عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2010, 12:52 PM   #2
حسن البار
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية حسن البار

افتراضي هم القوم لا يشقى بهم جليسهم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الاولين والآخرين حبيبنا وشفعينا وقرة أعيننا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الهداة المهتدين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين ...
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز :
(( يا أيها الذين أمنو ان جاءكم فاسق بنباء فتبينو ان تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ))
{ الحجرات –6- } .

الاخ الفاضل : الحضرمي التريمي :
ينم ما خططته لنا وابانته فقرات موضوعكم هذا عن حقد دفين في قلوبكم على الدوحة المحمدية والسلالة الطاهرة التي تقطن حضرموت عامة وتريم خاصة . دوافعها واسبابها لا أعلمها !!! .

وهنا يتوجب علي أن أذكّرك بقوله تعالى :
( يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ، ولا تلمزوا انفسكم ، ولا تنابزوا بالالقاب ، بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ، ومن لم يتب فاؤلئك هم الظالمون ) { الحجرات –11- } .

سخرت أخي من رجال قد لا أصلح ولا أنت أن نعمل على مسح احذيتهم لما لهم عند ربهم من مكانة كبيرة ومقام عظيم ناتج عن اخلاصهم لربهم وتربيتهم وتزكيتهم لانفسهم مع تواضعهم الجم الذي يشهد به كل من عرفهم وعاشرهم فاوقاتهم وساعاتهم جميعها في طاعة لربهم وعبادة لخالقهم ، فتجدهم في ثنايا محاريبهم صلاة وخشوع وتارة مع اورادهم واذكارهم المتوالية وأخرى مع مراجعتهم لكتبهم العلمية وتلقيهم للعلوم الشرعية والفقهية ثم بعد ذلك الدروس والمواعظ اليومية في بيوتهم ومساجدهم .

سخرت واستهزأت أخي الكريم من طريق التصوف الذي انتهجه القوم ولعلك ما عرفت حقائق معاني التصوف التي ذكرها العلماء في كتبهم ومصنفاتهم ولك أن ترد عليهم اذا استطعت ومن هؤلاء شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومما قالوه :
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في : "مجموع الفتاوى المجلد : 11 - ص16،17،18 "

(( واذا عرف ان منشاء التصوف كان من البصرة ، وانه كان فيها من يسلك طريق العبادة والزهد ، مما له فيه اجتهاد ، كما كان في الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ما له فيه اجتهاد ، وهؤلاء نسبوا الى اللبسة الظاهرة ، وهي لباس الصوف فقيل في احدهم صوفي وليس طريقهم مقيدا بلباس الصوف ، ولاهم اوجبوا ذلك ولا علقوا الامر به لكن اضيفوا اليه لكونه ظاهر الحال . ثم ان التصوف عندهم له حقائق واحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته واخلاقه كقول بعضهم الصوفي : (( من صفا من الكدر ، وامتلأ من الفكر ، واستوى عنده الذهب والحجر . التصوف كتمان المعاني ، وترك الدعاوي واشباه ذلك )) ........ "الى ان قــــــال":
(( تنازع الناس في طريقتهم فطائفة ذمت الصوفية والتصوف ، وطائفة غلت فيهم ........ الخ
والصواب انهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من اهل طاعة الله ، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، وفيهم المقتصد الذي هو من اهل اليمين ، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ ، وفيهم من يذنب فيتوب او لا يتوب . ومن المنتسبين اليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه . وقد انتسب اليهم طوائف من اهل البدع والزندقة ، ولكن عند المحققين من اهل التصوف ليسوا منهم
.... )) انتهى كلام ابن تيمية ...

أما تلميذه ابن القيم فقد جاء ذكر التصوف في كثير من كتبه وتكلم عنه وعن رجاله و سنقتبس من ذلك اليسير لتعم الفائدة ....

ففي "مدارج السالكين" ج: 1 ص: 465 جاء ما نصه :
(( قال أبو بكر الكتانى التصوف : " خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف" فإن حسن الخلق وتزكية النفس بمكارم الأخلاق يدل على سعة قلب صاحبه وكرم نفسه وسجيته وفي هذا الوصف يكف الأذى ، ويحمل الأذى ، ويوجد الراحة ، ويدير خده الأيسر لمن لطم الأيمن ، ويعطي رداءه لمن سلبه قميصه ، ويمشى ميلين مع من سخره ميلا ، وهذا علامة انقطاعه عن حظوظ نفسه وأغراضها وأما رفض العلائق عزما فهو العزم التام على رفض العلائق وتركها في ظاهره وباطنه والأصل هو قطع علائق الباطن فمتى قطعها لم تضره علائق الظاهر فمتى كان المال في يدك وليس في قلبك لم يضرك ولو كثر ومتى كان في قلبك ضرك ولو لم يكن في يدك منه شيء قيل للإمام أحمد الرجـــــل يكون زاهدا ومعـــه ألف دينار قال نعم على شريطـــة ألا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصـــت ..))
وفي مكان آخر من نفس الكتاب : مدارج السالكين ج: 2 ص: 316 :
(( التصوف : هو الخلق وجميع الكلام فيه يدور على قطب واحد وهو بذل المعروف وكف الأذى قلت من الناس من يجعلها ثلاثة كف الأذى واحتمال الأذى وإيجاد الراحة ))
وفي ج: 2 ص: 369 من نفس الكتاب "مدارج السالكين" قال :
(( أن المراتب عندهم ثلاثة مرتبة التقوى : وهي مرتبة التعبد والتنسك ، ومرتبة التصوف : وهي مرتبة التفني بكل خلق حسن والخروج من كل خلق ذميم ، ومرتبة الفقر : وهي مرتبة التجرد وقطع كل علاقة تحول بين القلب وبين الله تعالى ، فهذه مراتب طلاب الآخرة ومن عداهم فمع القاعدين المتخلفين فأشار أبو القاسم الجنيد إلى أن المريد لله بصدق إذا أراد الله به خيرا أوقعه على طائفة الصوفية يهذبون أخلاقه ويدلونه على تزكية نفسه وإزالة أخلاقها الذميمة والاستبدال بالأخلاق الحميدة ويعرفونه منازل الطريق ومفازاتها وقواطعها وآفاتها ))

وفي : ج: 2 ص: 464 من كتاب ابن القيم "مدارج السالكين" :
(( التصوف : اسم لثلاثة معان لا يطفىء نور معرفته نور ورعه ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله )) .
وفي ج: 2 ص: 467 :
(( وقال أبو القاسم النصراباذي شيخ خراسان في وقته أصل التصوف : ملازمة الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع وتعظيم كرامات المشايـــخ ورؤية أعذار الخلــق والمداومة على الأوراد وترك ارتكاب الرخـــص والتأويلات ))

الحكاوي الذي نقلتها أخي الكريم ما هي الا كالذي يقراء قول الله تعالى : ( ولا تقربوا الصلاة ) دون أن يكمل الآية .
لان الذي يطلّع ويقراء هذه الكتب والمصنفات وتراث القوم وآثاراهم وسيرتهم يعلم غير الذي وصل الى ذهنك وتظهر له حقائق لم تصل الى فكرك ويعلم ان طريقتهم هي طريقة جدهم سيد البشر ومنقذهم من الظلال عليه الصلاة والسلام فمن حاد عنها وبعد خسر الخسران المبين لقوله عليه الصلاة والسلام (( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ،أحد هما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ،فانظروا كيف تخلفوني فيهما )) .
المصادر : *النسائى: الخصائص *مسند احمد ج 3 صحيح مسلم ج 7 *السيوطي الدرالمنثور ج –2.

ولقوله صلى الله عليه وسلم : (( إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ،و من تخلف عنها غرق )) .
المصادر : السيوطى تاريخ الخلفاء * ابن تيميه المعارف *ابن حجر في الصواعق باب 11 –الفصل 2 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق و أهل بيتي أمان لأمتي من
الاختلاف
)) .
المصادر : ابن حجر في الصواعق –باب الأمان ببتمائهم .

وفي الحديث الآخر (( من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ))
حديث رقم 3819 من احاديث كنز العمال والجزء 5 من مسند أحمد ونقل عن ابي عبدالله أحمد بن حنبل في مسنده وكتاب مناقب علي بن ابي طالب

ثم ان تاريخهم المشرق الذي لا يستطيع ان يخفيه أحد . "ومن سعى في ذلك فكأنه يريد اخفاء ضوء الشمس عن الكون بمنخل" خير دليل على نهجهم القويم وسيرهم على الصراط المستقيم .

ففي افريقيا واسياء والهند لهم الدور الكبير في نشر الاسلام على أسس وقواعد ايمانية اعلاها كلمة التوحيد وادناها كيفية التعامل الراقي مع اخوانهم المسلمين لان الدين المعاملة كما أخبر الصادق المصدوق . على المنهج الوسطي الذي رسمه لهم المشرّع صلوات الله وسلامه عليه .
وكانوا رضوان الله عليهم أبعد الناس عن مصاحبة الحكام والسعي خلف المناصب ويشهد لهم التاريخ بذلك . اما الحالات الفردية الشاذة فلا حكم لها .


التوقيع :
الناس في الدنيا معادن