عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2010, 09:05 AM   #16
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

وقد وردت هذه السنة الطيارات


وثق الشعر الشعبي الحضرمي ظهور الطيارة في سماء حضرموت وهبوطها أول مرة في الوادي في (( شقية )) من خلال قصيدة الشاعر هادي عسكول ، الذي صور لنا شعرا هذه الحادثة في حضرموت ولكن دون ذكر لتاريخ هذه الحادثة.




ولكن من خلال قراءتنا لمكاتبات السيد مصطفى المحضار نستخلص تاريخا دقيقا لظهور الطائرات وتحليقها فوق سماء وادي حضرموت ، خاصة وادي دوعن ، فقد جاء ذلك في مكاتبته للسيد محمد بن عمر البار والمهاجر في سنقفوره بتاريخ 24 جماد الأول سنة 1348هـ وفي هذه المكاتبة الموجهة للسيد محمد البار يوجه السيد مصطفى المحضار نداءه لعودة السيد حامد بن علوي البار ، والذي كما يبدو انه هاجر الى سنقفوره ، ولكن دون طائل ، بينما أن حاجة الناس إليه في وادي دوعن ملحة ، لهذا يقول السيد مصطفى المحضار في تلك المكاتبة :

(( وبخصوص الاخ حامد بن علوي ، انتم رغبتوه في سنقفورتكم ، وقربتوه سوقكم ، ولاهو من طيور أرضكم ، ولا من بشكتكم ، وسنقفوره رمحتكم ، وفضت بطونكم ، ومسكت قطوبكم ، ولاعو للبيع والشراء ، ولكنها جذبة الكاف ، وعسى الشفاء ، وعساكم تترادون في خروجه ، شوفوه واجب وافضل من جلوسه عندكم ، الحاجه داعيه إليه ، ولايسرنا إلا وصوله ، والله يدبر ويسهل خروجه ، ينزع نفسه ، ويختلس بها خلسه ، وسنقفوره تغوي ، وكم باتبلي ، ولو أن ما إلى أرضنا مشرد ، لكنه إليها أفود ..))

ومن خلال نص تلك المكاتبة الموجهة من دوعن الى سنقفوره لابد من اطلاع السيد محمد بن عمر البار على الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها حضرموت ورفع صورة عن اسعار السلع الرئيسية يقول السيد مصطفى :


(( وفي هذا الوقت تخربطت الحسبان ، ودخل شعبان في رمضان ، لنا سنين في اسعار تشيب باالشبان ، وفصول عيفه تغيب بحسوس الشيبان ، كيس الرز بأربعين ، ونصف بهار الذره بسبعين ، وسبحان اللطيف المعين ، والزمان ذوق طعمه قار حال ، ويجمعنا بكم في الاطلال . ))


وفي ختام تلك المكاتبة لم ينسى أن يشير السيد مصطفى المحضار من ظهور الطائرات في سماء وادي دوعن وما تركته تلك الطائرات من أثر مفاجأ في نفوس من يشاهدها عيانا لأول مرة يقول رحمه الله:


(( وقد وردت هذه السنه الطيارات ، وغيرت على أهل الجهات ، كل يوم أربع مرات ، من المكلا إلى دوعن وعلى جميع الجهه تشوف ، وتطوف ، تقطع المسافه في ثلث ساعه ، والولد بوبكر بن حسين كل يوم يصبح في وحده ، ويحوم فوق المكان ، ورمى علينا كتب من الطياره ، وذكر اخباره ، وقد تجرأ جم على ركوبها ، ولكنه يشكرها ، وقال : (( احسن من الكريته والموتر واريض ولا تكمح ولا تعض ، ولادوخه ولا رجه ، واهلها أهل مروه ، وحسن معاشره )) وهذه من علايم الساعه ، وقالوا بايصلحون طريق المواتر الى هذه الجهه ، وكنا نصدق ولكنها إلا خفشت ، والعرب مابدا صلحوا شي ، ولا بايصلحون شي ، ويا الله بلا شي ، ومواترنا المطر والسيول ، والمواطر خير من المواتر ، وقد فصلنا من المكلا البهار بثلاثة ريال ، وربنا يرد العوايد ، وتكثر الامطار ، وترخص الاسعار ، وبقاصر المواتر ، والله الينا ناظر والسلام عليكم من الجميع )) .


هذه مكاتبة من المكاتبات الجميلة والرائعة ، نلخص منها نقاطا مهمة ، جاءت كوثيقة نادرة تلقي لنا الضوء لجوانب كانت تشغل تفكير الحضارم في واديهم ونقل همومهم ومشاغلهم الى اخوانهم في المهجر في تلك الحقب الماضية ، وجاءت عبر تلك الرسائل والمكاتبات المتبادلة فيما بينهم البين ، والتي تزيد من عرى تواصلهم ببعضهم البعض حتى وإن نأت بهم الديار بين مقيم فضل الاقامة في واديه يعارك الحياة وشظف عيشها ، وبين مغترب في أقصى بلاد الشرق فضل الغربة والهجرة بحثا عن اسباب الرزق ، وهروبا من الفاقة وقسوة ظروف المعيشة .
من هذه المكاتبات نستقريء فيها الآتي :

أولا اجتماعيا : يشير السيد مصطفى الى أن سيدا اسمه حامد بن علوي ضمن من لحق بالمهاجرين الى سنقفوره ، ويبدو أن السيد حامد من الذين اقتفوا أثر آل الكاف ليس له نصيبا في التجارة - البيع والشراء - وأن عودته الى دوعن أجدى وانفع لأن أمورا كثيرة معلقة به و خروجه أفضل من جلوسه بسنقفوره .

ثانيا اقتصاديا : نقل الينا السيد مصطفى المحضار الحالة الاقتصادية والتي كان الناس يعانون منها في تلك الحقبة التي عاصرها ويرفع لنا نموذجا من الغلاء الفاحش في اسعار السلع الغدائية الرئيسية في حضرموت والتي يشيب منها الولدان وتغيب عنها عقول الكبار مثال على ذلك (( كيس الرز باربعين ونصف بهار الذرة بأربعين )) وهذه الاسعار بالريال الفضي . واشار الى فارق الاسعار في نقل البضاعة بين المكلا ودوعن حيث كانت الجمال وسيلة النقل وقد قال (( وقد فصلنا من المكلا البهار بثلاثة ريال )).

ثالثا تقرير اخباري : ظهور الطائرات فوق سماء دوعن ، والأخبار التي تقول أن مشروعا قادما في شق طريق للمواتر ، ورأيه كرأي من خلف بعده (( لاتصدق الحكومات في مواعيدها )) والسيد مصطفى كما يبدو أنه يائس من كثرة وعود المسؤولين ، لهذا لايخفي صراحته حين يسخر منهم ويقول : مواترنا المطر والسيول ، والمواطر (( جمع السحاب الممطر )) خير من المواتر .



.
التوقيع :
  رد مع اقتباس