عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2014, 10:47 AM   #39
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي



طريق الخروج من أزمة القيادة الجنوبية

الثلاثاء 21 أكتوبر 2014 12:08 صباحاً

د. عبيد البري

إن وحدة القيادة السياسية الجنوبية المؤهلة والكفوءة والمنسجمة ، القائمة على المبادئ والأهداف الثورية ، هو الشرط الأساسي لانتصار الثورة واختصار المسافات في مسيرتها وتحقيق أهدافها التكتيكية والإستراتيجية التي يطمح إليها الشعب . وهذا ما لم تدركه الجماهير الجنوبية نتيجة غلبة العاطفة على الواقع الموضوعي ، حيث طالبت الجماهير عودة القيادات السابقة لشعورها بإمكانية اقتناعهم بمشروعية ووحدة الهدف الثوري الشعبي ، وبالتالي تحقيق هذا المطلب الجماهيري المتمثل في وحدة القيادة على الهدف الأساسي ، لكن الواقع غير ذلك ، الأمر الذي جعل تلك القيادات تسعى إلى التسابق فيما بينهم وإعادة توزيع أنفسهم على قيادة مكونات حراكية بناءاً على حماس الجماهير في دعوتها لهم كقيادات للثورة .



وفي الواقع أن كل من تلك القيادات - بصرف النظر عن مواقف أعضاء المكونات التابعة لكل منهم - قد بيَّن بصورة أو بأخرى خلال السنوات الماضية بأنه يمتلك رؤية سياسية معينة التي عليها تبنى مواقفه ، فتباينت المشاريع والمواقف ما بين موقف "المستقل" عن الثورة الجنوبية ، إلى مواقف المحافظ على "الوحدة" مع تغيير النظام فيها ، إلى نظام الأقاليم - بما في ذلك "الفيدرالية" بين إقليمين - إلى مشروع الاستقلال عن طريق الاستفتاء . إن ترك المجال لهذا التعدد والاختلاف في المواقف والرؤى على حساب الأهداف الثورية ، لا شك سيؤثر سلباً على حاضر ومستقبل الثورة ، الأمر الذي يتعين على الساسة المخلصين حث كافة المكونات على دمج المكونات السياسية للتفاعل فيما بينها ديمقراطياً مهما كانت النتيجة .



وإذا كان الشعب الجنوبي قد طالب وانتظر - منذ 2007م - من كل القيادات الجنوبية السابقة ، للوقوف معه ولقيادة الثورة وتأمين انتصارها بالنظر إلى ما كان متوقَّع أن لديهم خبرة سياسية ومعرفة بالواقع والتاريخ ، وبالنظر كذلك إلى ما عليهم من واجب وطني وأخلاقي تجاه وطنهم وشعبهم ، فإن الرئيس البيض هو الوحيد الذي تعهَّد وحمّل نفسه مسؤولية قيادة الثورة إلى النصر ، وهو الوحيد الذي أكد على تسليم القيادة للشباب حال استعادت الدولة لسيادتها على الأرض . كل ذلك بعد أن قدم اعتذاره عن أخطاء الماضي واستعداده الواضح لتصحيحها بالعودة إلى النضال من جديد نحو تحقيق هدف التحرير والاستقلال .



إن ما يمكن اعتباره من أهم أسرار عدم التئام القيادة الجنوبية خلال السنوات الماضية حتى الآن هو أن "بعض القيادات السابقة" كانوا ولا زالوا يحاولون منافسة الرئيس علي سالم البيض على القيادة بدلاً من تكريس الجهود للوقوف مع الشعب في نضاله الطويل ضد المحتل . والأكثر وضوحاً أن تلك القيادات قد كشفت عن عدم رغبتها في التآزر أو تنازل بعضها لبعض لتحقيق وحدتها على موقف ثوري وأساس وطني استجابة لمطلب الجماهير في وحدة القيادة . وليس أقل مما يدل على عدم رغبتها في توحيد نفسها ، ما ظهر على كافة الأطراف في مواقفها - المتناقضة واللا موضوعية والسلبية - من مشروع المؤتمر الجنوبي الجامع ، فضلاً عن أن غالبيتهم قد اعتبروا الدعم المادي والمعنوي للثورة آخر اهتماماتهم .



وعلى الجانب الآخر هناك رصيداً نضالياً أخر للرئيس علي سالم البيض الذي يمثل حالياً ما يمكن تسميته مؤسسة رئاسة ، ويمارس اتصالاً تنظيمياً وجماهيرياً ، وتحرك واتصال على الصعيد الخارجي بصفته رئيساً تم إبعاده عن وطنه ومنصبه بواسطة قوى الاحتلال ، فضلاً عن التأييد والرضا اللذين يحظى بهما من غالبية الشعب الجنوبي ، لاسيما لأنه أبدى موقفاً ثابتاً مع الشعب وأهداف الثورة الشعبية التحريرية ؛ وقدم ما استطاع تقديمه من الدعم لأسر الشهداء وللجرحى ، بالإضافة إلى رعايته للقناة الفضائية التي لعبت وتلعب دوراً هاماً في الثورة .



وبعكس جميع القيادات المتصدرة للمشهد السياسي الجنوبي ، نستطيع القول أن الرئيس البيض كان ولا يزال الأكثر عطاءً للثورة ، والأكثر قبولاً على المستوى الجماهيري في الداخل والخارج الجنوبي ، ليس فقط بتفاعله مع الشعب في مختلف المناسبات وفي توضيح وتصحيح المواقف من الأحداث والتقلبات فيما يخص الحفاظ على المسار الصحيح للثورة السلمية نحو تحقيق أهدافها ، بل لقد اتخذت الغالبية العظمى من الشعب الجنوبي من شخصه رمزية قيادية لا غنى عنها أمام العالم ، وخاصة في الظروف التي مرت وتمر بها الثورة .



وعليه ، وبالنظر إلى أنواع الدعم الذي قدمه الرئيس علي سالم البيض للثورة خلال السنوات الخمس الماضية ، فضلاً عن موقفه الثابت على الهدف الأساسي الذي اختارته الجماهير ، ولتواصله الرسمي مع المجتمع الدولي باسم الشعب الجنوبي ، الذي بارك جميع خطواته وتحركاته المعلنة على الصعيد الخارجي ، ونظراً لاكتسابه - بكل ذلك - مكانة متميزة عن بقية القيادات السابقة والجديدة ، فإنه يمكن التخلص من ظاهرة التناقض على المستوى القيادي واستبدالها بالسير في الطريق الأنسب والأقرب لوحدة القيادة الجنوبية المتمثلة بالآتي :

التفويض الشعبي للرئيس البيض لمواصلة تحمله مسؤولية القيادة الجنوبية وشرعية تمثيله السياسي للجنوب داخلياً وخارجياً من خلال التنسيق مع الزعيم حسن باعوم باعتباره القائد لمكونات الحراك الرئيسية الفاعلة في الداخل (التي يتوجب عليها توحيد نفسها ديمقراطياً وبأسرع وقت تحت قيادة الزعيم القائد) ، وعلى أن يعمل الرئيس على أساس التنسيق والتعاون مع القيادات التي تعلن موافقتها على النضال الثوري وتأييدها لهذا التفويض الشعبي فقط ، مع إعطاء الحق للقيادات المنضمَّة إليه في توضيح ما يجب توضيحه للشعب - عبر أطر الحراك الموحد في الداخل - من باب التقييم لمسيرة العمل القيادي والحفاظ على اتجاهها السليم .


جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس