عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2010, 12:14 AM   #127
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


حضرموت والعودة للحق.. سلامٌ لها وسلامٌ عليها

المكلا اليوم / كتب: علي بن مبارك المحمدي2010/11/15

في لحظة من الزمن يجبرنا التاريخ أن نقف وقفة مراجعة وترتيب أوراق، بل وربما وقفة استغفار وإعادة تنظيم للأولويات التي تفرضها محددات الوقت وأبجدياته, إن حياة الشعوب تتأثر دوماً بما هو دائر حولها، خصوصا عندما تفقد اعتزازها بذاتها، أو يجن عليها الليل فلا ترى لأثر السير دليلاً تهتدي به لتواصل مسيرها، وهذا ما وصل إليه حال أرضنا الحضرمية في شتى سهولها وجبالها ووديانها.


حيث مرت على تلك الأرض حقبة من الزمن فقدت فيها أروع معاني الانتماء، وتاهت عنها كل مواطن الفخر، وتلاشى من بين يديها تاريخ أمجاد سطرها الأولون بعزتهم واعتزازهم حتى اندثر وتماهت حين وصلت إلينا اليوم.

حري بنا اليوم أن نقف لحظة صدق مع أنفسنا، وننفض عنا غبار التبعية العمياء التي لربما جرفتنا إلى ما لا تحمد عقباه، ولربما من الأجدر حتى لا نستميت في جلد ذواتنا أن نعترف بأن ثمة أسباب ومسببات أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم، وعوامل كانت وراء هذا التشرذم والتخبط الذي يحيط بنا بدءاً من الحقبة الحمراء ومن قبلها السلطنة وما واكبها من حرب تشطير نفخ في أوداجها فكرٌ خارجي لا يمت للعروبة ولا لأصالة الإسلام ووحدته لا من قريب ولا من بعيد.. فتواترت تلك العوامل جميعها لإخراج جيل مسخ مزقت أواصره، وعمَّقت فيه مفاهيم الأنا حتى مع أبناء جلدته، وفوق هذا وذاك أثرت سلباً وبشكل جلي على تعايشه.

لقد عاش الحضارم الأوائل فترة ذهبية في هجراتهم بعد أن اضطروا إليها، وعاش ذلك الجيل فترته الزمنية يبحث عن الحياة الكريمة حتى وجدها، وعكس بحسن عشرته ومعاشرته ذلك الانطباع الورع والراقي عن الحضارم، حتى أصبحوا مضرب المثل في حسن الأخلاق، وصدق المعاملة، ونشأ حينها جيل يحمل المكون الأساسي للحضرمي والمتمثل في الانتماء للأرض، وتأثر بالمكوِّن الفكري للبيئة التي نشأ فيها وبطبيعة الحضرمي فهو عنصر مؤثر ومتأثر لكن مع تناغم داخل البيئة الجديدة.

وفي الجهة المقابلة وعلى النقيض تماماً أصبحت حينها حضرموت أفكاراً متضاربة، وآمالاً متباينة، وساحة صراع فكري كانت تدار رحاها من خارج حضرموت، ويوجهون دفتها حسب قناعتاهم، ويحق لكل صاحب فكر أن يقتنع بفكره ويعالجه ضمن فهم واقعه بما لا يصلح للصدام أو التقاطع.

لقد كانت - وبكل أسف - تلك هي السياسة التي دفعنا إليها تلك الأطروحات، إنها سياسة ما وراء الحدويد التي دفعت بحضرموت وأبناء حضرموت ورجال حضرموت إلى شفا جرف هار كاد أن ينهار بها لولا لطف الله فجاءات مبادرات على يد علمائها وحكمائها وقادتها ورؤوس أموالها.

أولئك الذين هيأهم الله لتلمس الخطر، وومحاولة تصحيح ما يجب أن يكون عليه المسار، فرأوا ما وصل إليه أبناء حضرموت مع إخوانهم من ألم الفرقة والتناحر، ولمسوا يقيناً كيف يُساقون سوقاً إلى ما يحبه الشيطان من فرقة وشتاتاً فآلوا على أنفسهم إلى أن يقذفوا إلى تلك الأرض الطيبة بأطوقة النجاة لتنقذ ما تبقى لهذا الشعب الكريم وأرضه المباركة من بقايا مكونات خصها الله بها وجبلها عليه، من تسامح وتغافر وتعذير واحترام لأخوة العرق والأرض والجوار والدين.

إن اللقاء الذي دعا إليه عقلاء حضرموت وعلى رأسهم الدكتور عمر بامحسون، والذي تكفل بكافة نفقاته المهندس عبدالله بقشان وباركته الحكومة السعودية عبر حضور الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وكوكبة من علمائها، وباركته الحكومة اليمنية من خلال حضور العديد من الشخصيات الممثلة لكافة مناطق الجمهورية اليمنية، ذلك الاجتماع الذي عقد يوم الأربعاء التاسع عشر من ذو القعدة من سنه واحدة وثلاثون بعد الأربع مائة والألف الهجرية تجلت فيها بصدق شخصية الحضرمي الحقيقية بشهامته وأصالته، ورجولته، وأخلاقه، الذي يعيش مع إخوانه ويتكامل معهم ويتقاسم معهم الأصول المشتركة لحمل رسالته الدينية والدنيوية.

لقد أكد ذلك اللقاء لكل من حضره بما لا يدع مجالاً للشك عظم المسؤولية التي تحلى بها الجميع، وحسن النوايا، وصدق الإخلاص في التعامل مع المشاكل لأختلافات بكل فاعلية.. ولا أدل من ذلك الصدق في النوايا ما عقد تحت اللقاء من شعار والذي كان بعنوان: «الربانيون ووراثة النبوة وعظم المسئولية».

نعم نحن بحاجة أن نشعر أن هناك علماء ربانيون تجلت عزائمهم في ذلك اللقاء فكانوا مثالاً صادقاً لمن قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله - عزَّ وجل - من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ».

نعم لقد انتصرت طائفة الحق فأنبت الله على يديها الخير بإذنه تعالى من قال عنهم الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها.

سيبقى الخلاف والاجتهاد إلى قيام الساعة، ولكن ما يجب أن يبقى أيضاً إلى قيام الساعة هو تعظيم الأخوة، واحترام الأرض، وتقدير الرحم والقربى.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح