عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2008, 01:24 AM   #14
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

الأغاني الحضرمية

بالإضافة إلى كون الشعر الحضرمي لونا من ألوان التعبيرالأدبي فأنه أيضا كظاهرة اجتماعية يرتبط بالعمل اليومي والشعائر الدينية ، وربما كانت في أغاني الفلاحين في الحقول مثالا على ذلك وبالرغم من ان هذه المختارات الشعرية التي أوردناها في دراستنا تضم كثيرا من قصائد اللهو والراحة اكثر من قصائد واغاني العمل الا ان هناك مقاطع شعرية تشير الى تلك الأغاني التي يغنيها الحضرمي أثناء الكدح والمرح ، وقد اعتمدنا في تصنيف هذه القصائد على محاضرة للأستاذ محمد بن هاشم الصحفي والمؤرخ المشهور التي قدمها إلى ناد من أندية الأشراف أو السادة الشباب اسمه( غرفة المطالعة ) في تريم ، وقد تمت دراسة الأنواع المختلفة من هذه القصائد مع صديقي الفاضل علي بن عقيل من ( مسيلة آل بن يحي ) (14) وتضمنت الأمثلة جميع الشروحات المتعلقة بأسماء الأطعمة كما قمت أنا بإضافة أنواع أخرى بمزيد من المعلومات كلما اكتشفت شيئا منها.



أغاني الجمالين ( الحدا )


‎‎‎‎يقول بن هاشم: للبدو هزيج وأنغام عربية تتخلل الأغاني التي يغنونها للجمال حين يحدونها للسير ويسمونها( غودره ) من الفعل ( يغودر ) .

ويؤدونها في بعض الأحيان بشيء من التطويل ( المط ) وتحتوي على كلمات يصعب على الأذن فهمها وتميزها ، ومن ناحية أخرى يقوم الجمالون في المناطق الحضرية بغناء الأغاني الشائعة لحث جمالهم على السير، والمقصود بالجمالين في المناطق الحضرية والذين ذكرهم بن هاشم البعض من طبقة المساكين ولا حاجة لتناول ( الحدا ) طالما ان ( لاندبرج ) قد تناوله بالنقاش وكما هو واضح في كتب الأدب العربي القديمة والحديثة الى حد مـا (15)..

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أغاني الرقص في الباديـة

يقول بن هاشم ( كل هذه الأغاني من أغاني الهزيج ، وتقدم بحرارة وحيوية حيث يحرك الراقص جسمه بين وقت وآخر حين يغنيها وتكون بمصاحبة المزمارأو( الهاجر ) ، ورقصات البادية كثيرة ومتنوعة ولاحاجة لنا بشرحها هنا ، وفي أغلب الرقصات التي شاهدتها يصف الراقصون بأيديهم ويحنــون ركبهم أويستقيمون خلال الموسيقى كما يفعل ( الكورس ) ويدور الراقصون هنـا وهنـاك في المـدارة .

الحان الرقص الحضرية

يصاحب أنغام الرقص الطبول العادية مثل ( الهاجر والمرواس ) وتقوم القبائل بأداء هذه الرقصة أيضا، ويرقص فيها اثنان في دائرة من المشاهدين الذين يقومون بدور الكرس والنوع الآخر هو رقصة ( الدحيفـه ) ويقوم بالرقص فيها أربعـة أشخـاص ، ويبـدو أنها معروفة في لحج(16) أيضا وقد نشر ( أحمد فضل ) أغنية من الأغاني التي تغنّى مع هذه الرقصة.
وهناك نوع آخر من الرقص تقوم به القبائل وهي رقصة ( الظاهري)(17) وفيه يرقص اثنان من الدائرة يجيئان ويذهبان معا وعندما يكونا الراقصان رجلا وامرأة يكون هناك تجاوب بين الصفين المتقابلين ينشد الأول كلمات المرأة والثاني كلمات الرجل وهو الأصل في هذا النوع من الشعر المشار إليه لاحقا وهذا هو نوع الرقص الذي أشار إليه (باصبرين) بقوله: (18) ( أن عادة اختلاط النساء مع الرجال في رقصة الدحيفه والقصبه من الأعمال المشينة في حضرموت ..) وكما علمت فأن كلمة ( القصبه ) هي مرادفة لكلمة ( الزفين ) (19) وهي رقصة يقوم بها اثنان يرقصان في دائرة جيئة وذهابا بمصاحبة العزف على القصب والطبول ويبدو أن كلمة القصبة اصطلاح دوعني وكما يعتقد الدوعنيون فأن رقصة الدحيفه مشابهة لرقصة القصــبه إذ يقوم بأدائها اثنان من الرجال وامرأة يرقصان حول دائرة ويكون أحدهما قائدا ويسمى هؤلاء الراقصون ( المدارجون ) وأحدهم ( مدارج ) أما نوع الغناء المصاحب لهذه الرقصة المختلطة ( وهو الموجود في تريم على أي حال فيسمى الجزعيه) وهو مشابه ( للدان ) ويردد كل صف بيتا من الشعر بالتناوب ثم ينضم الجميع في الغناء بشكل ( كورس ) فيغنون مثلا:

