عن كتاب:
" الفصول العلميّة والأصول الحكميّة " كنا قد كتبنا مختارات عن فصلين ، هما:
1- الفصل الثالث بعنوان: الأزمنة.
2- الفصل الرابع بعنوان: الكبر والغفلة
ــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل: الخامس:
المداهنة والغلو في المجاملة
وقد كانت مراقبة الناس ومحاذرتهم مما لا يستحسنه أرباب العزائم والهمم . قال الشاعر:
من راقب الناس مات غمّا = وفاز باللذة الجسور
والقصد أن العاقل التّقي لا ينبغي له أن يعوّل إلا على طلب مرضاة الله.
الفصل التاسع
الدنيا لا راحة فيها لمؤمن عاقل البتّة ، وإن وجدت راحة له ، فلا بدّ أن تكون مصحوبة بغفلة .
وأما الأحمق فقد يستريح في الدنيا ، وسبب وجود الراحة فيها كونه أحمق لا يهتدي إلى بواطن الآفات.
تصفو الحياة لجاهل أو غافل = عمّــا مضى منها ومــا يتوقّـعُ
ولمن يغالط في الحقائق نفسه = ويسومها طلب المحال فتطمعُ
الفصل العاشر
التقوى والإحسـان
إعلم أن كل شيء يحسن مع التقوى والإحسان ، مثل القمر والغنى والصحة والمرض والعزّ والذّل ، والخمول والشّهرة ونحو ذلك.
التقي المحسن إن أصابه فقر كان حاله مع الله الرضا والقناعة
[ 1 ] والصبر والورع والإستغناء عن الناس . وكان حظه من الله تعالى الرضا والقرب والإمداد
بالصبر والمعونة ، وكان حاله فيما بينه وبين الناس الستر والتّجمل وانطلاق الألسن بالثّناء عليه.
وهذا الفقر لو أصاب بعض الفجار المسيئين لكان حاله الجزع والسخط والطمع في الناس والتعلق بما في أيديهم . وكان حظه من الله تعالى السخط والمقت
وعدم الإمداد بالصبر والمعونة . وكان حاله عند الناس الإزدراء بالفاقة ، وكانت ألسنتهم عليه منطلقة بالذّم.
ومهما كان الإنسان محسنا تقيّا فأغناه الله تعالى مع ذلك ووسع عليه كان حاله مع الله : الشكر وتعظيم النعمة والإستعانة على الطاعة وبذل المال في وجوه الخير
واصطناع المعروف في القريب والبعيد . وكان حظّه من الله تعالى الرضا والمحبة والإمداد بالمزيد من اليسر والسّعة . وكانت ألسنة الناس منطلقة بالثّناء
عليه وبالدعاء بزيادة اليسر والسّعة.
الفصل الثالث والعشرون:
الإقتصاد والتّوسط في الأمور [ 2 ]
اعلم أن الإقتصاد والأخذ بالوسط في جميع الأمور هو المطلوب والذي ينبغي . وقد ورد:
خير الأمور أوساطها
وورد أيضا:
الإقتصاد والمت الحسن جزء من خمس وعشرين جزء من النبوّة
وقال أمير المؤمنين: علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه: عليكم بالنّمط الأوسط ، فإنّ يرجع إليه الغالي ويلحقهم التالي
الشّجاعة[ 3 ]
الإفراط فيها تهوّر وإلقاء النفس إلى التّهلكة ، والتقصير عنها جبن وذل
التّواضـع
الإفراط فيه ضعة ومهانة والتقصير عنه تكبّر ورعونة
الحيــاء
الإفراط فيه أنوثة وضعف ، والتقصير عنه فضاضة وهتك
البشر والبشاشة
الإفراط في ذلك سخف وخلاعة ، والتقصير عنه جفاء ووحشة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