عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2017, 04:31 AM   #4
المشجري السيباني
حال جديد

افتراضي

تسلم أخي صلاح

قبائل حضرموت للأستاذ الدكتور المؤرخ والباحث /د.عبدالله سعيد باحاج ( منقول )

بسم الله الرحمن الرحيم
قبائل حضرموت
أصولها وتوزيعها ودورها التاريخي
قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } صدق الله العظيم سورة الحجرات (13).
وعلى ضوء وهدى هذا التوجيه والتفسير الرباني في كيفية النظرة الى القبيلة والتعامل معها والاعتزاز بها والذي اتى ليؤكد على اهمية التعارف والتعايش والتمايز بالتقوى وحسن العمل وخيره لما ينفع الناس في دنياهم وآخرتهم، فإن الله عز وجل لم يجعل القبيلة وسيلة استبداد او استعباد او إستعلاء للافراد او الشعوب، وخصوصاً اذا ما استندت على مقولة خاطئة وغير ثابتة باصل وفرع هي من مقولات الجاهلية، والغرض منها بلاشك هو استباحة الدماء والاعراض ونهب الاموال واشاعة الظلم والضيم والقهر.
ويرى ابن خلدون ان القبيلة العربية كمنظومة اجتماعية يجمع بين افرادها مجموعة من المحددات والعوامل المشتركة، وليس بالضروري ان يكون وحدة الاصل او الدم هو الجامع بينها. ويفسر هذا الرأي الدكتور عادل احمد الكسادي استاذ علم الاجتماع بجامعة حضرموت فيما ذكره بصفحة 100 من بحثه القيّم بعنوان (التنظيم القبلي والاجتماعي التقليدي في حضرموت 1900 – 1967) والمنشور في العدد (100) من مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية والصادرة عن جامعة الكويت في مارس 2001م. ويضيف الدكتور عادل الكسادي في بحثه هذا (ان النسب ليس بالضرورة ان تكون الجماعة تنتسب الى جد واحد مشترك). وهذا يعني ان مقولة القبيلة تقوم فقط على وحدة الدم والاصل والعرق ليس لها حظ من القبول والاستيعاب، فلاشك ان امتزاج واختلاط الشعوب والامم والمجموعات البشرية المتجاورة او ذات العلاقات المشتركة اقتصادياً او اجتماعياً او سياسياً وعبر التاريخ يسمح بظهور مجموعات بشرية يطلق عليها مسمى قبيلة او شعب او أمة. وهذا القول لا يسقط اثر الجينات الوراثية الطبيعية والمتداخلة مع غيرها في تكوّن هذه القبائل او الشعوب او الامم. ولاشك ان العوامل البيئية والاقتصادية والمصالح المشتركة هي التي تكون لها الريادة في هذا المجال، اي في ظهور تلك القبائل او الشعوب او الامم. والمعروف ان الشعوب تتألف من منظومات اجتماعية عديدة من بينها مجموعة القبائل، بينما نجد ان الامة يمكن ان تكون شعباً واحداً او مجموعة شعوب.
وحضرموت الامة والشعب والقبيلة ليست استثناءً مما ذكرنا آنفاً. ويصعب على الباحث الجاد والمتفحص معرفة الجذور الاولى لظهور القبيلة في حضرموت من حيث اصولها أو منابعها. وفي هذا الاتجاه تبرز مجموعة من الآراء و الاجتهادات العلمية، وبعضها يربط بين اسم حضرموت وظهور النظام القبلي فيها، بمعنى ان (حضرموت) اسم لقبيلة طغى اسمها على اسم المكان الذي استوطنته فصار علماً على هذا المكان وكذلك هو اسماً لقبيلة. وهذه ظاهرة ليست في حضرموت وحدها وانما في مناطق اخرى في العالم، فقبائل الجرمان والوندال والتتار وغيرها اسماء لقبائل ومجموعات بشرية اطلقت اسمائها على مناطق سكناها. ويحدث العكس احياناً بان يطلق اسم المكان على اسم القبيلة او السكان القاطنين فيه كالحبشة أو اليمن وغيرها، بمعنى ان القبائل التي تسكن اليمن وتحديداً (الجمهورية العربية اليمنية سابقاً) هي ليست بقبائل يمنية وانما هي قبائل سبائية وحميرية، وانما اطلق اسم (اليمن) عليها، اي بكونها قبائل يمنية بعد ان تعمم اسم اليمن على كل سكان اليمن. وبذلك تراجعت تسميتها بكونها قبائل سبائية او حميرية لصالح تسميتها بكونها قبائل يمنية.
اما قبائل حضرموت فلم يحدث فيها ذلك التراجع في مسماها، فقد ظلت طوال التاريخ ولاكثر من خمسة آلاف عام مضى تعرف بانها (قبائل حضرمية) او (قبائل حضرموت)، وذلك رغم محاولات اليمنيين الاقدمين والاحدثين في اطلاق مسمى (اليمن) على هذه القبائل الحضرمية ضمن المشروعات والمحاولات اليمنية في الاستحواذ على حضرموت ارضاً وشعباً. ولكن هذه المحاولات فشلت ولم تنجح لا علمياً ولا عملياً، حتى وان فرضت بقوة الهيمنة والسيطرة السياسية او العسكرية. وقد ظلت قبائل حضرموت تعرف هكذا وبهذه التسمية.
وفي اجتهادنا العلمي والقائم على علم محدود ان سبب ذلك ربما يعود الى ما ذكرناه آنفاً من ان اسم حضرموت اصبح علماً على مكان وعلى بشر. وقد ظهر كليهما في زمن واحد، بينما يفصل بين ظهور مسمى القبائل السبائية ومسمى (اليمن) فاصل تاريخي يقدر باكثر من الف عام. ولذلك لم يذكر القرآن الكريم اسم (اليمن) وانما ذكرسبأ وارض سبأ. وكذلك ذكر القرآن الكريم اسم الاحقاف وهو الاسم الاقدم – كما يرجح – لارض حضرموت. وقد ذكر القرآن الكريم ارض الاحقاف باعتبارها موطن قوم عاد وهم اجداد الحضارمة ومن عاد وبقاياها أتت قبيلة حضرموت. بمعنى ان القرآن الكريم يشير غالباً الى الاقدم والاقدم للعبرة والعظة.
وحول العلاقة بين قبيلة حضرموت واسم المكان الذي استقرت فيه يشير الدكتور محمد عبد القادر بافقيه في صفحة 405 من الجزء الأول من (الموسوعة اليمنية) الصادرة في صنعاء عام 1992م الى ان (حضرموت قبيلة من قبائل طغى اسمها على المملكة التي اقامتها على ارضها، ثم توسعت بمد سلطانها على ما حولها من قبائل). واضاف: (فعرفت الارض التي انتشر فيها سلطان تلك الدولة باسم (ارض حضرموت)، بمعنى ارض حضرموت القبيلة وارض مملكة حضرموت).
ولعل الدكتور محمد عبد الكريم عكاشة استاذ التاريخ بجامعة عدن (سابقاً) يطرح رأياً اضافياً في معنى اسم (حضرموت)، حيث جاء في صفحة 7 من كتابه والذي هو رسالة دكتوراه بعنوان (قيام السلطنة القعيطية والتغلغل الاستعماري في حضرموت 1839 – 1918) والصادر عن دار ابن رشد في عمان (الاردن) عام 1985، (ان اسم حضرموت مركب من كلمتي (حضرم) و(موت)، وان حضرموت هو الابن الاكبر للقبائل الحضرمية القديمة، وهو المشار اليه في الاصحاح العاشر من سفر التكوين (في التوراه) باسم هدرم، اما كلمة (موت) فهي محرفة من كلمة (متو) البابلية ومعناها الارض او المنطقة. وبذلك يكون اسم (حضرم موت) أو (حضرم متو) اي ارض حضرم او منطقة حضرم حرفت عبر العصور الى الاسم المزجي المركب لحضرموت وهو حضرم متو، ثم ادغم أحد الميمين فصارت مع تكرار التلفظ كلمة واحدة هي (حضرموت).
وهذا الرأي للدكتور عكاشة لا يبعد كثيراً عن ما اشرنا اليه آنفاً من ان حضرموت اسم لقبيلة اطلق على مكان سكناها. وترجح المصادر المتداولة ان اسم هذه القبيلة مأخوذ عن اسم شخص يدعى (حضرموت) او (حضرميت) وتشير (التوراه) المنزلة على النبي موسى عليه السلام خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد الى ان حضرموت هذا هو أحد ابناء (قحطان) والذي تسميه التوراه (يقطان). والمعروف ان قحطان هذا هو ابن النبي هود عليه السلام، وهو النبي الذي ارسل الى قوم عاد بارض الاحقاف التي ذكرها القرآن الكريم والتي يرجح انها حضرموت الحالية وما حولها.
وفي هذا الاطار تشير بعض الدراسات الى ان قحطان هذا كان له بضعة ابناء. ومن هؤلاء الابناء وكما اسلفنا حضرموت وابن آخر يدعى يعرب، ومن يعرب هذا ظهر يشجب، ومن يشجب ظهر سبأ الاكبر. وهذا يعني ان سبأ هو بمثابة حفيد لحضرموت وليس كما يدعي البعض من ان حضرموت هو حفيد لسبأ، فقد جاء في كتاب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) لابي الحسن المسعودي المتوفي عام 956م (ان حضرموت هذه سميت على اسم احد ملوكها وهو حضرموت بن قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح، والذي اقام دولته على انقاض دولة عاد وذلك قبل ثمانية عشر قرنا من ميلاد المسيح). وعابر هذا هو النبي هود عليه السلام المذكور في القرآن الكريم. اما سبأ فينسب الى يشجب بن يعرب بن قحطان كما اشار الى ذلك الدكتور محمد بافقيه في صفحة 54 من كتابه (تاريخ اليمن القديم) الصادر في بيروت عام 1985 والمستند على ما جاء في صفحة 259 من الجزء الثاني من كتاب الدكتور جواد علي (المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام) والصادر في بغداد وبيروت عام 1970. اي ان ما يجمع الجد (حضرموت) بالحفيد (سبأ) هو قحطان بن هود.
وهذ يعني ان تاريخ حضرموت القديم والوسيط والحديث قد تعرض لتزييف خطير وربطه عنوة بتاريخ سبأ وتاريخ اليمن، حتى تلك الاغنية التي يتغنى بها المبدع الفنان ابوبكر سالم بلفقيه عن (امي اليمن) و (العظيمة سبأ) ودون ذكر لحضرموت والتي فعلاً هي ام سبأ هي تزييف للتاريخ ينقل للبسطاء والعامة من الناس، فتترسخ في اذهانهم وعقولهم هذه الاكاذيب والاباطيل. واللوم في ذلك لايقع على الفنان بلفقيه او كاتب الكلمات الشاعر المحضار لجهلهما بالتاريخ وتفاصيله، وانما يقع اللوم على من يسعى لترويج هذه الاكاذيب رغم علمه بحقيقة الامر. وعلى اية حال فان الابحاث والدراسات في هذا الشأن لم تغلق بعد. وربما يأتي المستقبل بالجديد.
والمهم ان قبيلة حضرموت ) (الام) والتي اعطت اسمها لهده المنطقة منذ اكثر من خمسة آلاف عام مضى قد أنتشرت بقاياها بين وادي شبوه ومنطقة الهجرين (بل والى ابعد من ذلك) وكما جاء في صفحتي 176 و177 من كتاب الدكنور محمد عبدالقادر بافقيه (توحيد اليمن القديم) الصادر في صنعاء 2007م. ومن قبيلة حضرموت هذه انحدرت قبيلة (الصدف) وقبيلة (سيبان)، وكذلك قبيلة (الحموم)، وان كان البعض يحاول ان يعبث بذلك التاريخ فيشوه جهلاً او عمداً تلك الحقائق في علاقة هذه القبائل الثلاث بقبيلة حضرموت (الام). ومن ذلك التشويه الذي مصدره المؤرخ اليمني (الهمداني) من حاول ان يربط قبيلة (الصدف) بكندة، ويربط كندة بهجرة قبائل من اليمن الى حضرموت رغم ان كندة ظهرت في حضرموت في زمن لاحق لظهور الصدف فيها. وقد انسحب هذا القول على قبيلة الصيعر في شمال غربي حضرموت والتي يرى البعض انها من الصدف المنحدرة من قبيلة حضرموت (الأم)، بينما يرى الآخرون انها من كندة. وللمزيد في ذلك انظر صفحتي 177 و 178 من كتاب الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه (توحيد اليمن القديم) السابق ذكره. ولاشك ان اسم قبيلة الصدف قد تراجع ليحل محله اسماء القبائل المتولدة عنها.
اما سيبان القبيلة القديمة والمنحدرة من قبيلة حضرموت (الأم) فلا يزال اسمها باقٍ الى اليوم، ولها شاهد جغرافي معروف بموطنها في هضبة حضرموت الجنوبية وهو قمة جبل (كور سيبان) والبالغ ارتفاعها حوالي (2767) متراً فوق سطح البحر. وهناك من يقول ان سيبان قد اختلطت بقبائل كثيرة اخرى وفدت عليها حتى صار لها هذا الشأن الكبير في تاريخ حضرموت القديمة والوسيطة والمعاصرة، وصار لها هذا الامتداد الجغرافي الواسع وفي النطاق الاوسط من اراضي حضرموت وخاصة في الهضبة الجنوبية لوادي حضرموت والذي تنتشر فيه الروافد الجنوبية لهذا الوادي. بل ان انتشار سيبان يمتد من منطقة نصاب شرقي بيحان غرباً الى ارض المشقاص وتخوم بادية المهرة شرقاً، حيث ظهر اسم (سيبان) في نقوش القرن السابع قبل الميلاد، اي بعد حوالي ستة قرون من نزول التوراه وذكرها لاسم حضرموت. واشارت هذه النقوش الى (شعب سيبان) دلالة على استقلاليتهم وقوتهم وكثرة عددهم واتساع نطاق انتشارهم وباعتبارهم من القبائل الحضرية المستقرة، وكما جاء في صفحتي 62 و63 من كتاب (تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الاسلام) للدكتور سرجيس فرانتسوزف وترجمة الدكتور عبدالعزيز جعفر بن عقيل والصادر في صنعاء عام 2004م. وقد ضمت سيبان الى جوارها مجموعة من القبائل الحضرمية على هيئة تحالف او اتحاد قبلي او ما يعرف محلياً بلفظة (زي).
اما كندة، وهي تعد من قبائل حضرموت القديمة المعروفة قبل الاسلام فهناك اقوال عدة في اصلها، وبعضهم يجعلها عدنانية الجذور. اما الارجح فيقول انها قبيلة قحطانية (سبائية) تنتسب الى (ثور بن عفير) والذي ينتهي نسبه الى كهلان بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان، كما جاء في صفحتي 19 و 20 من كتاب (قبيلة كندة في صدر الاسلام والدولة الاموية) للاستاذ بناجي العبدولي والصادر في المكلا 2010م. وقد قدمت كندة الى حضرموت من مواطنها شرقي نجران واستقرت في حضرموت وتداخلت بالمصاهرة والتحالف مع قبيلة الصدف ودون ان يكون لها نفوذ ملحوظ حينها في حضرموت، ولذلك هاجرت مرة اخرى من حضرموت الى وسط وشرقي الجزيرة العربية اي الى اراضي نجد واليمامة وكذلك على التخوم الغربية للربع الخالي، واقامت لها هناك مستوطنات معروفة، ومنها (قرية الفاو) في غربي الربع الخالي وشمال شرقي نجران. وللمزيد عن قرية الفاو هذه انظر صفحة 220 ومابعدها من كتاب الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه (توحيد اليمن القديم) السابق ذكره.
والمهم ان كندة عادت مرة اخرى الى حضرموت قادمة من تلك المناطق في وسط وشرقي الجزيرة العربية. واقامت لها في حضرموت ملكاً ونفوذاً ظل قائماً الى ظهور الاسلام، بل انها امتزجت مع القبائل الحضرمية الاصلية حتى صارت من نسيجها. وقد انحدر من كندة بعض القبائل الحضرمية التي تلاشي اسمها مع الزمن ومنها تجيب والسكون والسكاسك.