يا ساه ما حَد يحلش بعد ســالم علي (20)

يا نوب كلت العسل خليت جبحه خلي (21)

حبيت مخلوق من قلبي وهو مندري

كما يعبر الفلاح الحضرمي عن شقائه وكدحه ببيت يمثله أحسن تمثيل بقوله : ( ما راثي الآّ لمن ينزح ودلوه خلي ) (22)


الحـــان ( الرقص المتزن )

يقول بن هاشم : ( هذه هي الرقصة المحترمة المعتبرة وتعرف في العرف العام بـ ( الشرح الريض )(23) وقد سمي كذلك لاستطالة وامتداد إيقاعاتها ونبراتها أي أنها كثيرة ( التمطيط ) ويقوم بها كل من النساء والرجال كل بمعزل عن الآخر ويستعمل فيها ( الهاج ر) وثلاث مراويس تتجاوب خلال الإيقاع ويرافقها الموسيقى في رقصة الرجال أحيانا وذلك بالعزف على القصبة وغالباماتكون الألحان من الأغاني القديمة أذكرها من أيام طفولتي أي من قبل ستين عاما، وأكثر الألحان تغنى على البحر الذي أختاره( خوعلوي ) (24) في نظم أكثر أشعاره وقصائد ( خوعلوي ) من أكثر القصائد التي يغنىّ بها في ( الشرح الريض ) ، ورقصة الريض هي رقصة الصفوة رقصة السادة والمشائخ وهي بهذا تختلف عن المريكوز في ( البادية ) و( الظاهري ) التي يؤديها حملة السلاح ( القبائل المسلحة ) ، ومن العيب على السيد أن يشترك في رقصة الظاهري كما قيل لي ، بالرغم من أداء بعض القبائل للرقص المتزن أو الرقص الموزون ويؤدي السادة هذه الرقصة في الأعراس والأفراح والمناسبات ، أما البدو فيؤدونها في مواسم الزيارات مثل زيارة النبي هود ، وهي رقصة بطيئــة يصحبهـــا الرقص بالأيدي (25) ، ويجري الراقصــــون في محيط الدائرة(26) يثبون أحيانا في الهواء ويسمى هذا الوثب( طمره ) ، وينحنون أحيانا أخرى الى الأرض على الرجل اليمنى ويسمى هذا الأنحاء ( كرسعه ) ولا تقوم النساء بعملية الانحناء والوثب ولكنهن يتمايلن بشعورهن كما يفعل البقارة عندما تكون الرقصة في مرحلتها البطيئة(27).


الأصوات الشعبية الشائعة

يقول بن هاشم : (( في كل شهرين أومناسبة كبيرة تظهر الى الوجود الحان وأصوات شعبية ، يرددها كل الناس رجالا ونساء أو أطفالا في الجلسات المسائية في العمل ، وفي كل لحظة مباشرة ، يغنيها حتى الحمالين الحضريين ، وما ان تمضي فترة ليست بالقصيرة حتى تغيب وتتلاشى ، لتظهر أصوات جديدة غيرها )) ، وكما يقول علي بن عقيل فأن هذه الأصوات المشار إليها تنتمي إلى أغاني الدان والتي سنتناولها بعد قليل ، وينتشر الدان بين الطبقات الدنيا ، وأعتقد ان المتعلمين سيفضلون أغاني الغزل( الشعر الحميني ) على أغاني الدان تلك مثل:

ياشـبيـه القمر والله أنـك... ........ تصلح إلا تهـاوينا و هاويـك
يوم سني سوا مثل سنك ............ عـاد جـنسي كـما جنــســــك
ومثـواي مثـواك (28)

وهناك أيضا قصائد المساجلة ،كهذه القصيدة التي قيل أن بعض العلماء قد نظموها في ( مـندر ) رحلة لهم وساهم كل واحد منهم بمقطع ولغتها متأنقه وشديدة التكلف (29).
با لغواني قـلبي مـولــع هايم وفاني

حــــا ير يدير الفـكـــــر

كم يعاني في حب خرعوب سوس مباني

. في القلب له دور وحصون

في قوامه يشابه الغصن مثــل الحمــامـــــــه

إذا مــشى أو خطــر

من كلامه يتساقط اللول ما حلى أ بتسا مه

من ثغر به در مكنـون

__________________

الهوامش
(14) ينتمي الأستاذ علي بن عقيل وبن هاشم الى أسرة آل بن يحي وهي عائلة موهوبة وجدهم عثمان بن عبدالله بن عقيل ينتمي الأستاذ علي بن عقيل وبن هاشم إلى أسرة آل بن يحي وهم يل أسس مطبعة حجرية لطباعة الكتب الدينية وهناك أفراد آخرون من هذه العائلة برزوا في التاريخ والسياسة في حضرموت وكان علي بن عقيل رئيسا للبعثة التعليمية إلى دمشق وله اهتمامات دؤبة باللهجة العامية في بلاده .
(15)أنظر Glossaire Datinoisليدن 1920م لكاتبه لاندبرج عندما كان في بلاد الصبيحي حيث تربى أجمل الجمال قال لي أحدهم أن الجمال تتجاوب مع الزامل الذي يلقيه رجال القبائل وتخرج منطلقة، وفي منطقة الواحدي وغيرها من المناطق سمعت صاحب الجمال وهويغني لها بكلام غير واضح كما يقول بن هاشم وكان بذلك الغناء يتحسن سيرها.
(16) قارن بما جاء في (المصدر المفيد)ص65 وقارن بما ذكره صلاح البكري في (تاريخ حضرموت) ج2 ص200
(17) ويمكن أن يكون هجاء هذه الكلمة ضاهري حيث لايفرق الحضارمة بين مخرج الحرفين.
(18) ص17 من المخطوط رقم 46 عن اعتراضات با صبرين على الرقص هي اعتراضات شكلية لاختلاط الجنسين في الرقص ، ومهما توجد من حركات خليعة تقوم بها بعض من النساء أل… في عدن أوربما المكلا مثل حركات (الهز _اللوك راجع ص54) غير ان هذا لايمثل الرقص البسيط الذي يقوم به الفلاحين ولابد ان تكون الملاحظات الميدانية التالية التي كتبتها عن رقصة الدحيفه كما شاهدتها في (خنفر بأبين) إذ يقوم أحد الخدم (وهم طبقة مغمورة) وهذا الخادم من زبيد يقوم بأداء الموسيقى ومعه مزمار ونساء يحملن الدفوف وهي نوع من الطبول ويزدحم المكان بجمهور رجال القبائل والحجور، وترقص إحدى نساء الأخدام مع الرجال وتبدو حركة الرقص كأنها عملية ذهاب ومجيء داخل الدائرة الا إنها بالفعل حركات معقدة وتلقى النقود أمام الموسيقى ولابد أن يكون هناك أجرا أكثر يدفع قبل الاستمرار في الرقص وموسيقى الرقص مثيره كثيرة التكرار ولوازمها أو قراراتها عالية صاخبة والراقصون من القبائل يلعبون ( بالجنابي ) أي الخناجر ويرفسون بأرجلهم إلى أعلا في حركات بهلوانية ويدفعون بخناجرهم تحت افخا دهم ثم يخرجونها من الطرف الآخر ويرقص المحيطون رقصا موقعا ويريح الراقصون بعضهم بعضا ويعود الراقصون المجهدون الى الدائرة.
(19) قارن بما ذكره لندبرج في (حضرموت) ص598 وأيضا ما ذكره Gloss Dat ويبدو بعض الأحيان انها رقصة السيف الا انها ليست كذلك بالطبع .
(20) ساه في وادي عدم انظر صلاح البكري في الجزء الثاني ص169.
(21) كثيرا ما يرد ذكر ( النوب ) أي النحل في شعر جنوب الجزيرة وهناك كثير من القوالب الملحقة بهذا الموضوع.
(22) معنى هذا البيت أنني أشفق لمن يرهق نفسه، في العمل أ و يتجاوز الحد في حبه ثم لا يلقى مراده.
(23) يقدم لنا بن هاشم تحليلا تاريخيا لكلمة (ريث) الكلاسيكيةبابدال الثاء ضادا..، انظر لاندبرج فيGloss Dat
(24)أي بحرا من البحور يوصف بالسريع انظر القصائد رقم 18,26,27,وخصوصا 26 وهي قصيدة متهورة.
(25) (تاريخ حضرموت) ج2ص200.
(26) آر. سكني: الاحتفالات والرقص العربي السواحلي مجلة المعهد الملكي لدراسة الأجناس(لندن1917م) (المجلدXLV11 ص413_434) وقد جمعت مواد الدراسة من جزيرة زنجبار( شرق أفريقيا ).
(27) أي حضرموت الغربية ( قبله ) .
(28) مثـوى بمعنى القلعة أوالحصن ،والموطن الأصلي.
(29) عندي نسختان من هذه القصيدة ويقول( رحيّم ) أنه كان حاضرا ذلك المندر أوالنزهة.







التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-25-2008 الساعة 08:50 AM
  رد مع اقتباس