عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2011, 09:59 AM   #14
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

تعد مدينة مقديشو من أجمل المدن الأفريقية لما ميزتها الطبيعة بجمال ومناخ ساحر ، وشاطئ نظيف يفضله المصطافون على المرتفعات ، وكان ( حمروين ) الحي التجاري يعج بحركة تجارية مزدهرة ، وكان للإيطاليين وجودا مأثرا في المدينة ، وقد طبعوا على تصميم شوارع المدينة الطابع العمراني الايطالي ، لهذا يتمتع الإيطاليون بمكانة مهمة بين السكان بوصفهم الاسياد المستعمرون ، وتقوم نخبة من رجال الأعمال الايطاليين بإدارة بعض مفاصل حركة الإقتصاد الصومالي ، كمصانع السكر وبعض المعلبات وصناعة الجلود وزراعة الموز وتصدير اللحوم والمنتجات الأخرى الى الأسواق الإيطالية والأوربية ، وكانت هناك جالية إيطالية في مقديشوه ، وكانت الفتيات الإيطاليات يتمخترن في شوارع الحي التجاري ( حمروين ) وبقية المدن الصومالية، ويفضلن السباحة على ساحل البحر وهن لابسات ( المايوهات ) ، ومن المعروف عن النساء الإيطاليات أنهن يتمتعن بالجمال الساحر.

كيف لايكن جميلات في عيني شاعرنا خميس كندي ، وهو الذي ألف من قبل على سحنة الحبشيات السمر ، ثم يرى تقاطيع اجسام الصوماليات ( المنبعجات كثيرا من الخلف ) ..!! .
شاهد شاعرنا جنسا مختلفا وجمالا يضرب به المثل . لهذا كم صبا قلبه بمفاتنهن وتولع بجمالهن ، وإن كان الوصال منهن بعيدا عنه وأبعد من لقاء ( الغول والعنقاء ) ، ومع ذلك فلابأس أن يعبر عن شعوره من خلال شعره ، فحين زار شاعرنا كندي مدينة ( مركه ) وهي تقع جنوب مقديشو رأى غانية ايطالية كانت آية في الجمال ، وكان جمالها يبهر من يراها ، ولم يستطع شاعرنا خميس كندي كبت مشاعره وشاعريته أمام هذا الجمال الرباني فقال في ديوانه (( هذه القصيدة القاها الشاعر في مركه عندما القا نظرة على احد الغواني الايطالية في سوق ( مركه ) في الساعة أربع مساءا وهي تمشي في الطريق الرسمية )) ، قال شاعرنا وهو مبهورا بجمالها الذي انساه قول الأستهلال أو المقدمة التقليدية في الشعر الشعبي :

يقول ود سالم نظرت الهلال=يضي على مركه عشيه
فقلت هاذي شمس أم ذا خيال=أم هي قمر أم هي صبيه
أو صاب عقلي ياصحابي خبال=إيش السبب إيش القضيه
قالوا تأمل في بديع الجمال=وإذا بها هيفاء رضيه
تمشي في الرصده(1) شبيه الغزال=دلا ..دلا بالهمزيه
ما تلبس إلا كل غالي وعال=تفصيل موضه باريسيه
في مدرسة رومه تعلّم كمال= واختم دروس المدنيّه
عنده شهاده من ملوك الجمال=بيده شهادات قويه
لو شافه القاضي مسى في ظلال= وأدخل معه في الجاهليه
والعاد باينشد حرام أوحلال=الحسن فتان البريه
فقلت ياسيد الغواني تعال= كلمه عربيه بتيه
نظر إلي نظرة استهزا وقال= من الذي يدعي عليّه
فقلت له عاشق يريد الوصال= حاسبه بايعطف عليه
فهم كلام بعد شدّه وقال= زلت لسانك في خطيّه
ياطامعا بالوصل مني محال=وش جاك تتكلم معيّه
ما بيننا من سمح خط اتصال= وإلا لغتنا مستويه
أنا مسيحي وانت مسلم محال= با يتفق طبعك معيّه
العفو منك يابعيدة المنال= قلدتها أبواب الهويه

أنصرف شاعرنا خميس سالم كندي الى بلاجوا عرب ، وهو يداعب خياله العاطفي ، وميقنا أن هناك حاجز ديني ، ولغوي ، وعرقي ، بينه وبين هذه الغانية الايطالية الحسناء. ولكنه لم ( يقلد ) يغلق باب الهوية أمام تلك الصبايا العربيات واللواتي كن يتمخطرن كل عشية في شوارع ( بلاجوا عرب ) يتزاورن لبعضهن البعض ، وربما لسان حاله يقول حينئذ كما قال الشاعر الكندي ابوالطيب المتنبي :


ذِكرُ الصِبا وَمَراتِعِ الآرامِ = جَلَبَت حِمامي قَبلَ وَقتِ حِمامي
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمومُ عَلَيَّ في= عَرَصاتِها كَتَكاثُرِ اللُوّامِ

فذكر الصبا و مراتع الآرام العربيات في بلاجوا عرب ، وبين طرقات ( الحي العربي ) الترابية الغير معبدة ، وصف لنا شاعرنا خميس سالم كندي الصبايا العربيات بين تلك الطرقات الترابية ، فقال في ديوانه :
(( ( وهذه الأبيات في مقديشوه بلاجوا عرب غزلية يصف فيها هيامه وولعه كما يصف الطرقات التي لاتخلو في كل دقيقه من الجنس اللطيف والطرق هي ( ملايم ) أي مطالع قيزان في هذا الحي )).
قال كندي على صوت ( وسط بستان شفنا التين والرمان ):

خرج فصل والثاني نبا العود يسري=وكل سالي وذايق باه يسمع حنينه
ونغمات الوتر تصغا لها الآذان = وسط بستان شفنا التين والرمان
بلاجوا من دخلها يوم في العمر يكفي=وباينظر ماسر والكنوز الثمينه
تضاهي الخلد لي بوابها رضوان= وسط بستنان شفنا التين والرمان
( ملايمها )(2) ملانه بالذهب قال كندي=وفيها التبر يتحصل على كل عينه
وفيها الماس والياقوت والمرجان= وسط بستان شفنا التين والرمان
وسط سوق المحبه بعت روحي وعقلي=رهنته يوم لكنه غلق في الرهينه
بنات آدم تملكنه ونا فرحان=وسط بستان شفنا التين والرمان
خفاف الروح ياسالم تنوين قتلي=صديقك من محبتهن عسى الله يعينه
وإن مت اكتبونا ميت الغزلان= وسط بستان شفنا التين والرمان
وصاتي في ( الوليجه ) (3)أتلوها على أهلي= وخبروهم بأنا مت موته كنينه
قتيل البيض لي عذبن كل انسان= وسط بستان شفنا التين والرمان
كذب مجنون(4) ماوقع له كما ما وقع لي= شواهد ولد كندي مبينه
معذب في محبتهن الما الآن= وسط بستان شفت التين والرمان

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) الرصدة : الطريق المعبد.
(2) ملايمها : جمع مليمه ، كثبان الرمال.
(3) الوليجه : الحقيبة.
(4) مجنون :يقصد به مجنون بني عامر قيس بن الملوح.


.
التوقيع :
  رد مع اقتباس