عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2008, 08:48 AM   #11
مسرور
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية مسرور

Thumbs down

1. إفراط في النرجسية الناتجة عن ولع الإنسان بذاته وإظهار جملة الرغبات الجنسية المحرّمة المندسّة في العقل الباطن التي يصفها بعض المفكرين بأنها : ضروب شتى من الشذوذ في غرائز الجنس تصاغ على أساسها القصائد الغزلية الشعبية في بيئتنا اليمنية عامة والحضرمية بصورة خاصة .

2. في هذا النوع من القصائد استعراض للفحولة ومفاخرة بها ، وتخلو أبيات القصيدة من الرومانسية التي يعدها بعضهم عالما علويا يهرب إليه الشاعر من واقعه ويترفع بالحب إلى مرتبة ملائكية .

3. تحوي القصيدة دعوة إلى الإنحلال ساقه الشاعر في قالب الغزل طبقا للمفاهيم السائدة في مجتمعنا عن الحب الذي يطغى عليه تعريفا مسمى العشق ، ويقترن العشق في أدبيات البيئة البدوية الحضرمية ( عادة ) بإستعراض المفاتن الأنثوية وإبراز الرغبة في النيل منها ( إن لم يكن الشاعر قد نال منها في عقله الباطن ) ..... فتشبيهه للريق ( مثلا ) بعسل جردان لم يأت من فراغ ، وإنما استشعر تذوقه في الخيال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ، وليت تخيله وقف عند حد معيّن ، بل واصل كاشفا عن النهم الجنسي بصراحة متناهية متجاوزا وصف الجعد الأسود والخشم الذ ي يشبه سيف السياف والمبسم البارق والعنق الشبيه بعنق الغزالة والنحر وما حواه تحت الثياب والخصر إلى الوصف الدقيق لما يعرف بــــ الهلب وهوالشعر الأحمر القاني الخفيف الأملس الذي يعد ميزة في النساء مثيرة للغريزة الجنسية ولا يتشابه مع خشونة شعر أجسام الرجال في قوله :
سيقان به كن سوانق بن على معيـان = فيه الهلب مثل بـر الحلـي مكسيهـا

4. لم يراعي الشاعر أخلاقيات تذكر لمرحلة الكهولة / الشيخوخة وأقسم على عدم تفويته لفرصة النيل من حسناء اليحر حتى لو أدى ذلك إلى تقطيعه إربا إربا :نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
اقسم قسم لو انا فـي صفـت الشبـان = لـو باتقطـع قطـع مانـا مخليـهـا

5. يبدي تحسرا وتندما كغيره من عرب الصحراء والفيافي والقفار وكأنه جملا لم يلجم على معتركه السابق مع النساء ، ويتمنى عودة عهود سابقه ليمارس هواية المسامرة .
عـدا زمانـي هبـا يافايـق الغـزلان = ولعادني مثـل سابـق عهـد راميهـا
الشيب مثر علي مانـا علـى العـدان = وحضر مجالس بها تسمـر عواديهـا

6 . بعد أن أسهب في غزله الذي فاق الغزل وتجاوز النزاريات وصل إلى النتيجة التالية كإقرار منه بواقع الحال :
الشيب صلح سلاسل لي في السيقـان = قدنـي مقيـد قـيـودي لا تفكيـهـا

7. البيت التالي يؤيد مجون وفسق يزيد بن معاويه وحوت قصيدة شاعرنا ما يوازيه ... وكون كتّاب التاريخ لم يفوتوا ليزيد بن معاويه وغيره من الشعراء الماجنين الفرصة وانتقدوا سلوكياتهم فمن سينتقد سلوكيات شعراء البداوة الذين يجعلون من الفحولة مقاييسا للرجولة :
فو الله لولا الله والخوف والرجاء = لعانقتها بين الحطيم وزمزم

إذا كانت مواقف الشعراء التقليديين تحوي بعض السلبية فالقصيدة التي نقرؤها حوت السلبية كلها ، وتتصف الرومانسية عادة بتمجيد الحب حتى تعطيه قدسية وليس بهتك الأستار والتصوير الدقيق بالكلمة وكاننا نستعرض فيلما إباحيا ، ذلك لأن الرومانسية تفضّل القلب مصدر الضمير على العقل النفعي ، ولا يتلفظ الشاعر الرومانسي بألفاظ تدل على تحديد غايته بنيل مأموله ويبدو ذلك جليا في قول صالح بن علي الحامد :
ولله في قلبي ضمير مقدّس = فيالك من علق نفيس قنيته
هو العقل نفعي إذا ما أطعته = فللنفع ما أحببته وقليته
وكم هام عقلي لإنتفاع بمأثم = وظلماء لكن بالضمير نهيته
إذا الحب قاضى العقل فالفضل للذي = أريكته الأضلاع والصدر بيته
فللفكر في راسي دماغ ذخرته = وللشعر في صدري فؤآد حويته
وللشعر نور وليس يخبو وكيف لا = وقلبي له المصباح والحب زيته

أما الشاعر الأمير أحمد فضل القمندان فيتغزّل ولكنه يسمو بحبيبه الذي يتغزّل به إلى عنان السماء وفي ذلك يقول :
هل أعجبك يوم في شعري عزير المعاني =
وذقت ترتيل آياتي وشاقك بياني =
وهل تأملت يالحجي كتاب الأغاني =
ولا أنا قط صنعاني ولا اصفهاني =
هل أسمعك فضل يوما في الغناء ما أعاني =
وكيف صاد المها قلبي وماذا دعاني =
فهل دعاك الهوى يوما كما قد دعاني =
صادت عيون المها قلبي بطعم المحبه =

جسّد شعراء يمنيون تأجج الحب الرومانسي الجنوني الصادر عن القلب لا العقل وفي ذلك يقول الشاعر ابراهيم الحضراني :
ان الذي كوّن في أضلعي = قلبا يحب الحسن محبوبا
أودع في قلبي الهوى مثلما = أودع في الأرض البراكينا
طغى فلا يلوي على منطق = وثار لا يعرف قانونا
ويتذكر الشاعر المهاجر خميس سالم الكندي وهو في سن الكهولة بمهجره مامر به من تجارب الحب وما آل إليه حاله جراء الكهولة التي تلزمه بعدم استعراض ما كان يستعرضه في سنين عمره الأولى فيقول :
قم يالمغنّي خلنا باأذكر زماني = من وحي نغمات الشواحي والمغاني
ذكّرت كندي عهد قد له وقت ناسيه = أيام عشناها مع الغيد الحساني
موردات الخد حلوات اللساني = لو خاطبين ميّت يردّين الحياه فيه
ياريتها إلا باتقع لي بالتماني = باعيش معهن في فسيحات الجناني
وان عليهن ذنب عند الله باقضيه = حب السلا والدان وأصوات المغاني
هن شغلي الشاغل ولا لي شغل ثاني = يمر علي الشهر ما أعرف كم لياليه
تبدّلت لحوال والخاطر تنكّد = ما اليوم في بيتي وفي المسجد تعبّد
قفّلت أبواب السلا كلّه ومافيه = لاعود يترنّم ولا مطرب يغنّي
ولعاد حد سالي ولا حد ذاق فني = مات السلا والفن ما عاد إلا بواقيه
ودعتك الله يالسلا مع السلامه = والوعد أنا ويّاك إلى يوم القيامه
وإلى اللقاء في الحشر بادوّر لأهاليه = النوب في الوديان طابت لي مجانيه

يبلغ تمجيد الشعراء الرومانسيون للحب والتغني به إلى درجة منحه قدرا من القداسة التي تستلزم مفردات تدل على أن الحب والعشق ( أيا كان المسمى ) شيئا من العبادة ، وإذا كان الصوفيون قد استخدموا معاني الحب في المدائح الإلهية والنبوية فإن الرومانسيين العرب واليمنيين قد أشاعوا معنى العبادة في التعبير عن الحب ، وتصوير الجمال كأحد بواعث الحب ... وقد تعترينا الدهشة ونحن نشير إلى تأثرهم في هذا بالرومانسيين الأوروبيين كما يفهم من قول فيليب فانتيغم ( إن مثالية العديد من الرومانسيين كانت تكسو الحب نبلا وسموا وترى فيه شكلا من عبادة الله والطبيعة وتجعل منه دينا ) (1) ومن أوائل من ساروا على ذلك النهج كان شاعرنا الحضرمي صالح بن علي الحامد :
فتمايلت زهوا وأوجس قلبها = أن الألوهة للجمال نصيب

نكتفي بهذا ....

ختاما ............ نؤكد أن ما قلناه ليس سوى نقد لصيغة في الشعر الشعبي الغزلي متعارف عليها في وسط شعراءنا تعرّي المرأة وتجعلها مجرد أداة جنسية تستهوي الرجل في كل سنين عمره ولا وظيفة لها ( أكانت من ذوات الجمال أوقبيحة الشكل ) سوى اشباع الغرائز الجنسية بموجب اعتقاد ترسخ في الأذهان نتيجة الثقافة السائدة في مجتمعاتنا المتخلفة .

سلام .




(1) الإتجاه الرومانسي في الشعر اليمني الدكتور عبد الرحمن محمد العمراني
التوقيع :
من ذكر الله ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء
وحفظ الله تعالى عليه كل شيء
وكان له عوضا عن كل شيء
( ذو النون المصري )


****************


سلام بني الأحقاف يامن علوتمو
على ساكني سهل الجزيرة أو نجد

( الشيخ القدّال باشا )

التعديل الأخير تم بواسطة مسرور ; 10-21-2008 الساعة 09:25 AM
  رد مع اقتباس