عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2012, 05:33 PM   #14
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الوقفة السابعة:
الرحلة إلى دوعن و "الموتر "قائداً للرحلة والسيد علوي يدبر أمر الحمير !
وأخيراً تقرر سفر القافلة من المكلا إلى دوعن وبعد أن قاموا بكل الترتيبات. فكان على ( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) أن يدفعوا مائة وستين روبية لأصحاب الجمال التي ستحمل أمتعتهم ، وحمارين قد تكفل السيد علوي بإدارة شؤنهما ،ومرتب اثنين من الجنود العبيد الذين سيتولون حراستهما . وقد رافقهما اثنا عشر بدويا من قبيلة سيبان. ومعهم جمالهم المحملة بالبضائع, لكنهم سيأكلون من المؤن الوافرة التي أحضرها قائد القافلة من الطعام وغيره الذي للرحلة من المكلا إلى دعون التي تستغرق ستة أيام. أما السيارة فتكون مهمتها فقط نقل الأجنبيان الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"الدكتور. هـ . فون فيسمان والسيد علوي وخادمه وطباخا يتولى أمر الطباخة 0
بقى أن نعرف من هو قائد الرحلة الذي أوكلت له المهمة ويحظى بثقة الوزير المحضار الكاملة في عاصمة الدولة القعيطية بالمكلا،وقد تعهد أنه سيحملهما إلى دوعن حتى يوصلهما إلى حاكمها "باصرة 0 "ذاك هو سائق العربة الحكومية الصغيرة الذي يلقبونه "موتور" أي السيارة قال عنه الزائر: ( وهو لقب حديث استحقه بجدارة لأنه كان يقطع المسافة من دوعن إلى المكلا في يومين وليلتين عندما كان يحمل الرسائل الحكومية العاجلة.) ووصفه عند ما شاهده قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةكان (موتور) صغير الحجم, وشعره المموج المدهون الأسود معقوص بضفيرة جلدية رقيقة حول رأسه، ويعلق على رقبته سلسلة يتدلى منها خاتم فضي يتوسطه حجر بني مستدير في حجم ظفر الإبهام. ويلف حول خاصرته قماشا داكن الزرقة وضع فيه غمد سكنية (يسمونها جمبية) , و هذا كل لبسه) المتواضع الجميل بدوي حضرمي من الطراز القديم،في هيئته وفطرته ، واكب التطور من الجمل إلى السيارة 0
غير أن السيد علوي العطاس أحد أهم اركان الرحلة والذي تربطه علاقة قرابة بالوزير المحضار لا يرتاح كثيراً ولا يطمئن حاله من البدو المرافقين للقافلة وهكذا كان موقف الطباخ صالح ،ولهذا قال القنصل دانيال معلقاً : (000 وما فتئ رفيقنا السيد علوي يؤجج نيران غضبنا وضقنا بترداده المستمر وعلى وجهه مسحة غموض قائلاً: "هؤلاء البدو أيها القنصل أناس رديئون , رديئون, رديئون جداً")
وحتى الان لاتزال القافلة في طريقها متجهة نحو دوعن فكانت أولى محطاتهم التي وصولها بعد ساعات من سيرهم قرية "لصب" الصغيرة. وبالقرب منها يخرج جدول صغير ينساب منه الماء إلى مزارع الذرة في القرى, لكنه لا يمكث طويلاً، ويزرع الموز والباباي هناك على حافة الحقول. أما سكان تلك القرى فلا يظهروا للقادمين غير أنهم ينظرون من فتحات صغيرة كالنوافذ في مساكنهم المبنية كالحصون العالية و ترتفع في واجهة الجبال0
لقد غادروا قرية اللصب وبدوا ينحدرون نحو الوادي ثم يعودون للصعود فقد كانت الطرق تمر بشقوق طولية وعرضية بين الجبال يشعر الراكب أنه يهبط ويصعد أحيانا لكنه يسير في أتجاه وادي دوعن وهذا ماوصفه الكولنيل دانيال قال : (000. سرنا في اتجاه الشمال الشرقي والشمس متوهجة أمامنا على زاوية مائلة, كنا في حالة صعود مستمر على امتداد الطريق.) ويضيف أيضا نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وعبرنا عند "العضوضة" على بئر ماء كبيرة, وشاهدنا "زيمان الكبرى" على يميننا قريبة من منحدر الجبل. وتنمو بين مزارع التمباك الشاسعة أشجار النخيل وجوز الهند والباباي والموز.)
كما شاهدوا عدة قرى منها "زيمان الصغرى "ومما لفت نظرهم تلك البنايات البيضاء المطلية بالنورة والتي تبدوا كعلاملات بارزة على الطريق منها يروي العطشان لهيب ظمأه قال : (000عرفنا هنا للمرة الأولى على تلك المؤسسات التي أقامها التقاة لحماية المسافرين من الظمأ, وهي "السقاية. ) والسقاية عبارة عن بناء صغير مساحته عموما خمسة أقدام مربعة وارتفاعه ستة أقدام, وسقفه في شكل قبة, ومبني من الحجر الطبيعي أو من الطين ومطلي بالجير الأبيض. وعلى جوانب جدران السقاية فتحات مربعة أو مثلثة على ارتفاع خمسة أقدام من الأرض, ومن خلالها يغرف الإنسان الماء من حوض عمقه ست بوصات مشيد على ذلك الارتفاع من السقاية. ويملأ الحوض يوميا بواسطة شخص يحصل على أجر من الوقف المخصص لهذا الغرض. وتوجد قرعة نارجيلة أو علبة صدئة أو كوب خشبي في إحدى فتحات السقاية, تستعمل للشرب.
ويطرح الكولنيل ملاحظته حول عادة لفتت نظره من وحي مشاهدته لشرائح اجتماعية مختلفة في المستوى الاقتصادي والجاه المعنوي تعامل معها في حضرموت أوحت له "السقاية "وطريقة الشرب منها حين قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وعلى المرء أن يألف سريعا العادة المتأصلة في هذه البلاد وهي شرب مجموعة من الناس من نفس الإناء تباعا، وحتى بين الأثرياء والسلاطين, فإن أكواب الشرب الخزفية الضخمة تنتقل من ضيف إلى آخر، ويشرب منها الجنود والعبيد أيضاً) وكان يحاول أن يبدي امتعاضه ايضا من شرب الماء من السقايات لكنه استطرد قائلاً ( وماء السقايات أغلبه متسخ , وبه خليط من الروائح والمذاقات،لكن الظمأ يعلم الإنسان التغاضى عنها, وبمرور الزمن يتلاشى التمنع.)
ولفترة زمنية قصيرة توقفت القافلة في قرية "زيمان الصغرى" تزودوا بمزيد من الحليب واللبن الخمير، الرائب [ الروبة ] وبعضاً من الفااكهة كاليمون وجوز الهند والموز, ثم واصل الجميع سيرهم بأتجاه قرية"الغيضة "أوالغياضة وسط مزارع تمباك مزدهرة ومحاطة ببساتين نخيل صغيرة. و كان عمدة قرية "الغيضة" من أقارب علوي العطاس المرافقف لهم بالرحلة , لذلك قال الكولنيل دانيال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة كنا تواقين لزيارته0 ووجدنا باب منزل العمدة البسيط محلى بزخارف بديعة. واستقبلنا في غرفة صغيرة معتمة, تستعمل مخزنا للتمباك وللاستقبال في آن واحد. عاش العمدة في بتافيا سبع سنوات, وكون ثروة من تجارة (الباتك), وما زال ابنه يواصلها هناك. وحالما علمت ذلك اقترحت عليه أن نتحدث باللغة الملاوية بدلا من العربية.)
فوافق مضيفهم وسرعان ماعادت بهم الذكريات إلى جزيرة جاوة الجميلة الحالمة 0
وحتى لقاء آخر لمواصلة الرحلة تقبلوا تحياتي0

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 03-10-2012 الساعة 05:51 PM
  رد مع اقتباس