عرض مشاركة واحدة
قديم 05-18-2012, 06:08 PM   #1
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي التغفوره في تراث حضرموت

التغفوره في تراث حضرموت
(سكن حلاله الجنة )

ليست هناك صورة للحزن والأسى أوضح تعبيرا، من الصورة التي يرسمها عشرات الأطفال المجتمعين تحت منزل (أهل الميت ) ينادونه بصوت واحد مرددين خلف بنت صغيرة أو ولد صغير (غفر الله له ...
سكن حلال له [ الحل أو المحل أو المكان ] الجنة ...
غفر الله له ....
با له [ أي أريد له ] ميت ألف جنه
غفر الله له....
با له برود [ الهواء البارد ] الجنة
غفر الله له .....
وتستمر هذه المناجاة أو الأوراد بلحن غنائي حزين تتمنى للميت أن يتغمده الله بواسع المغفرة والرحمة وإن كانت المتوفاة امرأة قيل :
غفر الله لها ...
هكذا يستمر الصبية من البنين والبنات في هذه الترانيم ،والأدعية بصوت مرتفع كنائسي حزين وشجي مستمرين دون انقطاع تحت المنزل ،يترك أثراً في الكبار ويستدعي الحزن حتى تأتي امرأة تحمل معها (محملة الخبز بها كسر من الخبز المطعم بالسكر ،أو بعض فصوص النعنع أو قطع صغيرة من الحلويات ،تقوم بتوزيعها ونثرها على الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن العشر سنوات تقريباً 0
ثم مالبثوا أن انصرفوا على أن يعودوا عصر اليوم التالي من يوم رحيل جنازة المتوفى من البيت "للتغفورة " التي يشاع بين الأطفال في بعض مدن وقرى حضرموت أنها تدخل عليه برود الجنة إلى قبره كونها من الصدقة .
وكان هناك وهم شائع ظل قائما لعدد طويل من السنوات وهو يتعلق بخوف الأطفال من مشاهدة الميت ،أو لمس كفنه أو حنوطه ،أو من مشاهدة الرجل أو المرأة التي تقوم بتجهيز الميت من غسل وتكفين أو قراءة الأذكار عليه أو غيرها من المراسيم الجنائزية التي كانت تثير الخوف والرعب في قلوب الصغار ،فيبتعدون عن مشاهدة أو لمس (النعش ) بل قلما يعرفون مايجري للميت بعد نقله من المنزل للصلاة علية ومن ثم دفنه .
وقد أتاح هذا البعد عن الحقيقة تصور الأحلام المزعجة والكوابيس في منامهم ،وربما عمق هذا الشعور ما قد يمتزج ببعض الحكايات والأساطير التي يسمعونها من العجائز وكبار السن خرافات تتعلق بعالم الأرواح والغيب لاحقيقة لها ، لأنه - أي الغيب - اختص الله به نفسه .
غفر الله له ....
سكن حلال له الجنة
غفر الله له
با له ميت الف جنة
غفر الله له
با له برود الجنة
رحم الله أمواتنا وأموات المسلمين

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 10-28-2015 الساعة 11:15 AM
  رد مع اقتباس