عرض مشاركة واحدة
قديم 05-18-2016, 02:44 PM   #243
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


عفواً: حضرموت لم تتحرر ..!؟

حضرموت برس

15/05/2016 15:09:54


منصور باوادي

إن من أعظم الغبن أن تُصادر حريتك بل وكرامتك, ويُراد لك أن تلزم حالة اليُتم حتى لو كنت رجلا راشدا, لازالتْ ساحتنا تعجُّ وتزدحم بالعقول والأفكار التي تأبى أن تنطلق لتأخذ حريتها واستقلاليتها, وتعيش حياتها وترسم مستقبلها بما حباها الله من إمكانات وقدرات وكفاءات.


إن الزمن كفيل بأن يعلمنا دروساً وعبراً تكون بمثابة السراج المنير لنا في طريق مستقبلنا ومستقبل أولادنا, لكن
قوما من أهلنا وأبناءنا يأبون إلا ملازمة حالة اليتم تلك مهما بلغ بهم العمر عتيا, ويضعون الطوق في أعناقهم ويقدمون طرف الخيط الآخر للآخر كي يقودهم, هذه أبشع صور التبعية وهي لا تصلح إلا مع العاجز المقعد الذي فقد كل شيء حتى حركة أطرافه.

تعيش حضرموت هذه الأيام زخما ثوريا ساخنا عمَّ جميع أطرافها, لأول مرة يحدث -في تصوري- في تاريخها الحديث, وما يميزه أن أغلب الأطراف من الشباب المتحمس, يتسابقون على مضمار مواقع التواصل الاجتماعي, ويتنافسون تنافسا محموما, حول قضية حضرموت, ولا غرابة فحضرموت تستحق أكثر من ذلك, وأهميتها فوق أي اعتبارات أخرى, ومصلحتها تأتي في المقدمة, وكل طرف جعل مما سبق منطلقا له في حراكه مع أخيه الذي يقف في الطرف الآخر.

فالطرف الأول يحن لأمجاد حضرموت المستقلة, التي لم يعرف تاريخها إلا أنها لا تتبع لأي جهة سياسية ما, ولم تكن يوما ما ضمن نسيج سياسي لأي دولة, إلّا فترات من عمرها وسرعان ما تتحرر من تسلط الخارجي وتعود لوضعها الطبيعي, ينادي هذا الطرف وبقوة بعدم إلحاق حضرموت سواء بالشمال أو الجنوب, مؤكدا أن نكبة 67 و90 لا يمكن أن تعود البتة, وأن حضرموت قادرة على إدارة نفسها بل وتستطيع أن تمثّل نموذجا رائعا يحتذى به في نظام الدولة المدنية الحديثة.

أما الطرف الآخر فهم أولئك الذين يرون في حضرموت أحد مكونات دولة ما يسمى بالجنوب العربي, وأنها عاشت في كنفه تحت مفردة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية, وأن انفصالها عنه حاليا يمثل إفشالا للمشروع الجنوبي, وهم في المقابل يؤملون في دولة فيدرالية من إقليمين مستقلين, ويستميتون في أن تبقى حضرموت ضمن المكون الجنوبي, وهذا أفضل وضعٍ لحضرموت في الظرف الحالي حسب قولهم, مع تأكيدي أن أرباب دولة الجنوب نحروا الفيدرالية الجنوبية المزعومة مبكرا باستقدام قوات من الضالع وردفان إلى حضرموت مؤخرا مما أثار حفيظة أبناء حضرموت, واعتبروها بمثابة ضرب جيش النخبة الحضرمي وتفكيكه, وأن ثقة ومصداقية الجنوب في مزاعم دولتهم الفيدرالية قد اهتزت, يضاف لذلك -إذا صدقت الأنباء - وصول القائد العسكري هيثم قاسم طه إلى حضرموت فيكون هذا قد قضى على آخر فرصة تقارب ومصالحة مع الحضارم وأكسبهم يقينا أن الجنوب لا يعرف سوى أنموذجا واحدا للدولة فقط هو 67, وسيطرة أبناء المحافظة الثانية على الدولة ومفاصلها.

هذا الحراك يوحي بأن شباب حضرموت قادرا على التعاطي مع الواقع وإدراك أبعاده ومضامينه, بغضَّ الطرف عن الموافقة والمخالفة وما ظهر لنا من التخبط, أو الانجرار خلف مشاريع الآخرين, فهذه حالة استثنائية بإذن الله تعالى, ولكن ما سبق يعد مكسبا لحضرموت وثروة وطنية لا تقدر بثمن.

وأنا متفاءل جدا أن الشارع الحضرمي سيتفق يوماً ما, وتتحد كلمته على خيار واحد, لكن ما أخشاه أن يأتي هذا الاتفاق بعد خراب مالطا, وبعد أن أضعنا فرصاً كثيرة, وخسرنا قدرات وإمكانات وموارد كبيرة جدا, بل والأدهى من ذلك أن نستفيق ولكن متأخرين جدا بعد مضي عقود من أعمارنا وأعمار أجيالنا حتى ندرك أن "حضرموت تقول كفاية", ونقتنع أننا لسنا أيتاماً قصر بحاجة لحماية ورعاية الغريب.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح