عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2010, 09:22 AM   #19
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باشراحيل [ مشاهدة المشاركة ]
تحليل موضوعي وفني من استاذنا الكبير "أبوعوض الشبامي" ، يتسم بالعمق المعرفي لمرامي الشعر والشعراء استنادا الى تاريخ حضرموت السياسي والعام والحقبة الزمنية التي قيل فيها هذا الشعر (الثلاثينات) ..

تحليل يتكىء على ثقافة تراثية وتاريخية وأدبية وبيئية واسعة .. ليست علاقة "ابوعوض الشبامي" بالشعر والتراث والأدب علاقة عابرة بل هي قصة حب مع الثقافة الجديدة التي تفتح للوعي افقا وللنضج طريقا وللرؤية اكتمالا ..

لذا فقصة استاذنا مع الثقافة والمعرفة في كتاباته خلقت ذائقة أدبية وفنية عالية و مغايرة لتاريخ من الرتابة التي رسختها الصورة التقليدية لمسار الشعر الشعبي الحضرمي طيلة نحو ثمانية عقود .

الموضوع لا شك أنه مهم للغاية ورائع في اسلوب عرضه رغم ماشاب نقل القصائد من مصادرها من أخطاء طباعية أدت الى احداث العديد من الكسور الوزنية الواضحة .. ولاشك أن أمانة النقل للمادة التراثية الشعرية لدى استاذنا جعلته يدونها كما هي دون اي تعديل او اضافة او حذف رغم معرفته بمكامن الخلل في تدوين الاشعار ..[/SIZE][/COLOR]

ولأهمية مايحمله الموضوع من سرد نقدي ووثائق شعرية وسياسية وتاريخية ..

(( يثبت الموضوع )) ..



شكرا على ثبيت هذه الحلقات التي تلقي الضوء على بداية تطور الخطاب الشعري الحضرمي ، في مرحلة مهمة وخطيرة شهدت إرهاصات ارساء دعائم السلام والسلم الاجتماعي في حضرموت ، والسعي نحو قيام بنية الدولة الحضرمية الحديثة .
لعل مثل هذه النماذج من النصوص الشعرية التي تأتي تباعا في هذا الموضوع نعززها بوثائق رسمية من وثائق ذلك العصر ، مفيدة للباحث المهتم من ذوي الاختصاص وليس من قبل المتحرشين بكتابة التراث .

في اواخرالقرن الثامن عشرالميلادي شهدت هجرة الحضارمة الى جنوب شرق آسيا تدفق افواجا متزايدة من المهاجرين الى تلك الاصقاع النائية مضيفين بذلك بعدا جديدا إلى قائمة الشتات الحضرمي الممتد على طول البحر الأحمر والساحل الشرقي الأفريقي والمحيط الهندي ، وخلال القرنين الماضيين ظهر الوجود الحضرمي البارز في جميع أنحاء الارخبيل الاندونيسي - الملايو - وخاصة في المراكز التجارية الرئيسية على طول الساحل الشمالي ، وبحلول عام 1900 بلغ عدد الحضارمة في جزر الهند الشرقية حوالي 27000 نسمة ، وبحلول عام 1942 ، عشية الاحتلال الياباني للأرخبيل الاندونيسي بلغ عددهم نحو 80000.نسمة حسب الاحصاءات الهولندية.

كانت الهجرة إلى جزر الهند الشرقية تنطوي على احلام الانتقال من اراضي حضرموت الجرداء إلى حد كبير ، والتي أفسدتها الحروب القبلية ، واضطراب الأمن ، وتفشي الجهل والفوضى ، وغياب الدولة القوية ، الى الجزر الخضراء الواعدة بالخيرات وسعة في الرزق ، وقد ساهم المهاجرون الحضارم في ازدهار اقتصاديات جزر الهند الشرقية ( إندونيسا ) واندمجوا في المجتمعات الجديدة .

ومن الشرق البعيد ؛ من جزر الأرخبيل الأندنوسي بدأت الصحوة الحضرمية ، و تشكل جوهر هذه الصحوة ، وتشكلت معها الهوية الحضرمية ، ذلك أنه في منتصف عام 1910م شعر الحضارمة بالانفصال مؤسسيا بفعل السياسة الاستعمارية الهولندية ، التي حددت من قيود هجرتهم وتنقلاتهم وفرضت نوعا من أنواع العزل وفرض قيود على سفرهم وتنقلاتهم بين الجزر الاندونيسية وكانت هذه القرارات التي اتخذت ضدهم عاملا حاسما في إجبارهم على اللجوء إلى وطنهم كمصدر للهوية.


ومن نتاج الصحوة الحضرمية في المهجر تشكل الهوية الحضرمية ، وبداية قيام النهضة الحضرمية الفكرية والسياسية الحديثة ، بقيادة النخبة الناشئة والمتعلمة ، والتي تتجسد في صدور الصحف والمجلات ، وشبكة متنامية من الجمعيات الطوعية والمدارس الحديثة . ولكن المستعمر الهولندي الذي فشلت حملاته التبشيرية عن تحقيق النجاحات أمام نجاح الحضارمة في نشر الدين الاسلامي بين السكان المحليين ، أدرك النفوذ الحضرمي المتنامي وسط السكان المحليين ، فسعى في إشعال فتيل نزاع طال أمده ، على اساس عقائدي ، وهذا الصراع ( الارشادي العلوي ) تركز على الوضع الاجتماعي والسلطة الدينية التي يطالب بها العلويين (السادة ) ، وعلى الرغم من هذا النزاع ، في صلب تحقيق النهضة وساهم إنشاء نظام تعليمي متطور في المهجر ، يهدف إلى تحويل جيل جديد من الحضارمة في المهجر ، الى جيل متسلح بالمعرفة واجادة اللغتين العربية والأوروبية ، مع كسب والمهارات العلمية الأساسية والتدريب المهني التي يحتاجونه ، (على غرار التجربة الصينية في جاوة ) .

كانت اذهان الحضارمة في مهجرهم تركز على الوطنية والهوية الحضرمية والتشبث بها ، والتركيز على الوطن الحضرمي - حضرموت - والهم الحضرمي في الوطن ، ومن هناك تدفقت الأموال على حضرموت ، وظهرت قصور من الطين ، وبيوت من الطوب والحجارة ، وحصون شيدت للفتن القبلية ، وظهرت البنادق الحديثة ، التي كانت تغذي ذخائرها أموال المهاجرين من ابناء القبائل ، وادى هذا الى زيادة أمد الفوضى والحروب القبلية . فمع الاسف أن أجزمت بأن الأموال التي كسبها الحضارمة في الجزر الاندونيسية ذهب معظمها في إذكاء روح الفتن القبلية في حضرموت ، والفتن المذهبية في المهجر ، والتي تفاقمت بين حضارم المهجر وقسمتهم الى حزبين (( علوي - إرشادي )) . وكل حزب له صحافته وله شعراءه وربما ساهمت صحافة الفريقين في زيادة الشرخ في المجتمع الحضرمي المهجري ، وتفاقم الصراع وتغيرت لغة الخطابة ( النثري والشعري ) .

ننطلق من فهمنا أن الخطاب الشعري بمعناه الواسع هو ثقافة المجتمع ، وهو حضارته ، وتاريخه الفكري والسياسي والديني والنفسي والاجتماعي والعاطفي ، الذي تحول إلى نص له دلالة الخطاب على هذا فإن لغة الخطاب الشعري الحضرمي تحول الى خطاب سياسي يكمل لغة خطاب الصحافة التي كانت تصدر في المهجر الحضرمي ، فمن اشعار تلك الحقبة بين يدي قصيدة لشاعر اسمه ( بودويله ) نشرها في مجلة الترجمان ( 1357هـ )) قال فيها:


خرج ذا فصل والثاني اعتليت المنابر= اخاطب بني قومي لحل القضايا
قضايا عليها كان شعبي يغامر= ويصرف عزيز الوقت بعد الحزايا
إذا جيت راجع حسبتي في الدفاتر= وحسبة بني حضرم لقيت الرزايا
تطاحن وبغضا بثها سحر ساحر= وخلا بني الأحقاف نتها ندايا
رشن نارهم ما بينهم شور عاثر= ولا حزب من احزابهم له مزايا


نستشف من تلك المقدمة تطور الخطاب الشعري السياسي في الشعر الشعبي الحضرمي ، ودخول المصطلحات السياسية ضمن سياق النص (( المنابر - اخاطب - بني قومي - القضايا - شعبي- حزب - احزابهم ))
فالشاعر ( بودويله ) يريد ان يزيل الالتباس من وراءه سوء الفهم من هذا الخطاب السياسي وعدم تكريس الوهم الذي يسعى اصحابه لإلغاء الآخر عبر نمطية الخطاب الثقافي والسياسي الفج والعقيم ، فيقول:


افيقوا دعوا الماضي وقبح النواظر= ولاتتركونا للمصالح ضحايا
كبيش الذي انشى البلايا غير فاكر= وبن شحبل العاقل يعيد القضايا
كما ابليس خلوهم ومن هو مناصر= لهم أو محبذ فوق راسه عصايا
دعوهم كما الشيطان مقطوع دابر= فإن القنابل منها إلا شظايا

وفي اشارة كانت صريحة وجه اللوم لاصحاب الصحف من الطرفين ، الذين كانوا يغذون الفتنة الحضرمية ( العلوية - الارشادية ) فجاءت رسالة شاعرنا واضحة عبر ( مجلة الترجمان ) قال فيها:


ايا الترجمان انصحك لست بآمر= إذا كان لك في ذا القضية نوايا
خصرها ولا تجعل غذاها المحابر= فانت الذي توصف بخير السجايا
فلا الشحبلي من مدرسة البشائر= ولا مدرسة الارشاد منها منايا

كانت بعض تلك المدارس التي أسسها الحزبين ( العلوي والارشادي ) تميل الى دعوات التطرف والتشدد في مهاجمة الآخر ، والسعى الى الغاءه بشتى الوسائل والطرق ، فوجدت في تعبئة الجيل الجديد ايديولوجيا وعقائديا طريقا سهلا ضد الآخر، لإقصاءه والغاءه دوره في المجتمع المهجري والداخلي ، وبهذا ابتعدت عن الوسطية الحضرمية التي اشتهر بها الحضارمة وبفضلها استطاعوا ان ينشرون الدين الاسلامي في تلك الاصقاع النائية من جزر الارخبيل الاندونيسي لهذا قال الشاعر:


فمن شاء ان يخسر بنيه يبادر= يجرب ليفقد فتية وفتايا
دعوهم وباطلهم فلسنا مساخر= وقد ظهرت كالشمس تلك الخافايا
فإن الوطن في حاجة للمعابر= لتحفظ لنا من مجدنا شئ بقايا
وإلا غزونا القوم والقوا مناكر= واخذوا نسانا والعذارى سبايا
هذا ختام القول يا اهل الميازر= وهذا وفائي للوطن في ندايا

لاينكردور السادة العلويون الحضارمة في نشر الاسلام وقيام النهضة العلمية إلا جاحد مكابر ، أوجاهل مغتر . لهذا حين ضاقت حلقات التآمر الهولندي على كلا الحزبين من أجل تشتيت جهودهم على حساب الحملات التبشيرية المسيحية ، زاد السادة العلويين من تماسكهم ووحدتهم ، والأصرار في عزمهم على القيام بدورهم الريادي في الاصلاح والأمر بالمعروف وإرساء دعائم الصلح في حضرموت ، والحث على قيام دولة حديثة قوية تقوم بمهام بسط السلام وتأمين الناس وممتلكاتهم ، وتنشر العلم عبر المدارس وقيام نهضة حضرمية شاملة .

اقدم وثيقة موقعة من سادة ووجهاء حضرموت ( رجب1294هـ ) موجهة الى كافة من في بندر بتاوي ( جاكرتا ) وسنغفوره تتحدث عما نزل بالجهة الحضرمية من نوازل وانتشار للباطل والفتن والظلم الى درجة اشرفت البلاد الحضرمية للهلاك (( ومرّت بالبلاد أمور تذر الحليم حيرانا ، والفصيح أخرس حتى كاد لأهلها الهجرة والارتحال ( مع ملاحظة الإختلاف في صيغة التوقيع في الوثائق الحضرمية فعلماء السادة يكتبون (( الفقير الى ربه فلان ابن فلان ، بينما القبائل يصرون على كتابة (( المقدم ، أو الأبو ، أو الحكم ))
...



[
URL=http://qatar4up.com/]نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة[/url]


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


,
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 11-14-2010 الساعة 09:57 AM
  رد مع اقتباس