عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2010, 12:56 PM   #9
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد حامد [ مشاهدة المشاركة ]
تسلم ابوعوض على بحثك والذي تضمن الدرر التاريخية في تاريخ الدولة القعيطية
تقبل عبوري



كان السيد حسين بن حامد المحضار يقوم بمهمة وزير السلطنة القعيطية إذ لم يكن بالسلطنة إلا وزيرا واحدا ، تلك السلطنة الضعيفة المتهالكة المضطربة يدير شؤون توسعها وبسط نفوذها رجلا واحد اسمه حسين بن حامد المحضار ، منحه السلطان غالب بن عوض القعيطي صلاحيات كاملة ، ووقع له على اوراق رسمية بيضاء عليها ختمه وامضاءه فقط ، وما يريده السيد حسين بن حامد المحضار يمليه ويكتبه ، ذلك في ظل حكم سلطان ضعيف وجاهل يؤمن بالخرافات واباطيل الدجالين ، ألى حد أنه كان يشتري الصكوك منهم لقصور موعود بها في الجنة فمات وفي خزينته الخاصة عشرات الصكوك من تلك الضمانات ، يقول عنه المؤرخ ابن عبيدالله :

(( فتراه كثيرا ما ينخدع بأباطيل الدجالين ، واضاليل الكذابين ، حتى لقد أجتمع عنده عدة صكاك من ضماناتهم له بالجنة ، وكان أحدهم يعتاد المجئ إليه في الخلوة ، وينهي له السلام من الشيخ يعقوب ، صاحب التربة بالمكلا ، ويذكر له من حبه له فقال له السلطان : إن كنت صادقا فأنا حري على الاجتماع به في الحس ، ورؤيته كفاحاً في اليقضة ، فأجابه بإمكان ذلك ، غير أن استمهله بأخذ رأي الشيخ يعقوب ، ويعين له موعد الاجتماع ، ثم تواطأ مع شريك له في العمل ، جلس على القبر بكم كالخرج ، وتاج كالبرج ، وهيئة تناسب الحال ، وتصدق المقال ، ثم دعى السلطان عند استثقال المضاجع ، وما الفاه السحر إلا وهو راجع ، وهكذا راجت الخديعة ..))

وهكذا راجت الخديعة على السلطان غالب بن عوض وظن المسكين أنه رأى الشيخ يعقوب المتوفى في القرن السادس الهجرى في الحس عيانا ، هذا السلطان الذي كان يشغل في عهده السيد حسين بن حامد المحضار وزيرا لسلطنته .


تلك تصاريف الدهر فالسلطان غالب بن عوض ابن مؤسس الدولة القعيطة ذلك الجمعدار صاحب الصيت والشهرة في حيدر آباد وفي حضرموت (( قاد الجيوش وشل العروش ، واذل الهام ولزم المهام طالما امتدت نفسه الى بقاع تمناها بالالوف وريّ السيوف وركب الحتوف فلم ينل مشتهاه حتى بلغ اجله منتهاه ثم ما هي إلا عشية أو ضحاها حتى دال الأمر ، واستحال الخمر وسمح الدهر فألقت بنفسها في احضان المترجم بلا مهر )) والمترجم له المقصود السلطان غالب بن عوض القعيطي اضعف سلاطين القعطة .

كما اسلفت سابقا ان ذكرت شيئا من ماكتبه بن عبيدالله عن السيد حسين بن حامد المحضار بأنه ((كان لايحب أهل العلم ولا مساعدة المدارس ، طول أيام وزارته ، كما هي العادة الغالبة على المستبدين ... ))

وكان ايضا يشكك في علوم القوم ويستهزئ بها جهارا فقد روى عنه بن عبيدالله قوله : (( حدثني بقصة جرت له مع الاستاذ الوالد أحمد بن حسن العطاس ، قال : لما وردت (( القويره )) القيته بها قبيل موته بمدة يسيرة ، فبينما نحن معه يوما في مجلس مشهود ، أجتمعت فيه من كل ناحية الوفود ، وتلميذ له يقرأ في مجموعة كلامه حتى أتى على ذكر شئ من أحوال الكشف ، يذكر فيه اجتماعه بالمتقدمين يقظة ، قال : فلم أشعر إلا وانفلت مني أن قلت له : ياعم أحمد أما نحن فنكذب على الناس والأمر سهل ، ونخاف أن يكون كلامكم هذا كذبا على الله ، فوجم لها القوم كأنما ضربوا بصاعقة وغلب عليّ بأثرها الخجل ....))

نستقرأ من ما رواه السيد حسين بن حامد المحضار مصداقيته في الاعتراف بالكذب فقط ، وهذه المصداقية الوحيدة التي يعترف بها من يشتغل بالسياسة وإدارة شؤون الحكم و أمر الوزارة ، فالصدق عند مثل هؤلاء هو اعترافهم بانهم يكذبون على الناس وفي رأيهم ان الكذب مباح لهم فالسياسة لعبة قذرة تقوم على النفاق ، والكذب امره سهل وربما لايعلم السيد حسين بن حامد المحضار بأن الكذب من آيات النفاق . ولكن حاله حال من اندفعت نفسه بشهوة جامحة نحو الشهرة والسلطة ، حتى يرى أن الدولة والتسلط على الناس هي الجنة الموعودة ، وقد صرح بذلك في احد زوامله حين قال:

الديوله يامن بغاها=يلقي لها حنه ورنه
والفائده لي من قفاها= (يانار حاره يابارد جنه )

مع ملاحظة اضطراب الشطر الأخير ؟

تميزت إدارة سلطة توزير السيد حسين بن حامد المحضار للدولة القعيطية أن السيد حسين كان يحب التسلط واستغلال النفوذ ، وادارة سلطنة وليدة بعقلية القبيلي المتخلف ، ربما كان يلجأ الى الزوامل والقصائد في عرض عضلات وقوة لهيبة سلطنة ضعيفة في الأساس ، كانت تحتمي بمعاهدة الحماية البريطاينة التي اعطتها صفة الاستمرار والحكم ، لهذا لاغرابة حين نستشف في معظم قصائد ومساجلات وزاوامل الوزير حسين بن حامد تلك الروح المريضة التي لا تدل على رجاحة عقل أو تفكير رجل دولة ثاقب بصير ، نستقرأ من زوامله واشعاره (( وهي الأثر الوحيد التي تركه من بعده )) انه شخصية استفزازية تستغل اي نصر ولو كان سقوط كوت قبلي صغير بأن نصر حققه عسكر السلطان وعبيده نصر قبلي ويتزمل من اجل التشفي والاستعلاء على الخصم الآخر .

ويروى انه عزم سلاطين آل عبدالله لزيارة شبام وسار السيد حسين بن حامد المحضار في لقائهم الى خارج البلاد وفي آخر الزامل تحت الحصن قال السيد حسين بن حامد

الحصن هذا حق غالب بن عوض= لي خصه الرحمن من بين الملوك
بيده مفاتيح الخزائن والفرض=ويافع الثقلين عنده واللكوك

عاش السيد حسين بن حامد المحضار تحت وطأة وايحاء شعور ووهم ظل ينتابه منذ صباه ، سيطر على وجدانه وعاش تحت وطأت حلمه ، ذلك من واقع الايمان بمقولة سمعها من جده منذ أن كان صغيرا يقول : (( أخبرني جدي مرة من المرات قال : ياحسين حلاتك ثلاث ، أولها شيطان ، وأوسطها سلطان ، وآخرها برهان )) غير أن التاريخ الشخصي ومن عرفوا السيد حسين بن حامد المحضار يؤكدون أن المرحلة الثالثة من حياته لم يبلغها (( البرهان )) .

ليست تلك النبؤوة المزعومة التى تنبأها له جده هي وحدها التي حركته في شهوة السعي للحكم ، إن نزوع الى حب السلطة والتقرب لها نزعة سيطرت على وجدانه وامنية من امانيه فقد قال ابن عبيدالله : (( أخبرني غير واحد أنه اجتمع حسين بن حامد ، وعمر بن أحمد باصره ، واحمد بن عامر بابك ، فتنمى الأول حكم الشحر والمكلا ، وتمنى الثاني حكم وادي ليمن وليسر ، وتمنى الثالث أن يكون بريدا بينهما فحصل لكل ما تمناه ..))




.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 10-09-2010 الساعة 01:05 PM
  رد مع اقتباس