عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2011, 01:27 PM   #16
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

من اصعب الأغاني الحضرمية غناء الدان ، فهو فن وأداء راق ليس بالسهل ، وإن كان المغنون كثيرون إلا أن المجيدين منهم قليلين ، وفي تلك الحقبة التي عاشها شاعرنا محمد بن ناصر القعيطي برز في الوادي من يستحق أن يقال عنه ( مغني الدان الحضرمي ) منهم على سبيل المثال : بكري سعيد عبدالخير ، وصالح مبارك ، وعاشور الشن ، وسعيد مرزوق ، وحميد عاشور ، ومستور حمادي ، وعوض حيمد ، ومحفوظ عبيد حنكيل ، وعوض عبيد فاضل ، وعوض سالم بارماده ،وعوض البقار ... وغيرهم

وتعد الحان المغني والملحن بكري سعيد مصدر الهام لألحان ملحن ومغني وشاعر الدان سعيد مبارك مرزوق ، فقد اعترف سعيد مرزوق بأن بكري سعيد استاذه ومنه تعلم تأليف التلاحين ، وبكري سعيد صاحب لحن الصوت المعروف :

مات بدري= لي كنت أنا واياه في بحر نصري
مسكين عمره قصر=
ضاع فكري=
يانقص عيسى ويانقص بكري= يانقصكم ياهل سيون

ويعود تاريخ هذا اللحن الى عام 1347هـ وعلى هذا الصوت نظمت اشعار كثيرة منها قول الشاعر السري:

بالغواني= قلبي مولع وهائم وفاني
دائم يدير الفكر=
كم يعاني=
في عشق خرعوب سوس مباني = في القلب له دور واحصون


يانقص عيسى ويانقص بكري=


دأب شعراء الدان الحضرمي مخاطبة المغني وتحفيزه على الابداع في اللحن واداءالغناء بصدق واحاسيس تتفاعل مع الشعر الملقى على مسامعه، وربما نقف على نص مكتوب لمساجلة دارت بين شعراء كبار ، ونقف حايرين لمن هذه الابيات ومن قال البيت هذا أو ذاك ، ولكن الحيرة غالبا ما تتبدد في معرفة المغني الذي حضر تلك السمرة ، إذ انه من خلال قراءة المساجلة او سماعها لابد من أن يأتي ذكرا لاسم المغني ضمن الابيات ليبقى وثيقة ثراتية فهذا الشاعر عايض بلوعل يقول مخاطبا سعيد مرزوق:

يابن مرزوق= ردد بصوتك فلي قلب محروق
عاشق قتله الضنا=

أما الشاعر خميس كندي فبعد أن بدأ فصلا جديدا في السمر وجه القول لسعيد مرزوق فقال:

ذافصل والثاني سمر ياسعيد مرزوق ذكر كل عاشق= الدان يومه حرفة العشاق


ولم يغفل الشاعر سالم بن عبدالقادر العيدروس من حضور الملحن والمغني والشاعر سعيد مرزوق فقال :

قولوا لبن مرزوق غن صوتك دواء العله= الدان يزهى بك وتزهى بك لحونه


وهذا الشاعر مستور حمادي يكثر من مخاطبة المغني المشهور عاشور الشن في كثير من أقوله يقول :

عاشور غن بالصوت بر الاحقاف كم من قلب قد هده= ما حد برى كل الاوادم في هدات
ما لو درينا ما سرينا ما خطينا قارة الجلده= ولا نظرنا لي يحكمون المقالب والتجاليد

شاقنا الصوت به عاشور يسري= صب دمعي جرى دم
ريت عاشور يصلح فوق قبري= شاهد لاجل لازاروا يعرفون


تعددت وظاائف مغني الدان الحضرمي ، فنجده عند بعض الشعراء هو الملهم للشاعر حين ينسنس بعذب اصواته والحانه، ونجده عند فريق آخر ذات عبرها يوجه الشاعر احاديثه وآراءه وتطلعاته ونقده، بينما يجمع كثير من الشعراء أن يستعينوا به ليكون الرسول أو المرسول الذي يحمل أمانة الرسالة الى محبوب ربما يطال الى مسامعه الحان تلك الأصوات ، حين تكون عوائق التقاليد الاجتماعية تحيل بينه وبين وصال من يحب ، ومن الشعراء من يستقرأ من المغني الأخبار كما قال الشاعر حداد بن حسن الكاف :

بسألك يا عاشور عن حال البلد= واخبار غنانا وكيف الناس والبلده
بالله خابر عاد حد من بعد حد =او عادهم في ذكر حداد

عاشور يالشن شل بالصوت ذا سرحه بكره= خل شعب عيديد يتريقه بالابكار
لي قد ظباته على كل الظبا شلين شهره= أول وآخر يهناك ياوادي النور

ربما نجد من الشعراء من يتكلف حضور السمر ليس حبا في مساجلات مع الشعراء، ولكن رغبة منه في سماع عذب الالحان الشجية بصوت المغني وكما قال الشاعر محمد بن ناصر القعيطي :

مني سلام مرسل على حسابك= قل لعاشور لجلك
سرت عاني لأن قلبي لبّا بك= ياعريب اللغه ردد لي الدان

وقال الشاعر محمد بن ناصر القعيطي مخاطبا المغني حنكيل:

ذا فصل والثاني سجع بالصوت واتنسم= في دار محكومه بناها يشرح الخاطر
نسنس بصوت الدان ياحنكيل واتنعم=رد العوايد لوله واحي الزمن لي كان مفنون

ذلك نداء وجهه الشاعر محمد بن ناصر القعيطي الى المغني ( حنكيل ) يطلب منه أن يحيي زمان فن الدان الأولي ، حين كان لأصوات الدان الحضرمي سحرا يأسر القلوب ويواسي المحبين ، ويسلي العشاق ، ذلك بعد أن بدا له أن التناقص مستمر بين المغنين المجيدين لهذا اللون من ألوان الفنون الحضرمية ، وكلما نقص المغنون للدان الحضرمي تناقص شعراء الدان ونقص عشاقه ، وهذا ما صرح به سعيد مرزوق حين قال :

ياالدان ودعتك الله من بعد كندي وبن عامر= شيبت عدا شبابك يانقص لي يغنون
لي غيب اسمك ورسمك بوعدرس الفاخر الشاعر= قلد بوابك ودبر واوصى بحرق الاقاليد

فهل بعد موت هؤلاء الشعراء ومن بعدهم من مغنين تحققت وصية الشاعر بغلق باب هذا الفن و( حرق الأقاليد )؟؟؟



.
التوقيع :
  رد مع اقتباس