عرض مشاركة واحدة
قديم 04-23-2011, 01:47 PM   #15
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

كان قدر شاعرنا خميس سالم كندي يترصد له في حله وترحاله ، قدر تبدو فيه مسببات الشر تتغلب على السكون والأمن وطمأنينة النفس التي كان ينشدها ، ابصر النور ونشأ وترعرع وشب اثناء حصار الغرفة ، وشاهد الطائرات وهي ترمي قنابلها على مدينته ، ثم إذ بالحرب العالمية الثانية تقوم وتتعرض حضرموت والجنوب الى حصار بحري ، فهرب شاعرنا كندي إلى الحبشة (( متهربا ومتخفيا )) وما أن وطأت أقدامه الحبشة حتى أنهارت ايطاليا واستسلمت وسلمت مستعمراتها ( الحبشة والصومال ) للبريطانيين ، ولم يمضي عامان من استقرار شاعرنا خميس سالم كندي في الصومال ، وإلا وتفجرت بين الصومال و العرب احداث دامية ومؤسفة.

هناك عدّة روايات حول اسباب الأحداث التي وقعت بين الصومال و العرب في مقديشو ، منها : من اتهم الانجليز بأن أياديهم الخفية لعبت دورا في تحريض ( قبائل الأبقال ) الصومالية ضد العرب ، وعن هذه القبيلة الصومالية ( أبقال ) رد شاعر حضرمي على منتقديه الذين اتهموه انه هرب من حضرموت بسبب عراك القبائل الحضرمية الى الصومال لينشد السلامة والأمن ، فرد عليهم بقوله : (( عمدت الصومال بين الأبقال القبايل الشداد )) .

ويعلل البعض أن سبب الاحداث تنامي نشاط الجالية العربية متمثلة في هيئتها التي استطاعت أن تضم مجاميع كبيرة من العرب فيهم الحضرمي ـ والعماني ، واليمني الشمالي ، وابناء الجنوب . واستطاعت بنشاطها الاجتماعي أن تفرض واقعا جديدا في نشاط المجتمع المدني في الصومال . وتسربت معلومات الى الاستخبارات البريطانية في الصومال بأن العرب يقومون باعمال تحريضية بين الصوماليين ضد الانجليز ويتهمون الانجليز بالقيام بحملات تبشيرية .

وفي نوفمبر سنة1947م ، أجبرت اجهزة الأمن الصومالية سكرتير الجالية العربية ( ابوبكر بن عوض بن مبارك ) الرحيل من الصومال الى ممباسا ، إثر مشادات وقعت بينه ومعه سيد من آل البيتي ، وبين بعضا من ابناء قبيلة الأبقال ، واحتج ابناء الجالية العربية على قرار ابعاد سكرتير الجالية والذي ينتمي الى قبيلة ( نوّح السيبانية الحضرمية ) ،

في المقابل لم تهدأ الأنفس وبقي الجو متوترا بين الصوماليين والعرب ، وصادفت تلك الأحداث أيام عيد الأضحى من سنة 1366هـ وفي اليوم الثاني من العيد اجتمع ابناء الجاليةالعربية بعد ان وصلت الاخبار بأن هناك حشودا من قبائل صومالية في ضواحي بلاجوا عرب مزودة بالسلاح الأبيض ( خناجر ، ورماح ، وسيوف ، ونبال ...الخ ) وعصي غليظة قادمة للانتقام ومهاجمة العرب ، الذين يخرجون في مظاهر احتفالية حاشدة يتوجهون فيها الى بيت رئيس الجالية العربية ( أحمد مدهش خرباش ) وهو من أهالي البيضاء ، وحين كان الحشد العرب متوجها الى مقر الجالية كان شاعرنا خميس سالم الكندي يتقدم الحشد بوصفه شاعر الجالية وكان ينشد بصوته الجهوري الأبيات الشعرية التي تبعث على الحماس والصمود ويرردد الجميع من بعده منها قوله :

يارجالا ..يارجالا= بالسيف والرماح والنصالا

وفي اثناء طريقهم الى مقر الجالية ، هاجمتهم القبائل الصومالية على حين غرّة ، وكان العرب عزلا من السلاح ، واشتبك الفريقان ، وانتقل المغيرون الى دكاكين العرب في ( حمروين ) فجطموها ونهبوها ، واستمرت الفوضى لمدة يومين ، واستطاعت الأسر العربية المقيمة في حمروين الهرب نحو ( بلاجوا عرب ) الحي العربي . وذكرت صحيفة ( صوماليا كوريير ) في عددها الصادر في 3 نوفمبر 1947م الأحصائيات الرسمية التالية:

(( الأموات من العرب 8 اشخاص ، ومن الصومال 1 ، المجاريح من العرب 26 ، ومن الصومال22 ، ومن الجندار مري 7 ، وقد خرج من مجاريح العرب 16 شخصا )) ..!!

واحتجب ابناء الجالية العربية في منازلهم ، وبعد ثلاثة ايام عاود الصوماليون الغارة على ( بلاجوا عرب ) من جهة الشمال ، وحين اقبلوا بسلاحهم الأبيض ، وعلى مقربة من البيوت ، اطلق فوق رؤوسهم النار أحد أبناء قبيلة نوّح فخاف الصوماليون وهربوا وظن بهم الشك بأن الانجليز كان يريد بهم الإيقاع والفتنة وانه سلح العرب باسلحة نارية ، في المقابل كانت لتلك الحوادث ردود أفعال سريعة فقد استنكر الاتحاد الاسلامي الصومالي في عدن تلك الحوادث واتهم الانجليز وراءها ، واستنكر الصوماليون المقيمون في عدن تلك الحوادث ضد أخوانهم العرب وأدانوها ، وأذاعت محطة مصر ، والشرق ، وإذاعة لندن أخبار تلك الحوادث ، وأبرق الحضارم للسلطان صالح بن غالب القعيطي وكبار أعيان الحضارم في عدن والسعودية وحضرموت ، شرحوا لهم ما تعرض له العرب في مقديشوه وطلبوا الوقوف معهم وحمايتهم ، وبعث رئيس الجالية العربية برقية الى ملك اليمن ، وإلى نادي الحزب الوطني في حضرموت ، وإلى قائد القوات العام في مكتب المستعمرات بعدن ، وإلى حكومات الجامعة العربية ، وأرسلت برقيات الى ولي عهد المملكة العربية السعودية ، وصحيفة ( أم القرى ) وإمام الحرم المكي .

صحيفة فتاة الجزيرة غطي مراسلها الصحفي وقائع الأحداث


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وعلى إثر ذلك شكلت الحكومة في مقديشوه لجنة تحقيق لتقصي الحقائق ، مكونة من الميجر ( سيمور ر) ئيسا ، والكبتن ( كيك برايد )، ومن عضوية ( جامع موسى بغر) ، و ( إمام محمد أحمد) ، و( علي عبدالله مرجان) ، و ( الشريف مهدي ) .

من جهة أخرى شكل الصوماليون لجنة صلح وقدمت هذه اللجنة سبعة شروط للعرب منها :

( أن لايتدخل العرب في شئون الصومال ، وألا يجعلوا دكاين ومقاهي في ( بنديره ، وعر قاب ، وورودقله ، وشنغاني ) من الحجر إلا في حمروين وبلاجوا عرب ، ولا يجعلوا أيضا مركز للجالية ولا للمنتدى ولا للنهضة في حمروين ، ولا المحلات المشار إليها ، ولا يتجولوا في أفراحهم) ، وقد رفض العرب أغلب هذه الشروط ، وإن كانوا وافقوا على عدم التدخل في السياسة .

عاصر شاعرنا خميس سالم كندي تلك الأحداث التي جرت في الصومال ، ونظم عدة قصائد في تناول مسببات شرارة الحدث ، وذكر أن الثورة ( هكذا سماها ) كان سببها السادة آل البيتي وقبائلهم من نوّح من جهة وبين الصومال( الأبقال ) من جهة أخرى وقال في ديوانه


(( قصيدة بمناسبة الثورة في بلاجوا عرب بين الصومال الأبقال ، والعرب ، وأصل الثورة بين قبيلة نوّح والسادة آل البيتي وبين الصومال القا هذه القصيدة الى شائب نوّح وسيبان السيد حسن بن عمر المحتحت قال كندي :

بني مغراه قال الذي قد بات ساهر= عبّر ليله ولا غمضت بالنوم لعيان
و لابه هم دنيا ولا مسبور قاصر= ولا دعوى تهمه ولا من دين وحلان
سوى أخبار الفتن لي تنكد كل خاطر=ولا تفرح إلا سوى جهلاء وغشمان
ومن لاجا بجوده يجي مكسور خاطر= ومن يخرق بيده بايرقع بليمان
تنكد عالشيوبه ومن له عقل فاكر= تجيب الهم والغم والشغله والاحزان
ولكن ويش تلقي الى ثار ثاير= وقد ثارت حمية بني يعرب وقحطان
مع الساعه ثناعشر ونا في السوق عابر= سمعت الصيح مطرق ودكه بين شبان
بني هاشم وأبقال كلاً راح شاكر=وواحدهم بعشره رجال أجواد شجعان
وياكمين شاجع رجع مكسور خاطر= بلاجوا من دخلها بهمه راح فزعان
إذا صاح المصيح تجد كلين حاضر= ملانه بالقبايل بني نوّح وسيبان
عرب دارت علىرؤوسهم جميع الدواير= تربوا على المحن والفتن من سابق زمان
وشايبهم حسن بن عمر له صيط شاهر= ملقب بالمحتحت ونعمك عالي الشان
يحتحت عز وناموس لأصاحابه يكابر= واسلافه تحت منهم بركه وبرهان
وهو لله دره على اصحابه يخاطر= ويقبل ما يجي منهم راضي وفرحان
وهم محد مقصر معه باطن وظاهر= يلبون الطلب كلهم في شرب فنجان
وداعي نوحي ما يجي في شرع قاصر= كذب من قالك نوحي في الأرض يهتان
ونجم القبوله لم يزل سامر وزاهر= وتمت قبولتهم برونقها إلى الآن


.


عجيب في أمر هذا الشاعر ( خميس سالم كندي ) عدّ تمرد بن عبدات شرف قبلي تفاخر به وبمن قام به ، وعد تمرد بن عبدات على الانجليز ثورة ... بينما في الصومال عد ثورة الصومال ( الأبقال ) على العرب الذين كانوا يسيطرون على مفاصل الاقتصاد الصومالي ويزاحمون المواطنين على أرزاقهم ، ويتدخلون في الحياة السياسية والاجتماعية و العقدية لأبناء الصومال عد داخل ضربا من ضروب الصراع القبلي .

.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 04-23-2011 الساعة 02:07 PM
  رد مع اقتباس