عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2006, 03:19 PM   #1
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي رحلة مع شاعر الدان حداد بن حسن الكاف...!!!

.
حداد بن حسن الكاف شاعر متميز ومتمكن في فن شعر الدان الحضرمي خاصة وهو يحتل في الشعر الغنائي الحضرمي موقع الصداره انحصر شعره في الغزل ولم يثنيه عنه شيء وهذا الغزل يأتي ضمن استعداد ه الفطري وتجاربه العاطفية الشخصية وهو من اسرة حضرمية ميسورة كانت تهنا برغد العيش ولهذا عبر عن وجدانياته وعواطفه ومواقفه من الجمال وهزائمه الغراميه الى آخر ذلك.بكل اصالة وصدق ..وحداد بن حسن الكاف شاعر حمل بين جنبيه قلبا يهيم عشقا بالجمال فهو حين يقول:

بن حسن قال ذي اليومين حس ضيق بيه
لا تذكرت في الغنا المدينه صبيه
ماخلق مثلها لو طفت في حور لعيان
*******
نار في الجوف تنشعل وكبدي ضنيه
من تذكارها قد لي ليالي هميه
عدا الليل مايغمضن بالنوم لعيان
*******
حس من بعدها خاطري ماهو معيه
بعد يومين لي سواه والقاه فيه
ماتشوفوننا مثل المجانين بلهان
******
تلك صوره من صور وصف الجمال لفاتنة جميله هام قللب شاعرنا عشقا وحبا بها حتى سحرته وملأ ت عليه جوانحه لكنها لم تكافئه إلا بالحرمان فأمتلأت نفسه أسى وحسره ..ولم يبقي له إلا الذكريات يجترها في حزن والم..ويقول :

من تخبرك مني قلهم في اذيه
لاعبر قوت في حلقي ولانوم ليه
خايل الا خلي بيده الكاس مليان
******
وإن نأى المحبوب عن المحب حداد بن حسن نحو الصد والبعد تاركا إياه إلا إن شاعرنا لايستطيع نسيانه ولا مهربا منه ولا يرضى بديلا عنه يقول:

ولالي قلب ذاكر في الدنيا ولا في الفلس فاكر
ولا فكري بشي غير فكري في الحسان الحور

وقلب حداد بن حسن مفعم بالحس والاحساس الرقيق تجاه ما يفرح الفرح المحبوب ويقر بعينيه مايقر بعين محبوبه ويتجسد هذا الأحساس بذلك في قوله :

في الذي تقصده صرفنا مرتضي بالعز وإنه هون
والذي يفرحك في الدنيا يفرحنا انت يوسف ونا يعقوب
باتفتح من شذاك اعياني الحور

إنها فيض حب لشاعر يجتاح كل السدود والقيود وإن كان الكون أحيانا يبدو فارغا من مسعف له أو معين يعينه ولم يبق له الا الضياع يقول :

في البحر غارق عاد راسي ظهر ****صيح مامخلوق درك
ولصحاب قالوا خزا لك *** طعم باتشوف الموت لي هو حمر
هكذا من عشق بعد شرب الحلو يتجرع القار

لكن متى ماقدم اليه أحد المغنيين الذين يطرب قلبه لأصواتهم يكشف حداد بن حسن عن فرحته فيقول في قدوم المغني باسعيده :

ياحي يامرحيب من جاء ألف بك ترحوب
ياباسعيد خذ سلام آلاف لك مره
هت لي خبر في أهل الطويله
كيف حال الناس
هل عادهم في بسطهم
أوهم كمايه ضقت من بعد المحبين

ويقول على صوت آخر

ردده رده برده مغناك ياباسعيده
من يوم جيته زمان البسط عندي عاد
بك أنسنا عاد عيده والليالي عادت لنا عيد

بصوتك أحييت بلدة بأنغام حلوة جديدة
وأحييت بالصوت ذا قلب الفتى حداد
لى به مشاغل شديدة كم تحمل محنه وتشديد

خلى يماطل بوعده ماجاء نهار الوعيده
وإذا وعد قال بكرة يخلف الميعاد
ماكان دا نستعيده غير منه صدق المواعيد

السِيد يرفق بعبده والعبد فى حكم سيده
وأنته ورا مارحمته ياسيد الأسياد
فأحكم على ماتريده لى بغيته محكوم ياسيد

إن تجربة الحب عند شاعرنا حداد بن حسن الكاف كلها تجربة حرمان ويأس وإستعطاف ورجاء ...فصورة المحبوب كما يصورها حداد بن حسن تبدو بأنه محبوب ظالم مستبد معتز بنفسه صاد عن المحبه أو إن شاء الواحد ان يقول غير مكثرت به...بينما المحب ( حداد بن حسن ) متلهف اليه مشتاق له واجد به كل الوجد والصبابه في حنين ورغبة لا تنقطع وينبئه بأمل الوصال ويمنيها بكل الوسائل والسبل وإن راوغت أو صدت عنه فهو يقول :

مانباها بطوله يد باها شريه
بالطلب بانمنيها بتركه قويه
لو تبا قصر في عيديد مدري ببستان

أو:
ياقرة العين سلوة كل خاطر
أرحم بنظره عا عاشقك وديه
يحيا بها قلب حاســـــر
خل القساوه شفق بالعاشق الحبان

أو:
مايريده وما يفعله في الحال سلمنا
ما رضي شل على شبحه وسخفه
تكبر ما دريت آه به خلي قصدنا
إنه إلا بتعذيبي نوى شوه ماجور

وبالرغم من هذا كله فإن حداد بن حسن باق علىهيامه وحنينه اليه ووجده وشوقه وإن هذا الحنين والشوق يشتد ويقول :

بالبعد شف خلك مبهذل
أيام عدت والليالي
واليوم والليله كما سنتين لي وأطول
عد الليالي بالدقائق قول كن الليل ذا طال

ومع ان الأيام هي الأيام و الليل هو الليل ولكن الزمان النفسي كما يقولون هو الذي يتراء لحداد بن حسن بأنه طال.. بل انه يعترف ان حبه لمن يحب قديم انغرس في قلبه منذ كان صبيا فهام به عشقا ولا يزال في هيامه يقول :

ذكرك على قلبي من أول يارمح بوزيد الهلالي
يازين أنا حبك ومن هوزين مايمتل
من عادنا إلا في الصغر عاشق ترى قلبي بذكر الزين ميال

ذاك محبوب شاعر غناء الدان الحضرمي وهو كما قال عنه الدكتور عبدالله البار (( عالمه الخاص مصدر الهامه وتجدد في الصور له...وحداد بن حسن من الشعراء الذين سبقوا فتقدمهم بالزمان شعراء طبعوا الشعر بخصائص في الأسلوب وطرق في الأداء وورث عنهم كثيرا من التقاليد الشعرية ولكنه تحرر بشعر الدان الحضرمي من تلك الصور التشبيهية المملة والمتكرره والمبتذله والتي كانت يقلد الشعراء فيها بعضهم البعض كتشبيه الكفل أو العجز بالمركب الماخر في البحر ( مركب الهند) أو بودقلين وبأن قبطانه يرطن رطانة فارسية أو هندية وإن شحنته عنبر أو مسك أوزعفران وإنه وصل البندر الفلاني أو أقبل من البندر الفلاني وقاصدا ومتوجها الى البندر الفلاني وهي بالطبع نتائج خيال قاصر وفاسد الذوق السقيم ويقرب منه تشبيه الأنف بالخنجر أو اخف وطأة مما قبله ناهيك عن التشبيهات المكرره المستخدمة الى اليوم في القصائد الحمينية وقصائد أغاني الدان الحضرمي والتي يقلدونها الشعراء والمتشاعرين...لكن حداد بن حسن الكاف حاول في زمانه ان يتجاوز في خلقه وإبداعه تلك الصور والتشبيهات المكررة والمملة وإن كان في بداية حياته الشعرية تأثر بهذه الروح التقليدية التي تلبسته في مطلع حياته وهي تطل بإستحياء في شعره من ذلك قوله )):

عيني على ميزر مخرج صنعته ملبوب
زين الحديده والمشط ما يمتسك خصره
ياليتنا با تلبسه بلقيه عمامه لاس
ياخير سلبه شلت الشهره ولا تستاهل الا السلاطين

وإن كان هذا التشبيه ثقيل الروح بحق .. لأن الذين يشبهون الإناث النواعم والحسان الجميلات بالميازر كالذين يشبهون الأرداف والعجز بالمراكب وهذا قول لعله يصدر عن نفس لاتعرف الحب ولم تعرف تميز الورد من الشوك ...ولكن مع تغلغل الحب الصادق في فؤاد شاعرنا حداد بن حسن الكاف وكابد من اهواله ماكابد ورأى فيه لحظات النور تتلألأ امام عينيه وأوقات معتمة الظلام وتنوعت به الحالات بين أمل الرجاء بالوصال وكثرة الصد والهجران أتسعت أمامه مجال القول ليعبر عن ما يعتريه من فرح وحزن وأمل ويأس وإذا به يتوغل في المعاني ويتصل بالنفس ويقول :

شلوا الدان غنوا حس قلبي تذكر
ظبي له دوب في قلبي ذكيره
وإن ذكرته ونا في النوم خاطري يستر
لجله الفكر في الدنيا نديره
سالي القلب به خاطري كل وقت مسرور



.
التوقيع :
  رد مع اقتباس