عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-2004, 05:14 AM   #13
جمال العطاس
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية جمال العطاس


هواياتي :  الشعر والمواضيع الادبيه
جمال العطاس is on a distinguished road
جمال العطاس غير متواجد حالياً
افتراضي إختلاف التكوين الفكري والثقافي !!!

تقبُل النقد والنقد الأدبي ( بالذات ) مسألة تخضع للتكوين الفكري والثقافي , كما ان مسألة النقد الأدبي ذاتها تخضع أيضاً لنفس التكوين .
فالناقد أحياناً قد تجنح به ميوله يمنة ويسرة ويخرج كلياً عن إطار النقد الهادف والبنّاء . فنجد البعض يقحم المواقف المترسبة في ذهنيته ويبلورها ضمن مايطرحه من نقد لبعض الطروحات . ذلك انه وقع تحت تأثير ( الإنطباع المُسبق ) عن هذا الكاتب أو عن ذلك الموضوع فيظهر نقده ( مشبّعاً ) بالتحامل !!!
فلا خيرَ في علمٍ يرادُ بهِ أذى = كمن يدُس زعاف السّمِ في العسلِ
كما ان بعضا أحياناً يستبد به الشعور بأنه قد أُستُهدِف من قِبَل ( ناقديه ) إذاما عقّب البعض على مايكتب حتى وان لامست تلك التعقيبات والإنتقادات شيئاً من واقع كتاباته وأصابت جزء من الحقيقة . الكثير منّا لايروق له أن ( تُنتَقَد ) أعماله وأطروحاته . فنحن نفضّل دوماً أن يقرأ الغير مانكتب دونما مناقشة أو إعتراض من قبل الآخرين . ليس هذا فحسب بل ربما ننتظر عبارات الإطراء والمديح . وقد قيل :

يهوى الثّناءَ مُبَرَّزٌ ومُقَصٍّرُ = حُبُّ الثّناءٍ طبيعَةُ الإنسانٍ

وإذاما تعرّض أحد منّا بنقدٍ حتى وإن لامس الحقيقة , شعرنا وكأننا قد أُستهدفنا . كل ذلك إنما هو تأثير للتكوين الفكري والثقافي الذي أصبح جزء من تركيب شخصية كل منّا . فلذلك نعمد إلى وصف الآخرين بالجهل والضحالة وإلى تسفيه مفاهيمهم ونزعم بأننا وحدنا الذين نملك المراجع ونحسن القراءة والفهم الصحيحين ونعمد إلى تنزيه أنفسنا وأقلامنا . وهذا هو التجسيد الحقيقي ( للجهل ) . وكما قيل :

ياأيها الرجل المعلم غيره = هلاّ لنفسك ذلك التعليمُ
تصف الدواء لذي السقام وذي العناء = كيما يُصح به وأنت سقيمُ
وتراك تصلح بالرشادِ عقولنا = أبداً وأنت من الرشادِ عديمُ
فأبدأ بنفسك فأنهها عن جهلها = فإذا إنتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناك يُقبَل ماتقول ويُهتدى = بالقولِ منكَ وينفع التعليمُ
لاتنه عن خلقٍ وتأتي مثلهُ = عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم

الكثير يعتقد ان حصيلة مايقرأ وماترسخت في ذهنه من مفاهيم كنتائج لهذه القراءات هي الصحيحة دونما غيرها. فلذلك ينطلق إلى فضاءات غريبة من الفهم يطغى عليها مفهوم التفرُّد ورفض كل مايعارض مفاهيمه ويعتبر ان ماتوصّل إليه من فهم لايستوعب النقاش ويخرج عن دائرة النقد والتصويب .
من صلب الأدب العامي ( الشعبي ) طرح مثل هذه الطروحات عن( الشاي ) أو ( النعجة ) أو ( ناقة السقّاف ) أو غيره مما تختزنه ذاكرة المجتمع والإستدلال عليه بماقد قيل شعراً أو نثراً . ولكن الوقوف على فواصل محددة وضيقة تجعل من هذا الطرح يبدو باهتاً وتظهر إصابته ( بالأنيميا الفكرية ) وتكشف عن عدم تمرّس يصل أحياناً إلى درجة الإسفاف . بعكس الإستطراد ( المركّز ) والإتيان بمايغني ويثري الموضوع علمياً وأدبياً . فليس إسفافاً عندما نقرأ عن الشاي أو غيره .ولكن الفارق هو سلاسة الأسلوب والتركيز على المغني وهذا يعتمد على التكوين الفكري والثقافي للكاتب أيضاً .
كما ان إستخدام شبكة الأنترنت كمصدر مذهل ( لِكَم ) المعلومات أمر في غاية الأهمية وله بالغ الأثر على التكوين الثقافي والفكري للمتلقي والناقل وكذلك ( الكتاب ) . ولكن يبقى عليهم تصنيف هذه المعلومات وإلتقاط مايثري ومايضيف ( الكيف ) . كما ان استخدام هذه الشبكة أيضاً لإيصال المعلومة في شتى المواضيع المعرفية العلمية والأدبية والإقتصادية منها وغيرها يتوقف ايضا على ذلك التكوين !!!
أرى ان هذا التقديم لموضوع الشاي رائع جداً . فقد قُدّم بالأسلوب الذي يجب !!
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة جمال العطاس ; 01-19-2004 الساعة 05:19 AM
  رد مع اقتباس