عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-2012, 03:05 AM   #518
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


مثقفو حضرموت لابسو العباءة الجنوبية.. خيبة الأمل بعد طول الرجاء

7/5/2012 المكلا اليوم / كتب: د. عبدالله سعيد باحاج

المؤمن الصادق بدينه وربه يجعل الأمل والرجاء بيد الخالق عز وجل ونحن كبشر نأمل كثير ونتوسم الخير ونحسن الظن في بعضنا البعض في مَن نرى أنه سيأتي لنا بالخير من أهلنا وعشيرتنا، وخصوصاً إذا كان ممن يمتلكون قدرات وإمكانات لا نمتلكها ويحسنون قراءة الواقع قراءة شاملة ويرنون بصدقٍ وشفافيةٍ وإخلاص إلى إنقاذنا مما نحن فيه ويسعون بتجرد إلى جعل ليلنا الطويل والبهيم نهاراً ساطعاً يغمره الضياء والنور من كل جانب.

ومثقفو حضرموت واكاديميوها ونخبها العلمية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والعمالية وكل شرائح مجتمعنا الحضرمي لا شك في أنها توسمت خير في هذا النفر الطيب من مثقفي حضرموت وهم يُشهرون في 19 يونيو 2012م بالمكلا حركةً أو تيار لخدمة حضرموت وأهلها ومستقبلها وتحت مسمى "مثقفون من أجل جنوب جديد"، وهنا تبدأ أُولى وقفاتنا واستفساراتنا المشروعة حول هذا المولود الجديد الذي ظهر, وهل شكل أضافه فعلية لخير حضرموت ؟ أم هو كمالة عدد واقتداء لما يفعله الآخرون ؟ أم وراء الأكمه ما وراءها ؟ هذه الأسئلة يعلم أصحاب هذا التيار ماذا تعني.

واستفساراتي هذه توجه بالخصوص إلى هؤلاء الأحبة والأعزاء من شباب ورجال حضرموت وهم يعلمون مقدار معزّتي ومحبتي لهم، وكنت أقول عنهم دائماً ولا زلت إنهم منارات حضرموت المضيئة والهادية بعون لله تعالى لشعبنا الحضرمي إلى طريق الخير والصلاح، وكانت لهم ولي معهم وقفات لا تُنسى في قضايا كثيرة وخصوصاً في مجال التوعية الثقافية والعلمية في مكافحة القات وفي تعزيز هوية حضرموت وفي نشر النور والمعرفة والوعي في كل شأن يُصلح حضرموت الغالية علينا جميعا.

ولعل هذه الوقفات التي لا تُنسى من جانبي وربما لا تُنسى من جانبهم تسمح لي بان أطرح أمامهم استفساراتي وتساؤلاتي المشروعة حول هذه المولود الجديد الذي أخرجوه للوجود والمسمى "مثقفون من أجل جنوب جديد".

ومن الإنصاف فإن هؤلاء أو بالأحرى بعض قيادة هؤلاء كانوا في ضيافتي بمنتدى حضرموت الثقافي والعلمي وقبل إشهار هذا المولود بأسابيع وقد سُعدت بلقائي معهم, وربما سُعدوا هم بلقائهم معي. وقد تطرقنا إلى فكرة هذه الكيان الجديد الذي سيُطل على الدنيا ويسعون لإشهاره, فكانت لي ملاحظات حول ذلك لم تكن غريبة على مسامعهم وأذهانهم, فقد كنت دائماً معهم وبشافية مطلقة أطرح شيئاً من كنه وجوهر هذه الملاحظات, ولذلك كان تَفهّمهم لها ولا أقول قبولهم بها أمر معتاد بيننا. كنت أقول لهم دائماً: "حضرموت أولاً" وكانوا يردون عليّ "حضرموت ثانياً", وكنت أقول لهم:

إلبس عباءتك الحضرمية أيها الحضرمي لتُعرف بها بين الأمم والشعوب, فكان يردون عليّ: ولما لا نلبس العباءة الجنوبية حتى نكسب جيران من أهل الضالع ويافع وأبين ولحج وعدن وغيرهم. وكنت أقول لهم: انه مَن لا خير له في أهله لا خير له في جيرانه, وكانوا يردون عليّ: بأننا سنجعل الجيران خيرون مثلنا "وربما ملائكة" وهذه العبارة المقوسة لم يقولها أحداً منهم ولكنها تفسيري الشخص نسألهم عن الماضي المؤلم الذي عانته حضرموت من بعض هؤلاء الجيران فيما يسمى بالجنوب وبخاصة من قياداتهم ونخبهم, فكانوا يردون عليّ: بأن ذلك ماض لن يعود وإن هؤلاء النخب والقادة على استعداد لقبول ما يطرحه الحضارمة من حقوق لهم, بل والاستجابة لهذه الحقوق وعندما سألتهم: وكيف سنعمل في محاسبة من ارتكب جرماً بحق حضرموت في الماضي منذ عام 1967 إلى اليوم ؟

فقالوا: مطالبتنا اليوم لمن ارتكب جرماً منذ عام 1994م, أما ما قبل ذلك فلا ينبغي لنا أن نحاسب أحد عليه وإلّا سنفتح على أنفسنا باب جهنم. وأخيراً سألتهم: عن رؤيتهم للمستقبل السياسي لحضرموت وهي التي تعنيني فعلاً قبل أي شيء أخر, فأجابوا: إنّ حضرموت هي جزء من الجنوب "هكذا ببساطة متناهية من بعض مثقفي ونخبة حضرموت", وأضافوا:إنّ علينا أولاً استرداد الجنوب وتخليصه من الاحتلال اليمني ثم بعد ذلك نرتب أوضاعنا داخل الجنوب بما يحقق للحضارمة حقوقهم ضمن دولة فيدرالية جنوبية تضمن لكل إقليم حقوقه. فسألتهم: وما هي ضماناتكم الفعلية والقانونية في تنفيذ ذلك وإعادة حقوق حضرموت لأهلها إذا ما أخل الجنوبيون بتعهداتهم والتزاماتهم في إعطاء حضرموت حقوقها, وقد كان لهم معنا نحن الحضارمة تجارب مرة في النكوث بالوعد منذ عام 1967م, وعودوا بالتاريخ لتجدوا ذلك مسجل ومؤثق. عند هذا الحد من الحوار معهم لم يُـجَبّنا أحد وساد بيننا برهة من الصمت للتفكير والمراجعة فيما قلناه, وأنفض مجلسنا الطيب, وعاد كل منا إلى موقعه.

وبعد أن انصرفوا أُخذت أفكر مع نفسي طيلة ليلتي تلك في أمرين أُحاول إيجاد تناغم بينهما لما فيهما من تناقض صارخ وهما:
أولهما: إنني وبحسن الظن ولازلتُ على ذلك أرى إنّ هؤلاء الشباب والرجال من نخبة حضرموت هم مخلصون فعلاً لحضرموت بدليل أفعالهم وأقوالهم السابقة والتي لا غبار عليها.

ثانيهما: إنّ ما طرحوه في إشهار كيان باسم "مثقفون من أجل جنوب جديد" ومجموعة الأفكار والرؤى المرتبطة بهذا الكيان يجعل حضرموت ثانياً في الاهتمام بعد الجنوب وبناءً على وعود غير مضمونة لإعادة الحقوق الحضرمية المسلوبة منذ عام 1967 هو شكل من أشكال العمل الضبابي وهو شبيه بالخطأ وربما بالخطيئة التي وقع فيها السيد علي سالم البيض بالموافقة العمياء على الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية ودون أخذ ضمانات مكتوبة ومؤثقة لإعادة حقوق "دولة الجنوب ومواطينيها" فيما لو أخفق مشروع الوحدة. وهل يُعقل أن يقع مثقفو حضرموت في مثل هذه الغفلة المتناهية وبساطة التفكير بل وسذاجة الواعي, وهم الذين يتعاملون مع قضايا البحث العلمي والتي تقول أولى أبجديتها أن العقل هو سيد المنطق, وأن المنطق يفترض أن نضع لكل شيء احتمالاته سلبية أو غير سلبية.

وأثناء حواري مع نفسي في تلك الليلة خرجت بمجموعة من الرؤى المتداخلة وهي:
أولاً: إنّ هذا التيار الحضرمي الذي سيُعلن عنه قريباً "وقد تم ذلك حسبما أشرنا إليه في 19 يونيو 2012م" وانه سيكون كالتالي: تيار مثقفون "بلا هوية" لأجل جنوب "بلا هوية", وستبقى المسألة أشبه باللغز وربما يحصل بالإثارة الذهنية والغموض المرافق عادة للروايات البوليسية لـ"آجاثا كريستي"، فمن هم حقيقة هؤلاء المثقفون الذين يسعون إلى بناء الجنوب الجديد الذي لم يحددوا هويته أن كان عربياً أو يمنياً أو هندياً أو أفريقياً أو غير ذلك !, وهل هؤلاء المثقفون "حضارمة ومن معهم" يلبسون طاقية الإخفاء أم أنهم مجرد أشباح أو شبّيحة على الطريقة السورية فلا تعرف لهم شخصية أو ملامح أو عنوان.

ثانياً: لقد علمتُ وأرجو أن يكون ما علمتُ به خطأ وغير صحيح إنّ بعض قادة تيار المثقفين هذا قد غادروا حضرموت إلى بيروت لمقابلة السيد علي سالم البيض إما بطلب منه أو بمبادرة ذاتية منهم وهذا أمر لا غبار عليه. ولكن أن يتم إشهار هذا التيار بعد عودة هؤلاء من بيروت فربما يشكل علامة استفهام, ومع التأكيد الكامل إنّ لك حضرمي الحق المطلق الذي لا منازعة فيه في أن يُؤيد أو يُعارض من يشاء من الساسه والقادة. ولكن أن يُربط الإشهار بعودة هؤلاء من بيروت إنْ تم ذلك فعلاً فهذا يعني أحدى أمرين: إما صدفة مرتبة بتوقيت أو تصادف بلا توقيت.

ثالثاً: إذا كان هؤلاء القادة من مثقفي هذا التيار قد قابلوا السيد البيض فهل أقنعوه بحقوق حضرموت منذ عام 1967م إلى عام 1990م والتي بلا شك مرتكز نشاطهم وعملهم ولا أحد يمكنه أن يزايد على تخليهم عن هذه الحقوق إما انّه هو الذي أقنعهم بأنّه ليس من الضرورة المطالبة بحقوق حضرموت من عام 1967م إلى عام 1990م وإنما المهم أن تتم المطالبة بحقوق الجنوب كله من عام 1994م إلى اليوم.. ونحن نقول انّه يجب على قادة تيار "مثقفون من أجل جنوب جديد" أن يوضحوا لشعب حضرموت حقيقة هذا الأمر حتى يكون مجتمعنا الحضرمي على بصيرة مما حدث, فلا يؤخذ هؤلاء المثقفون الحضارمة بجريرة لم يرتكبوها في نظر شعبنا الحضرمي.

رابعاً: بما أن السيد علي سالم البيض قد صرّح لإحدى القنوات الفضائية اللبنانية منذ حوالي شهر بأنّه بعد "فك الارتباط" سيُطرح أمام شعب الجنوب الاستفتاء على مسمى دولة الجنوب وليختار أحدى الاسمين إمّا "اليمن الديمقراطي" إمّا "الجنوب العربي" وهذا يعني في تقديرنا إنّ إسم "حضرموت" ليس وارد في ذهن السيد البيض رغم إنّه حضرمياً وإبن حضرمي ومن سلالة حضرمية معروفة وولد وتربى ونشأ في حضرموت ورغم إنّه يعلم تماماً إنّ حضرموت بلا جنوب يمكن أنْ تستمر وتعيش, ولكن جنوب بلا حضرموت لا يمكن أنْ يعيش ويستقر.

خامساً ويعلم كذلك إنّ ثلثي المساحة وأكثر من نصف السكان ومعظم الموارد الاقتصادية ومكونات التراث كلها بيد حضرموت, أي "أن الجنوب يمكن أنْ يكون حضرمياً, ولكن حضرموت لا يمكن أنْ تكون جنوبية"، ورغم ذلك يصر السيد البيض - هذا رأي وموقف يخصه وحده - على استبعاد إسم حضرموت من قائمة الخيارات المطروحة على الاستفتاء على مسمى دولة الجنوب القادمة وهنا يبرز تساؤل مشروع في هذا الصدد ألا وهو: هل مسمى "اليمن الديمقراطي" مناسباً لأبناء حضرموت ولبقية أبناء الجنوب أما إنّه ترضية لأطراف محدودة تُمسك من القوة والتأثير والقدرة على صناعة القرار عند السيد البيض. وإذا كان الأمر كذلك فليختصر السيد البيض المسألة ويقول: "إننا نسعى لعودة اسم اليمن الديمقراطية إلى دولة الجنوب القادمة" وبلا لف ولا دوران.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح