عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2007, 11:39 PM   #9
مسرور
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية مسرور

Thumbs down

الصحابة بشر يخطئؤن ويصيبون ولم يكونوا ملائكة جلس كل منهم في محراب واعتزل العالم وفرغ نفسه للعبادة ... الخوض في سيرهم وبخاصة أولئك المبرزون منهم الذين كان لهم حضور فاعل في رسم السياسات العامة ضرورة تاريخية ... فأبوبكر يختلف في طريقة إدارته لشأن الكيان الإسلامي عن عمر وعمر يختلف عن عثمان وعثمان يختلف عن علي ، واستطاع عمر خلال فترة خلافته وبحدسه وفطنته تجنب اشتعال فتنة مبكّرة في عهده فقد ألزم كبار الصحابة بالبقاء في المدينة وحظر عليهم مغادرتها إلا بإذنه وفسر لهم ذلك في رفق بأنه يحب أن يستأنس بهم ويهتدي بمشورتهم بينما حقيقة الأمر كان خشيته من أن يفتتن الناس بهم وأن يفتنوا هم أنفسهم بالناس وبما يفتن الناس وأجرى عليهم أرزاقا محددة ألزمهم بها وألزم نفسه بها قبلهم فقبلوها منه مثلما قبلوا مجمل سيرته ..... .. لكن عثمان وغداة ولايته أطلق الصحابة وتركهم يذهبون حيث شاؤا وزد بأن أجزل لهم العطايا وذلك أمر يتفق مع طبيعة عثمان وما جبل عليه من لين ورقة وكرم وتسامح ، ولم تكن عطايا عثمان هينة أو محدودة ، فقد أعطى الزبير ستمائة ألف وأعطى طلحة مائة ألف ولعله كان يتألف قلوبهم لعلمه أن اجتهاداته قد تختلف مع اجتهاداتهم وأنه مقدم على أمور لن تكون منهم محل قبول وزمن صالحه أن يذهبوا في الأفاق وأن يكون قبولهم لعطاياه مانعا لهم من الثورة أو حتى الغضب حين يعلمون أنه اقتطع القطائع في الأمصار لبني أمية غير أنهم لم يأبهوا لشيىء مثل هذا وخرجو إلى الأمصار ، وحين تقبل الدنيا دون حدود فلا بد أن تذهب العقيدة ولو بقدر محدود أما كيف أقبلت هذه وأدبرت تلك فبإمكاننا معرفتها من خلال ثروة خمسة من الصحابة أسماءهم لوامع ومبشرون بالجنة وهم من الستة الذين حصر فيهم عمر الخلافة ... يقول ابن سعد ة في كتابه الطبقات الكبرى كان لعثمان بن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار انتهبت وذهبت وترك ألف بعير بالربذة وترك صدقات بقيمة مائتي ألف دينار وترك كل من الزبير وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف من العقار والأموال الكثير ولا داعي لحصرها هنا .... واستند طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى لتقديرات ابن سعد وذكر ابن كثير أن ثروة الزبير قد بلغت سبعة وخمسين مليونا وأن غلة أموال طلحه بلغت ألف درهم كل يوم ... نحن إذا امام مؤشر خطير لما حدث للمسلمين فالدين والدنيا لا يجتمعان !!!!! وفي وضع كهذا وفي فترة كان المجتمع الإسلامي يعاني من أزمة اجتماعية كبرى والفرق بين الغنى والفقر تتقزز منه النفوس برز أبو ذر ، وأبو ذر حسب قول الدكتور طه حسين : لم يكن بحاجة إلى من يعلمه مبدأ الإشتراكية الذي دعى اليه والثورة في ذلك الحين لابد منها فنحن لانحتاج إلى تعليل لظهورها وإنما نحتاج إلى تعليل فيما إذا لم تحدث إذ ذاك ثورة أو فتنة ..


ان ابن سبأ الذي تنسب إليه الفتنة وهم من الأوهام كما قال الدكتور طه حسين ، ويبدو أن هذه الشخصية العجيبة اخترعت اختراعا وقد اخترعها أولئك الأغنياء الذين كانت الثورة موجهة اليهم وذلك من شأن الطبقات المترفة في كل مرحلة من مراحل التاريخ ازاء من يثور عليهم ( ما يحدث في تاريخنا المعاصر خير شاهد ) فكل انتفاضة اجتماعية يعزوها أعداؤها إلى تأثير أجنبي (1) ... ومما تجدر الإشارة إليه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم نفسه اتهمته قريش في بدء دعوته بأنه كان يأخذ تعاليمه من نصراني اسمه جبر .. وأتهمه بعضهم بعد ذلك بأنه كان يتلقى أفكاره من بحيرا الراهب وسلمان الفارسي وغيرهما ونزلت آية من القرآن تفنّد هذا الزعم تقول : ولقد نعلم أنهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ... ويتضح من هذا أن قريشا كانت تنسب دعوة الرسول إلى تأثير الأعاجم ، ولكن بعد أن دخلت في الدين الجديد واستفادت منه نسبت هذه التهمة التي ألصقتها بالنبي العظيم إلى وهم من صنع الخيال ، ولو لم تدخل قريش إلى الدين الإسلامي لظلت هذه التهمة لاصقة بالنبي إلى الأبد كما لصقت بالمسكين أبي ذر بعده

ستكون لنا وقفة لاحقة .

سلام




(1) الفرق بين الثورة والفتنة فرق نسبي أو اعتباري فكل حركة اجتماعية جديدة تدعى في أول الأمر فتنة حتى إذا نجحت قيل عنها أنها كانت ثورة مقدسة وانتفاضة في سبيل الحق ... ياويلك ياعلي عبدالله صالح لو نجح الحوثي في استعادة سلطة الإمامة .
  رد مع اقتباس