" جدّي طرحني في الحداب المقفرة "
يذكّرنا بقول أبي العلاء المعرّي : ( هذ ما جناه أبي ..... )
وجد نفسه في حيرة من أمره وهو في الأرض المقفرة ( العنين ) بين الرّحيل منها ابتعادا عن شرّ خطير محتمل قد ينجم نتيجة المشاكل بينه وبين جماعته وبين رغبة النفس في البقاء . قال البيتين يستشير أهل المعرفة في ايجاد مخرج من حيرته وتحديدا قصد الشّاعر: دحوم باجسير الذي ردّ عليه ببيتين كانا السبب في اتّخاذ قرار الهجرة من العنين إلى الهند .
عرف الشّاعر دحوم باجسير أنّ الرّجل أمام مفترق طرق ، فإمّا وأن يجد مخرج من حال الهمّ والضّيق أو يدخل معمعة الصراع مع أصحابه ويخلط خيرها بشرّها وربما يصل الأمر إلى الدّم ، فقال:
ياللي تروم المبعدة والمقربةْ= الهجن تأتي ركضها في سيرها
ان حد لحق له في بلاده مسكنة= ولا يحمّل عا الدّواسر ميرها
عاد صلاح أحمد إلى بيته واتّخذ القرار بالسّفر ليس رغبة في الهجرة بل ابتعاد عن مشاكل درس أبعادها ونتائجها إن هو بقي:
" ياللي تروم المبعدة والمقربةْ "
فأرسل على الفور رسوله إلى الجمّالة ويقال أنّه حفظ لدحوم باجسير جميل رأيه طول حياته .
الدلالة المهمّة:
النّزوع نحو الخير في بيئة كانت نزعة الشّر هي المسيطرة على القوم في حينه ، فكان الإقتتال والطّعان في فضّ المنازعات وما أكثرها على أرض قفراء لا تساوي قيمة بعير يذهب بسببها رجال ، ولكنه مستعد للشرّ إذا ما كان الخيار الوحيد:
" ولا خلطنا شرّها في خيرها "
هذه العقيد والفلسفة لازمته في شعره ذي النّزوع إلى الشّرف والتّسامي ، ولعلّ قوله الشهير:
كلّه وطنكم شبر سبخة هاملة بين الحيود
يعود إلى الذّاكرة:
" جدّي طرحني في الحداب المقفرهْ "