عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-2012, 11:34 AM   #32
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

قفل دوعن ومادوعن إلا بصيف

"صيف"- بصاد مكسورة وتسكين اليا والفا-( قفل دوعن [ أي مفتاح دوعن ] ولها ذكر كثير في التاريخ ، وقد روي عن الشيخ عمر بامخرمه رحمه الله انه قال لبدر بوطويرق : ( حاذر على صيف ، شف مادوعن إلا بصيف )ذكر ذلك بن عبيد الله السقاف في إدام القوت في معرض ترجمته للمدينة وأما كون بلدة "صيف "قفل دوعن أو مفتاح دوعن فأنني أجد تفسيره من كلام السيد علوي بن طاهر الحداد في كتابه (الشامل في تاريخ حضرموت ص212 ) قال:( إذا جاوزت صيف وقطعت ساقتيها استقبلك واديان أحدهما عن يمينك وهو الأيمن يأتي من الجنوب وثانيهما عن يسارك من الناحية الجنوبية الشرقية وهو الوادي الأيسر ويقال ليسر فإذا اجتمعها قيل لهما وادي دوعن بتغليب اسم الوادي الأيمن فإنه الذي يطلق عليه اسم دوعن في العرف الخاص000 )
كان الطقس حار جداً غداة مغادرة الضيوف الخريبة باتجاه مدينة "صيف "أو بلدة صيف إذ تبلغ درجة الحرارة 39.5 درجة مئوية تحت أشجار النخيل في الطريق الذي سلكه (الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) وما هي إلا ساعات حتى وصلوا "صيف" متنقلين بين عدداً من القرى الواقعة على منحدرات جبلية وأشجار النخيل والسواقي التي تمر بها مياه السيول والأعشاب الجافة التي تنتظر المطر0 وقبل أن تصل القافلة التي تحمل الضيوف ومرافقيهم خاصة السيد علوي العطاس إلى محطتهم التالية ؛ فقد مروا ببعض المظاهر الجغرافية التي لفتت نظرهم ووصفوه ومنها, أن أصبح بطن الوادي الشاسع مقفرا, ثم أخذ يضيق فوق طريق من الحجارة الجرداء إلى أن وصلوا مشارف "صيف" التي طلت عليهم فجأة ببنيانها المتواضع وحالة أهلها البائسة كما يقول الهولندي الكولنيل دانيال : (000شاهدنا "صيف" قرب المغيب ترقد فوق منحدر حطام الصخر العريض حيث يصبح الوادي شاسعا جدا وتكسر الشاطئ الصخري وتراجع. ضرب الفقر المدينة الصغيرة المحاطة بالسور, ذات المنازل القصيرة000 ) ثم أردف قائلاً : (ويبدو أن حالة عدد قليل من سكانها قد سمحت لهم بطلاء الطوابق المأهولة بالجير الأبيض [ النورة ]وببناء درابزين [ أي طابقين ] فوق شرفات السطح.)
الوضع العام للمدينة وطبيعة حاكمها وأهلها كما يبدو ، يمكن أن تستنتجه من انطباعات الضيوف الأجانب قال: (قد أفسدتنا معاملة الأيام الماضية حيث كان رجال السلطة والأعيان يستقبلوننا باعتبارنا ضيوفا لهم مكانة مرموقة. على أي حال ما زلنا هنا تحت حماية النظام القعيطي, وزودنا الشيخ الجليل باصرة برسالة إلى حاكم "صيف". وقد حذرتنا عائلة المحضار من حاكم "صيف". فهو رجل فقير, وضليع في علوم الدين التقليدية, لكنه جاهل وليست له كفاءة في مسائل الإدارة الدنيوية. والسكان متعصبون وفقراء. لكننا كنا نأمل فقط أن يمنحنا الحاكم شرفة السطح لقضاء الليل, وليس أكثر من ذلك, لأننا نرغب أن نبدأ رحلتنا صباحاً في اليوم التالي) وهنا ربما تلحظ انعكاس الخلاف أوالصراع الذي كان حينه على أوجه أو اشده بين حضارم المهجر في في تلكم الجزر الاندونيسية الخلابة القابعة خلف المحيط في جنوب شرق أسيا،وهي جزركمستعمرات هولندية قبل الحرب العامية الثانية سنة 1939م 0فالمشائخ وشرائح اجتماعية مختلفة من قبائل وادي دوعن وعمد مثل آل العمودي وآل بلحمر،وآل باصهي وآل باقبصي وغيرهم كانوا في حزب جماعة الإصلاح والإرشاد ؛وفي المقابل حزب الرابطة العلوية التي يتزعمها من السادة العلويين في اندونيسيا خاصة كاآل بن شهاب وآل طاهر وآل بن يحيى وآل الجنيد وآل العطاس وآل باعبود وعلى رأسهم جميعاً آل المحضار المنتمي لهم وزير الدولة القعيطية والشخصية المعروفة محمد بن أحمد المحضار التي لعبت دوراً كبيراً في قطب الصراع وكذا الحاكم أو الوالي عمر باصرة من قبل الدولة القعيطية ، وأنا لست بصدد الحديث عن هذه القضية وإن كنت قد لمست فقط أجواء ماحدث في تحذير السيد المحضار وكلام المؤلف والله أعلم 0
المهم أن الرحلة وصلت إلى صيف وسنترك القارئ أمام ماقد وصفه وكتبه الزائر ومن يرافقه من المهتمين عن بلدة "صيف " قال (بدت "صيف" جافية, خالية من النبات والألوان, والسكان يحدقون بطريقة عدائية إلى مجموعتنا الصغيرة وهي تخترق الشوارع الضيقة المتسخة. ثم قادنا الحراس إلى اسطبل ضيق, اجتزنا الساحة الداخلية التي تقف فيها الأبقار, ثم تسلقنا إلى السطح عبر سلالم ضيقة. وأحاطت بنا منازل طويلة كئيبة منعت عنا النسيم المنعش, وحجبت عنا أيضاً النوافذ الصغيرة التي كانوا يتجسسون منها علينا. وتوافد إلى الأسطبل وإلى سطحنا كل من "توم" و"ديك" و"هاري", حتى أصبحنا بعد قليل وسط جمهور محتشد. كل الجنود من قبيلة يافع, واستقبلوا بحفاوة نيابة عن الحاكم الغائب, ورجونا أن نتقبل القليل الذي يمكن أن يقدموه لنا. بل أحضروا خروفاً وجديا, وخيرونا أن نختار واحداً منهما للعشاء. كان الجنود سعداء بهذا التغيير الذي طرأ على حياتهم الرتيبة. بل أظهروا غاية المودة مما جعلنا نقبل الأمر لا مفر منه ونعد إقامتنا لليل فوق سطح الأسطبل. ولم نر أحدا من سكان المدينة, يبدو أنهم لا يريدون التعامل مع النصارى. أما البدو في الشارع والصبية فقد أبدو اهتماماً كبيراً. وبمساعدة الجنود وبلغة ركيكة, استطعنا أن ننظف مكاننا في السطح ونضع فيه أسرتنا. واستدعوا مجموعة من السكان الذين يتحدثون لغة الملايو. وقد تخلصوا من تعصب أهالي "صيف" من إقامتهم في جاوا وهم يعرفون ويقدرون حكومة هولندا. وهمسوا لنا بأن مكان إقامتنا غير مناسب, فالحاكم فقير وليست له سلطة. وقد تغيب متعمداً ليتجنب مشقة استضافتنا.) لاحظ أن الوصف فيه قسوة لأهل "صيف "خلافاً لما عرفناه من سابق زياراته هل انطباعاته عن سكان المنطقة وبلدتهم وحاكمها على حقيقته ،من المفيد أن نسمع من الأخوة أهل المنطقة أو من هو قريب منهم رأيهم ؟
لم يحصل الضيوف على راحتهم ،أو يتمكنوا من كتابة تقاريرهم بشكل جيد ،لأسباب تتعلق بصخب وضوضاء أحدثها السكان المحليون الذين لم يتركوا فرصة للضيوف لأخذ راحتهم قال : ( ثم قمنا بكتابة مذكراتنا وببعض الأعمال الضرورية الأخرى ونحن وسط كل أنواع الصخب والضجيج. وجلس الجنود من "صيف" مع أتباعنا إلى ما بعد منتصف الليل, وهم يستمتعون بأكل الشواء الأرز, ويتبادلون بأصواتهم النكرة كل أنواع الحكاوى والأخبار. وصلت محاولات "فريده" للاختراق حضرموت إلى مأساة عندما حل على "صيف" الكئيبة هذه. فكان سيء الحظ إذ وصل قبل يوم واحد من زيارة قبر الشيخ أحمد بن عيسى العمودي[ هو الشيخ سعيد بن عيسى العمودي النمتوفي سنه 676هـ وليس أحمد بن عيسى. وهو من كبار رجال التصوف والطريقة في مدينة قيدون وتقام له زيارة سنوية ]) ويتذكر الزائر حوادث حدثت لبعض الأجانب حين زاروا بلدة " صيف " من أهالي المنطقة حيث اجتمع آلاف البدو, وكانوا يعتبرون بعضهم جواسيس للإفرنج الإنجليز في عدن, وقال أن البعض نجوا بأعجوبة من الموت. وعومل بعضهم بقسوة, وانتزعت منهم نقودهم بل وأرغموا على مغادرة "صيف" والعودة إلى الساحل ،ووصفوا أهالي "صيف" بأنهم "مجموعة مريضة إلى حد بعيد ونظرتهم موبوءة"0
ثم حان موعد الرحيل من "صيف "قال :(كانت فترة راحتنا في "صيف" قصيرة الأجل. فعند الرابعة جاء الحاكم, وهو أيضا المؤذن, ليوقظ السيد علوي للصلاة. وبدأنا نستفسر فورا عن الحيوانات التي سنركبها وعن الترحيل. وكانت الإجابات عبارة عن وعود براقة, لأنه بعد فترة طويلة من شروق الشمس لم تظهر أي حيوانات. وأصبح البقاء فوق السطح غير محتمل فليس فيه ظل يحمى من حرارة الشمس. وظللنا ننتظر لساعات عند حقائبنا. واعترانا اليأس. ماذا سنفعل هنا إذا لم نحصل فورا على الحيوانات والسروج؟ لا يمكننا البقاء في هذه المدينة, وصبيانها في الشوارع بلا خلاق, وجنودها الكسالي يتحلقون حولنا. وعندما ظهر الحاكم مرة أخرى واجه عاصفة من التوبيخ. وأرسلنا الجنود أنفسهم لترتيب الأمور. وأخيراً نفضنا عن أرجلنا غبار "صيف" ونحن نتنفس الصعداء. ) وعند المغادرة من صيف رافقهم جنديان إضافيان, من جنود يافع تتحمل السلطنة القعيطية دفع مستحقاتهما، و يبدو عليهما الفقر والشحوب ومرتبهما لا يكفي لإعاشتهما جيداً. كما أخبر بذلك المؤلف قال : ( وطلب كلاهما أن يدخل في خدمتنا ويسافر معنا إلى الخارج. وعمل أحدهما في الفيلق العربي مع نظام حيدر آباد, ويتحدث الهندستانية.)
وحتى الملتقى في محطة ووقفة جديدة لكم تحياتي واعتذاري لأهل "صيف "إن كنت قد أسأت الظن فيهم وما أنا إلا ناقلاً ومعقباً وشارحاً وموضحاً إذا تطلب الأمر0
  رد مع اقتباس