عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2010, 08:03 AM   #19
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

ياالأرنبه لا تاكلين دخني= كانش بغيت الدخن قومي اسني


ربما يسخر أبناء أسفل وادي حضرموت (( حدرا )) من أبناء الأودية العلوية (( كدوعن وعمد )) ، ويتهمونهم بأنهم في حالة بطالة واتكالية دائمة ، واعتماد دائم على مساعدات المغتربين وما يجيدون به عليهم ، وهذه الظاهرة كانت ولا زالنا نلتمسها في اانحاء كثيرة من حضرموت ، لهذا اعتمدت بعض انحاء من حضرموت على اودية أخرى من ما تنتجه من الغلال والحبوب وغيرها الخضروات و من الملتزمات المعيشية ، واعتمدت على العمالة التي تقوم بأعمال البناء وما يطلب منها . لهذا علل السيد مصطفى المحضار اسباب ذلك ، ودفع ببعض الاتهامات من خلال مكاتبة له وجهها لأهل تريم فند فيها كيف أن أودية حضرموت العلوية يعتمد اهلها على مياه السيول والأمطار للزراعة ، لأن المياه الجوفية توجد على عمق قد يصل الى مائة وعشرين قامة ، بعكس ذلك كلما انحذر الوادي جهة الشرق ، حيث يكون الماء قريبا ، مما يسهل القيام بعملية السناوة ، والزراعة . جاء في تلك المكاتبة قوله :

(( لأنا أهل قطر من السماء ، مافي قاعنا ماء ، إلا من بعد ستين قامة أو اكثر ، وفي قيدون مائة قامة ، وفي عمد مائة وعشرين قامة ، ينزحونه الرجال والحريم ، مع تعب عظيم ، ومولى حضرموت ماهو داري الناس فيين ، حاسبها كلها قامتين ، ولا هو داري إن القربه ما تمتلي إلا على ساعتين، ولا سكونهم إلا في نزول المطر ، تنزل قطر ، وتسيل منها السيول ، وتزول منها المحول ، إن فاشت تعشينا ، وإن كاشت كسينا ..))


ترد باستمرار عبارة (( مولى حضرموت )) ضمن مكاتبات السيد مصطفى المحضار ، ويقصد ابناء أودية حضرموت الغربية بمولى حضرموت هم (( الساكنون بأسفل حضرموت )) وهذا التقسيم ليس تقسيما جغرافيا ولكن كانت القبائل التي تسكن في المنطقة الممتدة من شرق العقاد حتى قبر نبي الله هود ، يطلق عليها قبلية حضرموت التي ذكرت منذ عهود مبكرة في اسفار التاريخ ومصادره . ولهذا التقسيم الفئوي يجهل الكثيرون اسبابه ، ويعتقدون أنه تقسم جغرافي وان حضرموت مجرد تلك المساحة الضيقة الواقعة من شرق عقاد حتى هود.

أطلق البعض مسمى (( وادي العجل )) على وادي حضرموت ، والعجلة هي تلك الأداة التي تنصب فوق البئر بواسطتها يسهل على الحبل أن يتدلى الى قعر البئر لطلوع الماء ، وكانت معظم مناطق حضرموت (( القبيلة )) تعتمد على عملية السناوة في الزراعة والسناوة هي عملية طلوع الماء من البئر بواسطة الإنسان أو الحيوان أو كليهما معا ، ولكثرة العجل فوق الآبار والتي كان لصريرها دويا في أرجاء وادي حضرموت ، سمي البعض وادي حضرموت بوادي العجل ، وحين كانت تلك العجل تدور كانت الآبار تفيض بمياءها والأرض بعطاءها وعاش الإنسان الحضرمي في اسفل الوادي معتمدا على السناوة في توفير احتياجاته من مأكل وغيره من المتطلبات الضرورية ، بينما ابناء الأودية العلوية كدوعن وعمد وغيرهما ، حق لهم أن ينطبق عليهم ما قال السيد مصطفى المحضار في جوابه على ذلك السائل الذي قال للسيد مصطفى (( نحن إن مطرت وإلا سنينا )) فرد عليه السيد مصطفى (( ونحن إن مطرت وإلا بكينا )) .

وفي صورة لشاهد على ذلك الزمان ، الذي كانت العجل تدوي دويا ، وتهدر هديرا عند سماعها ، تشكل اصواتها أعذب سمفونيات الحياة لأصحابها ، في لحظات صراع البقاء لإنسان هباه الله واد جميل ويزداد جمالا حين ينزل المطر وتتدفق السيول ، وحين يكتسي واديه بالخضرة الوارفة ، وحتى يبقى الوادي جميلا حين ينقطع المطر نقرأ في مكاتبة السيد مصطفى المحضار قوله :

(( عادة الأولين كانت تسني ، لبعضهم الخمسين الغرب ، والمائة غرب ، وكل على قدر حاله ، وماله وعياله ، والبر كثير ، والتمر أكثر ، وأنا أحزر سعره في حضرموت البهار ب 4 ريالات ، والبر قهاول بريال ، وكل شي كثير ، ينثر نثير ، بلا بمبات ولا مسامير ، وتسمع للغروب في الآبار هدير ، ولجشانها من فوق صرير ، والبركة تنزل من السماء ، ليكثر ويطيب بها الماء ، وعياط العجل ، في وادي العجل ، للسناه يشابل ، واصواتهم إذا غنوا كأنها البلابل ، وترنموا بكلام الشيخ سعد (( السويني )) كثير الحكمه ، وكل كلمه احسن من كلمه ، وكم قال وكم قال وقال :


يالارنبه لا تاكلين دخني= كانش بغيتي الدخن قومي اسني

وللسيد مصطفى المحضار تفسيرا ظريفا لهذا البيت وكعادته في معظم مكاتباته أن لاتخلو من روح الدعابة . فيقول عن هذا البيت :

(( والآرنبة هم اعلا دوعن ، محنتوهم بسوقاتكم ، التي هم عنها في غباوه ، مايعرفون السناوه ، هم إلا إخوة الأرنبة ، ومن السناوه في مجنبه ، ما يعرفون الدخن إلا ناجح ، ولا البر إلا ذالح ، ما يعرفون إلا سيول عوابر، تجي بعد المواطر ، سايقها جبريل ، وكايلها ميكاييل ، ولايتعب بكيلها ، نهارها وليلها ، برعود لها جلجله ، ولا حبل ولا عجله ، ننام ولاشي سحاب ، وتصبح والماء ملانه بالرحاب ، وتصبح والأرض تزهو ، والناس بشربهم يلهوا ...)) .




.
.
التوقيع :
  رد مع اقتباس