"تريم" تعنون أم "يريم " ؟ !! ... علي الكثيري
الإثنين , 29 مارس 2010 م
لم تتوج الغناء تريم عاصمة للثقافة الإسلامية للعام الجاري 2010م ، لعراقتها أو لمكتنزات تراثها ، وآثارها التاريخية فقط ، بل استحقت هذا التكريم لتفردات احتضانها لأشهر مدارس الإسلام السمح ، وهي المدرسة التي امتلكت اقتدارا على حمل لواء الدعوة لرسالة الإسلام الحنيف ، بالحكمة والموعظة الحسنة والمعاملة الطيبة والتعايش الايجابي ، من خلال قوافل علمائها ودعاتها الأنقياء الأتقياء ، الذين حملوا نورانية الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها ، فأكرمهم ربهم بهداية الملايين من أمم وشعوب جنوب آسيا وشرقها وشرق أفريقيا وغربها ، دون إكراه أو عنف أو ترويع .
أقول قولي هذا ، في لحظة تتوالى فيها الوقائع التي ترسخ اليقين في النفوس ، بأن فعاليات ( تريم عاصمة للثقافة الإسلامية ) ، يراد لها ان تمضي في مسارات ضاجة بـ ( كرنفالات ) ( البرع ) و ( والزوامل ) ، وأمسيات المداحين والممجدين لـ ( أقمار ) سبتمبر وأكتوبر ومايو ويوليو ، إذ يفيض برنامج الفعاليات الذي فرض – بضم الفاء – على تريم وحضرموت فرضا ، بكل ما لا له علاقة بالمقاصد والدواعي التي أهلت هذه المدينة الثرية لهذا الاستحقاق ، فقد جرى منذ بدء التحضيرات لتتويج تريم وتكريمها ، تغييب حضرموت وإقصائها عن دوائر التحضير والقيادة والإدارة والتنظيم ، فجيء بقيادات من خارجها لتهيمن على المفاصل الأساسية للجنة التحضيرية والمكتب التنفيذي ومتفرعاتهما ، بل جيء بموظفين من صنعاء لتولي مسئوليات تنفيذية في جوانب الإدارة والتنظيم والمشتريات ، وكأني بحضرموت قد عدمت القيادات والكوادر المقتدرة على الإبداع والفعل والانجاز .
لم يخطئ احد الزملاء عندما قال بعد متابعة احتفائية التتويج يوم الأحد 7 مارس الجاري : ( لم تحضر تريم – المدرسة – ، وغيبت حضرموت – الالق والتوهج – ) ، ذلك ان الاحتفائية كانت مسيسة بامتياز ، رامت أهدافا أخرى غير الاحتفاء بتريم وروائعها ، في ظل هيمنة ذهنية ترفض التنوع في إطار الوطن ، ولا تراه الا شرا مستطيرا ينبغي الإمعان في نسفه ، لذلك لا تتردد تلك العقلية عن وصف أي حديث حول خصوصيات لعدن أو حضرموت أو تعز بالكفر البواح لجهة اعتقادها ان في الخصوصية والتنوع هدما للوحدة ، وان تعميم نموذجها وفرض لونها هو مدماك ترسيخ هذه الوحدة ، لذلك لم يعد غريبا مضي السلطات في ممارسات وتوجهات تتماهى في سياقها ( تريم ) مع ( يريم ) ، ويصبح الحديث عن ( دان حضرمي ) و ( هجرة حضرمية ) و ( عسل حضرمي ) و ( حناء حضرمي ) ، من ( الكبائر ) والمحرمات فـ ( الوحدة ) في نظر معمديها بالدم تفقد مضامينها ان لم تتجذر بمفاعيل ( الصهر ) و ( التذويب ) والإلغاء والاستلاب ، وذاك – ورب الكعبة – هو جذر الأزمة التي توشك على تفجير الوطن والوحدة ، والانزلاق بالجميع في مهالك التمزق والعنف والخراب المستديم ..
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..