عرض مشاركة واحدة
قديم 03-31-2007, 03:07 PM   #25
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد ابوبكر باذيب
بايزيد

حياكم الله،
بعد البحث والتحري، والتحليل اللغوي لهذه المقطوعة الشعرية، أقدم إليكم هذه الخلاصة البحثية التي استغرقت مني أكثر من ساعة زمنية، فأقول: إن استعمال أبوعامر للفظة (العرصة) في قوله:
* سقى الله عرصتك يا بايزيد *
مشعر بأن هذا اللفظ العربي الفصيح كان مستخدما في القرون الوسيطة، تماما مثل كلمة (الرحبة) وهي عربية أصيلة، وقد اختفى لفظ (العرصة) من مصطلحنا الحضرمي اليوم، وبقيت (الرحبة)، على فرق في التسمية، وأردت التدليل على الشيوع والبقاء لاغير.
- وإليكم أقوال أهل اللغة:
أولا: أما العرصة: ففيها أوجه:
الأول: قيل هي الدار نفسها، أو وسطها كما في التهذيب للأزهري والمحكم لابن سيده، بل قال ابن سيده في المحكم: إن كل موضع من الدار يسمى عرصة. ونص كلامه: (وعَرْصَةُ الدّارِ: وَسَطُها؛ لاعْتِراص الوِلْدانِ فيها وهو اصْطِراعُهم ولَعِبُهم، يُقال: عَرِصَ عَرَصاً واعْتَرَصَ: إذا نَشِطَ ولَعِبَ. وقيل: العَرْصَةُ: الأرْضُ نفسُها. وكُل مَوْضِع من الدار: عَرْصَة).
الوجه الثاني: أنها الأرض المقامة عليها الدور، حكاه ابن سيده.
الوجه الثالث -وهو الشائع استعمالا-: أنها (كلُّ بُقعةٍ بين الدُورِ واسعةٍ ليس فيها بناءٌ، والجمع العِراصُ والعَرَصاتُ) وهو ما حكاه الجوهري في الصحاح، وفي المعجم الوسيط: (العرصة ) ساحة الدار، والبقعة الواسعة بين الدور لا بناء فيها).
* أما الفقهاء فقد استعملوا مصطلح العرصة في تكييف بعض المعاملات الفقهية، في بيع العقار، وفرقوا بين العرصة والدار، فالعرصة عندهم الأرض فقط، وإذا أطلق الدار فإنه يتناول الأرض والبناء الذي عليها.
جاء في "الكليات" لأبى البقاء الكفوي: (واسم الدار يتناول العرصة والبناء جميعا، غير أن العرصة أصل والبناء تبع، فصار البناء صفة الكمال. دل عليه: أن مرافق السكنى قد تحصل بالعرصة وحدها بدون البناء، ولا ينعكس. وكذا العرصة ممكن الوجود بدون البناء، والبناء بدون العرصة غير ممكن الوجود.
والعقَار –بالفتح- في الشريعة: هي العرصة؛ مبنية كانت أو لا، لأن البناء ليس من العقار في شيء. وقيل: هو ما له أصل وقرار من دار وضيعة. وفي "العمادية" : العقار: اسم للعرصة المبنية، والضيعة: اسم للعرصة لا غير) انتهى.
وأما الخميلة: فتعريفها عند علماء اللغة على أوجه أيضا:
الوجه الأول: أنها صفة للرمل، وعند ابن سيده في المحكم : (والخَمِيْلةُ: مَفْرَج بين الرمْل في هَبْطَةٍ وصلابةٍ، مَكْرُمَة للنَبات) ومثله عند الأزهري في التهذيب، وفيه: (أبو عبيد - عن أصحابه - : الْخَمِيَلةُ من الرَّمل مُسْتَرقهُ. . حيث يَذهبُ مُعْظَمهُ ويبقى شئٌ مِنْ لَيِّنِه). وفي اللسان: (والخَمِيلة المُنْهَبَط الغامض من الرّمْل وقيل الخَمِيلة مَفْرَج بين هَبْطة وصلابة وهي مَكْرَمة للنبات، وقيل هي مُسْتَرَقُّ الرَّمْلة حيث يذهب مُعْظَمها ويبقى شيء من لَيِّنها).
الوجه الثاني: انها الشجر النابت في الرمل، أو بالأحرى: (رملة تنبت الشجر)، حكاه ابن السكيت في إصلاح المنطق عن أبي صاعد، والأزهري في التهذيب عن الأصمعي، وفيه أيضا: (قال شمرٌ: قال أبو عمرو: الْخَمِيَلةُ: الأرض السَّهْلة التي تُنبتُ. شُبِّه نَبْتُها بِخَمْلِ القَطيفة، قال: ويقال: الْخَمِيلةُ مَنْقعُ ماءٍ ومَنْبتُ شَجرٍ. ولاتكون إلاَّ في وَطاٍْ من الأرض)، وفي لسان العرب: (وقيل الخَمِيلة رمل ينبت الشجر)، (والخَمِيلة الأَرض السَّهْلة التي تُنْبِت شُبِّه نَبْتها بخَمْل القَطِيفة، ويقال: الخَمِيلة مَنْقَعة ماء ومَنْبِت شجر ولا تكون الخَمِيلة إِلا في وَطِيءٍ من الأَرض).
الوجه الثالث: أنها صفة للشجر الكثير، قال ابن سيده في المحكم (وهي من الشَّجَر: المُجْتَمِعُ المُتَكاثِفُ) وقال الأزهري في التهذيب: (وقال ابن السِّكيت: قال أبو صاعِدٍ: الْخَمِيلةُ: الشَّجَرُ المجتمع. . الذي لاتَرَى فيه الشئ إذا وقع في وسطه). وفي اللسان: (والخَمِيلة الشجر الكثير المجتمع الملتفُّ الذي لا يرى فيه الشيء إِذا وقع في وَسَطه وقيل الخَمِيلة كل موضع كثر فيه الشجر حيثما كان قال زهير يصف بقرة وتَنْفُض عنها غَيْبَ كل خَمِيلة وتَخْشَى رُماةَ الغوث من كل مَرْصَد)، وفي تاج العروس: ( الخَميلَةُ : الشَّجَرُ الكثيرُ المُلْتَفُّ الذي لا تَرَى فيه الشيء إذا وَقَع في وسَطِه . وفي العُباب : الشَّجَرُ المُلتَفُّ الكثيفُ . قيل : هو المَوْضِعُ الكثيرُ الشَّجَرِ حيثُ كان قال الأزهريّ : ولا يكون إلّا في وَطِيءٍ مِن الأرض).
هذا باختصار واقتصار على موضع الشاهد من هذه التعريفات، ويكفينا من القلادة ما أحاط بالجيد كما يقول المثل ..
* * *
ولعل المصطلح الآن يتحدد أكثر، بعد أن نتصور وضع قرية (خميلة بايزيد)، وهي كبقية قرى أودية حضرموت (الرئيسي، والفرعية)، تقع على صفوح الجبال غالبا، وتكون بين القرية والقرية الأخرى مسافة لا بأس بها، تكتنفها الرمال غالبا، أو أراض ترابية، مستوية الأرض، يكثر فيها النخيل واشجار السدر. وغالبا ما تكون القرى محتوية على سواقي لتصريف مياه الري والسيول، فتكثر الحشائش والأعشاب حولها، وقد تكون ذات جروب ونخيل، فيتحقق حيئنذ تعريف الخميلة، في الوجه الثالث.
كما لا يبعد الوجهان الأولان، ولكن إطلاق الرمل على وادي حضرموت فيه إجحاف!، وهو كون الخميلة أرضا رملية، وذلك خلاف الواقع، فالرمل لا يغطي الوادي كله، بل وجود الشجر والنخيل متخلل فيه، وهذا ما يوجهنا إلى الوجه الثاني لا غير.
على أنه لا يستبعد أن تكون الخميلة حين بنيت في القرن التاسع أو العاشر الهجري أرضا ذات مياه ونخيل وزراعة، فيكون وصفها حسبما جاء في الوجه الثالث.
* وإصراري على كون الشاعر يقصد الخميلة: ناتج من كون الشعراء يعممون في الألفاظ غالبا، وإذا مدحوا شخصا بالكرم أو بالضيافة أو نحوها، فإنهم يثنون على بلدته أو قريته أو محلته، وقد يخصصون بيته بالمدح، والأول أعم.
* فأ بوعامر حينما مدح الشيخ با يزيد بقوله:
سقى الله عرصتك يا با يزيد
يدعو لبلدته أن تسقى وتمطر كي يكثر شجرها وينبت، وتكثر ثمارها وتزيد، ليعطى منها العافي والضيف وابن السبيل. والدعاء بالسقيا يكون عاما للبلد بل والوادي، ولا يقول عاقل إنه أراد أن تسقى (عرصة داره) بما مر عند اللغويين في الوجه الثالث الشائع!
وحتى لو قنا إنه أراد تخصيص السقيا بعرصته (الصغيرة المساحة)، فإن هذا بعيد، لأن العرصة التي بين الدور (البيوت) كما في التعريف السابق، هي أرض فضاء، لا ينبت فيها شيء، وليست معدة للزراعة.
فتوجب أن يكون أراد بالعرصة: القرية، أو البلدة، على سبيل المجاز. وفي هذا تعظيم للشيخ الممدوح، حيث نسب العرصة كلها إليه، وذلك حاصل وواقع فعلا في قرية (خميلة با يزيد) التي تنسب لذلك الرجل الصالح، وبذلك تكون كافة الدلائل تشير إلى ما ذهبنا إليه! والحمدلله.
* * *
وفي هذه المقطوعة الشعرية ما يؤكد لنا أيضا : أن أبو عامر كان رحالة، على عادة صعاليك العرب، الذين لا يمتهنون ولا يستقرون بأرض، فقطعا ليس هو (الشيخ سعد بامذحج) العالم المربي الذي كان مقيما في تريم، لا يظعن عنها ولا ينتقل!.
* كما أن لي تحفظات عديدة في نسبة بعض الشعر الشعبي إلى الشيخ سعد بامذحج، وأرجح أن سعد السويني المنسوب له كثير من الشعر الشعبي، ليس هو الشيخ سعد بامذحج، التريمي الصوفي أحد أكابر العارفين والمربين، وإن كان ورد نسبة بعض ذلك عند سارجنت واشباهه من المهتمين بالأدب الشعبي، لأنهم في نظري: يريدون أن يقللوا من قيمة وهيبة الأئمة والعلماء الصالحين في أعين الناس، حتى إذا ذكر الشيخ سعد بامذحج وقع انتقاصه والاستخفاف به في نفس السامع، فيتحقر ما يسمع في مناقبه ويعدها مبالغات، والحقيقة غير ذلك ،، والله أعلم.
محمد أبوبكر باذيب - جدة
[email protected]

جزاك الله خير اخي محمد على هذ البحث الوافي الكافي , تقبل مني خالص التقدير والاحترام0نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شكرا لمن اهداني البطاقة الجميلة .
  رد مع اقتباس