واليوم نجد ان قبائل حضرموت المعاصرة وبجذورها القديمة المنحدرة من قبيلة حضرموت (الام) مثل سيبان والحموم وغيرها، أو من القبائل الوافدة عليها قبل الاسلام مثل كندة وهمدان وقضاعة وبني ظنة وغيرها، او الوافدة عليها بعد ظهور الاسلام مثل يافع وغيرها، او من خلال اختلاط هذه القبائل مع بعضها تعد جميعها حضرمية الهوى والهوية، وهي لا تعرف وطناً غير حضرموت، وفيها نشأت وترعرعت اجيال متعاقبة منها، بل ودافعت عنها ضد الغزاة والمعتدين، واقامت لها في حضرموت ملكاً وعزاً يحسب لحضرموت قبل ان يحسب لمواطنها الاصلية. وقد كانت لاتذكر في مواطنها الاصلية تلك واصبحت تعرف بعد ان وفدت على حضرموت واختلطت بسكانها وقبائلها واستطاعت ان تقدم شيئاً مفيداً ونافعاً لاهل حضرموت. ولذلك لا يجوز مطلقاً التفريق بينها وبكونها قديمة او وافدة او مختلطة، فكلها قد اصبحت حضرمية تسعى لخير حضرموت واهلها. وما ذكرناه آنفاً هو من قبيل المعالجة العلمية والمعرفية لتكون الصورة واضحة لمن اراد الفهم والاستيعاب والوعي، وحتى لايكون مصدراً للتشويه والتضليل كما فعل مؤرخو اليمن منذ حوالي الف عام مضى اي منذ زمن الهمداني ومن اتى بعده والذين حاولوا ان يجعلوا الحضارم يمنيين، بينما وقائع وحقائق التاريخ والنقوش والآثار والمعطيات العلمية تؤكد ان الحضارم لا علاقة لهم باليمنيين الامن خلال الجوار الجغرافي فقط، ودون استبعاد ما حدث من اختلاط بين قبائل حضرمية مع اخرى سبائية او حميرية، او وفود قبائل يمنية او غيرها واستيطانها في حضرموت. ولكن من المؤكد ان هذه القبائل اليمنية الوافدة على حضرموت قد اصبحت في نهاية الامر حضرمية الهوى والهوية، بل انها تعزز الهوية الحضرمية الجامعة التي تقوم على التفاعل الحضاري والانساني وخدمة المكان والانسان وليس على الدم أو العرق. وهذا ما تقوم عليه الهوية الحضرمية من انها ترتكز على مقومات حضارية وثقافية وقيم انسانية اكثر من كونها تقوم على دماء واعراق.
ولعله من المفيد الاشارة الى ان قبائل حضرموت اليوم تشكل حوالي60% من جملة سكان حضرموت ان لم يكن اكثر، خصوصاً مع غياب اي معطيات احصائية علمية في هذا المجال. وان ما طرحناه هو اجتهاد شخصي نتمنى ان يجد صداه لدى الباحثين في معرفة الحقائق الكمية لمجتمع حضرموت، وكما هو معروف فان مجتمعنا الحضرمي يتكون من أربع شرائح اساسية هي القبائل (60%) والهاشميين (15%) والمشائخ (15%) والحرفيين (10%). وهذه نسب تقريبة قابلة للتعديل اذا ما وجدت معطيات علمية ميدانية موثوق بها.
والمهم ان قبائل حضرموت اليوم يصل عددها الى حوالي (14) قبيلة. ومعظم هذه القبائل هي في الاصل احلاف قبلية والمعروفة محلياً بلفظة (زي). ولذلك فمن الصعب معرفة بطونها وافخاذها المنحدرة منها مباشرة. كما ان بعض الباحثين لايميز بين لفظتي بطن وفخذ فيجعل من البطون افخاذاً او العكس، مع ان البطن هو الاكبر والفخذ هو الاصغر. وعلى اية حال فاننا سنشير الى اسماء قبائل حضرموت المعاصرة والمعروفة اليوم وما تحويه من اقسام بصرف النظر عن كونها بطوناً أو أفخاذاً او غيره. وهذه الاقسام من حيث عددها ومسمياتها مأخوذة من صفحة 42 وما بعدها وكذلك من صفحة 90 وما بعدها من كتاب الاستاذ سالم احمد الخنبشي (سيبان عبر التاريخ) الصادر في المكلا 2007م، والذي اعتمد بدوره على معلومات وردت في كل من كتاب الاستاذ محمد احمد الشاطري (ادورار التاريخ الحضرمي) وكتاب الشيخ عبدالله احمد الناخبي (حضرموت: فصول في الدول والاعلام والقبائل والانساب). كما اننا اخذنا ما يتعلق بمكاتب يافع من صفحة 89 من كتاب الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف (المختصر في تاريخ حضرموت العام) والصادر في المكلا 2001م.
وقبائل حضرموت اليوم هي:
1- سيبان (18 قسماً).
2- الحموم (عشرة اقسام).
3- يافع (سبعة اقسام ويطلق عليها مكاتب).
4- آل ذييب – نعمان (خمسة اقسام).
5- بني ظنة (خمسة اقسام).
6- نوّح (خمسة اقسام).
7- الشنافر (اربعة اقسام).
8- نهد (اربعة اقسام).
9- الديّن (ثلاثة اقسام).
10- آل بلعبيد (قسمان).
11- الصيعر (قسمان).
12- العوابثة (قسمان).
13- بني مرة (قسمان).
14- بني هلال (قسم واحد).
وهذا يعني ان هناك حوالي سبعين قسماً او بطناً تندرج في هذه المنظومة القبلية في حضرموت. كما ان المعلومات المتوفرة عن بعض القبائل او بالاحرى الاحلاف القبلية مثل سيبان تفيد بان عدد اقسامها الاصغر والذين اطلق عليهم الاستاذ سالم الخنبشي في صفحة 90 وما بعدها من كتابة المشار اليه آنفاً ( سيبان عبر التاريخ) مسمى (افخاذ) يصل الى (82) فخذاً لهذا الحلف القبلي الكبير المسمى (سيبان) والذي يطلق عليه كما اشرنا (زي). ونظراً لعدم وجود ارقام نطمئن اليها بخصوص اعداد المنضويين في هذه القبائل الحضرمية المذكورة آنفاً مما يصعّب علينا القطع باكثر هذه القبائل عدداً. الا انه بتعدد اقسامها او بطونها فربما تكون (سيبان) هي الاكثر عدداً. ولكن ذلك يتطلب دراسة علمية وميدانية شفافة. وينبغي ان يكون الهدف منها المعرفة وخدمة التنمية الجادة في حضرموت وليس مزيداً من السلطة الوهمية او الاستعلائية. والمهم هنا ان نشير الى ان العديد من قبائل حضرموت قد اصبحوا من ساكني الحضر، وبعضهم مازال يسكنون البوادي والاودية والجبال. وهؤلاء جميعاً في الحضر او الريف او البادية في اندماج كامل وتام، وفي ظل هوية حضرمية واحدة لا تميّز بينهم الا بمقدار العمل والجهد الصادق لما ينفع حضرموت واهلها. وهم بلاشك في اطار مجتمع حضرمي واحد يسعى للنهوض والتطور والرخاء وإزالة حالة البؤس و الشقاء عن كاهله.
اما عن توزيع قبائل حضرموت الآنفة الذكر على مساحة اراضي حضرموت (الحالية) فانه من الصعب وضع خريطة توزيعية عامة نظراً لتداخل هذه القبائل مع بعضها في كثير من اراضي حضرموت، وحيث ان هذه القبائل قد انتشرت عبر العصور في كل ارجاء حضرموت، خصوصاً مع عدم وجود موانع جغرافية طبيعية كالجبال العالية او الانهار او المفازات التي يمكن ان تمنع انتقال بعض الافراد من قبائل حضرموت من مكان الى آخر داخل الاراضي الحضرمية، ودون ان يخل ذلك بما يعرف بالمطارح الاصلية لهذه القبيلة او تلك وضمن الاعراف القبلية المعتادة.
ورغم ما تقدم فان ما توفر من معلومات عن انتشار هذه القبائل حالياً في اراضي حضرموت يمكن ان يساعدنا في وضع خريطة اولية وعامة لتوزيع هذه القبائل، ففي الشريط الساحلي من مصب وادي حجر الى مصب وادي المسيلة وكذلك في الظهير الملتصق به نجد كل من قبائل نوّح ويافع والحموم. وفي الروافد الجنوبية لوادي حضرموت نجد بني هلال في وادي عمد وسيبان في وادي دوعن والعوابثة في وادي العين وآل جابر من الشنافر في وادي عدم. وفي الهضبة الفاصلة بين وادي دوعن ووادي حجر نجد قبيلة الديّن.
وعلى طول مجرى وادي حضرموت، وخاصة من القطن الى السوم نجد آل روح وهم من بني ظنة في وادي رخية، ثم نجد يافع في القطن وشبام، وآل كثير وهم من الشنافر في كل من شبام وسيئون، ثم نجد آل تميم وهم من بني ظنة في تريم وما حولها، ثم نجد المناهيل وهم كذلك من بني ظنة في غربي وادي حضرموت والى ثمود ورماه وحتى بادية المهرة.
اما في شمال وادي حضرموت فنجد في وادي سر ومناطق اخرى مجاورة بني مرة وبعض هؤلاء في وادي عمد. كما نجد في شمال وادي حضرموت وحتى بادية ثمود قبيلة العوامر وهم من الشنافر، وهم ينتشرون في مناطق متفرقة وخاصة في قف العوامر ببادية ثمود.
وفي غربي حضرموت، وخاصة في كل من القطن ووادي دهر نجد قبيلة نهد. وفي الشمال الغربي من حضرموت وحتى اطراف صحراء الربع الخالي وعلى مشارف الحدود الغربية الشمالية مع المملكة العربية السعودية نجد قبيلة الصيعر في منطقة حجر الصيعر او حجر المشائخ وكذلك في هينن والعبر وما حولهما. وكذلك في غربي حضرموت وفي المنطقة المتاخمة للحدود الادارية الحالية مع محافظة شبوه نجد آل ذييب – نعمان وآل بلعبيد ويتوزعون في كل من وادي عمد والضليعة والطلح وعرمة وجردان. وهذه المناطق الثلاث الاخيرة كانت حتى عام 1967م جزءاً من حضرموت ثم سلخت منها والحقت بالمحافظة الرابعة (محافظة شبوة فيما بعد). وما ذكرناه آنفاً هو توزيع عام للقبائل الحضرمية الاربعة عشر المذكورة سابقاً، ومع اشارة عند الضرورة التي بعض اقسامها او بطونها. ولعله من المفيد ان تكون لدينا خريطة توزيعية مفصلة في هذا الشأن.
ولاشك ان لقبائل حضرموت وعبر التاريخ دوراً مشرفاً في الحفاظ على هوية حضرموت الحضارية والتي تنفر من الاستعلاء او الاستعداء او السعي للتصادم مع الآخرين طمعاً في ثرواتهم او ممتلكاتهم. وقد كانت قبائل حضرموت دوماً مصدراً هاماً واساسياً في التمسك باستقلالية الشخصية الحضرمية وعزتها وكرامتها. والتاريخ يشهد لهذه القبائل الحضرمية دورات متعاقبة ومتتالية خلال الازمنة القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة من المقاومة ورفض الضيم والظلم والاحتلال والاستغلال والاستعباد، بل والتمسك بقيم الدين الحنيف.
واليوم نجد ان شعب حضرموت باجمعه وفي حواضره وقراه وباديته وصحاريه يلتف حول قبائله، بل وكل شرائحه الاجتماعية الاخرى من مشائخ وهاشميين وغيرهم من اجل استعادة حقوقه المنهوبة منذ نصف قرن مضى من حيث الاعتزاز بالهوية او من حيث الحقوق السياسة او الاجتماعية أو الاقتصادية أوغيرها.
ونسأل الله عز وجل ان يجعل لنا في حضرموت اليوم وحضرموت الغد وحضرموت المستقبل عزاً وسؤدداً يعيد الينا مافقدناه خلال الأزمنة الخوالي… انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير.
المكلا – حي السلام
5 مارس 2015م
  رد مع اقتباس