عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2005, 05:59 AM   #5
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي الازهر نواة النهضة الطبية بمصر

لما استقبلت مصر عصر اليقظة- بعد انتهاء الحملة الفرنسية- كان مما تعانيه البلاد تفشي الأمراض والأوبئة وفتكها بالألوف، حتى أن من كانوا يموتون من الكوليرا والطاعون أكثر عدداً ممن كانت تقضي عليهم الحروب، وكان التطبيب يومئذ احتكاراً لطائفة ممن أخذوا فنهم بالممارسة من غير دراية على أسس علمية. فاستعدت الحكومة طبيباً فرنسياً هو" كلوت بك " كان له أكبر الفضل في إرساء قواعد النهضة الصحية في مصر، وهو الذي نادى بأن الحل الناجح هو تأسيس مدرسة الطب، لتخريج أفواج من أطباء مصريين يخدمون مواطنيهم بدلا من برد الاستعانة بعدد مت الأطباء الأجانب وقد كان "كلوت بك " حصيفاً هذا الرأي، إذ استطاعت المدرسة التي نادى بتأسيسها أن تخرج أمر من أربعمائة طبيب خلال خمس سنوات. وتم تأسيس المدرسة كسنة 1827 في "أبي زعبل ) ، على مقربة من القوات العسكرية، وانتخبت هيئة التدريس من الفرنسيين والإسبانيين والطليان والبافاريين وكانت المحاضرات تلقى باللغات الأجنبية وتملىترجمتها العربية على الطلاب إما طلاب الدفعة الأولى فكان عددهم مائة وكلهم من تلامذة الأزهر اختيروا منه لأنه البيئة العلمية المستنيرة أما برامج التدريس فكانت تشمل المواد الآتية: الطبيعة والكيمياء والنبات والتشريح والفسيولوجيا والصحة العامة والأدوية وعلم السموم وعلم الأمراض والأمراض الباطنية والأمراض الخارجية والصيدلة. وهكذا كان أبناء الأزهر دعائم النهضة الطبية في العصر الحديث، ونواة هيئة التدريس في كلية الطب بعودة البعثة الأزهرية من فرنسا " باريس " حيث أمضت ست سنوات في التحصيل والممارسة. وحسبنا أن نذكر من أعلام تلك الحقبة في التشريح محمد الشباسي وفي الجراحة محمد علي البقلي وفي الأمراض الباطنية محمد الشافعي وفي الرمد مصطفى السبكي وفي أمراض النساء والأطفال السيد أحمد الرشيدي وفي الصحة محمد الهراوي. ولم يقتصر جهد هؤلاء الرواد الأزهريين على دراسة الطب وممارسته بل حملوا إلى جانب ذلك أعباء الترجمة والتأليف وعنوا مع غيرهم من أبناء الأزهر بوضع المصطلحات العربية المقابلة للمصطلحات الأجنبية وتحرير المادة العلمية وصياغة عباراتها وتصحيح ما يترجم منها، حتى زاد عدد الكتب المترجمة في ذلك العهد على خمسين كتاباً. وبجانب كل ذلك كان للأزهر فضل إرساء قيم لتنمية التعليم الطبي وتيسيره على الوجه الصحيح، فإنه لم يكن بد في مدرسة الطب المحدثة من مزاولة التشريح، ولكن بعض الطلاب كانوا يتحرجون من ذلك ويعارضون أن تتعرض أجساد الموتى للعبث بها مهما يكن الباعث على هذا التعرض. وحدث يوماً أن حاول أحد الطلاب أن يفتك با لطبيب" كلوت بك " وهو يمارس تشريح جثة في مشرحة المدرسة، فهم بأن يطعنه بخنجره مرتين ولكن الطلاب حموه، من أن يصاب بسوء وهنا قام الأزهر الشريف بدوره العظيم في إطفاء الثورة وإخماد الفتنة وتمكين الطب من أن يؤدي رسالته فوقف شيخ الأزهر " حسن العطار " في امتحان مدرسة الطب يصدع برأي الدين في تعليم الطب ويشيد بفائدته في تقدم الإنسانية فكانت هذه الشجاعة في إحقاق الحق نقطة انطلاق للتعليم الطبي، وذلك بفضل الله على لسان رجل الأزهر شيخ الدين.
  رد مع اقتباس