عرض مشاركة واحدة
قديم 02-15-2010, 12:24 AM   #37
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الشحر وأسمائها

الكاتب عبد الله صالح حداد
الثلاثاء, 21 أكتوبر/تشرين أول 2008 10:31

اعتاد أهالي حضرموت ومنهم أهالي الشحر أن يطلقوا أسماء وألقاب لمدنهم وقراهم فمدينة تريم يطلقون عليها ( الغناء ) ومدينة سيؤون يطلقون عليها ( الطويلة ) ، ومدينة شبام ( الصفراء ) ، والديس الشرقية ( وادي عمر ) ، والمكلا ( الخيصة ) ، والبعض من هذه المدن لها أكثر عدد من التسميات ، ولعلنا هنا نحاول أن نأتي على أغلب أسماء الشحر التي اشتهرت بها بين الناس مع ذكر أسبابها إن وجدت ، ومراجعنا في ذالك كتاب الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف المتوفى سنة 1988 م

الشحر :

و الشحر في الواقع هي المنطقة الساحلية الممتدة بين عمان وأبين ، وينطقا أهالي الشحر بضم الشين وسكون الحاء ، ( شحرة ) وعناها مسيل الماء الجاف ، وذالك لكثرة المساييل الجافة بها ، ولكن بامخرمة في تاريخه يقول : (سميت الشحر لان سكانها جيلا من مهرة يسمون الشحرا ) . ففي فترة من الزمن أستطاع المهرة إخضاع هذه المنطقة الساحلية وأقاموا لأنفسهم على الضفة الشرقية لـمسيال ( دفـيقـة ) سوقا إلى جانب مـن جـبل ( ظبظب ) ، المطل على الشحر من الشمال الشرقي لمنافسة السوق القديمة التي تقام هناك ، وأطلق العرب الذين كانوا يرتادون هذه المنطقة للتجارة اسم ( سوق المهرة ) . ولكنها فشلت ولم تستطع المضي قدما في منافسة السوق القديمة ، ولا نعرف كم عمرت هذه السوق ثم أنهم سيطروا على السوق القديمة واطلقوا عليها أسم الشحر ــ بامطرف (( الشحر )) ــ ولكننا يجب أن نعيد للأذهان أن قبيلة الشحارة تسكن جبال ظفار ، وتتكلم لغة تعرف بالشحرية ، وهي والمهرية والسقطرية تعود إلى أصل واحد ، وهي اللغة اليمنية القديمة ــ بامطرف (( ملاحظات على الهمداني )) ــ فهل كانت قبائل الشحارة تجوب أو تسكن منطقة الشحر وتسمت بالمنطقة التي تسكنها ؟ ربما : أن القبائل كثيرة التنقل ، وان قبيلة غراب التي كانت تسكن حصن الغراب ( بئر علي حاليا ) انتقلت في وقت مضى إلى منطقة شرمة في شرق حضرموت .

السوق :

وهي أحد الأسواق العربية العشرة الشهيرة في الجزيرة العربية ، كسوق عكاظ بالحجاز ، وسوق صحار بعمان ، وسوق المشقر بالبحرين ، وسوق دومة الجندل بشمال الجزيرة وغيرها ، وكانت سوق قنطرة طليعة للتبادل التجاري بين الهند والخليج العربي ومصر وشرق أفريقيا من جهة وبين المناطق الحضرمية في الداخل ، وكانت تجارة هذه السوق ذات طابع اقتصادي متنوع ، إضافة إلى كونها ميناء مرور ، ولعبة دورا هاما في تجارة اللبان ــ (( السبعة )) أن لفظ السوق ظل لاصقا بمدينة الشحر إلى اليوم ، فأهالي القرى المجاورة والبادية الساكنون حول المدينة يطلقون هذه اللفظة إلى الآن .
لقد قال الشاعر الشعبي سالم بن عوض بامساطر بيتيه المشهورين في السلطان عوض بن عمر القعيطي ، حين ما أراد غزو منطقة وادي حجر وضمها إلى سلطته عام 1320 هـ قال الشاعر بامساطر :
قل للقعيطي ما كفتك ( السوق ) عادك تبا جحر الزبينة
قل له بعد من أرضنا مر فوق هندي ولا نفهم رطينة
وياتي ذكر السوق في كثير من الأشعار الشعبية ويصفونها بأنها :

سوق سمعون ( سوق الكحيلة ) :

وكانت هذه السوق تقام ومخيمات التجار والتجمعات الحرفية تنتشر في المواسم التجارية على طول الساحة الواقعة ما بين مسيال ( دفيقة ) شرقي هذه السهل ، ومسيال ( سمعون ) الواقع غربي هذا السهل ، وعلى ساحل هذه المنطقة يقع مرسى السفن وها هو حالها إلى اليوم .

ولما كانت هذا الوادي أو المسيال الجاف المعروف بسمعون التي تقع على دلته حيث يخترقها ويقسمها إلى ثلاثة أقسام ، فقد أطلق الأهالي على مدينتهم أسم ( سمعون ) ، وقيل إن سمعون أسم لملكة قضاعية حكمت قبيلتها الساكنة في المدينة وحولها قبل الإسلام ، بل وقبل أن تفيء كندة إلى حضرموت ، ومنها مدينة الشحر ، وهي بهذا المعنى تكون ( سوق الملكة سمعون ) ولم يكن لفظ الكحيلة ألا نعتا لتلك الملكة التي عرفت بجمالها ، ورد ذلك في كثير من الأشعار الشعبية ومنها على سبيل المثال أبيات قصيدة الشاعر أحمد عبدالله باحميد ( الشحر ت 1327 هـ ) وجهها لصديقه الشاعر الشعبي فرج أحمد بلسود ( الشحر ت 1350 هــ ) ذكر فيها النزاع الذي حدث بين أفراد الأسرة القعيطية الحاكمة ما بين ( 1896 ــ 1902 ) حيث قال :

وادخل إلى الشحر ذي منها الشرف ينبع سعاد لي شيد للمولى مبانيها
سوق الكحيلة عليها النور يتلمع لي يبست فتنة القعطة مراعيها
وقع لها يا رفيقي حال ما ينفع وين المربي الذي هو بايربيه
من كثر جور المشقة عينها تدمع ولعاد لحقت مداوي لي يداويها
وقال الشاعر الشعبي الشاب ثابت عبد الله السعدي وكان حينها بالمعلا :
هنا جسمي وقلبي في الزبية بلا مرصان فيها راصينه
كحيلة أسمها والكحل زينه وكل الناس بالزينه يفرحون



سمعون :

ويحلو للبعض أن يسمي المدينة سمعون فقط ، والأهالي إلى الأن يطلقون على محلاتهم التاجرية والخدمية هذه اللفظة ، فنجد كازينو سمعون ، وأستوديو سمعون وصالون سمعون ومطعم سمعون ونادي سمعون بدلا من نادي الشحر ، وعندما رثى الشاعر الشيخ الأخضر باهرمز السلطان عبد الله بن جعفر الكثيري المعروف بالسلطان العادل المتوفى بالشحر عام 950 هــ قال :

رحمة الله على من حل في حصن سمعون رحمة واسعة والعفو مرجو ومسهون
وسوف نجد الكثير من ديوان شعر المحضار حول هذه التسمية ومنها الغنائية التي قالها وهو مغترب :
لولا علائم شوق تبدى نورها ما اختفى يظهر علي من قدى ( سمعون ) في الليل وقت المنام

ويقال أنها سوق الأحقاف :

جاء في (( سبائك الذهب )) قوله : وللعرب سوق كانوا يقصدونها في السنة . إلى أن قال ثم يرتحلون نحو عمان فيقوم سوقهم ، ثم نحو قرى الشحر فيقوم سوقهم بها .
ولهذا قال الشاعر الصوفي المشهور عمر عبد الله بامخرمة المتوفى بسيؤون ( 952 هـ )
والذي مكث بالشحر تحث الإقامة الجبرية ، قال بعد أن أطلق سراحة وتوجه إلى سيؤون :
فانشرح وأذكر أحباب القلوب التي ثم في البلاد التي في سوقها كل مغنم
ذي في أطرافها وأوساطها الصفو خيم بين روكب وباغشوة إذا كنت تفهم
( سوق لحقاف ) لي يحوي على كل مغنم قول ما مثلها شي في القرى والله أعلم
فان فيها وحق الله من الزين شيء جم كلما قاله القائل في وصفها تم

