدولة الكثيرية ) ثم أمتدت الحرب إلى نهد والحموم والمهرة 0 فقد شكا الناس ،من صيال نهد وتمردها غربي حضرموت ،فزحف إليهم السلطان بعساكره ،ودحرهم وألقى القبض على زعيمهم محمد بن علي بن فارس النهدي سنة 938 هجرية ،وأمن منطقة الكسر غربي وادي حضرموت من الفوضى القبلية الضاربة أطنابها في الأرض الحضرمية بقوة السلاح .وفي شرقي حضرموت وجنوبها الشرقي ، تمردعليه الحموم والمهرة ،فدفع هذا المناخ الملتهب في المنطقة كلها ، السلطان لمقابلة العنف بأكبر منه ،وأطفأت نارالفتن القبلية وسهلت للسلطان وعساكره الأتراك ويافع القضاء على تمرداتهم المستمرة .
والحق أن يقال لم تشهد الدولة الكثيرية مجداً ولا إمتداداً ولا قوةً في تاريخها الطويل ،فاق هذا المجد الذي صنعه لها السلطان بدر بو طويرق رحمه الله ، فكما قيل : هموم الناس صغار وهموم الملوك كبار ومن آثار السلطان بدر أبو طويرق أيضا :
دفعه لغزو البرتغاليين الصليبيين للشحر سنة 929 هجرية بتضحية ومقاومة آهالي الشحر وعلمائهم، ومن أستشهد منهم دفاعاً عن دينهم ووطنهم
ولم يكن منافسوه من بعض أهل بيته خاصة سعداء بهذه الأعمال التي هدف منها السلطان وضع حد للفوضى القبلية التي تغذيها القناعات والميول المذهبية التي عاصرها السلطان في ربوع الدولة المترامية الأطراف و كان هدفه ضم كل أجزاء حضرموت إليه رغم هذه الصعوبات ،فكان منهم من تمرد عليه ومن خرج وألبّ الناس عليه وفرق الجمع من حوله مثل :" علي بن عمر بن جعفر الكثيري" في مدينة شبام ،و بعض أعيان حضرموت من الشنافرة ورجال الدين كالشيخ معروف باجمال الذي ،حلق رأسه وعزر به وطاف به على حمار في إزقة شبام وأمر أحد مريدي الشيخ أن يتولى هذا التنفيذ بشيخه بنفسه، فلما أمتنع المريد أن ينفذ الأمر قال له شيخه باجمال :"إفعل ما أمرت به وانا ضمينك على الله بالجنة" فأمر السلطان أن ينادي المنادي : " هذا معبودكم يا أهل شبام " وأخيراً نفاه إلى دوعن ومات هناك وأما علي بن عمر الكثيري ، فأودعه السلطان سجن مريمة ولم يفرج عنه ،وأنتهت حياة السلطان الذي ظل رأكبا فرسه يصول ويجول بأن أعتقله نجله عبد الله واودع أبه سجن مريمة شرقي سيؤن سنة 976 وبعدها بسنة توفى رحمه الله سنة 977 هـ.
وبعدها دخلت السلطنة الكثيرية في نزاع داخلي من جهة أنتهى بنهايتها في دورها الأول وبسيطرة عسكر يافع على معظم حضرموت .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 08-10-2013 الساعة 10:48 AM
  رد مع اقتباس