عرض مشاركة واحدة
قديم 05-27-2010, 01:41 AM   #10
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


اليمن، ماء "الحراك" وزيت "الحوثيين "

بتاريخ : الأربعاء 26-05-2010 05:08 مساء


شبكة الطيف - بقلم : حسن البطل - الايام الفلسطينية

سقط بيت شعر للشاعر العمودي الأعمى اليمني الـمتوفّى عبد البردوني، وبقي بيت آخر واقفاً. قال في أحوال بلاده العجيبة قصيدة، منها "جنوبيون في صنعاء شماليون في عدن"، ومنها (ما لـم يسقط أو يتساقط) قوله: "يمانيون في الـمنفى ومنفيون في اليمن".

هل عاش وقالها قبل تحقّق أمنية الوحدة اليمنية، أم مات ولـم يشهد بداية تفكّكها، وهي التي يحاول الرئيس اليمني الـمديد، علي عبد اللّه صالح، منع انفراط عراها باقتراحه، في عشرينية الوحدة، أن يجمع في "حكومة وحدة وطنية" بين "الحراك الجنوبي" و"حركة الحوثيين"؟ ماء وزيت لا يمتزجان، ولو بـ "حفنة" عفو عن "الحراكيين" وعن "الحوثيين" معاً.

"ح" حراك، و"ح" حوثيين و"ح" ثالثة هي "حكومة" مشتركة، علـماً أن السودان، وهي بلاد "الصمغ العربي" تبدو عاجزة عن منع انفصال جنوب البلاد الأسود الأفريقي عن شمالها العربي الأقلّ سواداً.. فكيف للعقيد الـمؤبد اليمني أن يكون نسر اليمن بجناح "حراكي" ذي جذور اشتراكية، وجناح "حوثي" ذي جذور أصولية ــ قبائلية؟

ستقولون إن أزمة الفكرة القومية (العروبة) ذات مسؤولية ما عن أزمة الدولة القطرية العربية (العراق، السودان، موريتانيا، أو يقترح "مركز دراسات الوحدة العربية" ببيروت فرعاً له في عدن وآخر في صنعاء، أو يكتفي بندوة فكرية من ندواته، التي "تدبّ الصوت" في واد غير ذي زرع وضرع.

تُذكّرنا أزمة الوحدة اليمنية، التي تحققت بإرادة شعبية ثم عمّدت بقوة جيش الشماليين في اجتياحه عدن، بأزمة "الاتحاد الـمغاربي" الثلاثي، الرباعي، الخماسي التي انتكست قبل أن يرى النور، هذا إن لـم تذكرنا بانفراط عُرى أول وحدة عربية "شعبية" سورية ــ مصرية، لـم تُعمّر سوى ثلاث سنوات ونصف السنة.

العراق، ومحنته وكونفدراليته وكياناته السياسية.. وحروبه الأهلية، وانتخاباته، موضوع آخر ذو صلة، وأما الوحدة اليمنية، فقد كانت حلـماً شعبياً مزمناً، حاول القفز عن واقع موضوعي (استعماري) طويل الأمد، حيث كان جنوب البلاد تحت الاستعمار البريطاني، وقد جلا عنه بقوة "مقاومة شعبية" فدائية حقيقية وباهرة، سطّرت تجربة غنية من حروب الـمدن والفيافي الصحراوية، تحت قيادة "الجبهة القومية" بقيادة عبد الغني مكاوي، وهي تحالف قومي عربي (ناصري وبعثي) مع قوى اشتراكية بعضها ماركسي صراحة، دعمتها مصر الناصرية.

اليمن "الشمالي" تحرّر من ظلام الإمامة بانقلاب عسكري، قاده العقيد عبد اللّه السلاّل، بدعم ناصري عسكري فعلي، ما سبّب حرباً أهلية يمنية وأخرى عربية (مصر والسعودية) تم طيّها عربياً بصلحة مصرية ــ سعودية بعد هزيمة حزيران الشهيرة.

لا شبيه لليمن الشمالي الإمامي في انغلاقه حتى بانغلاق أفغانستان الـملكية.. وإن اشترك البلدان في سلسلة حروب أهلية ــ دولية ــ عربية لـم تنقطع حلقاتها (يقولون إن حرب صنعاء مع الحوثيين الزيديين هي الحرب السادسة اليمانية)، وفي الدولتين فإن مؤسسة "الجيش" ومؤسسة "القبيلة" تتحالفان أو تتنافران.

اليمن الجنوبي، الديمقراطي، ذو تجربة مختلفة حتى الوحدة، لأن "مؤسسة الحزب" الاشتراكي اليمني كانت هي الأقوى، قبل أن تعصف بها، في البداية، خلافات الناصريين والبعثيين، ثم خلافات القوميين والاشتراكيين الـمتطرّفين، الذين حلـموا بـ"حكم قرمطي" في جنوب البلاد.. ومن ثمّ، اقتتل الجناحان (بما يذكّر باقتتال جناحي البعث) فانقضّ الشمال القبلي على الجنوب الاشتراكي، وأغلق "مصنع البيرة" الوحيد في الجزيرة العربية، تاركاً لشعب اليمن السعيد أن يغرق في "تخزين القات" وصنع "الجنبات" واقتناء أكثر من قطعة سلاح للفرد الواحد.

اليمن الـموحّد، بالقوة أو بحكومة "وحدة وطنية" يذكّرنا بسعي تركيا إلى دخول الاتحاد الأوروبي، سوى أن اليمن، الخروف الأسود في قطيع "مجلس التعاون الخليجي" يبقى خارج إطار مساعي التنسيق الخليجية الـمتعثّرة بدورها، ربما لأنه "الجمهورية" الوحيدة في شبه الجزيرة العربية.
.. وأيضاً؟ أيضاً ماذا؟ كان اليمن الـمقسوم "دولة مانحة" للفلسطينيين لجهة جوازات السفر قبل عهد السلطة الفلسطينية، وقد تمتّعت في منفاي وتنقّلت بجوازات سفر يمنية جنوبية، عدا كون اليمن دولة جمعت بعض أشتات قوات الثورة الفلسطينية بعد بيروت.

الآن، هناك جواز سفر واحد ــ موحّد، ويريد الرفاق القُدامى في "الحراك" العودة إلى ما قبله، لأن "الانفتاح" العدني الشهير على العالـم، لا يستطيع الانفتاح الوطني على وحدة مع الشمال القبلي، فكيف يشترك في حكومة واحدة مع الأصوليين الحوثيين، ولو حاول "العقيد" أن يكون حكمه رأس النسر و"الحراك" و"الحوثيين" هما جناحا حكومة وحدة وطنية.

لعلّ الأفضل أن يبحث الزعيم في صنعاء عن تحويل "الوحدة" إلى "اتحاد فيدرالي" على غرار العراق وربما السودان، ولكن ليس على غرار الصومال!.


*نقلا عن الأيام الفلسطينية
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس