عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2011, 05:26 PM   #388
الحضرمي التريمي
حال متالّق

افتراضي

موقف ابن تيمية من خصومه
الذين تسببوا في سجنه وطالبوا بقتله:

لم يكن امتحان الصوفية هو الامتحان الوحيد الذي ابتلي به ابن تيمية، بل ابتلي –رحمه الله- بقرناء حسدوه على محبة الناس والخلق له،
وعلى ما منَّ الله به عليه من علم ودين وخلق،وما ناله من مكانة عظيمة في قلوب الجميع، لقد كان شيخ الإسلام –رحمه الله-
من أكثر العلماء الجهابذة الذين تعرضوا لأذى الأقران الحساد، ولكنه كان مع كل ذلك صابراً محتسباً،وكان معهم من ألطف الناس وأرحمهم.

يقول الحافظ البزَّار حاكياً حال خصومه:
(ولما رأوا هذا الإمام عالم الآخرة،تاركاً لما هُمْ عليه من تحصيل الحُطام، من الشُّبه الحرام،رافضاً الفضل المُباح فضلاً عن الحرام، تحققوا أنّ أحواله تفضح أحوالهم وتوضِحُ خفِيَّ أفعالهم، وأخذتهم الغيرةُ النفسانيّةُ، على صفاتهم الشيطانية، المباينة لصفاته الروحانية،فحرصوا على الفتك به أين ما وجدوه).
ولذا فقد اجتمع هؤلاء عليه وهم أشتاتٌ كثيرة، وأطياف منوعة،يجمعهم هدفٌ واحد وهو إسقاط ابن تيمية والنيل منه،حاولوا محاورته فأسقط في أيديهم،راموا مجاراته في العلم والفقه والمعرفة فرجعوا خائبين، ناظروه وجادلوه فبيَّن لهم المحجة وألزمهم الحجة،فاستعانوا عليه بالسلطان،
فكتبوا التقارير الكاذبة، والشكاوى الكيديَّة،محاولين نكبته عند ولي الأمر بعد أن يئسوا من الظهور عليه بالحجة والبرهان،وما أشبه الليلة بالبارحة!

يقول ابن فضل الله العمري:
(فلقد اجتمع عليه عصب الفقهاء والقضاة بمصر والشام،وحشدوا عليه خيلهم ورجلهم، فقطع الجميع، وألزمهم الحجج الواضحات أيّ إلزام،فلما أفلسوا أخذوه بالجاه والحكام).

وفي عام 709هـ

بعد أن وشى به بعض هؤلاء وكذبوا عليه وألّبوا الحكام والأمراء عليه، وتزلفوا لدى الكبراء في أمر ابن تيمية ، سُجن وعذب، هو وأصحابه،وتولى كِـبَر ذلك الجُرم شيخ غلاة الصوفية في زمنه الشيخ نصر المنبجي والأمير ركن الدين (بيبرس الجاشنكير) تلميذ المنبجي، وجماعة من الفقهاء والعلماء على رأسهم القاضي المالكي ابن مخلوف، وهؤلاء هم ممن ناصر الحاكم بيبرس في انقلابه ضد السلطان الناصر محمد بن قلاوون.

قال ابن عبدالهادي حاكياً ما فعله خصوم ابن تيمية:
(وأوذي جماعة من أصحابه، واختفى آخرون،وعزر جماعة، ونودي عليهم).
وقال الإمام الذهبي عن أحد أصحاب ابن تيمية وهو المحدث جمال الدين الإسكندري:
(أوذي من أجل ابن تيمية وقطع رزقه،وبالغوا في التحريض عليه).

هذا ما جادت به أنفس خصوم ابن تيمية من الأخلاق، فبعد أن عذبوا وسجنوا تلاميذه وأصحابه، ساقوه لمحاكمة ظالمة جائرة،قضاتها هم الأعداء والوشاة، فالمدعي هو القاضي، والـمُتََّهِمُ هو الحاكم،وفي هذا الجو المتلبد بالجور لم يمكّن ابن تيمية من الدفاع عن نفسه، فأمر القاضي ابن مخلوف بحبس ابن تيمية في القلعة، ومعه أخواه.
ولما رأى شرف الدين –أخو ابن تيمية وكان معه في السجن-الظلم الكبير الذي وقع عليهم من قبل هؤلاء؛ابتهل ودعا الله عليهم، فمنعه ابن تيمية،وقال له: بل قل:(اللهم هب لهم نوراً يهتدون به).
  رد مع اقتباس