عرض مشاركة واحدة
قديم 05-17-2007, 10:40 PM   #4
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي

إن ما ذكرناه من مستوى تحقق لشعبنا في الجنوب على طريق التطور الإنساني والاجتماعي هي حقائق ثابتة لا تقبل التشكيك فيها أو الطعن بصحتها سواء اتفقنا مع النظام السياسي السابق أو اختلفنا معه ونحن هنا لسنا بصدد ذكر مزايا أو إنجازات النظام الاشتراكي الذي حكم الجنوب فهذه ليست مهمتنا بقدر ما حاولنا قدر الامكان إن نقصر حديثنا عن ما له تأثير مباشر ويصلح إن يوظف كدلالة على مستوى النمو والتطور الاجتماعي وعن ما يؤكد إن مجتمعا مدنيا قد تشكل في الجنوب وان الدولة الوطنية قد تم تحقيقها قبل العام 1990. ...


بعد إن تعرفنا على واقع الجنوب المعاش حتى يوم إعلان الوحدة في 22 مايو 1990 ننتقل إلى رصد الحالة السائدة في المجتمع اليمني أو لمجتمع الجمهورية العربية اليمنية حتى نكون أكثر تحديدا... ( المفروض انه الشريك الأخر في الإعلان عن الوحدة ), فماذا نجد... وقبل إن نشرع في ايراد التوصيف الذي نعتقده للمجتمع اليمني أحب إن اؤوكد هنا انه خدمة للحقيقة وحفاظا على تقيدنا بالتقييم الموضوعي سنركز بقدر الامكان على ابرز المؤشرات الدالة على صحة ما ادعيناه على إن نترك أمر دراسة الحالة اليمنية بشكل أكثر دقة لأصحاب الأبحاث والدراسات وهو أمر مطلوب لكنه ليس من مهمتنا اليوم...



و استنادا إلى ما قرانا من فصول التاريخ وما عرفناه عن مراحل تطور الشعوب إضافة إلى ما تثبته الوقائع والإحداث وما يعكسه الواقع المعاش فإننا نستطيع إن نسجل الخلاصة التالية التي لا ندعي أنها حقائق مطلقة ولكنها بالتأكيد ليست شطحا ولا تجنيا ولكنها حقائق معاشة لواقع ملموس.


إن اليمن لم يعرف الدولة الوطنية حتى اليوم وان المجتمع اليمني مجتمع قبلي مسلح, تحكمه علاقات اجتماعية شديدة التخلف وتتحكم به الأعراف القبلية التي سادت المجتمع العربي قبل الإسلام.


وتدل كافة المعلومات أن اليمن عاش حتى 26 سبتمبر1962 في حالة انقطاع
شبه تام عن العالم وليس له علاقة بالعلم والعلوم الحديثة ولم يتعرف سكان اليمن على ثقافات الشعوب الأخرى... كما لم يكن قد عرف حتى ذلك الوقت ما تعنيه المناهج التعليمية الحديثة وظل أسير ثقافات موغلة في التخلف وسيطر الجهل سيطرة شبه تامة على معظم سكان تلك البلاد... وكان من الطبيعي إن يجري تكفير من يحمل جهاز راديو كما جرى تكفير من لبس الملابس الأوروبية ويطلق عليه متشبها بالكفار والنصارى...


وغني عن القول إن اليمن لم تعرف خدمات طبية ولا مدارس حديثة بل إن مدارس مثل الابتدائية والإعدادية لم يكن لها وجود في اغلب بلاد اليمن... إما إن تتعلم لغة الإنجليز أو غيرها فهو الكفر عينه... ومن الطبيعي وهذه الحالة إن لا يعرف الناس الطرق المعبدة ولا يعرفون الكهرباء... كما لم يعرفوا مياه الشرب النقية ولا التمديدات الصحية ( للعلم إن عدم وجود تمديدات صحية وشبكة للصرف الصحي ومياه شرب نقيه لا زال هو الواقع المعاش حتى اليوم في العاصمة صنعاء)


وسمة غالبة على كل المدن اليمنية الأخرى.
ومن الطبيعي إن لا تتوفر منظمات سياسية أو حقوقية فاعلة أو ما يعرف بمنظمات المجتمع المدني في هكذا مستوى من التطور المتدني جدا....



وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعين عاما على انقلاب 26 سبتمبر 1962الا انه وبسبب قوة القبيلة وتأثير العلاقات القبلية فان السلطة لازالت تكرس فهما عشائريا قبليا للحكم ويتم تسخير السلطة والنظام السياسي لصالح القبيلة والعشيرة ولم تعرف اليمن الدولة الوطنية حتى هذه اللحظة... وسنبين لاحقا صحة ما قررناه بشان هذه الحقيقة.

لقد جرى اعتماد التخلف أيدلوجية لنظام الحكم في اليمن ولا تحظى القوانين بالاحترام ولا تسود لغة القانون منظومتهم القضائية ويعتمد المجتمع اليمني على الأعراف القبلية عوضا عن القانون ومن الطبيعي والحالة هذه إن تنعدم المساواة بين الناس وهذه الممارسات المتخلفة البعيدة عن روح العصر ليست مقصورة على فئات اجتماعية محددة بل هي سمة عامة تحكم نشاط المجتمع كما تحكم نشاط وعمل أجهزة الحكومة.


وحتى لا نتهم بأننا نحرض ضد اليمن واليمنية سنعرض بعض المؤشرات الرئيسية الدالة على صحة ما نقول... وللتركيز سنذكر حالتين أو أكثر فقط هي كافيه في اعتقادي على إزالة أي شك... وهي من واقع الحال أي الواقع السائد اليوم وليس زمن الإمامة أو ما قبلها فتلك عصور مظلمة حالكة السواد... وتعالوا نبدأ بحادثة إطلاق النار على رئيس الوزراء بالنيابة عام 1993 الدكتور حسن مكي في العاصمة صنعاء نهارا جهارا.


تقول الحقيقة إن حراسة احد شيوخ القبائل الكبيرة في اليمن قد أطلقوا النار على الدكتور حسن مكي رئيس الوزراء وقتل فيها عدد من حراسه وأصيب هو في تلك الواقعة... ما حصل إن القضية قد جرى حلها باعتماد العرف القبلي حيث قدم شيخ القبيلة عددا من الأبقار والإبل لتذبح على بوابة منزل رئيس الوزراء وحضر هذا الحكم اغلب القادة السياسيين والعسكريين بمن فيهم رؤوساء وزارات سابقين ولاحقين وقادة الأحزاب السياسية وممثلين عن رئيس الجمهورية المشير علي عبدا لله صالح وانتهت القضية تماما.


هناك نموذج أخر يثبت إن اليمن لازالت في طور القبيلة والعصبية من أطوار التطور البشري وأنها لم تصل بعد إلى مستوى الدولة الوطنية وهو نموذج من شانه إن يسكت كثير من دعاوى نظام صنعاء عن الدولة وعن الديمقراطية وعن المساواة... وهذا النموذج حديث لم يمر على واقعته سوى اشهر قليلة إن لم تكن أسابيع قليلة...


إذ تذكر الأخبار إن شيخ منطقة الجعاشن من محافظة أب بالجمهورية العربية اليمنية قد أقدم في شهر مارس من هذا العام 2007 ( لاحظوا إننا نتكلم عن إحداث حصلت في العام السابع من القرن الحادي والعشرين )على ترحيل سكان منطقة تقع في نطاق هيمنته ونفوذه القبلي الاجتماعي من أراضيهم التي وجدوا بها منذ مئات السنين وانتزعهم وأطفالهم ونساءهم منها وجرى تشريدهم خارج حدود منطقة نفوذ الشيخ وقد تناقلت إخبار تلك الحادثة الشنيعة وسائل الأعلام المختلفة عربية وغير عربية كما جرى تداولها في ما يطلق عليه في اليمن مجلس النواب... دون إن تقدم الحكومة اليمنية على أي أجراء ولم تجري مساءلة الشيخ على فعلته الشنيعة الإجرامية هذه ولم يحظى بالاستنكار المطلوب من المجتمع اليمني ولا من قيادات الأحزاب السياسية إلا على استحياء ومن باب رفع العتب ليس إلا, لان الجميع يعتبر تصرف الشيخ تصرفا طبيعيا وحقا من حقوقه وفقا لمجتمع القبيلة والعشيرة...


هناك إثبات جديد على إن اليمن لم يصل مرحلة الدولة الوطنية بعد وانه أسير علاقات قبلية قديمة متخلفة... وهو في اعتقادي سيسقط أخر دعاوى النظام بالحداثة كما سيعزز من طروحاتنا بشان البون الشاسع بين مجتمع الجنوب والمجتمع اليمني


ذكرت الأخبار ونشرت الصحف اليمنية يوم أمس الأول أي 13 من مايو 2007 إن الرئيس اليمني علي عبدا لله صالح قد طلب من الشيخ عبدا لله بن حسين الأحمر إن يوجه داعيا قبليا لحسم الحرب الدائرة في محافظة صعدة بشمال اليمن منذ أربعة اشهر دون انقطاع ودون إن تستطيع قوات الحكومة وجيشها إن يحسم الأمر وقد لبى الشيخ نداء القبيلة ( الرئيس اليمني من قبيلة حاشد ) بان وجه الشيخ عبدا لله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ اليمن واكبر مشائخ قبيلة حاشد اليمنية.. داعيا قبليا نورده كما نشر لا زيادة ولا نقصان





الأخوان مشايخ سحار وجماعة وخولان بن عامر ومنبه ورازح وغمر وشدا وبني الحرب وكل داعي خولان بن عامر


حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن ما يجري ألان في بلادكم يسوءنا ويسوءكم وانتم الذين تتحملون المسؤولية التاريخية واللوم والملام على مشائخ البلاد.
وهولاء الشباب الطايش يشوهون سمعتكم ويضيعون وجودكم وليس لهم قاعدة إلا سكوتكم وتخاذلكم وانتم خولان بن عامر الذين لكم التاريخ العريق والذي قال شاعركم في الماضي:
أيها السائل عن أنسابنا
نحن خولان بن عامر من قضاعة
نحن من حمير في ذروتها ولنا المرماع فيها والرباعة.
فلا يضيعها حفنة من المراهقين والحالمين الذين يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.. الله المستعان ومن اجل هذا أنا أدعيكم داعي القبيلة والإخوة الذي بيننا وبينكم إن تجمعوا رأيكم وشوركم وتطهروا بلادكم من هؤلاء المخربين والله يرعاكم والسلام عليكم
أخوكم عبدا لله بن حسين الأحمر
(( يمكن العودة إلى مايونيوزنت 13 مايو 2007 ))
و سيجد كثير من القراء العرب والأجانب صعوبة في استيعاب الأمر ويحتاج تقبله إلى وقت حتى يهضموا إن اليمنيين لازالوا يستخدمون مفردات المجتمع العربي قبل الإسلام بما يذكر بداحس والغبرا... ومتى ... ألان في القرن الواحد والعشرين...
هل بعد هذا مطلوب إن نضيف دلائل جديدة على إن اليمن يعيش مجتمعا قبليا مسلحا تحكمه علاقات قبلية شديدة التخلف وانه لم يصل بعد إلى طور الدولة الوطنية؟

في هذا المجتمع المحكوم بهذه العلاقات القبلية والمشدود إلى أعراف ونمط حياة المجتمعات العربية قبل الإسلام تلقى مثل هذه الدعوة أو داعي القبيلة رواجا كبيرا لما يتيحه للكثيرين من رجال القبائل إن يمارسوا سجيتهم في القتل والنهب والسلب وهي حقوق مشروعة كفلتها لعراف القبيلة ويبررها داعي القبيلة وهو تشريع رسمي من الحكومة ومن رئيس النظام باعتماد هذا الأسلوب باعتباره من الأسس التي يقوم عليها نظام الجمهورية العربية اليمنية... ولا ضير في ذلك بتاتا فالشيخ عبدا لله بن حسين الأحمر موجه داعي القبيلة هو نفسه رئيس مجلس النواب اليمني وهو أيضا رئيس حزب الإصلاح اليمني اكبر االاحزاب السياسية اليمنية التي تدعي وتلعب دور المعارضة السياسية في اليمن...

لا ادري هل نقول مبروك للمشترك ( تكتل أحزاب المعارضة اليمنية ) النمط الجديد من الأدوار السياسية للمعارضة أم نقول مبروك لمروجي الديمقراطية على الطريقة اليمنية... وفي كل الأحوال هو نمط جديد يمكن إن يجد فيه نبيل خوري الكثير من الايجابيات التي عليه إن ينقلها إلى العالم للتعلم من التجربة الديمقراطية اليمنية التي يتحدث عنها بإعجاب.
اعتقد إننا في غنى عن مواصلة سرد ملامح التخلف في المجتمع اليمني وهي كثيرة جدا والدالة على بقاءه في طور ما قبل الدولة الوطنية... ولسنا بحاجة إن نذكر تجارة السلاح, ولا ضعف دور العمل النقابي أو الحزبي في ظل مثل هذا المجتمع فالشواهد كثيرة ولا يتسع المجال لسردها هنا كما إن المستهدف ليس تقديم دراسة كما اشرنا في بداية حديثنا وإنما مقال يقدم قراءة خاصة في محاولة لفهم كيف تحول إعلان الوحدة في 22 مايو 1990 إلى احتلال.
نخرج بخلاصة من ما أوردناه في الخطاء الاستراتيجي الثاني لوقوع الكارثة وتحول حلم الوحدة إلى احتلال صريح وهو إن القفز على الحقائق وعدم قراءة الواقع المعاش في المجتمع اليمني كما هو والوقوف على الفارق الكبير بين مستوى التطور بين المجتمعين قد أدى إلى إن فقد الجنوب خصاله ومميزاته ورمى بكل ما تحقق للشعب في الجنوب في الفضاء دون إن يقبض سوى الريح ... وما لبث إن انعكس عليه تخلف ذلك المجتمع خرابا ودمارا وويلا وثبورا.
فما هي سوى اشهر قليلة حتى بدا صراع محتدم بين عقليتين وبين مشروعين...
ومن أزمة إلى أخرى ومن اعتكاف إلى أخر حتى تفجر الوضع حربا ضروسا استخدمت فيها كل الأسلحة من الرشاش حتى الصاروخ بعيد المدى مرورا بالمدفعية والدبابات والطائرات...
نأتي على ذكر الخطاء الاستراتيجي الثالث وهو بالضرورة إن يكون مرتبط بما قبله..
.
في اعتقادنا إن السبب الثالث الذي حول إعلان الوحدة إلى احتلال هو إعلان الرئيس علي عبدا لله صالح الحرب على الشريك الأخر في الإعلان عن الوحدة أي اليمن الديمقراطية الشعبية يوم السابع والعشرين من ابريل 1994 وهو ما ألغى نهائيا أية مشروعية لاتفاقية الوحدة كما ألغى الصفة السلمية الطوعية لإعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 وكان من نتائج تلك الحرب الظالمة إن احتلت الجمهورية العربية اليمنية بالقوة العسكرية كامل تراب الوطن الجنوبي من ميون في مضيق المندب غربا حتى حدود عمان شرقا في 7 يوليو 1994. وبذلك وقعت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تحت الاحتلال المباشر للجمهورية العربية اليمنية .


لقد كان للخطائين الاستراتيجيين السابقين تأثير مباشر وقوي وحاسم على ما ألت إليه الأمور في الحرب.... إذ إن التسمية وما جرى خلال السنوات اللاحقة للاستقلال من تزييف لحقائق التاريخ وإلغاء لوقائعة قد ولد قناعة ترسخت في عقول الكثيرين من إن اليمن بلد واحد وان النضال لتوحيدهما مهمة واجب إنجازها وان الوحدة اليمنية مقدسة يمنع الاقتراب منها أو الاعتراض عليها, كما إن شطب قيادات جنوبية لتاريخنا وانتماءنا العربي قد قدم السلاح الفعال للطرف الأخر بان ينشر دعاويه القائلة بان الفرع قد عاد إلى الأصل وبدا إن الاتفاق والإعلان عن الوحدة بين كيانيين سياسيين يتلاشى شيئا فشيئا وتكرس مفهوم البلد الواحد وان الجنوب أرضا عادت إلى أهلها واصلها بعد احتلال أجنبي فرض انفصالها عن اليمن ألام قسرا فكان إن ازداد وضع القيادات الجنوبية للحزب الاشتراكي صعوبة وهي تدير الصراع مع نظام صنعاء فهي غير قادرة على التنصل عن دعاويها السابقة بجرة قلم وهي غير قادرة على حشد التأييد لفكرة رفض نظام صنعاء ودعاويه حتى في أعلى الأطر القيادية للحزب الاشتراكي نفسه...

إلى جانب أنها لم تقم بما يكفي لتوحيد الصف الجنوبي وخلق وحدة جنوبية جنوبية لتامين جبهة متراصة متماسكة تستطيع إن تقف في وجه دعاوى صنعاء وتشكل السد المنيع الذي يعصم الجنوب ويمنع وقوعه تحت الاحتلال... ونحن لسنا بصدد تقييم الحرب وتداعياتها وتقييم عمل ونشاط القيادات السياسية والعسكرية الجنوبية التي أدارت الصراع السياسي والعسكري أو اشتركت فيها مع هذا الطرف أو ذاك... كما إننا لسنا بصدد توجيه الاتهام أو تحميل المسؤولية للقيادات الجنوبية في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني آنذاك وإنما نود إن نسجل حقيقة مرة وهي إننا جميعا قد ارتكبنا من الأخطاء الكبيرة ما جعل نظام صنعاء ينتصر في حربه على الجنوب وما جعل وطننا يقع تحت الاحتلال اليمني المتخلف وبصفتي قائدا عسكريا لوحدات جنوبية خاضت الحرب الظالمة إلى جانب الجمهورية العربية اليمنية أستطيع القول إن موقفنا ذلك كان خاطئا بكل المقاييس بالنظر إلى ما ألت إليه الأمور ومانتج عنها في الواقع اليوم


من احتلال بين لوطننا ووقوع شعبنا في براثن التخلف والطغيان, تستباح كرامته ويقاسي أطفاله الفاقة والعوز ويعانون من مختلف الاوبئة والإمراض الخبيثة, افتقدوا الأمن والأمان ويكتنف الظلام مستقبلهم ومستقبل الأجيال وتلاشت إمام أعينهم دولتهم ونظامهم الذي كان مع انعدام الأمل في غد أفضل... ولا يوجد شبيه لما أل إليه وضع وطننا وشعبنا سوى ما حدث للعراق وبغداد عند غزو المغول لها وتدمير حضارة بلاد الرافدين وإحراق مكتبات بغداد... على إن اولاءك لم يدعو ملكية العراق ولم يقولوا بان الفرع عاد إلى الأصل...

بعد إن فرغنا من ذكر الأخطاء الاستراتيجية الكبيرة التي أدت إلى إن يتحول إعلان الوحدة إلى احتلال صريح لا بد لنا من التطرق إلى ممارسات سلطات الاحتلال التي تؤكد همجية نظام الجمهورية العربية اليمنية وعبثه بمقدرات الجنوب وابتعاده كليا عن أي تصرف أو نشاط ينم عن المسؤولية التاريخية أو ما ينبىء التزامه قيام الدولة العصرية الحديثة وللتدليل على هذا القول سنعرض بعض النماذج الرئيسية الكبيرة ونمتنع عن الدخول في التفاصيل لكثرتها ولتعددها وتنوعها...

أولا تعديل الدستور:-
بعد إن سقط الجنوب تحت الاحتلال وجرى إسقاط اتفاقية الوحدة وإلغاء الشريك نهائيا سعى النظام اليمني إلى تكريس هذا النصر بما يؤمن سيطرة مطلقة لنظام صنعاء عبر تعديل عشرات المواد الأساسية من مواد الدستور بحيث تتركز السلطة بيد رئيس الجمهورية وتمنحه صلاحيات واسعة تفضي إلى حكم فردي دكتاتوري مغلف بدستور جمهوري... وهدف المشرعون من وراء تلك التغييرات التي ادخلوها إلى الدستور إلى إنهاء ما يشير من قريب أو من بعيد عن وجود كيان أخر شريك في إعلان دولة الوحدة مستهدفين ترسيخ نهائي لمفهوم البلد الواحد ليس إلا...


ومع انه قد جرى تفصيل الدستور ليتناسب مع الحاكم القديم الجديد لليمن إلى درجة يمكن القول معها انه لا علاقة لهذا الدستور الجديد بالدستور الذي تضمنه الإعلان عن الوحدة في 1990.


ثانيا : اعتبار الجنوب كله غنيمة من غنائم الحرب


تعامل نظام القبيلة اليمنية بعد النصر مع الجنوب وطنا وشعبا كغنيمة حرب وتصرف كما تتصرف القبائل العربية قبل الإسلام بعد إن تحقق النصر في غزواتها على القبائل الأخرى... فاعتبر الشعب الجنوبي والجيش الجنوبي أعداء مهزومين يستحقون العقاب وإما الأرض الجنوبية وما فوقها وما تحتها فهي ملك صافي للحاكم ولقبيلته ولقادة جيشه المنتصر...


وحتى نكون مقنعين في ادعاءنا هذا سنقدم الدليل الذي يثبت فعلا إن نظام الجمهورية العربية اليمنية قد تصرف بعد الحرب بشكل لا يمت بأية صلة لأي مشروع وحدة ولا له علاقة بأي مسمى وطني كما لا له علاقة من قريب أو بعيد بما يوحي أو ينم عن بناء دولة وطنية عادلة قادرة... وسنرى عمليا وبالدليل كيف تبخر حلم الوحدة سرابا
وكيف تحول إلى احتلال عسكري قبلي متخلف لكل الوطن الجنوبي المغدور.
وسنكتفي بالقليل من الأمثلة الرئيسية التي نعتقد أنها كافية للتدليل على صحة توصيفنا
للوضع القائم والمعاش اليوم في ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية..
بأنه احتلال صريح لا لبس فيه.

يتبع
  رد مع اقتباس