عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2018, 12:54 AM   #64
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي



تفاصيل تنشر لأول مرة : صراع الجناح اليساري مع الرفيق سالم ربيع علي (سالمين)


السبت 23 سبتمبر 2017 04:41 مساءً
كتب / عياش علي محمد

الجناح اليساري في التنظيم السياسي الجبهة القومية اختار الرفيق (سالمين) لكي يكون رئيسا لمجلس رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، وجعلوه واجهة ينفذوا من خلاله الإجراءات الجذرية المتعلقة برنامج استكمال مرحلة الثورة الديمقراطية.

فقد نفذت قوانين كانت غاية في التطرف أزعجت (سالمين) وأحدثت أختلالات بنيوية في الزراعة والتجارة والعلاقات مع معظم الدول العربية.

فقد نفذ قانون الإصلاح الزراعي بواسطة انتفاضات فلاحيه مصحوبة بالدماء ، وطبق القانون حسب قراءات القيادة العليا للجبهة القومية متبعين النموذج السوفيتي في حل مشكلة الأرض.

وجردت القيادات العسكرية من مناصبها ، كما كان يطلق عليهم(شلة العقداء)، الذين اعتبرتهم الجبهة القومية أنهم ذيول للمستعمرين ، وعبئا على الثورة، وخسارة محتملة للنظام الوطني الصاعد، لهذا طوردوا كما تطارد الفهود فرائسها ، فمنهم من زج بهم في السجون ومنهم من قضى نحبه مقاومة للاعتقال ، ومنهم من تركوا قراهم و لجئوا إلى الجمهورية العربية اليمنية هاربين من جحيم مرحلة استكمال التحرر الوطني ، وفقد الجنوب أعظم رؤوسه العسكرية المؤهلة أكاديميا على مستوى الوطن العربي .

وألقي بالعديد من الكفاءات الإدارية في الشوارع من جراء أيام السبع المجيدة، إذ تم خلال تلك الأيام الاستغناء عن معظم الكوادر الجنوبية الذين تحصلوا على فرص تعليم عال في دول عربية وأوروبية واعتبرتهم ثورة الأيام السبع المجيدة، إدارات قديمة يستوجب تصفيتهم بصفتهم إدارات خلقها الوجود البريطاني .



وتقلصت معدلات الأجور ، وازدادت معاناة المعيشة بسبب غياب العديد من السلع والخدمات ، وتعطلت لغة التجارة وأصبحت الدولة هي بائعة السلع والخضروات ي دكاكين التعاونيات الاستهلاكية، وأصبحت القرى التي كانت منتجه أيام الاستعمار قرى تستورد البيض ولحوم الدجاج والأغنام، وبحث أولادها عن وظائف بعد أن تعطلت البنية الزراعية للقرية ، وأحالت أولاد القرى المنتجة للزراعة إلى قوى تعاني من تزايد معدلات البطالة في الريف.

الرفيق (سالمين) كان زعيما شعبيا محبوبا ، وكان يحظى بدعم غالبية المجتمع في الريف ، وهذه الشعبية أثارت مخاوف عناصر في القيادة العليا للجبهة القومية، إلا أن امتداد شعبية سالمين حالت دون أن تتمكن تلك القيادات من الحد من تنامي شعبيته، أو تقليص نفوذها في المجتمع، وأمام هذا الواقع لم تجرؤ تلك القيادات من رفع رأسها أمام سالمين، وذعنوا لحقيقة أن سالمين قد خطف منهم الأضواء ومن المستحيل أبهاته أو التقليل من نفوذه وقوته، لهذا ارتاؤا التواري عن الأنظار وعدم استفزاز سالمين في تلك الحقبة من تنامي قوته على الأقل.

الرفيق سالمين كان متأثرا بالاتجاه الصيني ، ويكره من كان يأتيه من مصادر تتعلق بالسوفييت ، وخلق سالمين علاقات وطيدة مع الزعيم الصيني (ماو تسي تونج) الذي تبنى الأفكار الماركسية ، التي كانت مصممة للمجتمعات الصناعية الأوروبية، وكيفها مع الواقع الاقتصادي والثقافي في الصين الذي كان يختلف عن المجتمعات الغربية.

إذ كانت الماركسية الكلاسيكية تعتبر أن الطبقة العاملة هي القائدة، وبواسطتها تتحقق الثورة الاشتراكية، بينما الأيديولوجية (الماوي) أعطت الدور القيادي لطبقة الفلاحين بالتعاون مع الطبقة العاملة ، وكانت الأيديولوجية الصينية في تصادم كبير مع الأيديولوجية الروسية ، وهذا ما بلورة الصراع بين عبد الفتاح إسماعيل السوفيتي و الرفيق سالمين الصيني ، إذا اعتبر سالمين أن النموذج الصيني صالحا لبلادة أكثر من النموذج السوفيتي ، لاسيما وان معظم بلدان العالم الثالث طبقت التجربة الصينية للتنمية في بلادها.

لهذا فقد اهتم (سالمين) بحياة الفلاحين ، واهتم بتطور الزراعة وجلب لها العديد من الآلات الزراعية ، والبذور، ، والشتلات الزراعية ، وأسس عددا من مزارع الدولة ، وأقام المعارض الزراعية السنوية ، واستورد الأبقار الحلوبه من (كينيا) ، لكي يرفد مصنع الألبان بعدن بمنتجات الألبان والجبن.

وحين زار جمهورية بلغاريا أعلن الوفد المرافق له إلى بلغاريا انه ينوي أن يحول الأراضي الزراعية للجنوب إلى بلغاريا جديدة في جنوب المن ، لكن ندرة الأمطار وعدم تدفق السيول طيلة تسع سنوات من حكمة حالت دون ان يحقق حلمه في تحويل اليمن الجنوبية إلى بلغاريا للشرق الأوسط.

وحارب سالمين البيروقراطية داخل التنظيم السياسي للجبهة القومية ، وداخل الدواوين الحكومية ، وحارب كافة مظاهر البرجوازية لدى وزراء حكومته، وكان يقوم بغارات مفاجئة ، يكشف فيها عن ممارسات بعض الوزراء القبيحة، وكانت الناس المظلومة تقف له على قارعة الطريق لتسلمه شكوى أو مظلمة، فيوقف سيارته وينزل ويستمع لصاحب الشكوى ويعطيه موعدا لمقابلته في دار الرئاسة ويحل مشكلته.

الرئيس سالمين رجل لا ينام، تجده في كل لحظة متفقدا مشروعا من مشاريعه الزراعية سواء في أبين أو لحج أو في الصبيحة، لا يغمض له جفن حتى يرى مشاريعه تسير على ما يرام.

والجناح اليساري في الجبهة القومية بدلا من أن يقوم بتكييف أفكارهم وتطويعها لاستيعاب ظروف الواقع ، قاموا بمحاولة لإجبار الواقع ليكون منسجما مع أفكارهم تلك، فادت محاولاتهم إلى تزايد خصومهم في الداخل والخارج .

وذلك عندما تجاهلوا استقرار المجتمع الجنوبي الاجتماعي والمعيشي والأمني، وتعمدوا تصفية المعارضين لهم بما في ذلك لمكوك في ولائهم للقيادة العليا للجبهة القومية.

والجنوبيون الذين كانوا يحلمون بالعدالة والمساواة بعد خطوة 22 يونيو 1969م أصبحوا يتحسرن على الأيام الرغيدة التي كانوا يعيشونها أبان الوجود البريطاني.







اشتدت ضراوة الصراع والعداوة مع الرفيق سالمين عندما بدأ الجناح اليساري للجبهة القومية بطرح مسألة قيام حزب اشتراكي طليعي من طراز جديد ، الذي كان (عبد الفتاح إسماعيل) قد وضعه ضمن مخططه في برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني، وأراد أن ينفذ بندا من بنود البرنامج وهي قيام الحزب الاشتراكي اليمني، الذي مهد لقيامة عام 1975م ، عندما استقطب فصائل العمل الوطني (حزب البعث، والطليعة الشعبية) و(حزب الشبيبة ) وشكلوا بذلك الخطوة الأولى للحزب الاشتراكي ، عندما سموا تحالفهم (التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية).

وارتفعت حدة الصراعات بينهم وبين الرفيق سالمين وأنصاره، واعتبر سالمين خطوة تأسيس حزب اشتراكي علماني في جنوب شبة الجزيرة العربية، خطوة مثيرة للسخرية، ومحاولة لهدم ما تم بناؤه من علاقات مع جيران بلاده ، واعتبرهم مجرد يسار طفولي يجرون اليمن الديمقراطية نحو المجهول.

جاء مقتل إبراهيم الحمدي رئيس الجمهورية العربية اليمنية وما تبعها من أحدات دمويه متعلقة بمقتل الرئيس القشمي الذي خلف الحمدي واغتيل بواسطة حقيبة دبلوماسية مفخخة أودت بحياته، واتهم في وقته الرفيق (سالمين) وهذه كانت الفرصة التي اقتنصها الجناح اليساري للجبهة القومية في تصفية حسابه مع سالمين.. الذي لم يكن من سابق قادر على عصيان أوامر سالمين ، إلا أن هناك كما أفادت وكالات إعلامية أجنبية أن وراء القصة خيوط استخبارية ساعدت الجناح اليساري للجبهة القومية في التخلص من خصمها اللدود سالم ربيع على الذي نصبت له محاكمة صورية غير معلنه ، ولم يسمع المجتمع عن محامين قاموا للدفاع عنه، ولا عن القضاه الذين حاكموا سالمين، وقد عرفت الناس عن محاكمته وإعدامه من خلال إذاعة عدن المركزية في نشرتها المسائية ، وجرى كل ذلك في سرعة تسبق سرعة الضوء إذا جاز التعبير.

والمعروف أن المحاكم الصورية غرضها محاكمة الخصوم السياسيين ، وفي هذه المحاكمات يتولاها أشخاص ليست لديهم علاقة بمهنة القضاء ، وتصدر تلك المحاكم أحكامها بناء على قرائن غير مثبته واعترافات منتزعة بالقوة ، وتعقد جلساتها بشكل سري ، ولا يسمح للمحامين للدفاع عن موكليهم.

ومعظم قرارات تلك المحاكم لا يقبل استئنافها أمام محاكم أعلى.



بعد إعلان إعدام سالمين تم تصفية الإرث الذي خلفه للبلاد ، ما لقي مناصوره المصير نفسه، وأخر شيء تكفل به الجناح اليساري للجبهة القومية هو أنزال صورة سالمين من على بوابة الغزل والنسيج، ولما كانت اللوحة تحمل صورتا الزعيمين ماو تسي تونج والرفيق سالمين وهما يتصافحان لم يستطيع احد أن ينزلها، ربما تؤدي إلى تجميد العلاقات بين البلدين ، لاسيما وان الزعيم ماو تسي تونج كان ولا يزال يحكم الصين كرئيس لها ، وأمين عام الحزب الشيوعي الصيني.

لكن (الجناح اليساري) المنتصر في الحرب على سالمين غامر هذه المرة وأنزل صورة سالمين فقط، واحتفظ بصورة الزعيم ماو تسي تونج ولكن الذي قام بفصل الصورتين لم يكن دقيقا في عمله ، فقد فصل صورة سالم ربيع على مع اليد اليمنى للزعيم ماو وظهر في الصورة الزعيم ماو تسي تونج مقطوع اليد، الأمر الذي أثار غضب الصينيين ، إذ توترت العلاقات مع النظام السياسي الذي خلف الرفيق سالمين ، وتعطلت مصالح البلدين ، وجمدت كثير من المشاريع التي كانت تنفذها جمهورية الصين الشعبية واتخذت الصين موقفا سياسيا ضد حكام الجنوب الجدد.

وأخيرا أنزلت صورة الزعيم ماو، بعد أن شوهها ظهوره بيد مقطوعة ومع نزولها أنزلت الصين كثير من المساعدات ، وألغت العديد من المشاريع حتى جاء الوقت المناسب لعودة العلاقات من جديد.


جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس