عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-2005, 11:57 PM   #1
باشراحيل
مشرف قسم الأدب والفن ورئيس لجنة المسابقة الشعر يه

افتراضي من شمائل المحضار في شعره

من شـمـائل المحضار في شــعـره


رياض عوض باشراحيل

حين نمسك بخط من خطوط الإبداع الفني عند المحضار فإننا نقرأ صفاته وخلقه وشمائله في شعره، وتتجلى لنا في فنه رسالة أخلاقيه سامية استمد منهلها من نبع عقيدته وقيم بيئته الصغيرة، تعلقت نفسه بجليل المحامد وحميد الصفات كالصدق والإباء والوفاء ونأى بذاته عن الذل والقسوة والجفاء.. والمحضار صادق مع نفسه ومع الناس ، ويظهر سنا صدقه بوضوح في سلوكه وشعره.. وينطلق الصدق من شعر المحضار مثلما ينطلق العطر من الزهرة الفوّاحة فنـتـنسّمه في قوله :

النـاس حبوه مـن أجل الـذهـب= وانــا على الـصـدق حـبـيـتـه أنـا
راح الطـمع والـذهـب كله ذهـب= وكل شي مـا ابــتـنـى عاصدق راح

وأخلاق المحضار ومكانته الاجتماعيه جعلت منه عاشقاً صادق اللوعة وشاعراً عفيفاً ومهذباً ووفياً، أو ليس الأمانة والوفاء من الفضائل التي لاتنطلق إلا عن سجايا أصيلة.. ويعبّر الشاعر عن ما يفيض به وجدانه من مشاعر الوفاء حتى في لحظات الغضب والعتاب كالتي يقول فيها لمن أساء إليه :
حـاسب عـلى مـا تقوله= لاتظــنـها بالـســهولـه
إن كان شرعك طــويـل= انـا شروعـي طــويــلــه

والخداع في الحب والالتفاف على الصداقة والكذب في التعامل ينسف عرى المحبة مع المحب الذي أرضعته أسرته لبن الإخلاص والوفاء في مهده .. والشاعر يفخر بدور أسرته وأهله في تهذيبه وزرع الصفات العليا في نفسه منذ الصغر فيقول:

لــن يـعـود الحـب عـنــدي بـالحـيل= والكلام الحـلـو لي زي الـعــسـل
الصراحـه والـوفـاء سـاس الـعـمــل= هكذا في الـصـغـر قالوا لي هـلـي
ومن يعشق الصراحة ويصون الأمانة ويرعى الوفاء ويحفظ الجميل هل يخلف الوعـد ؟

لاوعـدتـنـا حـاشـاي نـتـأخـر عـن المــوعـد= عندي سوى تبرق سماء الـعذال او ترعد

إن شعر المحضار مرآة حقيقية لوجدانه وسلوكه ونفسه الكبيرة .. والشاعر يؤكد أن هوان المرء على نفسه يجعله يهون على الآخرين، ولايزال يردد الابتعاد عن مواطن الابتذال والارتباط بالقيم الرفيعه:

مـن عــز نـــفــســـه= الهـون والــذل مـا مـسـّـه
والمحضار ينأى أن تخفض هامته تحت أقدام المحبوب أو يتهاوى أرضاً تحت أعتاب عاطفته وهو شديد الاعتزاز بقامته وكرامته، يأبى مـنـاجاة قلبه ويذعن إلى عقله إذا أحس بذل المحبوب له فيقول :

أرجـع لـعقلـك= لاقـد بـدأ بالجـفـاء خلّـك
أصحـى يـذلك = بـالحـب ويـعاملك بـالطيـش

ويواصل الشـاعر مـناجاة ذاته قائلاً:

انـا ما رضـي له بالهـونــه= وهـو مـايـبـانـا ذل اوهيـن

إن رصيد هذه التجربه إنسانيٌ لأنه يجسد الصراع الأول في النفس بين الخور والهوان أمام الكبرياء والإباء وما يصاحبهما من دلالات السعادة والتعاسة في الحياة .. ويضع المحضار نخوته وكرامته إلى جانب قلبه فيردد الثاني صدى الأول ويضع نفسه حيث يرى أنها أهلٌ له .. ولايقبل عشقاً مازجه الذل مهما تكن المغريات :
تجـي او ماتجي ماشي علي قاصـر= ولاتخـطر كما الـعـاده على الخاطر
كـرهتـك ألـف مخـطر= وقـد حـبـيتـك اكـثر
لأن الحـب ذا شفته على مثلك كثير = انـا بـزّي حـريـر

ويطول بنا المجال أن نعرض لكل شمائل الشاعر في شعره وأظن أن كل ما أوردناه كافٍ لينهض أساساً للحكم على حقيقة شخصية المحضار الفذّه وأخلاقه التي تبعث في النفس الإِعجاب والإِكبار والمحبة بما تتسم به من الفكر السليم والسلوك القويم .
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة باشراحيل ; 12-09-2005 الساعة 12:03 AM
  رد مع اقتباس