ــ (( تاريخ باحسن )) ــ

وجاء هذا الاسم أيضاء في أحد منظومتي الربان باطايع ، وهي الخاصة بالأرشادات الملاحية من مسقط إلى بندر المخا ، والتي نظمها في عام 1220 هـ ( 1805 م ) يقول في الرباعية الثامنة والثلاثون :

في ( سوق لحقاف ) العدل فيها والأنصاف
أمان منخاف بأهل السلف محتمية

ــ (( الرفيق النافع )) ــ لبا مطرف ــ .

ولربما كانت كذلك لأن السوق تقام في منطقة رملية أو لأنها الميناء الأساسي الممول للمناطق الحضرمية الواقعة بين وادي عرمة في داخل حضرموت ، ومدينة ديحوث شرق حضرموت ، ولذلك قيل عنها إنها :
سدة الوادي : وينفرد أهالي حضرموت الداخل بأطلاق هذا الاسم عليها ، ولقد كانت كذلك منذ فجر التاريخ ، ولهذا سعت كل الدويلات التي قامت في مدن ونواحي تلك المنطقة على الحرص على أن يكون لهم منفذ بحري يسيطرون عليه في ساحل حضرموت ، ويرون أن مدينة الشحر هي المنفذ الطبيعي لذلك الجزء من حضرموت ، والذي يسيطرون عليه .
أو أن منطقة الشحر هي أرض الأحقاف . رغم أن الحضارمة في تاريخ وسيط أطلقوا على وادي حضرموت الأحقاف . لكن أهالي الشحر يتمسكون بذلك ، وجاء في أشعارهم أن مدينتهم هي :

مدينة آل عاد :

وهذا الاسم وارد إلى الساعة ، ففي إحدى قصائد المحضار الأخيرة ما يؤكد ذلك . قال المحضار :
يا مدينة آل عاد الأثر والرسم عاده
جل خلاق العباد لي جعل حبك عباده
وقد تسرب هذا الاسم من رؤية قديمة تنسب إلى قتادة بن دعامه البصري ، وكان مفسرا وملما بأيام العرب وأنبائهم (( أنظر ترجمته في مراتب النحويين )) حيث يزعم أهالي الشحر أن مدينة الشحر هي مدينة عاد ، وأن منطقة الشحر هي أرض الأحقاف . وهو زعم لا يقوى على الوقوف أمام النقد العلمي ( بامطرف ((ملاحظات على الهمداني )) ) .

الأسعاء :

الاسم القديم للمدينة ويرد في كثير من المؤلفات التاريخية للحضارمة والأجانب كــ (( تاريح حضرموت )) للحامد و (( العدة المفيدة )) لابن حميد ، و (( جواهر تاريخ الأحقاف )) لبا حنان و (( تاريخ ثغر عدن )) لبا مخرمة و (( أحسن التقاسيم )) للبشاري إلى أخره ، ونعتقد أنه جاء من أسم ملكها (العزيلط ) أو ( العز اليازوس ) كما يطلق عليه البطالسة ، ولعل هذا هو أشهر الأحوال وأرجحها ، فقد وضع الرحالة بطليوس سنة 140 ميلادية خريطة ذكر فيها أسم مدينة الأسعاء المركز التجاري على الموقع الذي تقوم فيه مدينة الشحر ــ بامطرف (( ملاحظات على الهمداني )) ــ وليرجع من أراد الأطلاع عليها إلى الجزء الثالث من كتاب (( تاريخ العرب قبل الإسلام )) للدكتور جواد علي وهي مثبتة أمام الصفحة ( 535 ) .

وقد جاء في ترجمة أبي حنيفة أحمد النقيب العدني الشاعر أن له ديوان ومعظمه في مدح السلطان عبد الرحمن بن راشد بن أقبال صاحب الشحر ، الذي أستولى عليها في عام 638 هجرية ، وكان نقيبا لفقراء جوهر بعدن وأن أشعاره مستحسنة ، غالبها في البال بال . ومن جيد شعره قوله ردا على من عاتبه من عدن على اختيار الشحر :
عنفوني وقالوا أطلت التغرب وأوحشت الوطن وتعوضت عن صيرة بصيغت وأعتضت الأسعاء عن عدن

وبسمعون والصرحة وتناسيت حقات والخات والخان والحسن

ولاتدري هل كان لفظة الأشغا من فعل النساخ ، وعلى أي حال فإننا نحيل القارئ إلى تاريخ بامخرمة (( تاريخ ثغر عدن )) حول الأس وأسماء أخرى للمدينة أوردها المؤلف .
ولكن أشهر الأسماء والذي يتردد اليوم هو :

سعاد :

ولا يعرف في أي وقت من الأوقات تحول أسمها من الأسعاءإلى سعاد ، ففي وثائق ال أبن أسماعيل الشحريين ، انه مع مرور الزمن تحول أسمها السعة وذالك شدة حرارة هذه المنطقة ذات الكثبان الشديدة الحرارة من فعل حرارة الشمس ، ثم حرفت إلى ( سعاد ) وهو الأسم المشهور من بين كل الأسماء إلى اليوم .

قال المحضار :

قابليني ياسعاد وألبسي توب السعاده
عدت لك والخير عاد عود الله كل عاده
بعد ماطال البعاد بيننا والشوق زاد
أجتمعنا والتقينا واللقاء كان بالأحضان

وقال في غناءة أخرى :

باشل حبك معي بالقيه زادي ومرافقي في السفر
وباتلذذ بذكرك في بلادي في مقيلي والسمر
وانت عسى عاد با تذكر ودادي وان قد تناسيت ياما ناس جم مثلك تناسوا الوداد
في خير أنت ونا با نلتقي في سعاد

قال الشاعر عبد الله محمد باحسن ( الشحر ت 1347 هــ ) :
ما خترت الإقامة في ( سعاد ) غير حبك وان كانت وطن

وفي أخر يقول :

ما بهند فتنت بل بسعاد مد سبتني بحسنها الوقادي
غير أن أهالي مدينة الشحر يقولون أيضا أن مدينتهم هي :

أم اليتامى :


ويدعي بعضهم أن هذا الأسم أنما لكونها أدت فروض تجاه أبنائها ومن لاذ بها في المجاعات التي حدثت في حضرموت أكثر من مرة فقد توجه إليها من أرغمه الجوع والفاقة ، فكفلته ووفرت له ما يسد رمقه .
وفضل بعضهم الإقامة بها ، وقيل لكونها أكبر وأعظم مدن المنطقة الحضرمية في ذالك العهد ، وقيل لأن هذا دأبها منذ ان عرفت ، وتؤكد ذالك الموروثات الشعبية خاصة الأشعار فقال الشيخ عبود باوزير الذي أستوطن الشحر وتوفي عام 1969 م ، وذالك بعد أن أنتهى مشروع كهرباء الشحر وتم توزيع أنابيب المياه إلى أربعة مواقع في المدينة في الستينات قال :

صارت مدينتنا كما عين الحياة تملأ شوارعها أنابينب المياه
ونورها يزداد من بعد الغروب
سعاد يا أم اليتامى ياخيرة البلدان في أرض الجنوب

ويقولون بما أنها مدينة كبيرة ومركز تجاري هام في المنطقة ، فلا تسال عن الوارد إليها ، ولا المنصرف عنها ويجد المسكين والفقير واليتيم والقاصضر والمعتوه والمتخلف عقليا ،عيشه بسلام ووداعة ، إضافة إلى كرم أهلها وسماحتهم ، وقال الشعر سعيد سالم زحفان الشحر المتوفي ( 1389 هـ ) .

دا خرج فصل والثاني ورا الأم ركت قل لبنها عويلتها في البخص والهون
ربت الكل في الأوال وهي ماتمنت عاد حد بايعبرها من الخوف للمان .

وعلى أي حال فإن أهالي الشحر يتمسكون بما جاء من الأخباريين بأن العرب السابقين لم تكن تسمى أحد تُبعا حتى يملك اليمن مع حضرموت والشحر .


بقلم الأستاذ والباحث / عبد الله صالح حداد

التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح