12-14-2010, 01:21 PM
|
#7
|
حال متالّق
|
هنا للأهمية تفسير سورة الملك لابن كثير
وهي تفيدنا في هذا الموضوع وساضعها هنا
ــــــــــــــــــــــ
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الآية رقم (1 : 5)
{
تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير . الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن
عملا وهو العزيز الغفور . الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت
فارجع البصر هل ترى من فطور . ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير .
ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير
}
يُمَجِّد تعالى نفسه الكريمة، ويخبر أنه
{بيَدِهِ المُلْكُ}
أي هو المتصرف في جميع المخلوقات، بما يشاء، لامعقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل، لقهره وحكمته
وعدله، ولهذا قال تعالى: {وهو على كل شيء قدير}، ثم قال تعالى: {الذي خلق الموت والحياة}
ومعنى الآية أنه أوجد الخلائق من العدم ليبلوهم، أي يختبرهم أيهم أحسن عملاً. عن قتادة قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول:
(إن اللّه أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل
الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء) "رواه ابن أبي حاتم"،
وقوله تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملاً}
أي خيرعملاً كما قال محمد بن عجلان، ولم يقل أكثر عملاً، ثم قال تعالى:
{وهو العزيز الغفور}
أي هو العزيز العظيم، المنيع الجناب، وهو غفور لمن تاب إليه وأناب، بعد ما عصاه
وخالف أمره، فهو مع ذلك يرحم ويصفح ويتجاوز، ثم قال تعالى:
{الذي خلق سبع سموات طباقاً}
أي طبقة بعد طبقة، وقوله تعالى:
{ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}
أي ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل، ولهذا قال تعالى:
{فارجع البصر هل ترى من فطور}
أي انظر إلى السماء فتأملها، هل ترى فيها عيباً أو نقصاً أو خللاً أو فطوراً؟ قال ابن عباس ومجاهد:
{هل ترى من فطور}
أي شقوق، وقال السدي: أي من خروق، وقال قتادة: أي هل ترى خللاً يا ابن آدم؟ وقوله تعالى:
{ثم ارجع البصر كرتين}
مرتين، {ينقلب إليك البصر خاسئاً}
قال ابن عباس: ذليلاً، وقال مجاهد: صاغراً، {وهو حسير}
يعني وهو كليل، وقال مجاهد: الحسير المنقطع من الإعياء، ومعنى الآية: إنك لو كررت
البصر مهما كررت، لانقلب إليك أي لرجع إليك البصر
{خاسئاً}
عن أن يرى عيباً أو خللاً، {وهو حسير} أي كليل قد
انقطع من الإعياء، من كثرة التكرر ولا يرى نقصاً، ولما نفى عنها في خلقها النقص، بيّن كمالها
وزينتها فقال: {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح}
وهي الكواكب التي وضعت فيها السيارات والثوابت، وقوله تعالى:
{وجعلناها رجوماً للشياطين}
عاد الضمير في قوله {وجعلناها}
على جنس المصابيح لا على عينها، لأنه لا يرمى بالكواكب التي في السماء، بل بشهب من
دونها، وقد تكون مستمدة منها، واللّه أعلم.
{وأعتدنا لهم عذاب السعير}
أي جعلنا للشياطين هذا الخزي في الدنيا، وأعتدنا لهم عذاب السعير في الأخرى كما قال تعالى:
{إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}
قال قتادة: إنما خلقت هذه النجوم لثلاث خصال: خلقها اللّه زينة للسماء، ورجوماً للشياطين،
وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف
ما لا علم له به "رواه ابن جرير وابن أبي حاتم".
وقوله تعالى
الآية رقم (16 : 19)
{
أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور . أم أمنتم من في السماء أن
يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير . ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير .
أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير
}
وهذا أيضاً من لطفه ورحمته بخلقه، أنه قادر على تعذيبهم بسبب كفر بعضهم، وهو مع هذا يحلم
ويصفح، ويؤجل ولا يعجل، كما قال تعالى:
{ولو يؤاخذ اللّه الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} الآية،
وقال ههنا: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور}
أي تذهب وتجيء وتضطرب،
{أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً}
أي ريحاً فيها حصباء تدمغكم كما قال تعالى:
{أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ثم لا تجدوا لكم وكيلاً}،
وهكذا توعدهم ههنا بقوله:
{فستعلمون كيف نذير}
أي كيف يكون إنذاري، وعاقبة من تخلف عنه وكذب به، ثم قال تعالى:
{ولقد كذب الذين من قبلهم}
أي من الأمم السالفة والقرون الخالية،
{فكيف كان نكير}
أي فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟ أي عظيماً شديداً أليماً، ثم قال تعالى:
{أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن}
أي تارة يصففن أجنحتهن في الهواء، وتارة تجمع جناحاً وتنشر جناحاً،
{ما يمسكهن} أي في الجو
{إلا الرحمن}
أي بما سخر لهن من الهواء من رحمته ولطفه،
{إنه بكل شيء بصير}
أي بما يصلح كل شيء من مخلوقاته، وهذه كقوله تعالى:
{
ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا اللّه إن في ذلك
لآية لقوم يؤمنون}.
تفسير أبن كثير
|
|
|
|
|