عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2012, 12:00 AM   #12
وادي عمر
مشرف سقيفة الحوار السياسي
 
الصورة الرمزية وادي عمر



مشاهدات حضرمية في الديار الفرنسية


(3-4) 8/10/2012 المكلا اليوم /

كتب: م. عبدالرحمن بن محمد باهرمز
3- باعبود ورمضان باريس
سعدت كثيرا بمحادثة السيد جاك رينيه (65 عاماً) صديق الحاج مبارك، وأحسست بعمق الصداقة بينهما وأن بينهما أموراً خاصة جداً، فحفزني ذلك على الدخول معه في تفاصيل أدق عن حياة الحاج في باريس؛ فسألته:
- قلت لي أن الحاج مبارك كان معتدلاً في إسلامه. كيف ؟
- الحاج مبارك يحترم الخصوصيات و لا يتظاهر بتدينه، ولا يجادل، ولم يدعُني للدخول في الإسلام كما فعل معي أحد ضيوفه الخليجيين (بلباسه العربي التقليدي)، لكنه كان منضبطاً في سلوكه على عكس ذلك الخليجي الذي دعاني إلى الإسلام وجادلني بطريقة عنيفة استفزتني كثيراً، ثم وجدته يترنح مخموراً ذات ليلة بجوار المطعم، بعد أن عاد من أحد الكابريهات.
ثم بادرني السيد جاك بالسؤال: هل تحترمون الخصوصيات في بلدكم؟ فقلت له: أعتقد أن الحاج مبارك خير جواب. إنه لم يفعل ذلك إلا لأنه نشأ نشأة وسطية معتدلة بلا غلو، وقد حدثني عن تكوينه الصوفي. لكن دعني أسألك: هل أسلمت السيدة كاتي بعد زواجها بالحاج؟ .. أجاب: كلا, ظلت مسيحية إلى أن توفاها الله، وابنتها السيدة ليليان أخذت من آداب أبيها وأمها ولكنها لم تعتنق أي ديانة.
وكيف قبل الحاج مبارك بأن تكون ابنته بلا ديانة ؟ رشقته بالسؤال. فقال: دار نقاش طويل وعميق بين الثلاثة، ثم حسموه باحترام كل منهم للآخر.
- وكيف تم حسمه ؟
قال السيد جاك: في طفولة ليليان اتفق مبارك وكاتي على ألا يمارس أيّ منهما تأثيره الديني على ليليان، وأن يتركاها إلى أن تبلغ سن التمييز، ثم يدخلان في نقاش معها حول خياراتها، لأن التدين مسألة بين الخالق والمخلوق.
- وكيف قبل الحاج هذا ؟
- قلت لك إن الحاج متوازن وأكسبته المعيشة في باريس ثقافة القبول بالآخر، بعد أن تعايش والسيدة كاتي وهما على ديانتين مختلفتين، وبينهما حب وانسجام عميق، بل إن السيدة ليليان متأثرة بأفكار الحاج مبارك ومن منطلق الحريات كانت ضد تقييد الحريات ومنها منع الحجاب في فرنسا مع أن السيدة ليليان غير محجبة طبعاً، وكانت لها مواقف في البرلمان مناصرة للقضايا الإنسانية ومنها العربية والإسلامية في أكثر من مناسبة، وتدعم معنوياً بعض المؤسسات المدنية المناصرة لحريات وحقوق للعرب والمسلمين وغيرهم في أوربا عامة وفرنسا خاصة.
لم أُخْفِ عجبي من طريقة الحاج مبارك في التعايش مع زوجته وابنته، لكنني أعجبت بشخصيته التي تكيفت مع المجتمع الفرنسي من دون أن تنسى أصول نشأتها وتربيتها وخلقها وأمانتها.
استأذنني السيد جاك لارتباطه بموعد، واتفقنا على لقاء مسائي في الكافيه المجاور للمطعم. وفي المساء قدم لي السيد جاك، الشابة ماري (21 عاماً) حفيدة الحاج مبارك، وأسعدني أنها حيتني بالعربي بلكنة فرنسية طفولية: ((سالامو ألايكم))، فرديت التحية بأحسن منها، وسألتها هل تتحدثين العربية ؟ أومأت برأسها وقالت: (( شُووَيّا شُووَيّا .. وأأرف هادرامي جُدّو موباراك ألمني هادرامي .. وأارف جازائيري .. )).
ثم اعتذرت لأنها مرتبطة بالتزام ثقافي، هي وصديقها أوليفر وقالت إنها تتمنى زيارة حضرموت حيث وُلد جدها العزيز. ودّعتني بلطف شديد، تاركةً أسئلة كنت أتمنى معرفة إجاباتها منها، عن جدها و أمها وأبيها الفرنسي (من أصل جزائري)، وصديقها الذي كان يمسد على شعرها القصير أمامنا بحميمية واضحة.
سألت السيد جاك: وماذا عن المطعم في رمضان ؟ وكيف يكون رمضان في بيت الحاج مبارك المسلم وزوجته المسيحية وابنته اللادينية ؟
قال: احترام الخصوصيات يجعل الموضوع بسيطا. في رمضان يتعدل برنامج البيت احتراما لصيام مبارك وكذلك الحال عندما يكون الموضوع متعلقا بـ(كاتي) وصيامها، وابنتهما تحترمهما على حد سواء، لأن الطريق إلى الله (أو إلى السماء كما قال) متعدد المسالك في نظرهم واتفاقهم ولذلك يتعايشون بتسامح وسلام.
وكيف يكون المطعم في رمضان؟ قال السيد جاك: يراعي الخصوصية ويخصص للصائمين وجبات خاصة في مواعيد الإفطار والسحور. يقدم الشوربة والمقليات العربية والحضرمية واللحم بطرق عديدة لذيذة ويرتاده المسلمون الأفارقة وعرب شمال أفريقيا وبعض الخليجيين، ويقدم الحاج مبارك أسعاراً مخفضة للصائمين طوال رمضان، ويكون في غاية السعادة.
- هل غادر الحاج باريس إلى بلاده منذ أن استقر فيها ؟ قال السيد جاك: لا، لكنه لم يقطع صلته بأهله فبينه وبينهم مراسلات مستمرة، وزاره أحد أعمامه المقيمين في الخليج، وكان الموقف درامياً، عاد مبارك إلى سنوات شبابه وكانا يتحدثان بطريقة حميمية قال لي بعدها أن عمه أعاد شريط ذكرياته وأثار أشجانه.
عدت إلى الأكلات فسألت السيد جاك: ومن أين يأتي باللخم ؟ فقال: أووه مبارك إنسان عملي، اتفق مع شركة اصطياد على توفير القرش مجففا، وأشرف في البداية على طريقة إعداده ثم أوكل الموضوع لمساعديه. وكذلك الكراش، الذي أصبح له زبائنه (المدمنين) !.
أحسست أنني أثقلت على السيد جاك بأسئلتي فاعتذرت له، فعاتبني بقوله: إطلاقاً، أنت من بلد صديقي ويسعدني أن أتحدث معك. فقلت له : بقيت لدي رغبة في مقابلة ابنته ليليان وزوجها الجزائري، ممكن؟ فقال: عندما يعودان من سفرهما ستكون مدعواً للعشاء معهما في بيتي.
للحديث صلة في الحلقة (4) الأخيرة.

مشاهدات حضرمية في الديار الفرنسية (1-4)
مشاهدات حضرمية في الديار الفرنسية (2-4)

[email protected]
التوقيع :
[SIZE="4"]
[COLOR="DarkGreen"]
وادي عمر كنز المنى

والمسرة باطوف عاعشبة عشية وبكرة باعيش في قربة اذا سرحت ماسية

يااهل وادي الخير وادي الوفاء

طابت مراعية
[/COLOR
]
[/SIZE
]
  رد مع اقتباس